المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاطراد


صالح العَمْري
12-12-2011, 08:28 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
قال ابن رشيق -رحمه الله- في كتابه (العمدة):
""ومن حسن الصنعة أن تطرد الأسماء من غير كلفة، ولا حشو فارغ؛ فإنها إذا اطردت دلت على قوة طبع الشاعر، وقلة كلفته ومبالاته بالشعر. وذلك نحو قول الأعشى:
أقيس بن مسعود بن قيس بن خالد ** وأنت امرؤ ترجو شبابك وائل
فأتى كالماء الجاري اطراداً وقلة كلفة، وبيَّنَ النسبَ حتى أخرجه عن مواضع اللبس والشبهة.
ولما سمع عبد الملك بن مروان قول دريد بن الصمة:
قتلنا بعبد الله خيرَ لِداته ** ذؤابَ بن أسماء بن زيد بن قاربِ
قال كالمتعجب: لولا القافية لبلغ به آدم، ورواه قوم " أبأت بعبد الله " .
وقال أبو تمام:
عبد المليك بن صالح بن علـ ** ـي بن قسيم النبي في نسبه
فهذا سهل العنان، خفيف على اللسان، وإن كانت الياء في " المليك " ضرورة وتكلفاً.
وقال الحارث بن دوس الإيادي:
وشباب حسن أوجههم ** من إياد بن نزار بن معد
فاطردت ثلاثة أسماء لا كلفة فيها.
وقال أبو تمام في قالب بيت الأعشى، وإن نقص عنه اسماً واحداً:
بنصر بن منصور بن بسام انفرى ** لما شظف الأيام عن عيشة رغد
فأما من أتى بأكثر من هذا ومن الأول فقد قال بعضهم:
من يكن رام حاجة بعدت عنـ ** ـه وأعيت عليه كل العياء
فلها أحمد المرجى بن يحيى بـ ** ـن معاذ بن مسلم بن رجاء
فجاء كلامه نسقاً واحداً، إلا أنه قد شغل البيت وفصل بين الكلام بقوله " المرجى " غير أن مجانسة رجاء هونت خطيئته وغفرت ذنبه.
وقال الطائي:
عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتـ ** ـاب بن سهم سهمكم لا يسهم
فخاطب بذلك بني عمرو بن غنم التغلبيين، وهم بنو عم مالك بن طوق، فانتظم له ما أراد من الأسماء، إلا أنه ظاهر التكلف، وقال فأتى بستة:
مناسب تحسب من ضوئها ** منازل للقمر الطالع
كالدلو والحوت وأشراطه ** والبطن والنجم إلى البالع
نوح بن عمرو بن حوى بن عمـ ** ـرو بن حوى بن الفتى ماتعِ
فأحكم التصنيع وقابل ستة بستة؛ لأن الأشراط منزلة، وإن جمعها، إلا أن " الفتى " ههنا غصة مع برد لفظ وركاكة، ما أحسن أبا هؤلاء كلهم يقال له الفتى وإن كنا نعلم أنه لم يرد فتاء السن، ولكن الفتوة.
وجاء أبو الطيب فجاءك بالتعسف في قوله لسيف الدولة:
فأنت أبو الهيجا ابن حمدان يا ابنه ** تشابه مولود كريم ووالد
وحمدان حمدون وحمدون حارث ** وحارث لقمان ولقمان راشد
ففي هذا المعنى من التقصير أنه جاء به في صفين وأنه جعله أنياب الخلافة بقوله:
أولئك أنياب الخلافة كلها ** وسائر أملاك البلاد الزوائد
وهم سبعة بالممدوح، والأنياب في المتعارف أربعة، إلا أن تكون الخلافة تمساح نيل أو كلب بحر؛ فإن أنياب كل واحد منهما ثمانية، اللهم إلا أن يريد أن كل واحد منهم ناب الخلافة في زمانه خاصة؛ فإنه يصح، وفيه من الزيادة على ما قبله أنه زاد واحداً في العدد، فإنه جعل كل ابن هو أبوه في الخلافة إلى أن بلغ راشداً، ولم يقصد إلى ذلك أحد من أصحابه، وإنما مقت شعره هذا تكريره كل اسم مرتين في بيت واحد، وهي أربعة أسماء."

صالح العَمْري
12-12-2011, 08:45 AM
وذلك نحو قول الأعشى:
أقيس بن مسعود بن قيس بن خالد ** وأنت امرؤ ترجو شبابك وائل

قلت: ومثله قول راشد بن شهاب اليشكري في قصيدة مفضلية:
أقيس بن مسعود بن قيس بن خالد ** أموفٍ بأدراع ابن طيبة أم تُذَمْ
وراشد بن شهاب من بني بكر بن وائل، وكذلك الأعشى من بني بكر بن وائل، وقد كانوا يتناشدون الأشعار في نوادي القبيلة ومجالسها، فأحسب -والله أعلم- أن أحدهما سمع قول صاحبه فأخذه.

**فائدة: الأعشى إذا أطلق يراد به أعشى بني بكر بن وائل، فإذا أريد غيره فلا بد من التقييد، فيضاف إلى قبيلته، مثل أعشى باهلة، وأعشى همدان، وأعشى بني عقيل.

صالح العَمْري
12-12-2011, 09:04 AM
وأكثر ما ذكره ابن رشيق في هذا الباب نسقُ ستة أسماء، ولم يخلُ -مع ذلك- نسقها من التكلف، وذلك في بيت أبي تمام:
نوح بن عمرو بن حوي بن عمـ ** ـرو بن حوي بن الفتى ماتعِ
ولعله لم يقف على بيت ابن دريد العجيب. فإن له بيتا لم أر مثله في هذا الباب, نسق فيه ثمانية أسماء بدون تكلف.
وهو في قصيدة له ثائية رائعة أبياتها خمسة وتسعون بيتا، يقول في مطلعها:
أَماطَت لِثاماً عَن أَقاحِ الدَمائِثِ ** بِمِثلِ أَساريعِ الحُقوفِ العَثاعِثِ
إلى أن يقول:
سَجيرَيَّ مِن شَمسِ بنِ عَمرِو بنِ غانِم ** وَنَصرِ بنِ زَهرانَ بنِ كَعبِ بنِ حارِثِ
فجاء في هذا البيت بثلاثة أسماء مطردة في الشطر الأول، وأربعة أسماء مطردة في الشطر الثاني، وليس هو البيت الذي أشرت إليه، وإنما هو قوله بعد ذلك:
فَنِعمَ فَتى الجلّى وَمُستَنبِطُ النَدى ** وَمَلجَأُ مَكروبٍ وَمَفزَعُ لاهِثِ
عِياذُ بن عَمرو بنِ الحَليسِ بنِ جابِرِ بـ ** ـنِ زَيدِ بنِ مَنظورِ بنِ زَيدِ بنِ وارِثِ
فلم أر مثل هذا البيت في هذا الباب.
والله أعلم

أم هاجر .
12-12-2011, 05:29 PM
بارك الله فيكم و زادكم من علمه

صالح العَمْري
02-03-2012, 03:22 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
ومن هذا الباب قول أبي ذؤاب الأسدي يرثي ابنه ذؤابا، وهي من مقطوعات الحماسة، وكان ذؤاب هذا قد قتل عتيبة بن الحارث بن شهاب فارس بني يربوع، وأسره بنو يربوع ثم قتلوه في خبر محزن مؤلم تجده في كتب الأدب، قال أبو ذؤاب:
إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم ** بعتيبةَ بنِ الحارثِ بن شهابِ
بأشدهم كلبا على أعدائهم ** وأعزهم فقدا على الأصحاب
فَنَسَقَ ثلاثةَ أسماء لا ترى في اطرداها تكلفا، ولا تجد فيه كراهة.
وهذان البيتان من جيد الشعر، وفيهما عروق الذهب كما قال أبو عبادة البحتري في خبر له، قال بعضهم:
"رآني البحتري ومعي دفتر شعر، فقال: ما هذا؟ فقلت: شعر الشنفرى، فقال: وإلى أين تمضي؟ فقلت: إلى أبي العباس [يعني ثعلبا رحمه الله] أقرؤه عليه، فقال: قد رأيت أبا عباسكم هذا منذ أيام عند ابن ثوابة فما رأيته ناقدا للشعر، ولا مميزا للألفاظ، ورأيته يستجيد شيئا وينشده وما هو بأفضل الشعر، فقلت له: أما نقده وتمييزه فهذه صناعة أخرى، ولكنه أعرف الناس بإعرابه وغريبه، فما كان ينشد [أي: لمّا رأيته بالمجلس المذكور]؟ قال: قول الحارث بن وعلة:
قومي هم قتلوا أميم أخي ** فإذا رميت يصيبني سهمي
فلئن عفوت لأعفون جللا ** ولئن سطوت لأوهنن عظمي
فقلت: والله ما أنشد إلا أحسن شعر في أحسن معنى ولفظ، فقال: أين الشعر الذي فيه عروق الذهب؟ فقلت: مثل ماذا؟
فقال: مثل قول أبي ذؤاب:
إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم ** بعتيبة بن الحارث بن شهاب
بأشدهم كلبا على أعدائه ** وأعزهم فقدا على الأصحاب"
والخبر رواه الجرجاني في (دلائل الإعجاز).

** ومثله في نسق هذه الأسماء قول العباس بن مرداس السلمي -رضي الله عنه- وهي في الوحشيات:
ما إن رأيتُ ولا سمعتُ بغادر ** كعتيبةَ بنِ الحارثِ بنِ شهابِ
والله تعالى أعلم.

صالح العَمْري
15-04-2012, 10:05 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
ومن هذا الباب قول أحمد بن الحسين يمدح بدر بن عمار بن إسماعيل لما لقي الأسد فضربه بسوطه:
حَدَقُ الحِسانِ من الغَواني هِجْنَ لي ** يَومَ الفِراقِ صَبابَةً وغَليلا
حَدَقٌ يُذِمُّ من القَواتِل غَيرها ** بَدْرُ بنُ عَمَّارِ بنِ إِسْماعيلا
فهذا البيت فيه اطراد ثلاثة أسماء اطرادا بريئا من التكلف، وفي البيت أيضا تخلص من النسيب إلى المدح.

أحمد بن حسنين المصري
15-04-2012, 11:29 AM
باركَ اللهُ فيكم، وأحسنَ إليكم.

هل من هذا الباب قولُ المتنبي :
وَلَقَدْ بَكَيْتُ على الشَّبابِ وَلمّتي *** مُسْوَدّةٌ وَلِمَاءِ وَجْهي رَوْنَقُ
حَذَراً عَلَيْهِ قَبلَ يَوْمِ فِراقِهِ ***حتى لَكِدْتُ بمَاءِ جَفني أشرَقُ
أمّا بَنُو أوْسِ بنِ مَعْنِ بنِ الرّضَى *** فأعزُّ مَنْ تُحْدَى إليهِ الأيْنُقُ

وقوله أيضًا :
وغَيثٍ ظَنَنّا تَحْتَهُ أنّ عامِرًا *** عَلا لم يَمُتْ أو في السّحابِ لهُ قَبرُ
أوِ ابنَ ابنِهِ الباقي عَليَّ بنَ أحْمَدٍ *** يَجُودُ بهِ لوْ لم أجُزْ ويدي صِفْرُ

صالح العَمْري
15-04-2012, 03:02 PM
جزاكم الله خيرا.
نعم، لا شك أن قوله: "أوس بن معن بن الرضى" من هذا الباب، وقد نسق فيه ثلاثة أسماء ولم يفصل بينها بشيء ينغص عليها.
وكذلك قوله: "علي بن أحمد"، لكنه اقتصر فيه على اسمين وهو أقل القليل، إذ لا يكون الاطراد بأقل من هذا، والله أعلم.

أحمد بن حسنين المصري
27-04-2012, 02:59 PM
بارك الله فيك
ومن هذا الباب أيضًا قول الأقيشر السعدي :
وَفَدَ الوُفُودُ فَكُنْتَ أوَّلَ وَافِدٍ * يَا فَاتِكُ بْنُ فُضَالَة َ بْنِ شُرَيْك

وقول ذي الرمة :
وعمي الذي قاد الرباب جماعة * وسعدا هو الرأس الرئيس المؤمر
يزيد بن شداد بن صخر بن مالك * فذلك عمي العدملي المشهر

وقول عبد الغفار الأخرس :
سرَّتْ به النجباء وافتخرت به * لا زال في فخر عظيم السؤود
قد جاء تاريخي وقرَّ عيونهم * بالناصر بن القاسم بن محمد

وقول أبي منصور الثعالبي :
ألا عينُ الإله على هُمامٍ * إليه في العلى والمجد نُوحي
ومن أضيافِهِ الأشرافِ منهُمْ * سليمانُ بنُ منصورِ بن نوحِ
وقوله أيضًا :
طيبُهُ كالكَرَى يُلِـ * ـمُّ بجَفْنِ المُسَهَّدِ
أو كخلق المؤمل بـ * ـنِ الخليلِ بن أحمد

وقول البحتري :
لوَى عُنُقَ السيْلِ الذي انحَطّ مُجْلِبًا * يَصْدَعَ كَهْفًا في لُؤيّ بنِ غالِبِ
وَقَدْ سارَ في عَمْرِو بنِ غُنمِ بنِ تغلِبٍ * مَسيرَ ابنِ وَهْبٍ في عَجاجَةِ رَاسِبِ

عائشة
27-05-2012, 08:31 AM
جزاكم الله خيرًاعلَى هذه الفوائدِ.

وقالَ البحتريُّ:
عَلِيُّ بْنُ عِيسَى إِبْنِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْـ * ـنِ سَائِبٍ بْنِ مَالِكٍ حِينَ يُرْمَقُ

[ وفي البيت قطع ألف (ابن) ضرورة، وتنوين (سائب) للوزن. انظر: "عبث الوليد": (330) ].

طالب من طلابكم
30-05-2012, 08:45 PM
لله در الزمخشري حيث يقول في سيبويه :
ألا صلى الإله صلاة صدق ** على عمرو بن عثمان بن قنبر
فإن كتابه لم يغن عنه ** بنو قلم ولا أبناء منبر

طالب من طلابكم
06-06-2012, 04:56 PM
قال الشاعر رؤبة أو الكذاب الحرمازي :
يا حكم بن المنذر بن الجارود * سرادق المجد عليك ممدود
أنت الجواد بن الجواد المحمود * ..إلخ
وكان الحجاج يحسده على هذه الأبيات

أبو المقداد
07-06-2012, 04:25 PM
في طبقات الشافعية للسبكي ج7 ص9:
وقدم القاضي يحيى بن صاعد الهروي نيسابور، وكان أبو بكر ابن السمعاني بها، فدخل عليه زائرا فأطرق يحيى بن صاعد رأسه ساعة، ثم رفعه وأنشد يقول:
قل للإمام بن الإمام محمد بـ ... ـن مظفر بن محمد السمعاني
عشقَتك عيني مذ رأتك وكان من ... قبل اللقاء يحبك السمعان

صالح العَمْري
15-11-2012, 06:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
وإنما هو قوله بعد ذلك:
فَنِعمَ فَتى الجلّى وَمُستَنبِطُ النَدى ** وَمَلجَأُ مَكروبٍ وَمَفزَعُ لاهِثِ
عِياذُ بن عَمرو بنِ الحَليسِ بنِ جابِرِ بـ ** ـنِ زَيدِ بنِ مَنظورِ بنِ زَيدِ بنِ وارِثِ
فلم أر مثل هذا البيت في هذا الباب.

من العجائب أنني وجدت اليوم في مكتبة الملتقى: (ديوان ابن مطروح) بتحقيق الدكتور حسين نصار، رفعه الأخ الكريم المعطاء عبد الرحمن النجدي جزاه الله خيرا، فنظرت فيه، فوجدت في قافية الثاء:
"وقال من جملة أبيات:
فنعم فتى الأحيا، ومستنبط الندى * ومفزع محزون وملجأ لاهثِ
عياذ بن عمرو بن الحليس بن صالح بـ * ـن زيد بن منظور بن زيد بن وارثِ"!!
وهذان هما بيتا ابن دريد -كما ترى- مع تغيير يسير جدا!!
قال الدكتور حسين نصار في الحاشية:
"اليونيني 1/212"
فرجعت إلى (ذيل مرآة الزمان) لليونيني، فوجدت البيتين في الموضع المذكور كما نقلهما الدكتور حسين نصار.
ولا شك أن هذا وهم، فإن البيتين لابن دريد، وهو قبل ابن مطروح بثلاثة قرون، ولعل ابن مطروح قد ضمنهما في بعض شعره فظن اليونيني أنهما له.
والله أعلم

أبو المقداد
31-10-2013, 02:13 PM
مما ينسب لعلي بن الحسين الأكبر:

أنا علي بن حسين بن علي * نحن ورب البيت أولى بالنبي


تاريخ الطبري (5/446)، أنساب الأشراف (3/146).

وعند ابن أعثم في الفتوح (5/114):

أنا علي بن حسين بن علي* من عصبة جد أبيهم النبي


قلت: وليس هو "زين العابدين".