ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية

ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية (https://www.ahlalloghah.com/index.php)
-   حلقة الأدب والأخبار (https://www.ahlalloghah.com/forumdisplay.php?f=4)
-   -   "مناظرة رائعة بين العلم والجهل للعلامة الديسي الجزائري" (https://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=711)

بحر الدموع 01-09-2008 03:06 PM

"مناظرة رائعة بين العلم والجهل للعلامة الديسي الجزائري"
 
البسملة1

بعد حمد ملهم الصواب * وكاشف الاوصاب * والصلاة الكاملة * والتحيات المتواصلة الشاملة*على سيدنا ومولانا محمد واله وصحبه والفئة العالمة العاملة* فقد اقتضى الحال * أن يقع بين العلم والجهل مناظرة وجدال* فاجتمع قوم* وعينوا لذلك يوم * فقام العلم و قد شاخ وأسن* وأدركه الضعف والوهن * بادي الإعواز * يتوكأ على عكاز * في رثة حال * وأطمار واسبال* فبسمل وحمدل وحسبل وحوقل* وصلى وسلم * على خير من علم فعلم * وقال ياجهل ما أنت لخطابي بأهل * ولا جدالي عليك بسهل ياميت الأحياء * ويا قليل الحياء * ويا سبب تفليس إبليس * ويا حلية كل دني وخسيس * كيف تكون لي أنت المجاري * والعلم صفة الباري * وميراث الأنبياء ويكفيك لو كنت من قوم يفهمون* "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون * وجاء في السنة * العالم والمتعلم والعلم في الجنة* وأنت ياجهل بسيطك عدم * ومركبك موجود لا يثبت له قدم * ومن معلوماتي التفسير والحديث * المعظمان في القدييم والحديث * وعلم التوحيد * الذي هولباب الجنة إقليد * وإلي ترجع الاربعة الاركان * التي بها شرف الانسان * علوم الاديان * وعلوم الابدان * وعلوم الاذهان * وعلم اللسان * ويكفي الجهل قبح وسمه * ولكل مسمى حظ من اسمه * يخبط خبط عشواء * ويركب متن عمياء * ويتصور الأشياء على خلاف ماهي عليه * وكل شر في الدنيا منسوب إليه * وبالعلم تدرك المراكب الفاخرة * وتنال السعادة الدنيا والاخرة * يزيد بالانفاق * ووقع على فضله الاتفاق *معظم في كل ملة * وبه تقوم قواعد كل نحلة * بنوه السادة * ولأهل الدنيا والاخرة قادة * مذاكرتهم زيادة * ومجالسهم عبادة * ونعم الأنيس في الوحدة * والمعين على الشدة * والزاد والعدة * يستغفر لاهله كل شيئ حتى حيتان الماء * ووحوش البر وطير السماء * والعلم محبوب طبعا * معظم عادة وشرعا * لا تلحقه الافات * واهله احياء وهم رفات *
اخو العلم حي خالد بعد موته *** واوصاله تحت التراب رميم
وذو الجهل ميت وهو ماش على الثرى ** يعد من الأحياء وهو رميم
وكفاه شرفا ان كل أحد يدعيه * وكل ذي فطرة سليمة يقصده وينتحيه * وانه ينال بالهمم * لا بالرمم * ولا يجاز بنشب * ولا يورث بنسب * يستوي فيه السوقة والملوك * والغني والصعلوك * والحر والعبد * والشريف والوغد * يدرك بالاجتهاد والجد * لا بالاتكال على الاب والجد * وانت ياجهل شناعة واي شناعة * وخسارة للحياة واضاعة
بنوك بهائم * وان لبسو ا العمائم * وانعام وان غذو بالانعام * ومعشر طغام * وان تمتعوا بفاخر الثياب والوان الطعام * وشرار وان تشدقوا بالكلام * ورعاع وان احرزوا المتاع * يا جادع مارن الشرف * يامفتاح باب التهور والسرف * ياعار الخلف على السلف * ياهادم البيوت * يا اوهى حجة من نسج العنكبوت * يا مفسد العبادة * ياسيئ العادة * يا قليل الافادة * يا مردود الشهادة * يا متلفة الاموال * يا متناقض الاحوال * يا مسود الانذال * يا مقدم السفلة والارذال * يا عيبة العيب * ويا مثار الحيرة والريب * باي لسان استوعب معائبك * ام باي بيان استوفي مثالبك * وهل كالجهالة عمى وعمه * او مثل الجاهلية سفالة وسفه * الا يرى مجاهل المسالك * معاطب ومهالك * ومن سلك السبيل بالعلامة * فاز بالنجاة والسلامة * ألست صفة كل شرير ومارق * ومكسب كل متلصص وسارق * وإن نفق لك سوق * فذاك لعمري سوق الفسوق * وإليك ينتسب كل قمار وخمار * ومغن وزمار * ومحتال وغادر * ومنجم وساحر * ومشعبذ وكاهن * وخليع وماجن * وإن فخرت بالملابس والمآكل * فذاك حظ المزابل * وانشدوا
ولقد سألت الدار عن أخبارهم *** فتبسمت عجبا ولم تبد
حتى مررت على الكنيف فقال لي *** أموالهم ونوالهم عندي
أو بالخيل والليل * فلأمك الويل * فكل ما أضيف إليك هو حقا للشيطان * وليس له على عباد الله المخلصين من سلطان * وإن عيرتني بالفاقة * فذاك من الحماقة * فالفقر شعار الصالحين الأخيار * وحلية عباد الله الأبرار * فاقعد عن المكارم * فانك انت الكاسي الطاعم * والبطنة * تذهب الفطنة * والتخم وخم * واصل كل داء البردة قضية مسلمة * والمعدة بيت الداء * والحمية راس الدواء حكمة نبوية معظمة * وان خدمت الاشباح الفانية * فانا اخدم الارواح الباقية * وان قصرت لذتك على المباني * فقوت الروح أرواح المعاني * وابنائي الأكياس * وخلاصة الناس * هدأة العباد * ومصابيح البلاد * زينة المحافل * ورؤساء الجحافل * أيامهم بالمحاسن معمورة * ومساعيهم في الصالحات مشكورة * حياتهم طيبة بالقناعة * ولهم في الدنيا المكانة والطاعة * وفي الاخرة الحسنى والشفاعة *
تلك المكارم لا قعبان من لبن *** شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
فاين لك فخاري * وانى تساميني في طيب اصلي وكرم نجاري * فمن ابنائي مفسرون * وحفاظ وصوفية ووعاظ ومتكلمون * وفقهاء واصوليون * وأدباء ومؤرخو ن * وأطباء ومناطقة وحكماء وفرضيون * وحساب وبلغاء وكتاب ومنجمون * وجغرافيون واهل هيئة ومهندسون * ومساحة وسياسة * وعلم حروب وفراسة * الى غير ذلك مما لا اكاد أحصيه * ولا اقدر استقصيه * انظر كشف الظنون * عن أسامي الكتب وخواص الفنون * ومنهم واضعوا العلوم * ومستنبطوا الحدود لها والرسوم * وضع النحو باب مدينة العلم الامام * والحديث ابن عبد العزيز المجدد الهمام * والتفسير مالك * والفقه اصحاب الاربعة كذلك * واصول الفقه الشافعي ابن ادريس * ومسائل الكلام الشيخ الاشعري الرئيس * والفراء التصريف * وابن المعتز في البديع اللطيف * والعروض الخليل * وعبد القاهر الجرجاني علم البيان الجليل * الى غير ذلك مما ابتكره الاعلام * وفتح به العلام * واعترف به الامم بمزية الاسلام * وكم لي من شمس وبدر * وفخر وصدر * وضياء ونجوم * وشهب لشياطين الجهل رجوم * وغياث ومعين * وناصر وامين * وبهاء وجمال * وبرهان وكمال * وكم لي من حجة ووضوح ومحجة * اما ترى قوة عضدي * وطالع سعدي * وشهامة سيدي * وكرم مجدي * إلى ما لا يحصى من ابنائي النجاب * الذين تشرفوا بسنى الالقاب * أما تخشى يا جهل باس حماتي * وضرب أكابر نحاتي * وما للعروضيين من التفصيل والتقطيع * وللصرفيين من تنويع الأفعال والتفريع * ألا تخاف أحكام فقهائي * وأن يقضوا عليك بمر قضائي * ألا تهاب تجريح رواة أنبائي * وصعوبة تجريح أطبائي * ألا تفزع من كلام المتكلمين * وأن يكونوا لعرضك من المكلمين * وقد وجه أهل الاصول * الى حوبك السهام والنصول * واين تفر من عكوس المناطقة * وقضاياهم الكاذبة فضلا عن الصادقة * ألا تتقي تمزيق ألسنة شعرائي * وكناية بلغائي * وتشبيهات البيانيين أن يلحوك بباقل ومادر * وتلميحات البديعيين أن يلمحوا لك بالبيت النادر * إلى ما لا ياتي عليه الحصر * ويتجدد مع كل أهل عصر * ولا تنظر إلى ما رماني به الدهرمن الكساد * فانما ذلك لغلبة الفساد * فالدهر مغرى * بحرمان الاقرا * ومساهل لكل جاهل * وموافق لكل منا فق * فقد قال الزمخشري العلامة محمود * الذي علمه لولا الاعتزال محمود *
وعاندني دهري وسساعد معشرا *** على انهم لا يعلمو واعلم
ومذ فلح الجهال ايقنت انني ** انا الميم والايام افلح اعلم
فقد كانت اسواقي نافقة * واعلام عزي في الخافقين خافقة * فكم عالم أصلح حرفا * فاخذ عليه كذا وكذا الفا * وكم اجيزوا بالبدر * على القصائد الغرر * وكم تمتعوا بالخلع البهية * والمآكل الشهية * والمراكب الهنية * والفرش الوطية * والمساكن المطلة * والضياع المغلة * والكواعب الحسان * الى سائر ما انعم به عليهم اهل الاحسان * الاترى الى ماكنت عليه ايام الدولة الاموية من الحرمة والاعتزاز * بالشام واليمن والحجاز * وما حصل لي من الجلالة ببغداد والعراقين وخراسان وما وراء النهر أيام العبابسة * وماكان لي من الاقبال بمصر وسائر ديار الاسلام أيام الدولة التركية وايام الجراكسة * وخصوصا بالمساجد الثلاثة التي تشد لها الرحال * فكم كان فيها من فحول رجال * وصولتي ببلاد الروم صدر الدولة العثمانية * ومن شك فالينظر الشقائق النعمانية * وبافريقية أيام الادارسة والأغالبة * وبالعدوة الاندلسية ايام الدولة المروانية القاهرة الغالبة * وما قصر في القيام فيّ طوائف * أيام ملوك الطوائف * ونصرت بالابيض والاسمر * مدة ايام بني الاحمر * ولم تزل لي بتلك العدوة فخامه * الى ان قوض الاسلام من الجزيرة خيامه * وعظم شاني بمراكش والبيضا * ايام ابن تاشفين وابنه علي الرضا * "قلت بارك الله فيهم" وكنت بالمغربين منقطع القرين * ايام الموحدين"لا بارك الله فيهم" وبني مرين * ونصرت بالهادين المهديين * من الوطاسين والملوك السعديين * ولم اضع بتلمسان ايام بني زيان ولا ببجاية * كما في الدراية * وكذا بتونس والجزائر وزواوة * ونعم العدلان ونعمت العلاوة * فلتبك على سلفي الصالح المنابر * والاقلام والمحابر * اما الان وقد كان ماكان وذهبت الجماعة * واقتربت الساعة * فلا يسعني الا الرضا * والصبر على مر القضاء والتقلب على جمر الغضا * فالشيئ ينتهي اذا بلغ غاية حده * فعسى الله بياتي بالفرج او امر من عنده *فلما فرغ العلم من القيل * وسمع الجهل مافيه قيل * أبرق وارعد * ووعد وأوعد * ونهض في اكمل شارة واحسن بزة * وقد انتفخ من الكبر واخذته العزة * وعلى راسه التاج والعَلَم * وفي خدمته السيف والقلم * في عتو تيمور او جنكيز * وتعاظم ممزق الكتاب النبوي كسرى ابرويز * اما القيصر * فما فرط في الكتاب المعظم ولا قصر * فبربر وبرطم وزمجر وجرسسم * وقال ياعلم ما هذا الافراط في الضلم * اتكافحني في اقبال دولتي * وتنا فحني في ايام صولتي * اما ترهب باسي وشدة شكوتي * وبيدي المناصب * وانا الرافع والناصب * والمتصرف في الحكام * والي مرجع الاحكام * والنقض والابرام * والقهر والالزام * وان كنت قديما اسكن الاطراف * واستوطن الكفور والارياف * فالان قد ملكت الامصار * وملات الاقطار * وخفقت في الخافقين بنودي * وطبقت المشارق والمغارب جنودي * فانى تشق غباري * وانا الاصل وانت الطاري * الم تسمع ما يتلون * " والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون " * اليس نقصا فيك ما قال عنك الامام * انك لعسرك لا تحد * وان غالب حدودك ينقض ويرد * ومن الحور * نقض اشهر حدودك بالدور * ومن سعادة جدي * سلامة حدي * وصحة عكسي وطردي * وان كان بسيطي عدما يزول * فمركبي صعب لا يتغير ولا يحول * شديد الرسوخ * سيما في ابناء البيوت والكثير من اولاد الشيوخ * ومن اين لك على مقاومتي المقدرة * وانت قليل الانصار وعديم الميسرة * وابنائي الاغنياء والامراء * وابناؤك الضعفاء والفقراء * ياصفر الراحة * يامن حكى مسلم عنه في صحيحه انه لا ينال بالراحة * يا حليف الجوع * يامنافي الهجوع * يا مضني الابدان * يامصفر الالوان * يا قليل الحظوة * عند اهل السطوة * يا مسود الموالي * ورافعهم الى الاعالي * ياقليل الجدوى * يا داعية الكبر والدعوى * اتفخر ببنيك الشعث الغبر * الذين ليس لهم عند اهل الدنيا اعتبار ولا قدر * ان خطبوا ردوا * وان عد الناس فما عدوا * وان غابوا فما فقدوا * وان حضرروا فكانهم ما وجدوا * ما لهم شارة * ولا اليهم اشارة * ولا يرجع اليهم في استشارة * وان نطقوا اسكتوا * وان صدقوا ابهتوا * عاقلهم حلس البيت * وحيهم بمنزلة الميت * لا يطمعون في نيل الرتب * وسكنى غالبهم الزوايا والترب * قلوبهم منكسرة للغربة * وهم حلفاء كل محنة وكربة * لا ينفكون عن تالم * ويتجرعون كاسات ذل التعلم * عيشهم شظف * ولا ياكلون الا على ضفف * وشربهم من القداح نطف * لباسهم اسمال * وفراشهم تراب ورمال * فهذا غالب حال بنيك يا مكد الطباع * ويا حلية اهل العجز والضياع *مدارسك دوارس * واذقان حامليك نواكس * ليس على كلامهم معول * وهل عند رسم دارس من معول * اما انا فقولي المشهور * وابنائي الجمهور * من الاحداث والرجال * وربات الحجال * وان مات عالم فتلك ثلمة لا تنسد * وفائت لا يمكن ان يسترد * بشهادة "ناتي الارض ننقصها من اطرافها" فالق استماعا * وبما صح في الحديث الشريف ان الله لا يقبض العلم انتزاعا * وان هلك جاهل خلفه الف * بشهادة فخلف من بعدهم خلف * هذا وابنائي المترفون * والمنعمون * والقوم الذين هم في العيون معظمون * يتمتعون بفاخر الاكل واللباس * وسواء عندهم مالاباس به ومابه باس * فكم اجروا في الهوى أفراسا * وزينوا ولائم واعراسا * وعمروا القهاوي والحانات * وملاوا الاصطبلات والخانات * ولهم المعازف والعيدان * والمغنون والقيان * ولهم الليل * وصهوات الخيل * وهم الحماة والكفاة * ولهم المكيفات والكافات * وبايديهم المتاجر والاسواق * واليهم الارزاق عفوا تساق * وهم القوم كل القوم * انفقوا بضاعة الاعمار في الشبع والنوم * ينامون الصبحة * ويرتكبون كل شيئ لا يخافون قبحه * ابناء الغفلة والكسل * وهمهم العسيلة والعسل * يحبون العاجلة * ولا يتفكرون في الاجلة * لا يعرفون غير هذه الدار * ويقولون الى اللذات البدار البدار * الى ان تاتيهم النقلة * على حين غفلة * ورحمة الله من وراء ذلك لمن مات على الايمان * فانه جل وعلا هو الرحيم الرحمن * وانت ياعلم تضني اولا دك بذكر الوعد والوعيد * والنظر في حال الشقي والسعيد * واحتجاجك بقضية ابليس لو كنت ممن ييتحقق * فانه كان عالما غير موفق * والذي ما خص بل عم * قضية ابن باعوراء بلعم * فاصح القول فيه انه عالم سفيه والعلم يهتف بالعمل * فان اجابه اقام والا ودع وارتحل * وليس بين العلم والعمل ملازمة * فلا يصح لك في هذه النزاع والمخاصمة * فكم عالم زاغ في العمل والعقد * وراغ في جميع احواله عن سبيل القصد * وكثير من ابنائه ذوو زندقة والحاد * ومنهم من يقول بالحلول والاتحاد * ومن شبه ما يدعيه نجم الرفض والاعتزال * ومن فساد نظرهم تشعبت سائر فرق الضلال * والغمر الجاهل * عن كل هذا ذاهل * وجهلاء الاعراب * اقرب في الجاهلية للاسلام من اهل الكتاب * فلذا دخلوا في الدين افواجا * وما اطالوا عنادا وحجاجا * ولم يؤمن من اهل الكتاب الا النادر الفذ * ومن قل وشذ * وانظر الى الترك والاكراد * كيف بادروا للانقياد * الى الدين بلا كبير عناد *وما عيرت به اولادي به يا ذا البركة * من اللصوصية والسرقة والشعبذة والمجانة وما معها فتلك اوصاف بيننا مشتركة * يشهد لي ولك العيان * وليس بعد العيان بيان * وليس كل معلوماتك شريفة * بل منها الدنيئة الخسيسة السخيفة * الا ترى الفلسفة * وتلك المضلة المتلفة * والنجوم والطلاسم * والاوفاق والعزائم * وعلم جابر * الكاسر الغير جابر * والعلوم الشريفة * احوالها في وقتنا ضعيفة * هذا التفسير فاين محرروه * وهذا الحديث فاين مقرروه * واين من يعرف موضوعه * ويميز صحيحه وحسنه وضعبفه وموضوعه * وهذا التصوف فاين زهاده * وهذا منهل المعارف فاين وراده * وهذا الفقه فاين متقنوه * وهذا الاصول فاين محسنوه * وهذا الكلام فاين من فيه الكفاية * والقيام عنا بفرض الكفاية * على انه حرم النظر فيه متقدمواالائمة الاعلام * حتى الف الغزالي حجة الاسلام * الجام العوام عن علم الكلام * والمنطق حرمه جمع من اهل الصلاح * منهم النووي وابن الصلاح * وما يغني الاشتغال بالحكمة والبحث عن الاعراض والجواهر * والاستقسات والعناصر * والبسائط والمركبات * والهيلولي والكليات * والاشتغال بها سبب ضلالة الفارابي والرئيس * والموقع لهما في الاعتقاد الرديئ والمذهب الخسيس * وقد حذر الاماثل * من الاشتغال بعلوم الاوائل* والنحو حسن ولكن قال فيه * من يتحققه ويدريه
وما ينفع الاعراب ان لم يكن تقى *** وماضر ذا تقوى لسان معجم وحديث وان من البيان لسحرا يحتمل القدح * كما يحتمل المدح* والطب وان كان حقا * فقد دخله التدليس * وكثر فيه التمويه والتلبيس * والطبيب الحاذق* لا يقدر ان يدفع عن نفسه العلل* فهو اذا سواء والهمل * قال المتنبي
يموت راعي الظان في جهله** موتة جالينوس في طبه
غيره في معناه
ما افاد الرئيس معرفة الط ****ب ولا حكمه على النيرات
ا شفاه الشفاء من علة المو***تولم ينجه كتاب النجاة
ونظم الشعر * كاسد السعر * ومن جعله حرفة ومكسبة * كان للفقر والحرمان مجلبة * وسيلة التكفف وسبب النقصان والتخلف * وحرفة الادب بئس الاحتراف* وهي لعمر ابيك حرفة عن الخير اي انحراف ولذا قال من قال
قالوا تركت الشعر قلت ضرورة***باب السماحة والملاحة مغلق
خلت الديار فلا كريم يرتجى *** منه النوال ولا مليح يعشق
حتى صار الاديب مثلا في الضعف والضيق* وقول العاملي في وصف نساء هواه به حقيق*
أضيق من عيش الاديب ثغرها *** أضعف من حال الاريب خصرها
ومع هذا كله فهبك أتقنت جميع العلوم* ووفقت في المنطوق منها والمفهوم * وخرجت في التفسير عن النظير * وبلغت في الحديث والفقه نهاية التحرير * واحكمت الفروع والاصول * واحطت بالمنقول والمعقول * وحصل لك من الاذواق والمعارف * ما تفك به الفصوص والعوارف * وفقت القاضي والاستاذ في الكلام * وقهرت بحذقك عبد الجبار والعلاف والنظام* وفي النحو ابني مالك وهشام * واتقنت في التصريف الشافية * ولم يفتك تحقيقات شروح الكافية * ورقيت في السلم المرونق * اعلى درجات سماء علم المنطق * وقرات في البلاغة المفتاح والايضاح * وزفت اليك عروس الافراح * واخذت اللغة عن الجوهري والمجد * وشافهت في البيان السيد والسعد * ووصلت الى اصول ابني السبكي والحاجب* بلا مانع لك عنها ولا حاجب* والحكمة عن الرئيس والحفيد * والانشاء والترسل عن الفاضل وعبد الحميد وابن العميد * والادب عن الحريري * ذي النسج البديع الحريري * وفي التاريخ الكامل ويتيمة الدهر * وديوان العبر ودمية القصر * ونفح الطيب * واحاطة لسان الدين بن الخطيب * وفي الجغرافية تقويم البلدان* وفي الهيئة الجغميني ذا الاتقان * وجودت بالطيبة والحرز * وفككت كل طلسم ورمز * ما غلت لك قيمة * وما كانت سيرتك الا غير مستقيمة * فاذا كانت هذه مهمات الفنون * من احرزها رجع بصفقة المغبون* فما انشد السعد لنفسه في المطول * هو الحق الذي لا شبهة فيه فعليه المعول *
وهو قوله
طويت باحراز الفنون ونيلها *** رداء شبابي والجنون فنون
فحين تعاطيت الفنون وحظها ***تبين لي ان الفنون جنون
وهبك صرت العلامة الثاني * ما بلغت الاماني * فسلم لي في سلطاني * فالزمان زماني * والناس خدامي* والدهر عبدي وغلامي * وقد آن ان ترجع من حيث اتيت * وتموت كما كنت من قبل حييت * وانا نزلت الى الارض في هذه الساعة* وعلى ابنائي تقوم الساعة * وليت شعري ماذا ينفعك ذكرك السالفين من الاعلام * والمتقدمين من صالحي ملوك الاسلام* فرضي الله عن اولئك السلاطين * ورحم برحمته الواسعة
ميامين السلاطين* تلك امة قد خلت* ورسوم درست وعفت * فهل بذكرهم ما مضى يعاد* من رونق الاموي وبهجة الازهري ومسجد قرطبة وفخامة الزيتونة وضخامة القرويين وشهرة المدارس
الثمان ونظامية بغداد * هيهات ما مضى فات * ان الفتى من يقول ها انا ذا لا من يفخر بالرفات* مضى والله الذين كانوا يحلون العلم ويكرمون العلماء ويجيزونهم عن التصانيف* ويبذلون لهم الرغائب ويمنحونهم التشاريف * اما الان فقد صار التصنيف مسخرة* لا مفخرة * والتحقيق مثلبة* لا منقبة * فسلم لتسلم * ولا تعد تتكلم * وعلى ربك فتوكل * فالبلاء بالمنطق موكل
فلما طالت بينهما المشاتمة * وكاد الامر يفضي الى المضاربة والملاكمة * قام حينئذ الجميل الاوصاف * حلية المتقين والاشراف * المعروف بالانصاف* فقال
ايها الخصمان دعا الشنآن * واتركا اللجاج * ولا تطيلا الحجاج * وانتما المتعاقبان على نوع الانسان* والوصفان له اللازمان * ان فقد هذا وجد ذاك* فبينكما بهذا المعنى اشتراك * وكلاكما من اثار القدرة * وبدائع الفطرة* وقد اقتضت الارادة الازلية ان يكون العالم على هذا النظام* جهلاء واعلام* فلو كان الناس علماء كلهم فمن يقوم بالمهن* او جهلاء كلهم فمن يحفظ الشرائع والسنن* وليست بينكما مضادة* ولا كبير معاندة * بل بينكما تقابل العدم والملكة * فاحذر الهلكة وسوء الملكة * فالوفاق سكن ان شاء الله بينكما بركة *
وانا اقضي بينكما بقضاء فصل * وكلام جزل * فخيركما العالم العامل* ثم يليه المسترشد الجاهل* ولا خير في غير ذين من كلا الصنفين * فانقضى الكلام* وافترقوا بسلام * وختمت المقامة * بحمد اهل الجنة في دار المقامة * والصلاة والسلام على الفاتح الخاتم واله وصحبه وهي احسن الخوااتم والغرض من تلفيق هذه الكلم ونظمها في سمط الحكم والله اعلم بالنيات ايقاظ العزائم وتحريك الهمم ختام سنة اربع عشرة وثلثمئة والف رابع الحجة جعلها الله لمنشئها وقارئها وكاتبها وسائر من يعتني بها حجة انتهى وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم

ال باشا 01-09-2008 04:24 PM

بارك الله فيكم على الطرح و المرجو تعريفنا بهذ العلامة الجزائري

بحر الدموع 01-09-2008 05:43 PM

وهذه ترجمة صغيرة -منقولة!- له:

هو محمد بن محمد بن عبدالرحمن الديسي الجزائري نسبة الى عين الديس قرب بو سعادة بمدينة المسيلة في الجزائر.

ولد سنة 1270 هـ، ونشأ وترعرع بمسقط رأسه يتيما فأدخلته والدته الكتّاب حتى حفظ القرآن الكريم وأتقن احكامه على القراءات السبع وأخذ شيئا من مبادىء العربية ثم انتقل إلى زاوية ابن أبي داود بمنطقة زواوة فمكث بها حتى رسخت قدمه في علوم العربية والفقه والفلك، حتى أجازه علماؤها وأذنوا له في التدريس وقد ذكر عنه تلميذه أبو القاسم الحفناوي في ترجمته أنه كان يحفظ نحو خمسين متنا في مختلف الفنون. وأفرده بالترجمة بعض اهل العلم. له ما يزيد من 23 مصنفا توفي سنة 1339 هـ. رحمه الله.

معاذ إحسان العتيبي 17-09-2008 01:58 PM

جميلة جميلة جميلة

((((((( بارك الله فيك )))))) .

سفير اللغة و الأدب 17-10-2008 10:02 PM

هل من الإخوة الكرام من يملك موهبة الكتابة و يحسن مثل هذه الطريقة في إنشاء المناظرات فيؤلف لنا مناظرة بين "المقاربة بالكفاءات " و ما يسمى الآن عندنا "النظام القديم في التدريس "؟؟؟؟؟

ابو حسام الأشقر 23-12-2008 11:43 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل سفير اللغة و الأدب (المشاركة 4511)
هل من الإخوة الكرام من يملك موهبة الكتابة و يحسن مثل هذه الطريقة في إنشاء المناظرات فيؤلف لنا مناظرة بين "المقاربة بالكفاءات " و ما يسمى الآن عندنا "النظام القديم في التدريس "؟؟؟؟؟

قالت بيداغوجيا الأهداف : أنا مجزأة..فردت عليها المقاربة بالكفاءات أنا مدمجة..قالت الأولى أنا نفسي قصير قالت الثانية أنا نفسي طويل ..قالت الأولى أنا عابرة ومن يريدني عاجز قالت الثانية أنا مستقرة ومن يريدني يحسن التصرف ...وهكذا هكذا..أخالك تعرف المزيد يا سيدي ..ولك معه صولات وجولات ...دمت لنا عبقا فواحا يسري مداه في كل مكان...

ربيع سعداوي 26-10-2009 07:18 PM

هنا مناظرة بين العقل والعلم
 
[center][b][size=3]دع المكــارم لا ترحــــــل لبغيتهــا

علم العليم وعقــــــل العاقل اختلفا
من ذا الذي فيهما قد أحرز الشرفا ؟

فــــــالعلم قــــال أنا أحرزت غايته
و العقل قال أنا الرحمن بي عُـرفا


فــــــأفصح العلم إفصاحا وقال له
بأينـا اللـه فــــــي قرآنه اتصفا ؟


فأيقـــــــــــن العقل أن العلم سيده
فقبــل العقل رأس العلم وانصرفا


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 08:51 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ