ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية

ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية (https://www.ahlalloghah.com/index.php)
-   حلقة فقه اللغة ومعانيها (https://www.ahlalloghah.com/forumdisplay.php?f=5)
-   -   المقالة الثامنة من : إيقاظ الوَسنان من زلاّت اللّسان ( بين التقييم والتقويم ) (https://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=7458)

محمد تبركان 29-08-2012 10:11 AM

المقالة الثامنة من : إيقاظ الوَسنان من زلاّت اللّسان ( بين التقييم والتقويم )
 
قبل استعراض هذه المقالة لابُدّ لي من الإقرار بأنّ ما دبّجته يراعة الفاضل:فيصل المنصور في حلقة النّحو والصّرف تحت عنوان (تقويم التّقييم) يكاد يكون لا مزيد عليه لولا أنّ العلم يأبى ذلك .
بَيْنَ التَّقْيِيمِ وَ التَّقْوِيم(1): هذا مبحثٌ لطيفٌ قَصَرْتُ الكَلِمَ فيه على لَفظتين فُرِّقَ بينهما في الاستعمال،تَبَعًا للتَّفريق بينهما في الدَّلالة.وهو أمرٌ مخالفٌ لأصلِ الوَضْعِ،ومُبايِنٌ لِسَنَن العربِ في الكلام .
أمّا بشأنِ الغَلَط،فهو تَوظِيفُهُم لكلمةِ:(تَقْيِيم) لِتَدُلَّ على معنى:إبرازِ وتحديدِ قيمةِ الشَّيءِ ومحصِّلتِه ونتيجتِه .
وتَوظيفُهم لكلمة (التَّقْوِيم) لِتَدُلَّ على معنى:إصلاح المُفسد،و إقامة وتَعديل المُعْوَجّ .
وهذا التّفريق بين هاتين اللّفظتين من حيث التّباين في الدّلالة،غير معروف(2) في لسان العرب،ولا لهجَ به علماءُ العربية وأئمّةُ اللّغة فيما حَبَّرَتْهُ أيديهم من صُنُوف الآداب،ولا فيما رَسَمُوه لنا من أصول اللّغة .
و مَن أمعنَ النَّظرَ في كلا اللّفظتين (تقويم) و (تقييم) تبيّنَ له أنّ مَخرجَهما واحدٌ وهو الفعلُ(3) (ق و م)؛وعِلمي:أنّ المعاجم خَلَتْ من الفعل (ق ي م)؛لأنّ العربَ أهملتْ هذا التّركيب فلم تُوظِّفه في مَلفوظ اللّسان،ولا مَرسوم الكتاب .
ويمكنُ أن يقال:إنّ المصدرَ (تقييم) وليد(4) المصدر(تقويم)؛أُبدلت فيه الواو ياءً لوجود المناسبة بين الكسرة والياء.وقريبٌ من هذا قوله في معجم الأخطاء الشائعة (ص212 رقم 885): (لأنّ الفعلَ [قَوَّمُوا] واويٌّ أمّا كلمة (قِيمة)،فياؤُها منقلبةٌ عن واوٍ.وفي الإعلال أنّ كلَّ واوٍ تُقلَبُ ياءً إذا كانت ساكنةً وكُسِرَ ما قبلها "(5).
وعليه فرأيي أن يقال:إنّ كلا اللّفظتين تَحملان الدَّلالة نفسَها،ثمّ يأتي السّياقُ(6) ليحدِّد المعنى المراد؛فالسّياقُ كما قيل من المقيِّدات .
وعلى ما سبق؛يقال:إنّ المصدر (تقويم) هو الثّابت من حيث اللّغةُ؛فهو الأولى بالتّوظيف في كلا الدّلالتين؛لأنّه الأصل، والمصدر (تقييم) هو في حقيقته متفرِّعٌ عنه؛ومنبثقٌ منه(7)؛ولذلك لا تكاد تجد أحدًا من المتقدّمين وظّفه (تقييم) في ثنايا لفظه،ومرقوم كتابه .
نعم،لقد وظّفه كلٌّ من:
1. الأصفهانيّ في الأغانيّ (10/ 95) و (21/ 95) .
2. الفيُّوميّ في المصباح المنير (ص309 ع2) .
3. أصحاب الفضيلة في المعجم الوسيط (ص771ع2) و (ص854ع3) .
لكنّهم جميعًا ليسوا من روّاة اللّغة،حتّى يصحّ اعتماد توظيفهم لهذه اللّفظة (تقييم) على أنّها من مفردات اللّغة .
وبعدُ،فإليك – أخي – أسوق شيئًا من تقريرات أئمّة اللّغة،وبعضًا من نظم الشّعراء الفحول،والّتي تَروِي عن العرب سَنَنَهُم في توظيف هذه اللّفظة (تقويم) .فمن أشعارهم قول:
1. علقمة بن عَبَدَة الفحل(8): وَفِي الشِّمَالِ منَ الشَّرْيَانِ مُطْعَِمَةٌ * كَبْدَاءُ فِي عَجْسِهَا عَطْفٌ وَتَقْوِيمٌ .
2. حاتم الطّائيّ،قال(9): وَعَوْرَاءَ أَعْرَضْتُ عَنْهَا فَلَمْ تَضِرْ * وَذِي أَوَدٍ قَوَّمْتُهُ فَتَقَوَّمَا
3. وأنشدَ(10) ابن الأعرابيّ في صفة النّساء :
هِيَ الضِّلَعُ العَوْجَاءُ لَسْتَ مُقِيمُهَا * أَلَا إِنَّ تَقْوِيمَ الضُّلُوعِ اِنْكِسَارُهَا
أَيَجْمَعْنَ ضَعْفًا وَاِقْتِدَارًا عَلَى الفَتَى * أَلَيْسَ عَجِيبًا ضَعْفُهَا وَاِقْتِدَارُهَا
4. رُؤْبَة (11): كَسَّـَر مِـنْ عَيْنَيْـهِ تَقْوِيمُ الفُوَقْ * وَمَا بِعَيْنَيْهِ عَوَاوِيرُ البَخَـقْ
5. أبو العلاء المعرِّي: وَكَيْفَ أَرُومُ تَقْوِيمَ اللَّيَالِي * وَقَدْ بُنِيَتْ عَلَى خَتْلٍ وَ خَتَرْ ؟
6. شاعر(12): قَدْ عَلِمَتْ دَلْوُ بَنِي مَنَافٍ * تَقْوِيمَ فَرْغَيْهَا عَنِ الجِحَافِ
7. قال عبد الله بن همام السّلوليّ(13):
فَقَبْلَكَ مَا كَانَتْ تَلِينَا أَئِمَّةٌ * يَهُمُّهُمْ تَقْوِيمَنا وَ هُمْ عُضْلُ .
8. قال أبو الفتح ذو الكفايتين ابن أبي الفضل ابن العميد(14):
بَطَرْتُمْ فَطِرْتُمْ وَالعَصَا زَجْرُ مَنْ عَصَا * وَ تَقْوِيمُ عَبْدِ الهُونِ بـالهُونِ رَادِعُ
و من كلام الأئمّة قول:
أ‌- ابن القفّع،قال في الأدب الكبير (ص82):(لا يَلُومَنَّ الوالي على الزَّلَّة مَن ليس بِمُتْهَمٍ عنده في الحِرص على رِضاه إلاّ لَومَ
أدبٍ و تَقْوِيم ...) .
ب‌- وقال في الأدب الصغير (ص29):(ومَن نصبَ نفسَه للنّاس إمامًا في الدّين،فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه وتقويمها في السّيرة
والطُّعمة والرّأي واللّفظ والأخدان ...).
ت‌- ابن المطرِّز،قال في المغرب(1 /118): (التّثقيف:تَقويم المُعوَّج بالثِّقاف،ويُستعار للتّأديب و التّهذيب) .
ث‌- أبي هلال العسكريّ،قال في الفروق اللّغويّة (487 الفرق بين التّسديد و التّقويم):(أنّ التّسديد هو التّوجيه للصّواب؛فيقالُ
سَدَّدَ السَّهمَ إذا وجّهه وجهَ الصّواب،والتّقويمُ إزالةُ الاعوجاج كتَقويم الرُّمح والقَدح ثمّ يُستعارُ فيقال:قوّمَ العملَ؛فالمسدَّدُ المُقَوَّمُ لسببِ الصَّلاح ... والإصلاح تقويم الأمر على ما تدعو إليه الحكمة) .
ج‌- الجاحظ،قال في البيان والتّبيُّن (1/ 19):(وذكر اللّه تعالى جميل بلائه في تعليم البيان وعظيم نعمته في تقويم اللّسان) .
ح‌- الجوهريّ،قال في الصّحاح (5/ 2017 قوم): (والقِيَمةُ:واحدة القِيَمِ؛وأصله الواو؛لأنّه يقوم مقام الشّيء يقال:قَوَّمْتُ السِّلعة
... وقَوَّمْتُ الشّيء فهو قَويمٌ،أي مُستَقيمٌ).
خ‌- الخليل،قال في العين (باب القاف والميم): (والقيمةُ ثمنُ الشَّيء بالتَّقويم.تقولُ:تَقاوَمُوا فيما بينهم) .
د‌- الزّبيديّ،قال في تاج العروس (22 /6365):(وقال غيره:زوّقتُ الكتابَ والكلامَ:إذا حسّنتَهُ وقَوَّمته،وقال أبوزيد:
يقال:هذا كتابٌ مزوَّقٌ مزوَّرٌ،وهو المُقَوَّمُ تَقويما،وقد زوَّرَ فلانٌ كتابَه وزوَّقَهُ:إذا قوَّمَه تَقويمًا،وهو مجاز) .
ذ‌- الزّمخشريّ،قال في أساسِه (ص382 ع2):(وقوَّمَ العُودَ وأقامَه واستقام وتَقَوَّم.ورُمْحٌ قَوِيمٌ) .
ر‌- لسان العرب (3 /75ع1):(وفي صفة عائشة أباها رضي الله عنهما،قالت:وأقام أَوَدَه بثقافِه؛الأَوَدُ:العوج،والثقاف:هو تقويم
المعوج ...) .
ز‌- محمد بن أبي الفتح البعليّ،قال في المطلع على أبواب المقنع (1 /403):(التّقويم مصدر قوّمت السّلعةَ إذا حدّدتَ قيمتَها
وقدّرتَها،وأهلُ مكّة يقولون استقمت الشّيء بمعنى قوّمته) .
وأخير ليُعلم أنّ كثيرا من العلماء قد وظّفوا هذه الكلمة (تقويم) ضمن أسماء مؤلّفاتهم،وسأقتصر على ذكر ثلاثة أمثلة:
1. تقويم الأَسَل في تفضيل اللَّبَن على العَسَل (15) رسالة لقطب الدين محمد بن محمد الخيضريّ الدمشقيّ الشافعيّ .
2. تقويم اللِّسان(16) لعبد الرحمن بن علي الجوزيَ . - مطبوع مشهور –
3. المدخل إلى تقويم اللِّسان و تعليم البيان(17) لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن هشام اللّخميّ اللّغويّ.
و يراجع:
1. الصّحاح (5 /2016 - 2017 باب الميم/قوم) .
2. الفائق (3 /166) .
3. لسان العرب (12/ 500 ع2) و (14/ 387) .
4. مختار الصحاح (ص557 ع2) .
5. المصباح المنير (ص309 ع2) .
6. معجم الأخطاء الشائعة (ص212 رقم885) .
7. النّهاية (1 /79) و (2 /369 سعى) .
الهوامش :
(1) ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ التّين/4 أي قوّمناه في أحسن تقويم .
(2) ذا في حدود علمي.ويؤيّده ما قرّره في تطهير اللّغة (1/ 1/ 23-25 رقم37): (أقرّ المجمع اللّغويّ " تقييم " بمعنى " تقويم " والتّقويم هو الأصحّ،يقال:قَوَّمَ – لا قَيَّمَ – الشّيءَ تقويمًا إذا حدّدَ قيمتَهُ،وفي الحديث:قالوا يا رسول اللّه لو قوّمت – لا قيّمت – لنا ؟.أي سعّرت لنا،فقال:اللّه هو المقوّم – لا المقيّم .والقيمة واحدة القيم وأصله الواو – لا الياء – لأنّه يقوم مقام الشّيء.والذي دفع المجمع الموقَّر إلى هذا هو التّفرقة بين قوّم بمعنى عَدَّل " قوّمت العود المعوّج أي عدَّلته بعد اعوجاج "،وقوّم بمعنى جعل للشّيء قيمة أي حدّد له ثمنًا " سعّره ".وهذه نيّة حسنة من مجلسنا الموقَّر نُحسن الظنّ بها بل ونحترمها ... ولكنّ العلم لا يقوم على حسن النّيات،فاللّغة تؤخذ من أهلها واضعيها وما دام لدينا قوَّم التي تفيد تقويم المعوّج والتي تفيد أيضا تحديد القيمة،وما دامت الكلمة لا تعمل مفردةً بل من خلال السياق ... فإنّها – من خلاله – تعطينا ما أراده الكاتب من معنىً يحدّده السِّياق الذي وردت فيه ... فلو قلت مثلاً:قوّمت السّيخ المعوّج وقوّمت السّلعة،فسيفهم القاريء أو السّامع أنّ الأولى من التّقويم بمعنى " التّعديل " وأنّ الثانية من التّقويم بمعنى " تحديد القيمة " .ولو قلت:قوّم النّاقد أعمال الأديب فإنّ السّامع لن يفهم إلاّ معنى " القيمة " أي أنّ النّاقد قد وقف على قيمة الأعمال المنقودة وسيكون حكمه على ضوء ما وقف عليه من قيمة ...) .
(3) لسان العرب (12/ 500 ع2) ،و الصّحاح (5/ 2016 باب الميم/قوم) .
(4) قال في تطهير اللّغة (1/ 1 / 23-25 رقم37): (وقد علّل الأستاذ/محمد خليفة التّونسي في كتابه القيّم " لغتنا السّمحة " إقرار المجمع اللّغويّ ل " تقييم " تعليلاً علميًّا حين قال:معروف في علم الصرف أنّ الواو إذا وقعت ساكنة بعد حرف مكسور قُلبت ياءً،لتُناسِب الكسرة الّتي قبلها وهذه قاعدة صرفيّة مطّردة ... " .
(5) اللّسان (12/ 500 ع2) .
(6) قال في تطهير اللّغة (1 /1/ 23-25 رقم37):" ... وما دام لدينا قوَّم التي تفيد تقويم المعوّج والّتي تفيد أيضا تحديد القيمة،وما دامت الكلمة لا تعمل مفردةً بل من خلال السّياق ... فإنّها – من خلاله – تعطينا ما أراده الكاتب من معنىً يحدّده السِّياق الذي وردت فيه ... "
(7) ويحمل الدّلالة نفسَها .
(8) شرح ديوان علقمة بن عَبَدَة الفحل (ص98)،وأساس البلاغة (ص280 ع2) .
(9) ديوانه بشرح أبي صالح يحيى بن مُدرك الطّائي (ص83 رقم28) .
(10) تاريخ بغداد (10/ 129رقم5269)،وذمّ الهوى (1/ 173)،وكشف الخفاء (1/ 457) لسليمان بن يزيد العدوي يذمُّ فيها امرأة، ولسان العرب (8/ 226) وفيه البيت الأوّل،نسبه ابن برّي لحاجب بن ذُبيان .
(11) اللّسان (6/ 85)،والعين (5/ 225)،وتاج العروس (22/ 6557)، وأساس البلاغة(ص16 ع2 ب خ ق) .
(12) الّلسان (9/ 21) .
(13) تاج العروس (18/ 5260) .
(14) الإعجاز والإيجاز (1/ 227)،والتّذكرة السّعديّة (1/ 23 الحماسة والافتخار)،وبهجة المجالس (1/ 167 باب المملوك والمالك) .
(15) كشف الظنون (1/ 468) .
(16) تاج العروس (23/ 6803) .
(17) كشف الظنون (2/ 1641) .
يتبع / وكتب : محمد تبركان

صالح العَمْري 29-08-2012 04:09 PM

أخانا الفاضل محمد تبركان، جزاك الله خيرا على هذه المقالات النافعة، وننتظر منكم الزيادة.
اقتباس:

فَقَبْلَكَ مَا كَانَتْ تَلِينَا أَئِمَّةٌ * يَهُمُّهُمْ تَقْوِيمَنا وَ هُمْ عُضْلُ
هذا البيت حفظته قديما، وقد أنكرته لما رأيته على هذه الصورة، وقد رجعت إلى التاج فوجدت الكلمتين الأوليين مضبوطتين فيه على الصواب خلافا لما أثبته أخونا الفاضل، وقد ضبطتا هكذا:
يُهِمُّهُمُ تقويمُنا
وأما الكلمة الأخيرة فوجدتها فيه مصحفة كما أوردها الأستاذ الفاضل هنا.
وصوابها: عُصْلُ
بالصاد المهملة، أما عُضْلُ فلا معنى لها هنا.
والعُصْلُ جمع أَعصَل، والعَصَل: الالتواء في الشيء، والاعوجاج. وهذا يناسب قوله: "يهمهم تقويمنا"، يقول: يريدون تقويمنا وهم معوجون.
قال الشاعر:
ضروسٌ تهرُّ الناس أنيابُها عُصْلُ
أي: معوجة.
----------
وكذلك هذا البيت:
اقتباس:

وَكَيْفَ أَرُومُ تَقْوِيمَ اللَّيَالِي * وَقَدْ بُنِيَتْ عَلَى خَتْلٍ وَ خَتَرْ ؟
الصواب فيه: وخَتْرِ.
----------
وكذلك هذا البيت:
اقتباس:

علقمة بن عَبَدَة الفحل(8): وَفِي الشِّمَالِ منَ الشَّرْيَانِ مُطْعَِمَةٌ * كَبْدَاءُ فِي عَجْسِهَا عَطْفٌ وَتَقْوِيمٌ
لا أدري كيف نُسب إلى علقمة الفحل، وهذا وهم ظاهر، بل هو لذي الرمة في قصيدة من أشهر قصائده وأحسنها، وحري بكل طالب أدب أن يحفظها ويحفظ قصيدته البائية، وأولها:
أعن ترسمت من خرقاء منزلة * ماءُ الصبابة من عينيك مسجومُ
ولعل سبب هذا الوهم أن لعلقمة قصيدة على وزن هذه ورويها، وهي قصيدة مفضلية مشهورة، أولها:
هل ما علمتَ وما استودعتَ مكتومُ * أم حبلُها إذ نأتك اليوم مصرومُ
وليس البيت الذي أشرنا إليه في قصيدة علقمة هذه، ولم تثبت به الرواية، ولا يصح أن يكون من هذه القصيدة في المعنى، لأن البيت في وصف صائد كَمَنَ لحمر الوحش على الماء، وعلقمة لم يصف في قصيدته ورود الحمر على الماء، إنما ذلك في قصيدة ذي الرمة.
وقد ذكرت أن المصدر الذي نقلت هذا منه هو:
"(8) شرح ديوان علقمة بن عَبَدَة الفحل (ص98)،وأساس البلاغة (ص280 ع2)."
وهذا وهم من الزمخشري، لا شك في ذلك ولا ريب، والبيت ثابت لذي الرمة، وأئمة اللغة كلهم ينسبونه في كتبهم إلى ذي الرمة، وهو شاهد لغوي مشهور، والشاهد في قوله: مطعمة، وإنما لبَّس على الزمخشري ما ذكرنا من قصيدة علقمة الميمية.
والدكتور عبد القدوس أبو صالح حقق ديوان ذي الرمة بشرح الإمام أبي نصر الباهلي ورواية الإمام أبي العباس ثعلب، وقد وقف على 43 مخطوطة من نسخ الديوان وشروحه وبائيته المشهورة، ولم يذكر في تخريج هذا البيت أنه رأى أحدا من الناس ينسبه إلى علقمة.
---------
والله أعلم

محمد تبركان 29-08-2012 04:49 PM

أشكر أخانا الفاضل صالح العمري على ما تفضّل به من تقويم ما في مقالتي ممّا طغى به قلم التّقصير،وسأعمل على إصلاح ما تبيّن لي خطؤه بعد المراجعة .
تقبّل أخي شكري الخالص وثنائي العاطر.


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 03:10 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ