ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية

ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية (https://www.ahlalloghah.com/index.php)
-   حلقة الأدب والأخبار (https://www.ahlalloghah.com/forumdisplay.php?f=4)
-   -   فَراشُ الفوائد (https://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=8238)

فيصل المنصور 17-03-2013 01:03 AM

اقتباس:

والمقصود أن البواسل في قولهم: "رجال الأمن البواسل"، لا يصح قياسا، وليس أيضا من الشاذ المسموع.
بارك الله فيك، وشكر لك.
وكتيبةٍ سُفعِ الوجوهِ بواسلٍ *** كالأسْدِ حين تذبُّ عن أشبالِها
هذا بيتٌ من أبياتِ الحماسةِ. وعليه اعتمَد بعضُ من أجازوا هذا الجمعَ كعباس أبي السعود في (أزاهير الفصحى)، والسيد أحمد صقر في إحدى مقالاتِه.
وليس كلُّ ما وردَ في الشِّعر ساغَ استعمالُه في الكلامِ، إذْ قد يجوز أن يكون ضرورةً، أو يكونَ له وجهٌ من التأويلِ يُخرِجُه عن صحّة الاستدلالِ بهِ.
والكلامُ على هذا طويلٌ جدًّا. وأرجو أن أكتبَ فيه مقالةً مفصَّلةً إن شاء الله.

صالح العَمْري 20-03-2013 11:45 PM

أحسن الله إليكم يا أبا قصي.
قد غاب عني بيت الحماسة الذي أنشدتموه، وقد أحسنتم في التذكير به، فلعله ضرورة كبيت الفرزدق، ونحن نرجو أن نرى مقالتكم في تفصيل ذلك قريبا.

صالح العَمْري 20-03-2013 11:46 PM

6 - كل ما جاء من كلامهم على (إفعال) بكسر الهمزة فهو مصدر إلا خمسة أسماء:
1 - إعصار.
2 - إسكاف.
3 - إمخاض، وهو السقاء الذي يُمخض فيه اللبن.
4 - إنشاط، يقال: بئر إنشاط، وهي التي تخرج منها الدلو بجذبة واحدة.
5 - رمية إنباء، وهي التي تنبو ولا تدخل إلا شيئا يسيرا.
[من كتاب (الأُزْهِيَّة في العوامل والحروف) لعلي بن محمد النحوي الهروي، باب (ألف القطع وألف الوصل)، بتصرُّف يسير]

منصور مهران 21-03-2013 01:36 AM

قلتُ :
وإسحاق : اسمٌ أعجمي
قال سيبويه : ألحقوه ببناء إعصار

وقلت :
وفي القاموس : الإسنام - بالكسر - جبلٌ لبني أسد
قال الزبيدي : ولم يذكره ياقوت

صالح العَمْري 06-04-2013 05:00 PM

7 - أعجبني قول بعضهم في تعزية من فارق أهله وإخوانه وودَّعهم:
لا تأسَ يا قلبُ من وداعٍ * فإن قَلبَ الوداع عادوا
القلب في صدر البيت هو الفؤاد، وفي عجزه معناه أنك إذا عكست حروف (وداع) كانت (عادو)، تُنطق هكذا وتُكتب (عادوا).
فكأنه يقول: ما بين الوداع وبين العودةِ وقولِ الناس: (عادوا) إلا كما تَقلِب حروف هذه الكلمة.
أو يقول: إذا ودَّعت فلا تيأس من العودة وتفاءل بها، فإن الوداع في الحياة مقترنٌّ بالعودة كما اقترن لفظُه بلفظها.

محمد بن إبراهيم 09-04-2013 09:18 AM

جزاك الله خيرًا.
اقتباس:

فكأنه يقول: ما بين الوداع وبين العودةِ وقولِ الناس: (عادوا) إلا كما تَقلِب حروف هذه الكلمة.
بشرك الله بالخير.

صالح العَمْري 02-06-2013 09:18 PM

8 - اشتهر عند الناس أن مطلع مقصورة ابن دريد هو:
يا ظبية أشبه شيء بالمها * ترعى الخزامى بين أشجار النقا
ثم بعده:
إما تري رأسي حاكى لونه * طرة صبح تحت أذيال الدجى
وهذا البيت الأول لم يروه ابن خالويه، وإنما جعل أول القصيدة قوله: "إما تري..."، وابن خالويه سمع القصيدة من ابن دريد نفسه مرارا، وقرئت على ابن دريد وابن خالويه يسمع، قال ابن خالويه في مقدمة شرحه:
"أنشدنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي غير مرة، وقرئت عليه وأنا أسمع:
إما تري رأسي حاكى لونه * طرة صبح تحت أذيال الدجى"
ثم بدأ في شرح البيت، وأكمل باقي القصيدة.
فابن خالويه سمعها من ابن دريد نفسه مرارا، وليس فيها البيت الذي أوله: "يا ظبية...".
وكذلك التبريزي لم يرو البيت الذي أوله: "يا ظبية..."، وأول المقصورة عنده هو قوله: "إما تري رأسي...".
وقد بين ابن هشام اللخمي حال هذا البيت وروايته، قال ابن هشام في شرحه على المقصورة بعد ما أثبت هذا البيت وشرحه: "وهذا البيت لم يثبت في رواية أبي علي ولا في أكثر الروايات، وإنما وقع في رواية شاذة وهي رواية إسحاق بن مخلد."
قال المحقق في الحاشية: "هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم بن مطر بن يعقوب الحنظلي المعروف بابن راهويه المروزي، نزيل نيسابور، وروى عن ابن عيينة وابن المبارك وجماعة،...، وتوفي سنة 237 أو 238"
لكن هذا الذي ذكره المحقق لا يستقيم، لأن ابن دريد ولد سنة 223ه، وابن راهويه توفي سنة 238ه، أي أن عمر ابن دريد لما توفي ابن راهويه كان 15 سنة، وابن دريد لم ينظم المقصورة إلا بعد ما بلغ السبعين، فإنه لم ينظمها إلا بعد سنة 294ه بعد ما ذهب إلى بلاد فارس، فكيف يكون ابن راهويه قد روى هذا البيت في مقصورة ابن دريد وابن راهويه توفي قبل أن ينظم ابن دريد مقصورته بأكثر من 50 سنة؟!
(فالسؤال للإخوة الكرام: من إسحاق بن مخلد الذي نسب إليه ابن هشام اللخمي رواية هذا البيت؟)
والمقصود مما ذكرنا أن البيت لم يقع إلا في رواية شاذة كما قال ابن هشام، وأكثر الروايات لا تثبته، وإنما الصحيح أن مطلع المقصورة هو قوله:
إما تري رأسي حاكى لونه * طرة صبح تحت أذيال الدجى

صالح العَمْري 10-04-2014 01:43 AM

9 - رُبَّ مَن يَعْنيهِ حالي * وَهْوَ لا يَجري ببالي
قَلبُهُ مَلآنُ مِنِّي * وفُؤادي مِنهُ خالي

محمد بن إبراهيم 14-04-2014 11:14 PM

بارك الله فيكم، وزادكم علما.
اقتباس:

(فالسؤال للإخوة الكرام: من إسحاق بن مخلد الذي نسب إليه ابن هشام اللخمي رواية هذا البيت؟)
جاء في غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: (إسحاق بن مخلد بن عبد الله بن زريق. وقال الأهوازي: إسحاق بن مخلد بن محمد بن يعقوب أبو يعقوب الضرير الدقاق البغدادي، قرأ على أبي أيوب الخياط ...والحسن بن سعيد المطوعي قرأ عليه سنة ثلاثمائة، قال الذهبي بقي إلى [ما] بعد الثلاث مائة.) قلتُ: وكذلك ابن دريد بقي إلى ما بعد الثلاث مئة، فلعله رواها عنه حين كان ببغداد.

صالح العَمْري 17-04-2014 06:47 PM

أحسنت يا شيخنا أبا بكر، جزاك الله خيرا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
10 - قرأت اليوم في صفحات بعض الفضلاء هذا:
"قبل قليل وفي إحدى الإذاعات ؛ قال المذيع في ختام برنامجه اليومي : أتمنى لكم weekend [ ويك إند ] سعيد ! لكِ الله يا لغتنا"
فجاء رجل آخر يؤيد المذيع في ما ذهب إليه، ويعد ذلك إيجازا محمودا، فقال:
"ويكند = إجازةُ نهايةِ الأسبوع (خير الكلام ما قل و دل)"
فجاء رجل ثالث ينكر على هذا الثاني، ويدعوه إلى تعريبها لكنه ما أتى بشيء مرضي، فقال:
"قل: نهاية الأسبوع أو الجمعة والسبت، المسألة هُوِيّة ومبدأ وشعار"
ولا أدري كيف يبعَل الناس بمثل هذه الدمائث فلا يجدون منها مخرجا، حتى يتلدّد فيها من يعرفون منهم بالعلم والفضل، فإنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله على كل حال، هذا قضاء الله تبارك وتعالى، وقد نفذ فينا، فإليه المشتكى والمعول.
وقد كنت قبل نحو من سبع سنين أيام الدراسة في الجامعة أسميها: الوجيزة، لأننا كنا قد ابتلينا بلهج الناس بالويكند، فكنت أسميها الوجيزة، فسمعها مني جملة من الأصحاب والأصدقاء من طلاب العلم، ففرحوا بها واستحسنوها، وأكثروا من استعمالها بعد ذلك، وما زلت إلى اليوم أسميها بذلك، ولا أدعوها بغيره.
وقد يقول قائل: كل شيء يقصر يصح أن يوصف بالوجيز، فهذا شيء مشترك.
فهذا لا ينبغي أصلا أن يُرد عليه، لتفاقم جهله وتراكبه، وما أفسد اللغة ولا نكّل بها إلا هذا الصنف من البشر، ولذلك أخرجهم جهلهم هذا إلى سرد الجمل وأشباهها في أسماء الأشياء، فيسمونها إجازة نهاية الأسبوع، لأنهم يريدون أن يصفوها بوصف جامع مانع لا يدخل فيه غيره ولا يدع شيئا من حقيقة المسمى وصفاته إلا أتى عليه.
وتالله ما كانت العرب تسلك هذا المسلك المخزي، بل كانت تسمي الشيء بما تدل عليه صفة واحدة من صفاته، سواء أكانت أظهر صفاته أم لم تكن، وهذا أكثر من أن يحصى في كلام العرب، ولا معنى لتتبعه والاستقصاء فيه لأن الأعمار تفنى دونه.
فمن ذلك تسميتهم العقل، قال العلماء: لأنه يعقِل الإنسان ويقيده عن الوقوع في القبيح.
فسمته العرب بذلك على أن العقل له خصائص كثيرة، وليس مقصورا شأنه على هذا التقييد، فإنه يدل صاحبه على الحسن، ويحفظ ما يصل إليه من العين والأذن، ويمِيز الذي يشَمه الأنف وتمسُّه اليد بعضَه من بعض، ويحل المشكلات، ويفتق المعضلات، وغير ذلك.
فلو كان أمر تسميته إلى هؤلاء المتأخرين زمنا وعلما لسمّوه: المقيِّدَ عن القبيح الدليلَ على الحسن الحافظَ لما يُسمع ويُرى المميزَ لما يُحَس ويُلمَس المفكِّرَ في كذا وكذا...
فهل رأيت اسما في حياتك أطول من هذا؟!
فكذلك تسمية الإجازة التي تكون في نهاية الأسبوع: وجيزةً، النظرُ فيه إلى وصف من أوصافها، ونعت واحد من نعوتها، وهو القصر، لأنها أقصر إجازة في السنة، ثم إن لفظه في السمع قريب من لفظ الإجازة فاستعماله حسن مرضي، ولسنا نعرف الآن شيئا من الأشياء يُسمى بهذا الاسم، إنما توصف به الأشياء وصفا، فلمّا خرج هذا إلى باب الاسمية لم يلتبس بغيره، ففيم المراء؟
ولست أحمل الناس على هذه التسمية دون غيرها، معاذ الله، من كان عنده شيء خير من هذا، فليفدنا به، أما إن كان سيأتينا بجملة أولها في رأس الصفحة وآخرها في ذيلها فلا نريده، ما أزهدنا فيه!
وبالله التوفيق.

صالح العَمْري 11-05-2014 04:40 PM

11 - تعليم الأطفال العقيدة والتوحيد في سوريا بدير الزور، بهذا والله تنتصر الأمة بعد نصر الله لها، لا بالبرامج الحوارية والمجالس الانتخابية.
http://safeshare.tv/w/UmmxErxzxs

أبو محمد يونس المراكشي 12-05-2014 08:36 AM

واصلوا وصلكم الله بهداه

صالح العَمْري 25-03-2015 06:31 PM

12 - في العرب قبيلان يقال لهما: رِزام بن مازن.
أحدهما رزام بن مازن بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان.
وهم الذين يقول فيهم مزرد بن ضرار الذبياني:
فقلت ولم أملك رزام بن مازن * إلى إبة فيها حياء الخرائدِ
والآخر رزام بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم.
وهم الذين يقول لهم سعد بن ناشب المازني التميمي:
فيا لرزام رشحوا بي مقدما * إلى الموت خواضا إليه الكتائبا

صالح العَمْري 04-08-2015 01:52 AM

(13)
عاب المتنبي قول أبي تمام:
رقيقُ حواشي الحلم لو أن حلمه * بكفّيكَ ما ماريتَ في أنه بُردُ
فقد روى الحاتمي في مناظرة جرت بينه وبين أبي الطيب ذكرها في (الرسالة الموضِحة) أن المتنبي قال: "فهل امتدح أحدٌ قبله أحدا برقة الحلم؟ ووصفه بالركانة والثخانة أولى، ألا ترى إلى قول عدي بن الرقاع:
أبت لكم مواطن طيبات * وأحلام لكم تزن الجبالا
قال: ثم إنه شبه الحلم في رقته بالبُرد، ورقة البرد دال على هلهلة نسجه، وليس ذلك من أوصافه ولا ممادحه"
ولم يُجب الحاتمي عن هذا بشيء.
فالمتنبي عاب على أبي تمام أمرين:
1 - وصف حلم الممدوح بالرقة.
2 - وصف البُرد بالرقة.
وقد أصاب المتنبي في انتقاده الأول لو أن أبا تمام وصف الحلم بالرقة لكنه لم يصفه بذلك كما سنبين فالعيب في كلام المتنبي وفهمه، وأخطأ المتنبي في انتقاده الثاني من وجهين سنبينهما.
فجاء أبو هلال العسكري وأخذ على أبي تمام ما أخذه المتنبي في المأخذ الأول، وهو قوله في (الصناعتين):
"وما وصف أحدٌ من أهل الجاهلية ولا أهل الإسلام الحلم بالرّقة، وإنما يصفونه بالرجحان والرزانة، كما قال النابغة:
وأعظمُ أحلامًا وأكبر سيداً * وأفضلُ مشفوعًا إليه وشافعا
وقال الأخطل:
صمٌّ عن الجهل عن قيل الخنا خرُس * وإن ألـمَّت بهم مكروهةٌ صبرُوا
شمسُ العداوةِ حتى يستقادَ لهمْ * وأعظمُ النّاسِ أحلامًا إذا قدرُوا
وقال أبو ذؤيب:
وصبرٌ على حدثِ النّائباتِ * وحلمٌ رزينٌ وعقلٌ ذكيّ
وقال عديّ بن الرّقاع:
أبتْ لكم مواطِن طيّبات * وأحلام لكم تزنُ الجبالا
وقال الفرزدق:
إنَّا لتوزنُ بالجبال حُلومنا * ويزيد جاهلُنا على الجهَّالِ
ومثل هذا كثير.
وإذا ذمّوا الرجل قالوا: خفّ حلمه وطاش، كما قال عياض بن كثير الضبي:
تنابلةٌ سودٌ خفافٌ حلُومُهُم * ذوو نيربٍ في الحيِّ يغدو ويطرقُ
وقال عقبة بن هبيرة الأسدي:
أبنُو المغيرةِ مثلُ آل خويلدٍ * يا للرِّجال لخفَّةِ الأحلامِ
لا، بل أحسبني سمعت بيتاً لبعض المحدثين يصف فيه الحلمَ بالرّقةِ وليس بالمختار".
وجاء القاضي الجرجاني فأخذ على أبي تمام ما أخذه المتنبي في مأخذه الثاني، وهو قوله في (الوساطة):
"البُرد لا يوصف بالرقة، وإنما يوصف بالصفاقة والدقة، وقد أقام الرقة مقام اللطف والرشاقة في موضع آخر، فقال:
لك قدٌّ أرقُّ من أن يحاكى * بقضيب في النعت أو بكثيب
والقد لا يوصف بالرقة".
وهذا موافق لمأخذ المتنبي الثاني على بيت أبي تمام، وهو أن البرد لا يُنعت بالرقة، وزاد الجرجاني أن أبا تمام وضع الرقة موضع الدقة كما وضعها موضعَ اللطف والرشاقة في بيت آخر.
ثم جاء العلامة الكبير أحمد تيمور باشا فوافق أبا هلال على انتقاده، وردّ على الجرجاني في انتقاده، ولم يُشر إلى كلام المتنبي، وكلام المتنبي قد جمع النقدين، قال العلامة تيمور في (أوهام شعراء العرب في المعاني):
"أما الذي انتقده أبو هلال فصحيح، وأما قول الجرجاني بأن البُرد لا يوصف بالرقة فقد نقل التبريزي في شرحه لديوان أبي تمام عن المرزوقي: أن الرقة تستعمل في صفة الفاخر من الثياب وغيره حتى يقال: عندي ثوب أرق من الهواء".
وفي كلام العلماء المتتابع أشياء مضطربة، منها:
1 - أنهم زعموا أن أبا تمام وصف الحلم بالرقة، ولا أدري كيف تتايعوا فيه، وإنما الذي وصفه أبو تمام بالرقة حواشي الحلم لا الحلم نفسه، وفرق بين معظم الشيء وبين حواشيه وأطرافه.
2 - أنهم زعموا أن أبا تمام وصف البُرد بالرقة، وهذا غير صحيح أيضا، لأنه لا يُفهم من كلامه رقة البُرد بل يُفهم منه رقة حواشي البرد، لأنه قال: حلمه رقيق الحواشي لو كان في كفك لتوهمته بردا، فلو قال قائل: لماذا تتوهمه بردا؟ قيل: لأن البُرد رقيق الحواشي مثله.
فليس في كلامه وصف البُرد بالرقة أصلا.
3 - إنكار المتنبي والجرجاني أن يوصف البُرد بالرقة، على أن ذلك لا عيب فيه إن لم يكن هو الممدوح المستحسن، وسننشد شاهدا له.
4 - غفلتهم عن تشبيه العرب الشيء الرقيق بحاشية البُرد، وهو ما أراده أبو تمام، وسننشد شاهدا له.
5 - اعتراض الشيخ تيمور على الجرجاني بأن من الثياب الفاخرة ما يكون رقيقا، ولم يُسدَّد الشيخ تيمور في هذا، فليس كلام القوم عن الثياب كلها، وإنما هو عن ضرب من الثياب وهو البُرد، ولا شك أن في الثياب ما يكون أرق من الهواء لكن كلامهم عن ضرب خاص من الثياب هو البُرد.
ـــــــــــــــــــــــ
فأقول: قد أخطأ المتنبي والجرجاني في منع وصف البُرد بالرقة، وقد وجدتُ في شعر العرب القديم بيتا نَدْرا صرح فيه باسم البُرد -لم يقل الثوب- وصرَّح فيه بلفظ الرقَّة وجاء بذلك في معرض المدح للبُرد ولابسه، فدل ذلك على أن رقّة البُرد مما يُمدَح، قال المصعب الزبيري في (نسب قريش):
"وكان يقال لعبد الله الـمُطْرَف من حسنه وجماله، وله يقول ابن الرئيس الثعلبي:
جميلُ المحيا واضحُ اللون لم يطأ * بحزن ولم يألم له النكبَ إصبعُ
من النفر الشم الذين إذا انتدوا * وهاب اللئامُ حلقةَ الباب قعقعوا
إذا النفرُ الأُدم اليمانون نمنموا * له حَوكَ بُردَيه أرقُّوا وأوسعوا
جلا الغِسْلُ والحَمّامُ والبيضُ كالدُّمَى * وطيبُ الدِّهان رأسَه فهو أفرعُ
وقال غيره: "أنزع"، يريد أن شعره يذهب به الطيب
".
فهذا مدح كما ترى، وقد وصف بُردَه بالرقة والسعة، فلو كان أبو تمام وصف البُرد صراحة بالرقّة ما كان قوله معيبا بل ذلك هو الممدوح، والمعيب اعتراض خصمه عليه، على أن المفهوم من قول أبي تمام هو وصف حواشي البرد بالرقة، وليس في قوله هذا ما يُعاب فقد يكون البرد صفيقا وله حواش رقيقة وشبّه الحلم به في هذه الصفة، فلم يجعل الحلم نفسه رقيقا، وإنما حواشيه وأطرافه.
وقد وقفتُ على شعر نادرٍ في وصف حواشي البُرد بالرقّة وجعلها أصلا في تشبيه الشيء الرقيق، أنشد السرقسطي في (الدلائل):
ألم تعلما أن المصلَّى مكانه * وأن العقيقَ ذا الظلال وذا البَردِ
وأنَّ به لو تعلمان أصائلا * وليلا رقيقا مثل حاشية البُردِ
فهل يُعاب أبو تمام أن وصف حواشي البُرد بالرقّة؟! إنما العيب على من اعترض عليه، وذلك من ثلاثة أوجه:
1 - أنه زعم أن أبا تمام وصف البُرد نفسه بالرقة وهو إنما وصف بالرقة حواشيَه.
2 - أنه خفي عليه أن البُرد الجيد قد يوصف بالرقة كما في أبيات الثعلبي فلا يكون أبو تمام معيبا به لو أنه قاله.
3 - أنه خفي عليه أن حواشي البرد أيضا قد توصف بالرقة وتُجعلَ أصلا لتشبيه الشيء الرقيق كما في بيتي الدلائل.
وقد يكون البُرد غليظ الحاشية، وفي خبر جذبة الأعرابي لبُرد الرسول عليه الصلاة والسلام: "وعليه بُرد نجراني غليظ الحاشية"، فنصهم على غلظ حاشية ذلك البُرد دليل على أن في البرود ما يكون رقيق الحاشية.
وقوله: "إذا النفر الأدم اليمانون": لأن أهل اليمن كانوا مشهورين بحوك البرود متقنين لها، وقال جرير يصف خيلا:
وطوى الطرادُ مع القياد بطونَها * طي التجار بحضرموت بُرودا
وفي كلام خالد بن صفوان: "هم بين حائك بُرْد..."
وقد بقي فيها ما يحتاج إلى نظر وتأمل، والله أعلم.

صالح العَمْري 06-08-2015 07:49 AM

بسم الله الرحمن الرحيم.
هذا تنبيه رأيت أن لا بد من كتابته، وقد عزمت أولا أن أضرب عنه صفحا، ثم رأيت إثباته لغلبة سوء الظن اليوم على كثير من طلاب العلم، وهذه حقيقة مؤلمة.
وذلك أني لا أكاد أجري في شيء مما أكتبه منذ عرفت الكتابة في المنتديات على طريقة الباحثين المجدين في تحصيل أطراف المسألة ولم ذيولها وحواشيها والاستقصاء فيها، ولا أكاد أذكر أنني كتبت بهذه الطريقة وإن كانت طريقة جيدة مُرضية، ولا على طريقة الهارفين بما لا يعرفون المقحمين أنفسهم في كل مسألة بالجهل والظنون والأوهام، ولا أكتب هنا إلا شيئا أستحضره من قبل أو أستحضر معظمه مما أعلم أنني قادر على استحضاره وارتجاله في أي محفل ومجمع ومجلس دون الاستغاثة بالكتب والدفاتر، خشية أن أكون هنا متدثرا بما ليس من لباسي ومتزينا بأكثر مما حويت.
وإنني منذ سنين أدع الكتابة في أشياء كثيرة في المنتدى لو أردتُ أن أراجع فيها الكتب وأستخلص وأجمع لكتبت فيها ما يكثر ويطيب، غير أن نفسي تأبى أن أتزيى بما ليس من زيي وأتشبع بما لم أُعط، فما علمت أني عاجز عن المحاضرة به أو بمعظمه لجليسي أجحمت عن التظاهر لقراء الملتقى بمعرفته وإتقانه، وربما راجعتُ عند الكتابة هنا اسم شاعر أو رواية بيت أو نقلتُ كلاما طويلا للحاجة إلى نقله بنصه ونحو ذلك.
وإني لما كتبتُ ما كتبتُه في هذا الحديث ارتجلتُه إلا أنني أنقل كلام العلماء من كتبهم لآتي بنصه، ولم أبحث في كل مظنة من مظان وجود هذه المسألة لتحريرها، ولا أضنيت نفسي في استقصائها، وإنما كتبتُ ما حضرني، فكان من ذلك أنني رأيت إشارة العلامة تيمور إلى كلام نقله التبريزي عن المرزوقي فظننت أن ذلك هو معظم ما في كلام المرزوقي والتبريزي فلم أرجع إلى ديوان أبي تمام بشرح التبريزي وهو موجود عندي.
ثم بدا لي بعدما كتبتُ هذا ورأيتُ الديوان مرة قريبا مني أن أنظر فيه فوجدت في حاشية المحقق نقولا طويلة عن المرزوقي وابن السيد البطليوسي وابن المستوفي ووجدتُ المرزوقي قد استشهد ببيت الثعلبي الذي أنشدتُه، فقضيت العجَبَ من ذلك، وإني والله ما رأيت كلام المرزوقي واستشهاده بهذا البيت إلا بعد ما كتبتُ حديثي هذا، ولا كنتُ أعلم أن أحدا من العلماء استشهد به في هذه المسألة، ولو علمتُ لذكرتُه وصرحتُ بالنقل عنه والاستفادة منه، وهل أنا عند هؤلاء الأئمة إلا كالوصع الصغير الوضيع، بيد أني لم أكن رأيتُ كلام المرزوقي، لكني كنت قد قرأتُ إنكارهم وصف البرد بالرقة مرارا وثبت ذلك في ذهني ثم قرأت مرة في (نسب قريش) وأنا حديث عهد بقراءة إنكارهم فلما رأيت البيت استبشرتُ به ولم أكذب أن كتبتُه حاشية في أحد الكتب.
وقد وجدتُ في كلامهم أشياء لم أذكرها، وفي كلامي أشياء لم يذكروها، فمن شاء أن يراجعها فهي ثَمّ.
وإني لأعلم أنه لا يلزمني التسويغ لكل شيء أكتبه، ولا أن أدفع عن الخواطر كل وهم، فإن الاشتغال بالناس مضيع للعمر متلف للبدن، لكني كتبت هذا لهذه المسألة ولغيرها حثا للناس على حسن الظن ولأبين طريقتي، فقد رأيتُ بوادر من أناس أزعجتني للكتابة والتبيان.
وفق الله الجميع.


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 10:54 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ