ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية

ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية (https://www.ahlalloghah.com/index.php)
-   حلقة الأدب والأخبار (https://www.ahlalloghah.com/forumdisplay.php?f=4)
-   -   كرِّرْها بصوت مسموع سترتقي بلغتك (https://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=759)

عبد الوهاب الغامدي 12-09-2008 07:52 AM

كرِّرْها بصوت مسموع سترتقي بلغتك
 
البسملة1
الْحَمْدُ لِلَّهِ ربِّ العالَمينَ ، والصَّلاةُ والسَّلام على نبيِّنا محمدٍ وآلِهِ وصَحْبِهِ أجْمَعينَ ، وبعد :
فَإنَّ الكثيرَ مِنَّا - رعاكم اللهُ - يَشْكُوْ من ضَعْفٍ في لُغَتِهِ كِتَابَةً وتَحَدُّثاً ، ولا شَكَّ أن هذا مَعِيْبٌ بِأَبْناءِ لُغَةٍ اخْتارَها اللهُ سبحانه وتعالى لِتَكُونَ لُغَةَ كتابهِ ، ومُعْجِزَةَ نَبِيِّهِ ، وإنّ من المُسَلَّمِ بِهِ عندَ أَهْلِ الأدَبِ أنّ خَيرّ ما يُسْتَعانُ بِهِ بعدَ اللهِ سبحانه وتعالى في ذلكَ إدامَةُ النّظَرِ في خُطَبِ البُلَغاءِ ، وكَلامِ الفُصَحاءِ ، ونَظْمِ فُحُولِ الشُّعَراءِ ، فَإلَيْكُم مَعاشِرَ الجُلساءِ نُتَفاً ممّا غرَّدَتْ بِهِ بَلابِلُ الأَقْلامِ ، وأَبْدَعَتْهُ قَرائحُ الأفْهامِ ، من ذَكاءٍ فائقٍ ، أو خَيَالٍ رائقٍ ، أو حِسٍ لَطيفٍ ، أو ذَوْقٍ ظَرِيْفٍ ، وليسَ لي في ذلك إلا الاخْتيارُ ، والتَّشْكيلُ مع ضعفِ الاقْتِدارِ .


قَالَ الجَاحِظُ : (( اللهمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَوْلِ كَمَا نَعُوْذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْعَمَلِ ، وَنَعُوْذُ بِكَ مِنَ الْتَكَلُّفِ لِمَا لا نُحْسِنُ كَمَا نَعُوْذُ بِكَ مِنَ الْعُجْبِ بِمَا نُحْسِنُ ، وَنَعُوْذُ بِكَ مِنَ الْسَّلَاطَةِ ، والْهَذَرِ كَمَا نَعُوْذُ بِكَ مِنَ الْعِيِّ ، والْحَصَرِ ، وَقَدِيْمَاً مَا تَعَوَّذُوْا بِاللهِ مِنَ شَرِّهِمَا ، وَتَضَرَّعُوْا إلِى اللهِ فِيْ الْسَّلَامَةِ مِنْهُمَا ، وَقَدْ قَالَ النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ :
أَعِذْنِيْ رَبِّيْ مِنْ حَصَرٍ وَعِيٍ .... وَمِن نَفْسٍ أُعَالِجُها عِلاجَا
وَقالُوا في الصَّمْتِ كَقَوْلِهِمْ في المَنْطِقِ ، قال أُحَيْحَةُ بنُ الجُلاحِ :

وَالصَّمْتُ أَجْمَلُ بالفَتى .... ما لم يَكُنْ عِيٌّ يَشِيْنُهْ


وَالقَولُ ذُوْ خَطَلٍ إذا .... ما لم يَكُنْ لُبٌّ يُعِيْنُهْ

وَقال مَكِّيُّ بنُ سَوادَةَ :

تَسَلَّمَ بالسُّكوتِ من العُيُوبِ .... فكان السَّكْتُ أَجْلَبَ للعُيُوبِ


وَيَرْتَجِلُ الكَلامَ وليس فيهِ .... سوى الهَذَيان من حَشْدِ الخَطِيبِ

وَسَأَلَ اللهَ عزّوجَلّ موسى بنُ عِمْرانَ – عليه السّلام – حينَ بَعَثَهُ إلى فِرْعَوْنَ بإبْلاغِ رِسالتِهِ ، وَالإبانةِ عن حُجَّتِهِ ، وَالإفْصاحِ عن أدِلَّتِهِ ، فَقَال حين ذكر العُقْدَةَ التي كانت في لِسانِهِ ، وَالحُبْسَةَ التي كانت في بيانِهِ (( واحْلُلْ عُقْدَةً من لِسانِيْ يَفْقَهُوا قَوْلي )) .
وَأَنْبأَنا اللهُ – تَبَارَكَ وَتَعالَى – عَنْ تَعَلُّقِ فرعونَ بكلِّ سَبَبٍ ، واسْتِرَاحَتِهِ إلى كلِّ شَغَبٍ ، وَنَبَّهَنا بذلك على مَذْهَبِ كلِّ جاحِدٍ مُعانِدٍ ، وكلِّ مُحْتالٍ مُكايِدٍ ، حِيْنَ خَبَّرَنا بقوله (( أَمْ أََنا خَيْرٌ مِنْ هذا الّذي هُوَ مَهِيْنٌ ولا يَكَادُ يُبِيْنُ )) .
وَقَالَ موسى صلى الله عليه وسلم (( وَأَخِيْ هارونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُني )) ، وقَالَ (( وَيَضِيْقُ صَدْرِيْ وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِيْ )) رَغْبَةً منهُ في غايَةِ الإفْصَاحِ بالحُجَّةِ ، والمُبَالَغَةِ في وُضُوْحِ الدِّلالَةِ ، لِتَكونَ الأعْناقُ إليه أَمْيَلَ ، والعُقُولُ عنهُ أَفْهَمَ ، والنُّفُوسُ إليه أَسْرَعَ ، وإن كان قد يأتي من وراءِ الحاجة ، ويَبْلغ أَفْهامَهُمْ على بعضِ المَشَقَّةِ .
ولِلَّهِ عزوجل أن يَمْتَحِنَ عبادَهُ بما شاءَ من التخفيفِ والتثقيلِ ، ويَبْلوَ أخبارَهم كيف أحبَّ من المحبوبِ والمكروهِ ، ولكلِّ زمانٍ ضَرْبٌ من المصلَحَةِ ، ونوعٌ من المِحْنَةِ ، وشَكْلٌ من العبادَةِ .
ومِنَ الدَّليلِ على أن اللهَ تعالى حلَّ تلك العُقْدَةَ ، وأطْلَقَ ذلك التعقيدَ والحُبْسَةَ ، قوله (( ربِّ اشْرَحْ لي صَدْري () ويَسِّرْ لي أمري () واحلُلْ عُقْدَةً من لساني يَفْقَهوا قَوْلي () واجْعَل لي وزيراً من أهلي هارون أخي () اشْدُدْ به أزْري () وأَشْرِكْهُ في أَمْرِيْ )) إلى قوله (( قدْ أُوْتيتَ سؤْلَكَ يا موسى )) فلم تقعِ الاستِجابةُ على شيءٍ من دُعائهِ دونَ شيءٍ ، لعُمُومِ الخَبَرِ .

(البيان والتبيين 1 / 3-8)

أبو سهل 12-09-2008 02:20 PM

أحسنتَ العَرضَ ، كما أحسنْتَ الاخْتيار ، أخي { عبد الوهاب }.

وكان أبو القاسم الإسْكافي يقول ، كما في كتاب " بَرْدِ الأَكباد " للثَّعالبي : ( استظهاري على البلاغةِ بِثلاثةٍ : القرآن ، وكلامِ الجاحظ ، وشِعْرِ البُحْتُري ) .

محمد محمود أمين 12-09-2008 05:53 PM

شكر الله لك

عبد الوهاب الغامدي 13-09-2008 06:14 PM

أخوَيَّ الفاضلينِ أبا سهلٍ ومحمدَ أمينٍ سُعِدتُ بمروركما ، بارك الله بكما


وقال أبوعُثْمانَ : (( وذَكَرَ اللهُ تباركَ وتعالى جميلَ بلائهِ في تعليمِ البيانِ ، وعظيمَ نعمتِهِ في تقويمِ اللسانِ ، فقال : (( الرحمنُ () علّمَ القرآنَ () خلقَ الإنسانَ () علّمَهُ البيانَ )) ، وقال تعالى : (( هذا بيانٌ للناسِ )) ، ومدحَ القرآنَ بالبيانِ والإفصاحِ ، وبحسنِ التفصيلِ والإيضاحِ ، وبجودةِ الإفْهامِ وحِكْمَةِ الإبْلاغِ ، وسمّاهُ فُرْقاناً كما سمّاهُ قرْآناً . وقال : (( عربيٌّ مُبينٌ )) ، وقال : (( وكذلك أنزلناهُ قرآناً عربيّا )) ، وقال : (( ونزّلنا عليك الكتابَ تِبْياناً لكلّ شيءٍ )) ، وقال : (( وكلَّ شيءٍ فصّلناهُ تفصيلاً )) .
وذَكَرَ اللهُ عزّوجلّ لنبيهِ عليهِ السلامُ حالَ قريشٍ في بلاغةِ المَنْطِقِ ، ورَجَاحَةِ الأحْلامِ ، وصِحَّةِ العُقُولِ ، وذَكَرَ العربَ وما فيها من الدَّهاءِ ، والنَّكْراءِ والمَكْرِ ، ومن بَلاغةِ الألسِنَةِ ، واللَّدَدِ عند الخصومةِ ، فقالَ تعالى : (( فَإذا ذَهَبَ الخَوْفُ سَلَقُوْكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ )) ، وقال : (( وتُنْذِرَ بِهِ قوماً لُدّا )) ، وقال : (( ويُشْهِدُ اللهَ على ما في قلْبِهِ وهُو أَلَدُّ الخِصامِ )) ، وقال : (( ءَآلِهَتُنا خيرٌ أمْ هُو ما ضَرَبوهُ لكَ إلّا جَدَلَاً بلْ هُمْ قَومٌ خَصِمُونَ )) .
ثُمّ ذَكَرَ خَلابَةَ أَلْسِنَتِهِم ، واسْتِمَالَتَهُم الأسْماعَ بِحُسْنِ مَنْطِقِهِم ، فقال : (( وإن يَقولوا تسْمَعْ لِقَولِهِم )) ، ثمّ قال : (( ومِنَ النّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ في الحياةِ الدّنْيا )) مع قوله : (( وإذا تَوَلّى سَعَى في الأرضِ لِيُفْسِدَ فيها ويُهْلِكَ الحَرْثَ والنَّسْلَ )) ..
وقالَ اللهُ تَباركَ وتَعالى : (( وما أرْسَلْنا مِن رّسُولٍ إلا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لهُم )) ، لأنّ مَدارَ الأمرِ على البَيانِ والتَّبَيُّنِ ، وعلى الإفهامِ والتَّفَهُّمِ . وكلّما كان اللِّسانُ أبْيَنَ كان أَحْمَدَ ، كمَا أنّهُ كلّما كان القَلْبُ أَشَدَّ اسْتِبانَةً كان أَحَمَدَ .
والمُفْهِمُ لكَ والمُتَفَهِّمُ عنْكَ شَريكانِ في الفَضْلِ ، إلا أنّ المُفْهِمَ أفْضَلُ من المُتَفَهِّمِ ، وكذلكَ المُعَلِّمُ والمُتَعَلِّمُ . هَكَذا ظاهرُ هذهِ القَضِيَّةِ ، وجُمْهُورُ هذهِ الحُكُوْمُةِ ، إلّا في الخاصِّ الذي لا يُذْكَرُ ، والقليلِ الذي لا يُشْهَرُ .
وضَرَبَ اللهُ عزّوَجَلّ مَثَلاً لِعِيِّ اللِّسانِ وَرَداءَةِ البَيانِ حِيْنَ شَبَّهَ أَهْلَهُ بالنِّساءِ والوِلْدانِ : فقال تعالى : (( أَوَمَن يُنَشَّأُ في الحِلْيَةِ وَهُوَ في الخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ )) ...))

البيانُ والتَّبْيِيْنُ (1/8-12)

طالب طب 13-09-2008 07:48 PM

بارك الله فيك

أبو ولاء 17-09-2008 05:03 AM

ما شاء الله، تبارك الله ؛ دررٌ عسجديةٌ منتقاة .
أحسن الله إليك ؛ على هذا الجهد الموفق.

عبد الوهاب الغامدي 17-09-2008 06:03 AM

بارك الله بكما أخويَّ الكريمين طالبَ طبٍ و أبا ولاء

مرورُكما شرفٌ لي

وأعتذر عن التأخر لبعض الظروف

عبد الوهاب الغامدي 19-09-2008 11:54 PM

وقال أبو عثمان : (( ولمّا علِمَ واصلُ بنُ عطاءٍ أنّه أَلْثَغُ فاحِشُ اللَّثَغِ ، وأنّ مَخْرَجَ ذلك منه شنيعٌ ، وأنه إذْ كان داعيةَ مَقالةٍ ، ورئيسَ نِحْلةٍ ، وأنه يريدُ الاحتِجاجَ على أربابِ النِّحَلِ وزعماءِ المِلَلِ ، وأنه لابد من مُقارَعَةِ الأبْطالِ ، ومن الخُطبِ الطِّوالِ ، وأنّ البيانَ يحْتاجُ إلى تَمْيِيْزٍ وسياسةٍ ، وإلى تَرتيبٍ ورياضَةٍ ، وإلى تَمامِ الآلةِ وإحْكامِ الصَّنْعَةِ ، وإلى سُهولةِ المَخْرَجِ وجَهارةِ المنطقِ ، وتَكْميلِ الحُرُوفِ وإقامةِ الوزنِ ، وأنّ حاجةَ المَنطِقِ إلى الحلاوةِ ، كحَاجَتِهِ إلى الجَزالَةِ والفَخامةِ ، وأنّ ذلك من أكثرِ ما تُستَمالُ به القلوبُ ، وتُثْنَى به الأعْناقُ ، وتُزَيَّنُ به المَعاني ، وعَلِمَ واصلٌ أنه ليس معه ما يَنوبُ عن البيانِ التّامِّ ، واللِّسانِ المُتَمَكِّنِ ، والقوّةِ المُتَصَرِّفَةِ ، كنحْوِ ما أعطى الله تباركَ وتعالى نَبِيَّه موسى عليه السلامُ مِنَ التَّوفيقِ والتّسْديدِ ، معَ لِباسِ التّقْوى ، وطابَعِ النُّبُوّةِ ، ومع المِحْنَةِ والاتّساعِ في المَعْرِفَةِ مَعَ هَدْيِ النَّبِيِيْنَ ، وسَمْتِ المُرْسَلينَ ، وما يُغَشِّيْهِم اللهُ من القَبولِ والمَهابَةِ ، ولِذلك قال بعضُ شعراءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم :
لَوْ لَم تَكُنْ فيهِ آياتٌ مُبَيِّنَةٌ ... كانت بَداهَتُهُ تُنْبِيْكَ بالخبرِ
ومعَ ما أعطى اللهُ تباركَ وتعالى موسى – عليه السلام – من الحُجَّةِ البالِغَةِ ، ومن العلاماتِ الظّاهِرَةِ ، والبُرْهاناتِ الواضِحَةِ ، إلى أنّ حَلَّ اللهُ تلك العُقْدَةَ ، وأطلَقَ تلك الحُبْسَةَ ، وأسْقَطَ تلك المِحْنَةَ ، ومن أجلِ الحاجَةِ إلى حُسْنِ البيانِ ، وإعطاءِ الحروفِ حقوقَها من الفصاحةِ رام أبو حذيفةَ إسقاطَ الرّاءِ من كلامِهِ ، وإخراجَها من حروفِ مَنْطِقِهِ ، فلم يَزلْ يُكابِدُ ذلك ويُغالِبُهُ ، ويُناضِلُه ويُساجِلُه ، ويَتَأَتَّى لِسَتْرِهِ ، والرّاحةِ من هُجْنَتِهِ ، حتى انتظَمَ له ما حاولَ ، واتَّسَقَ لَه ما أمَّلَ ))

البيانُ والتَّبْيِيْنُ (1/14- 15)

معاذ إحسان العتيبي 30-09-2008 01:58 PM

بارك الله فيك أخي عبد الوهاب . والأخوة جميعا .

وللعلم : أن واصل بن عطاء كان من الفصحاء وكان من رؤوس المعتزلة _ كما هي معروفة _ وتعلمون أن ألف 4 كتب تقريبا من انكاره للقران وتحريفه الباطل الكفر .

حفظ الله الأمة من كل شر وسوء .

عبد الوهاب الغامدي 14-10-2008 09:20 PM

وفقكم الله ، مروركم أسعدني
وقال أبو عثمان : (( قال بعضُ جَهابِذَةِ الألفاظِ ونُقَّادِ المعاني : المعاني القائمةُ في صدورِ الناسِ المُتَصَوَّرَةُ في أذهانِهم ، والمُتَخَلِّجَةُ في نفوسِهم ، والمتًَّصِلَةُ بخواطِرِهم ، والحادِثَةُ عن فِكَرِهم ، مستورةٌ خفيَّةٌ ، وبعيدةٌ وَحْشِيَّةٌ ، ومحْجوبَةٌ مَكْنونَةٌ ، ومَوجودةٌ في مَعْنى مَعْدومَةٍ ، لا يعرفُ الإنسانُ ضميرَ صاحبِهِ ، ولا حاجةَ أخيهِ وخَلِيْطِهِ ، ولا معنى شريكِهِ والمُعاوِنِ له على أمورِهِ ، وعلى ما لا يَبْلُغُهُ من حاجاتِ نفسِهِ إلا بغيرِهِ .
وإنما يُحْيِي تلك المَعانيَ ذِكْرُهم لها ، وإخْبارُهم عنها ، واستعمالُهم إيّاها . وهذه الخِصالُ هي التي تُقَرِّبُها من الفَهْمِ ، وتُجَلِّيْها للعقلِ ، وتجعلُ الخَفِيَّ منها ظاهِراً ، والغائبَ شاهِداً ، والبعيدَ قريباً . وهي التي تُلَخِّصُ المُلْتَبِسَ ، وتَحُلُّ المُنْعَقِدَ ، وتَجعَلُ المُهْمَلَ مُقَيَّداً ، والمُقَيَّدَ مُطْلَقاً ، والمَجْهولَ معروفاً ، والوَحْشِيَّ مأْلوفاً ، والغُفْلَ موسوماً ، والمَوسومَ مَعْلوماً ، وعلى قدرِ وُضُوحِ الدَّلالةِ ، وصَوابِ الإشارَةِ ، وحُسْنِ الاختِصارِ ، ودِقَّةِ المَدْخَلِ ، يكونُ إظْهارُ المَعنى . وكلّما كانت الدَّلالةُ أوْضَحَ وأفْصَحَ ، وكانت الإشارةُ أبْيَنَ وأنْوَرَ ، كان أنْفَعَ وأنْجَعَ ، والدَّلالةُ الظّاهرةُ على المعنى الخَفِيِّ هو البيانُ الذي سمعتَ الله عزوجل يمدحُهُ ، ويَدْعوْ إليه ويحثُّ عليه . بذلك نَطَقَ القرآنُ ، وبذلك تَفاخَرَتِ العربُ ، وتَفاضَلتْ أصْنافُ العَجَمِ )) .

البيان والتبيين (1/75)

عبد الوهاب الغامدي 26-07-2009 08:21 PM

وَقالَ أبو عثمانَ : " والبيانُ اسمٌ جامعٌ لكلِّ شيءٍ كَشَفَ لكَ قِناعَ المعنى ، وهتكَ الحجابَ دونَ الضميرِ ، حتى يُفضيَ السامعُ إلى حقيقتِه ، ويهجمَ على محصولِه كائناً ما كانَ ذلكَ البيانُ ، ومِنْ أيِّ جنسٍ كانَ الدليلُ ، لأنَّ مدارَ الأمرِ والغايةَ التي إليها يجري القائلُ والسامعُ ، إنّما هو الفَهْمُ والإفهامِ ، فبأيِّ شيءٍ بَلَغْتَ الإفهامَ ، وأوضحتَ عن المعنى ، فذلكَ هو البيانُ في ذلكَ الموضعِ .
ثمّ اعلمْ – حفظكَ اللهُ – أنّ حكمَ المعاني خلافُ حكمِ الألفاظِ ، لأنّ المعانيَ مبسوطةٌ إلى غيرِ غايةٍ ، وممتدةٌ إلى غيرِ نهايةٍ ، وأسماءَ المعاني مقصورةٌ معدودةٌ ، ومحَصَّلةٌ محدودةٌ .
وجميعُ أصنافِ الدِّلالاتِ على المعاني من لفظٍ وغيرِ لفظٍ ، خمسةُ أشياءَ لا تنقصُ ولا تزيدُ : أولُها اللفظُ ، ثمّ الإشارةُ ، ثمّ العقدُ ، ثمّ الخطُّ ، ثمّ الحالُ التي تُسمَّى نِصْبَةً ، والنِّصْبَةُ : هي الحالُ الدّالةُ التي تقومُ مَقامَ تلكَ الأصنافِ ، ولا تُقَصِّرُ عن تلكَ الدِّلالاتِ ، ولكلِّ واحدٍ من هذه الخمسةِ صورةٌ بائنةٌ من صورةِ صاحبتِها ، وحِلْيَةٌ مخالفةٌ لحليةِ أختِها ، وهيَ التي تكشِفُ لكَ عن أعيانِ المعاني في الجملةِ ، ثمّ عن حقائقِها في التفسيرِ ، وعن أجناسِها وأقدارِها ، وعن خاصِّها وعامِّها ، وعن طبقاتِها في السَّارِّ والضَّارِّ ، وعمّا يكونُ منها لغواً بَهْرَجاً ، وساقطاً مُطَّرَحاً "

البيانُ والتبيينُ : 1 / 76

شجرة الدر 08-10-2010 10:37 AM

جزاك الله كل خير

عماد الدين زيدان 09-10-2010 05:47 PM

جزاك الله خيرا

ابو داود السجستانى 10-10-2010 05:13 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما السبيل الى تعلم اللغة العربية
لكى اخشى اللحن
وجزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

محمد الساير 27-10-2014 04:04 PM

جزاكَ اللهُ خيراً أخي , هل أجدُ لديكَ كتاب البيانِ والتبين مشكول النصِ؟.


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 04:29 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ