ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية

ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية (https://www.ahlalloghah.com/index.php)
-   مُضطجَع أهل اللغة (https://www.ahlalloghah.com/forumdisplay.php?f=2)
-   -   ماليزيا واللغة العربية ( مقال ) (https://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=1800)

رائد 14-08-2009 09:22 PM

ماليزيا واللغة العربية ( مقال )
 
07/08/2009
ماليزيا واللغة العربية

محمد الباهلي


قبل سنوات، تحدث مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق في المنتدى الاقتصادي الدولي الذي عقد في الرياض، عن تجربة ماليزيا الاقتصادية والصناعية التي حققت لها نهضة متميزة في العالم. ومما أشار إليه مشروع اعتماد اللغة الإنجليزية في تعليم مبادئ العلوم والرياضات بدل اللغة الماليزية، ووصف هذا المشروع بأنه التنازل الأهم في مسيرة الصناعة الاقتصادية الماليزية، وبعد ست سنوات من التجربة قررت ماليزيا إيقاف مشروع تدريس الرياضات والعلوم باللغة الإنجليزية والعودة إلى التدريس باللغة الماليزية (المالوية). وحسب ما جاء في القرار، فالسبب هو أن الدراسات التي أُجريت على أكثر من عشرة آلاف مدرسة، أثبتت فشل التجربة وأن التدريس بـ"الإنجليزية" أدى إلى تدهور مستوى الطلبة على المدى البعيد، تدهور في مستوى أدائهم في الرياضيات، حيث تراجعت رتبة ماليزيا في التقييم العالمي لمستوى الطلبة في العلوم.

هذه النتيجة التي توصلت إليها ماليزيا هي تأكيد لما توصلت إليه دراسات وتجارب دولية في موضوع اعتماد اللغة الأجنبية في التعليم وبالأخص في تعليم المواد العلمية وتفضيلها على اللغة الوطنية (الأم). وقد ثبت منذ ستينيات القرن الماضي أن التدريس باللغة الأجنبية، لاسيما في المرحلة الابتدائية، ذو نتائج سلبية على نمو الطلاب اللغوي والعاطفي وولائهم للغتهم وثقافتهم. وهذا ما تؤكده الكثير من الدراسات الأجنبية والعربية التي تلح على أن اللغة الأم هي الأساس في التعليم. وفي دراسة عيد الشمري حول "دور تعريب التعليم العالي في تنمية القوى البشرية"، تبين أن تدريس العلوم باللغة الإنجليزية كان سبباً رئيسياً في تسرب الطلاب من الكليات العلمية التي تدرس باللغة الإنجليزية في جامعة الملك سعود.

وفي دراسة زهير أحمد السباعي على مجموعة من طلاب الطب، تبين أن سرعة القراءة باللغة العربية تزيد 43 بالمائة على سرعة القراءة باللغة الإنجليزية، وأن استيعاب النص باللغة العربية أفضل من استيعاب النص نفسه باللغة الإنجليزية بزيادة 10 بالمائة. وفي دراسة ثالثة أُجريت في كلية الطب بجامعة الملك فيصل تبين أن 80 بالمائة من الطلاب يوفرون ثلث الزمن أو أكثر عند القراءة باللغة العربية مقارنة باللغة الإنجليزية و72 بالمائة منهم يوفرون ثلث الزمن أو أكثر عند الكتابة باللغة العربية، وأن 75 بالمائة من الطلاب يرون أن مقدرتهم على الإجابة الشفوية والنقاش أفضل باللغة العربية.

ومن جانبها، أشارت الأمم المتحدة في العديد من تقاريرها إلى أن الدول التي تقف في الصدارة العالمية كلها تدرس بلغاتها القومية. وهناك 19 دولة تتصدر العالم تقنياً يسير فيها التعليم والبحث العلمي بلغاتها القومية. وفي دراسة حديثة لأفضل 500 جامعة عالمياً، توجد في 35 دولة تبين أنها جميعاً تدرس بلغاتها الوطنية.

هذه التجارب والدراسات تزيل الوهم والظن في الادعاء بأن التقدم لا يحدث إلا عن طريق التعليم بلغة أجنبية، وأن التنمية والتقدم لا يحدثان إلا إذا اعتمدنا "لغة الأمم المتقدمة" في التعليم.

نحن لسنا ضد تعليم اللغة الأجنبية، فهي مطلب حضاري، لكننا نسوق هذه التوضيحات حول التعليم باللغات الأجنبية وتفضيلها على اللغة القومية؛ لأنه لا توجد اليوم أمة أخرى تعلم العلوم بلغة غير لغتها الوطنية إلا الأمة العربية، بما في ذلك "دول -أمم" صغيرة الحجم مثل فنلندا وكمبوديا وفيتنام... تعلم جميع العلوم بلغتها القومية.

أما اللغة العربية، فهي لغة القرآن الكريم، وإحدى اللغات المعتمدة في هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها منذ عام 1973، وهي من أثرى لغات العالم باعتراف الباحثين اللغويين الذين أثبتوا أنها من أوسع اللغات وأدقها في قواعد النحو والصرف، وأوسع اللغات ثروة في أصول الكلمات والمفردات، وأكثر اللغات قبولاً للاشتقاق، حيث يمكن توليد الألفاظ بعضها من بعض، ومن أكثر اللغات قدرة على احتواء وتجديد التصاريف والمصطلحات المتنوعة في العلوم. وهناك إجماع حقيقي حول قدرتها على استيعاب العلوم، كما غالبية اللغات العالمية مشتقة منها، وهي أصفى اللغات السامية، وأي بحث في فقه اللغات السامية لا بد أن ينطلق منها .


صحيفة الاتحاد الإماراتية .


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 07:56 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ