ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية

ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية (https://www.ahlalloghah.com/index.php)
-   حلقة النحو والتصريف وأصولهما (https://www.ahlalloghah.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   دلالة الإعراب على المعاني : أمثلة تطبيقية (https://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=2131)

أنس آغا 15-01-2010 11:28 PM

دلالة الإعراب على المعاني : أمثلة تطبيقية
 
كثرت في الفترات الأخيرة الدعوة إلى العامية , بحجج واهية لا تقوم لها قائمة . وكان وراء هذه الدعوات أيد غربية معادية بعد أن جندت جنوداً لها من أبناء جلدتنا , غذتهم بلبانها , فعادوا إلينا مزهوين بما حشي في دماغهم مدعين أنهم سيجددون العربية ويعيدون لها مجدها , فهب أصحاب الغيرة من علمائنا – حفظهم الله جميعاً – للذود عن هذه اللغة الشريفة التي هي لغة كتاب الله – سبحانه – فردوا كثيراً من هذه الشبهات , ولا يزالون . وكان من هؤلاء الدكتور محمد حسن جبل , إذ بين في كتابه النافع " دفاع عن القرآن الكريم : أصالة الإعراب ودلالته على المعاني في القرآن الكريم واللغة العربية " أن الإعراب أصل أصيل في لغتنا , وليس دخيلاً كما يذكر المستشرقون وخدامهم , وأن القرآن الكريم نزل معرباً , وليس الإعراب دخيلاً عليه , وقد عرض لتيك الشبهات شبهة شبهة , ثم جعلها تتهاوى واحدة تلو الأخرى , ثم أتى بشواهد تطبيقية لأصالة الإعراب في القرآن الكريم , وفي الباب الرابع أتى بأمثلة عملية لدلالة الإعراب على المعاني واختلافها باختلاف الحركة الإعرابية . وهأنذا أثبت هذه الأمثلة برمتها متصرفاً بها بعض لشيء لغرض البيان والتوضيح . وهي :
1- في أسلوب المفعول معه : "ما زال خالد وزيداً حتى كتب الرسالة".ضبط " زيداً " بالنصب يعني أن خالداً استمر في دفع زيد إلى الكتابة حتى كتب , وضبطه بالرفع يوهم أن الاستمرار منهما معاً.
2- أسلوب ظروف الزمان والمكان , نحو :" سحر , وبكرة , وغدوة ". فمثل هذه تُضبَط بالنصب من غير تنوين إذا أُريد بها سحرُ يومك الذي أنت فيه ... وبالتنوين إذا أريد سحرُ يومٍ غيرِ معين .
3- في أسلوب الحال مثل :" تكلم مرشداً" . إذا ضبطتَ "مرشداً" بالنصب كانت حالاً , وإنْ ضُبطَتْ بالرفع صار المعنى : أن شخصاً اسمه مرشد قد تكلم .
ومثله :" زيد كاتباً أفضل منه شاعراً ". فالكلام على زيد في حالتين من حالاته . فإذا تغير الإعراب , فصار : زيد كاتبٌ أفضل منه شاعر , كان الكلام على شخصين : زيد الكاتب , والشاعر الذي هو أفضل منه .
4- أسلوب التمييز في مثل :" فاطمةُ أكرم أماً , وأشرف زوجاً ". المدح موجَّه إلى زوج فاطمة وأمِّها . فإذا جررْتَ , بأن قلت : أكرم أمٍّ وأشرفُ زوجٍ , صار المدح منصبّاً على فاطمةَ نفسِها باعتدادها الأشرفَ والأكرم . وكذلك قولك : "كم كتاباً عندك "؟ إذا نصبت " كتاباً " كان الكلام استفهاماً , وإن جررْتَ , بأن قلت : كم كتابٍ عندك! صار الكلام إخباراً بكثرة ما عندك من الكتب . وكذلك قولك : عندي حُبٌّ عسلاً . فالنصب يعني أن عندك من العسل ما يملأ الحُبَّ الذي هو وعاء العسل . فإذا أضفتَ , بأن قلت : عندي حبُّ عسلٍ . صار المعنى أن عندك وعاءَه , وليس هناك ما يقطع بوجود عسل أو عدمه .
5- أسلوب الاستثناء في نحو :" ينجح المستذكرون غيرََََََُ َالمُرهَقين" . رفع غير يعني أن المستذكرين الذين ليسوا مرهقين ينجحون , ونصبها يجعل المعنى أن المستذكرين سينجحون إلا المرهقين منهم . ففي رفع " غير " لم يقطع على المرهقين بشيء , وفي نصبها حُكْمٌ جازم بأن المرهقين لا ينجحون .
6- في قولك :" منحاً زيدا ً , وقولاً الحق ". إذا استُعمل من غير إعراب التبس بالأسلوب الخبري , وظُنَّ احتياجُه إلى خبر أو مبتدأ .
7- في المفعول لأجله , نحو :" جد شكراً , وضربتُه تأديبَه , لا أقعد الجبن ..." استعمالها دون إعراب يُبهم المعنى , فلا يُفهم إلا بتعديل , كأن يقال : جد لتشكر , أو من أجل الشكر .
8- أسلوب التعجب في مثل :" ما أحسن الشباب , يا رجال ". ضبط الشباب بالرفع يجعل الكلام نفياً لإحسان الشباب , أو استفهاماً عن الشيء الذي أحسنه الشباب . ورفع أحسن وجر الشباب يجعل المعنى استفهاماً عن الشيء الحسن في الشباب : أهو القوة أم العلم ... ؟ وفتح الاثنين معاً يجعل الكلام تعجباً من حسن الشباب .
9- أسلوب النداء في نحو :" يا رجل , تحمَّلْ مسؤوليتك" . بضم رجل يكون الكلام موجها ً للمخاطَب خاصة. فإذا قيل بالنصب كان عاماً موجهاً إلى كل من يصدق عليه أنَّه رجل . وكذا قولك : يا عمر , أين أنت ؟ ترْكُ الإعراب يحتمل النداء والندبة " يا عمرا " فيلتبس المراد.
10- أسلوب التحذير والإغراء في نحو :" الأسدَ والنمرَ" . النصب يعني التحذير , والرفع يعني الإخبار مع تقدير كلام . وكذلك: "الجد الجد" النصب يعني لإغراء , والرفع يتيح الإخبار كقوله : *أنا أبو النجم, وشعري شعري* .
11- أسلوب الاختصاص في نحو : " نحن – المصريين – مرابطون للذود عن الإسلام ". النصب يعني اختصاص المصريين بالمرابطة , والرفع يُضِيعُ معنى الاختصاص .
12- في قولك : " زيد متطبب ماهر " رفع " متطبب " يعني وصفَه بالمهارة من حيث هو طبيب , دون نفي مهارته في مجالات أخرى . وضبطه بالنصب يعني أن انصباب المهارة عليه مقيد بهذه الصفة , وكأنه في غيرها ليس كذلك .
13- " بكم ثوبُك مصبوغ "؟ في رفع " مصبوغ " ينصَبُّ على صبغ الثوب , وفي حالة نصبه يصير التساؤل عن ثمن الثوب نفسه وهو مصبوغ .
14- " الجو حار " . تجريد العبارة من الإعراب لا يعطي إلا الإخبار عن الجو بأنه حار . وعند نصب الكلمتين تعطي الجملة معنى التحذير من الجو في حال حرارته . بينما ضبط الأولى بالرفع والثانية بالنصب يجعل الأسلوب صالحاً لأن يكون جواباً على تساؤل عما تسبب في خير كنضج فاكهة , أو شر كتلف مال أو نفس . فيُنْسَب ذلك إلى الجو في حال حرارته .
15- " أناقص المال "؟ ضبط "المال " بالنّصب موجه إلى المخاطب هل سيَنْقُص هو المال ؟ وفي حال الرفع يكون التساؤل عن نقص المال : أهو واقع أم لا ؟ لأن الفعل هنا يستعمل لازماً وتعدياً .
16- " أنت مضيع ود أخيك " تنوين " مضيع " ونصب " ود" يعني أن ذلك سيحدث مستقبلاً . وجر " ود " بالإضافة, مع عدم تنوين "مضيع" , يعني أن ذلك قد وقع من قبل .
17- " ارم خالد " . بناء خالد على الضم يجعله منادى مأموراً بالرمي . وضبطه بالنصب يجعله مفعولاً به.فيكون رامياً في الجملة الأولى مرمياً في الثانية .
18- "هذا الضارب الظالم" . نصب الظالم يفيد أن الضرب واقع عليه , وأن المشار إليه هو الذي ضرب الظالم . ورفع الظالم يعني : أنك تخبر عن المشار إليه بأنه ضارب ظالم .
19- أسلوب واو المعية , في نحو : "لا تظلم الناس وتنصحهم بأن يصبروا ". بنصب المضارع " تنصح " ينصَبُّ النهي على الجمع بين إيقاع الظلم والنصح بالصبر . وبجزمه تنهى العبارة عن الأمرين ولو غير مجموعين . وبرفع تنصح النهي عن الظلم وحده و النصح بالصبر مُتَاح .
20- أسلوب فاء السببية , في نحو : " وددت لو تزورني فأكرمك". نصب أكرم يعني أن الإكرام مُسَبَّب عن الزيارة مُعَلَّق عليها , ورفعه يعني أنه يكرمه دائماً دون تعليق على الزيارة , لكنه بوده أن يزوره.
21- أسلوب " أو " الغائية , في نحو : " سأشكو أو أحصل على حقي ". ضبط الفعل أحصل بالنصب يعني استمراره بالشكوى إلا أن أو إلى أن يحصل على حقه. فهناك إصرار على الحصول على الحق, وعلى الاستمرار في الشكوى حتى يحصل عليه . في حين أن ضبط الفعل بالرفع يجعل المعنى وقوع أحد الاحتمالين دون ربط وترتيب .
22- أسلوب " حتى " , في مثل : " جاهدت في صباي حتى أستريح في شيخوختي" رفع أستريح يكون عندما يقال هذا القول في سن الشيخوخة , فقائله يحكي عن حال حاضرة , وأنه مستريح الآن بسبب جهاده الماضي . والنصب يدل على أن الاستراحة غاية لطلب الوصول إليها مستقبلاً .
23- أسلوب الشرط , في مثل : " إن يتقدم خالد يعاون زيد أخاه". ضبط " يعاون " بالجزم يثبت تعلق المعاونة على التقدم , وضبطه بالرفع يقطع التعليق ويحوج إلى تخريج .
24- جاء في كتاب سيبويه : " تقول : زيد لقيت أباه وعمراً . إن أردت أنك لقيت عمراً وأبا زيد . فإن زعمت أنك لقيت أبا عمرٍو وأبا زيد , ولم تلق عمراً وزيداً , رفعت عمراً , فقلت : زيد لقيت أباه وعمرٌو "اهـ
25- وفي مثل عبارة " سيروا لا يلتفت منكم أحد " إذا رفعنا "يلتفت" كانت "لا" نافية والجملة حالية , أي سيروا غير ملتفتين , وإذا جزم تكون "لا" ناهية , والمعنى : طلب السير وطلب عدم الالتفات دون ربط بينهما .
26- " فلان متهم بقتل السائق وابنه". رفع " ابنه" يعني أن الابن متهم أيضاً , وجر لفظ "ابنه" يعني أن الابن مقتول أيضاً .
27- " كانت الشمس طالعة والمطر منهمراً " . بنصب " منهمر " تكون الجملة إخباراً عن الأمرين : طلوع الشمس وانهمار المطر , دون ربط بينهما فيحصل التزامن وعدمه . وبرفعها تكون تعبيراً عن التزامن ؛ أي : أن الشمس طلعت في حالة انهمار المطر .

لا تنسونا من صالح دعائكم .

عبد الله التميمي 07-02-2010 11:45 PM

جزاك الله خيراً على الموضوع الرائع
وهذه أول مشاركة لك في الملتقى وقد أحسنت فيها و أجدت
و أقول فعلاً لغتنا الآن تمر بأعسر فترة لها منذ الأزل
ولكن لا ننسى أن هذه اللغة أكبر من أن تقهر وهي بخير إن شاء الله ما بقي عالم يذود عنها
و قد نبه أستاذنا الدكتور عبد الرحمن الجبوري على هذه المسألة حين قال عن الشعر الحر (( وهذا النمط لا يعد شعراً ولا يمت للشعر بصلة . وكل ما فيه أنه تقليد للأدب الغربي و نزع للهوية العربية إلخ كلامه ....))

وبقي شيء أخير أحببت أن أبه عليه وهو قولكم
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل أنس آغا (المشاركة 10485)
1- في أسلوب المفعول معه : "ما زال خالد وزيداً حتى كتب الرسالة".ضبط " زيداً " بالنصب يعني أن خالداً استمر في دفع زيد إلى الكتابة حتى كتب , وضبطه بالرفع يوهم أن الاستمرار منهما معاً.
.

أعتقد أن الثاني _ وهو الإستمرار منهما معاً - يجب أن يأتي بصيغة المثنى فنقول (( ما زلا خالدٌ و زيدٌ حتى كتبا الرسالة ))

وشكراً لك

أنس آغا 14-02-2010 11:36 PM

أخي الكريم , الذي كتب الرسالة هو " زيد " , أما " خالد " فقد كان يدفعه للكتابة , فإذا جعلناه " ما زالا " فسد المعنى فما عاد يعرَف دافع من مدفوع إلى الكتابة . فالمراد إذاً أن خالداً ما زال معه حتى كتب الرسالة ؛ غير أن شيخنا الفاضل فخر الدين قباوة - حفظه الله - ذكر أن استخدام مثل هذا الأسلوب من الندرة بمكان . والله أعلم


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 12:41 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ