ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية

ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية (https://www.ahlalloghah.com/index.php)
-   حلقة الأدب والأخبار (https://www.ahlalloghah.com/forumdisplay.php?f=4)
-   -   حلّ حماسة أبي تمّام [ دورة عمليّة في الإنشاء ] (https://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=3102)

أبو العباس 09-10-2010 06:03 AM

حلّ حماسة أبي تمّام [ دورة عمليّة في الإنشاء ]
 
،



الحمـد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أمّا بعد :

فهذا حديث ابتدأناه لننثر به شعر حماسة أبي تمام – رحمه الله- تمرُّنًا ، وتعلمًا ، عسى أن يؤول ذلك إلى بلوغ غاية البيان ، والإفصاح .
وإنما اخترنا الحماسة لفصاحتها ، وقِدَم أشعارها - حتّى احتجّ أهل العربية بها - وتنوّع أغراضها ، وجريًا على سَنَن أهل الأدب ممن سلف ، غير أنّ هذا لا يعني قَصْر سبيل البيان عليها ، ووقْفَه على حلّ أبياتها ، فإنما هي وسيلة رأينا نفعها ، لا نروم من وراء ذلك غير تقويم أقلامنا ، وتصحيح بعضنا لبعض فيما نخطئ فيه ، ولو ثَقُلتْ علينا ، أو سمجت في نفوسنا لطرحناها طرح النواة ، وأخذنا بغيرها ؛ إذ القصد الدربة على الإنشاء لا غير .


ولعلّ مما يُقَوِّم هذا الحديث ، ويرسي دعائمه ، هذا السبيل :

1- توضع القطعة من الشعر مع شرحها للتبريزي ، أو غيره .
2- يُدرج الإخوة نثرهم للقطعة ( بعد أن يتفهموا معناها ، على الطريقة التي سننقلها عن ابن الأثير والرافعي )
3-يصحح بعضهم لبعض ما يرونه من خطأ ، أو تحريف معنىً ، أو كلمةٍ غيرها أولى منها ، أو تركيبٍ غير متماسك .. الخ
4- توضع القطعة التي بعدها . ولا حدّ للوقت بينهما ؛ فمتى ما نثر الناثرون ونقد النقّاد ، وضعت الأخرى .

5- لا يجوز أن ينظر المرء إلى نثر غيره قبل أن يكتب نثرَه ؛ لأنه إن فعل ذلك بَطَل ما وُضع الحديث له .
6- القصد من المشاركة التّعلُّم ، والتصحيح من بعض الإخوة لبعضهم قد يكون ذوقيًّا لا دليل عليه ، أو مما لا يُقنِع الكاتب ، أو يكون صحيحًا ، فلا ينبغي أن يُناقش أحدٌ أحدًا في حُسْنِ ما كَتَبَ لئلا يخرج الحديث ، وتكثر الردود ، وتتشعّب .
7- سوف نحرص على تقليل عدد الردود قدر ما نستطيع ، حتى لا تتشعّب الردود ، ويفقد الموضوع ترتيبه ورونقه ، فمن أراد شُكر أحدٍ على نقده له فليشكره عبر خاصيّة الشكر ، ومن أراد أن يبيّن إعجابه بإنشاءِ أحدٍ فليجعل ذلك في بداية نثره للقطعة التي تليها ، ومن أراد نقد اثنين من الإخوة فليجعل ذلك في ردٍ واحد ، فعلى هذا لا يكون الردّ إلا في حالتين :
1) نثر القطعة .
2) نقد النثر .


تنبيهات :

- سيتمُّ البدء في نثر الحماسة يوم الأربعاء 5/11/1431هـ
- من كان عنده رأي وزيادة في هذا الحديث شرطه ، أو نوعه ، أو عنوانه = فليتحفنا به هنا ، وإنّا له من الشاكرين . وربما يحصل تغيير في بعض فِقَر هذا السبيل إن رأى الإخوة هذا .
- جميع الردود والآراء - سواء المقبول منها وغير المقبول - سيتمّ حذفها يوم الأربعاء عملاً بالفقرة السابعة .
- هذه المقدمة داخلة في باب التدرُّب فلا عليكم أن تسلخوا جلدي بنقدكم البنّاء ( ابتسامة )

أبو العبّاس

أبو العباس 09-10-2010 06:51 AM

.


كيف يكون حلّ الشعر ؟

(اقرأ القطعة من الكلام مرارا كثيرة ، ثم تدبرها ، وقلب تراكيبها ، ثم احذف منها عبارة أو كلمة ، وضع ما يسد سدها ولا يقصر عنها ، واجتهد في ذلك ، فإن استقام لك الأمر فترقّ إلى درجة أخرى .
وهي أن تعارض القطعة نفسها بقطعة تكتبها في معناها ، وبمثل أسلوبها ، فإن جاءت قطعتك ضعيفة فخذ في غيرها ، ثم غيرها ، حتى تأتي قريبا من الأصل أو مثله .
- اجعل لك كل يوم درسا أو درسين على هذا النحو
1- فتقرأ أولا في كتاب بليغ نحو نصف ساعة [ يعني : كتاب لأحد البلغاء مثل : الجاحظ ، ابن المقفّع ، المنفلوطي .. الخ ]
2- ثم تختار قطعة منه [ نحن جعلنا بدلا من ذلك الحماسة ] فتقرأها حتى تقتلها قراءة
2- ثم تأخذ في معارضتها على الوجه الذي تقدم – تغيير العبارة أولا ، ثم معارضة القطعة كلها ثانيا –

واقطع سائر اليوم في القراءة والمراجعة .
ومتى شعرت بالتعب فدع القراءة أو العمل ، حتى تستجم ثم ارجع إلى عملك ولا تهمل جانب الفكر والتصوير وحسن التخييل .
هذه هي الطريقة ولا أرى لك خيرا منها ، وإذا رزقت التوفيق فربما بلغت مبلغا في سنة واحدة )
الرافعي



( من أحَبَّ أن يكونَ كاتبًا ، أو كان عندَهُ طَبْعٌ مُجِيب ، فَعَلَيْهِ بحفظِ الدَوَاوينِ ذَواتِ العَدَدِ ، ولا يَقنَع بالقَليْلِ من ذلك ، ثم يأخُذ في نَثْرِ الشِّعرِ من محفُوظَاتِهِ ، وطريقُهُ أن يَبْتَدِئَ فَيَأخُذ قَصِيْدًا من القَصائِدِ ، فيَنْثُرهُ بَيْتًا بيتًا على التوالي ، ولا يستَنْكِف في الابتداء أن يَنْثُرَ الشِّعر بألفَاظِهِ أو بأكْثَرِهَا ، فإنه لا يستطِيعُ إلا ذلك ، وإذا مَرِنَتْ نَفْسُهُ وتَدَرَّبَ خاطِرُهُ ارتفَعَ عن هذه الدرجَةِ ، وصارَ يأخُذُ المعنى ويَكْسُوهُ عِبَارَةً من عِنْدِهِ ، ثم يَرتَفِعُ عن ذلك حتى يكسُوهُ ضُروبًا من العِبَاراتِ المختَلِفَةِ ، وحينئذٍ يحصُلُ لخَاطِرِهِ بِمُبَاشَرَةِ المَعاني لقاحٌ ، فيستَنْتِجُ منها مَعَانِيَ غيرَ تلك المعانِي ، وسبيلُه أن يُكثِرَ الإدْمَانَ لَيْلاً ونَهارًا ، ولا يَزَالُ على ذلك مدَّةً طويْلةً ، حتى يصيرَ له مَلَكة ، فإذا كَتَبَ كِتابًا أو خَطَب خُطبَةً تدفَّقَت المعَاني في أثناءِ كَلامِهِ ، وجاءَت ألفاظُهُ مَعْسُولَةٌ لا مَغْسُولَة ، وكان عليها حِدَّةٌ حتى تكاد ترقُصُ رَقصًا ، وهذا شيءٌ خَبَرتُهُ بالتَّجْرِبَةِ ، ولا يُنَبِئُك مِثْلُ خَبِيْر )
ابن الأثير


،،،،،،،،،


حل الأبيات الشعرية
ينقسم إلى ثلاثة أقسام

القسم الأول : أن يأخذ الناثر بيتاً من الشعر فينثره بلفظه من غير زيادة ، وهذا عيب فاحش ، ومثاله كمن أخذ عِقداً قد أتقن نظمه وأحسن تأليفه فأوهاه وبدده ، مثاله قول بعضهم في :
وألد ذي حنقٍ علي كأنما ... تغلي عداوة صدره في مرجل
أرجيته عني فأبصر قصده ... وكويته فوق النواظر من عل
- ( فكم لَقِي ألدَّ ذِي حنَقٍ كأنَّه ينْظُر إلى الكَواكِبِ من عَل ، وتغلِي عداوة صدرِه في مِرجل ، فكوَاهُ فوق ناظِريهِ ، وأكبَّه لفَمِهِ ويَديْهِ ) فلم يزد هذا الناثر على أن أزال رونق الوزن وطلاوة النظم لا غير.
- ومن هذا القسم ضرب محمود لا عيب فيه ، وهو أن يكون البيت من الشعر قد تضمن شيئاً لا يمكن تغيير لفظه ، فحينئذ يُعذر ناثِره إذا أتى بذلِك اللفظ كالأعلام والأمثال السائرة .

القسم الثاني : وهو وسطٌ بين الأول والثّالث في المَرتبة ؛ وهو أن ينثُر المعنى المنظوم ببعضِ ألفاظِهِ ، ويعبّرَ عن البعْض بألفاظ أُخَر ، وهناك تظهر الصنعة في المُماثلة والمُشَابَهَة ومُؤَاخَاةِ الألفَاظِ البَاقِيَةِ بالألفَاظِ المُرتَجَلَة ؛ فإنَّه إذا أَخَذ لفْظًا لشَاعرٍ مُجِيدٍ قد نَقَّحَه وصَحَّحَه ، فَقَرَنَهُ بِما لا يُلائمُهُ كانَ كمَن جَمَع بين لُؤلؤةٍ وحَصَاة ؛ ولا خَفَاء بِما في ذلك من الانْتِصَابِ للقَدحِ ، والاسْتِهْدَافِ للطَّعْنِ .
والطريق المسلوكُ إلى هذا القسم : أن تأخُذَ بعضَ بيتٍ من الأبياتِ الشّعريةِ هو أحسنُ ما فيه ثمّ تُمَاثِلُهُ .
مثل قوله :
حذاءَ تملأ كل أذنٍ حكمةً ... وبلاغةً وتدر كل وريد
فقوله " تملأ كل أذن حكمة " من الكلامِ الحَسَنِ ، وهو أحْسَنُ ما في البيت ، فإذا أردتَ أن تَنْثُرَ هذا المعنى فلا بُدّ من استِعْمَال لفْظِهِ بعَيْنِه ، لأنَّه في الغَايَةِ القُصْوَى من الفصاحةِ والبلاغةِ ، فعليك حينئذٍ أن تؤاخِيْهِ بمثله ، وهذا عَسِرٌ جِدًا وهو عندي أصعبُ منالاً من ناثِرِ الشِّعْرِ بِغَيْرِ لفظِهِ ، لأنَّه مَسْلَكٌ ضيِّق ، لما فيه من التَّعَرُّضِ لمُمَاثَلَةِ مَا هو في غاية الحُسن والجودة ، وأمَّا نثر الشعر بغير لفْظِه فذلك يتصرف فيه نَاثِرُهُ على حسب ما يراه ، ولا يكون فيه بمثالٍ يَضْطَرُّ إلى مؤاخَاتِهِ .
فيقال في حل البيت : " وكلامي قد عرف بين الناس واشتهر، وفاق مسير الشمس والقمر، وإذا عرف الكلام صارت المعرفة له علامة، وأمن من سرقته إذ لو سرق لدلت عليه الوسامة، ومن خصائص صفاته أنه يملأ كل أذن حكمة، ويجعل فصاحة كل لسان عجمة، وإذا جرت نفثاته في الأفهام قالت: أهذه بنت فكرة أم بنت كرمة."
فانظر كيف الفعل في هذا الموضع فإنه لما أُخِذَت تلك الكلمات من البيت الشعري التُزِم بأن تُؤَاخى بما هُو مِثْلُهَا أو أَحْسَنُ مِنْهَا ، فجيء بهذا الفَصْل كما تَرَاه ، وكذلك ينبغي أن يُفعَل فيما هذا سبيلُه .

القسم الثالث : وهو أعلى من القِسْمَين الأولين ، هو أن يُؤخَذ المَعنى فيُصاغُ بألفاظٍ غيرِ ألفَاظِهِ ، وثَمَّ يَتَبَيَّنُ حذقُ الصَّائِغِ في صياغَتِهِ ، ويُعْلَمُ مِقْدَارُ تَصَرُّفِهِ في صِنَاعَتِهِ ؛ فإن اسْتَطَاعَ الزِّيَادَةَ على المعنى فتلك الدرجة العالِيَةُ ، وإلا أحسَن التصرُّفَ ، وأتقَنَ التأليفَ ، ليكونَ أولى بذلك المعنى من صَاحِبِهِ الأوّل .

واعلم أن من أبيات الشعر ما يتسع المجال لناثره، فيورده بضروب من العبارات ، ومن الأبيات ما يضيق فيه المجال حتى يكاد الماهر في هذه الصناعة ألا يخرج عن ذلك اللفظ ، وإنما يكون هذا لعدم النظير .
ابن الأثير





أبو العباس 13-10-2010 03:20 AM

قال رجل من بلعنبر :
لو كنتُ مِن مّازنٍ لمْ تَسْتَبِـحْ إِبِـلـِيْ ..... بَنُو اللَّقِيْطَةِ مِنْ ذُهْلِ بنِ شَيْبَانَا
إذًا لَـقَـامَ بِنَصْـرِي مَعْـشَـرٌ خُشُـنٌ ..... عِنْدَ الحَفِيْظَةِ إِنْ ذُو لُوثَـةٍ لَانَـا
قَومٌ إِذا الشَّـرُّ أَبْدَى نَاجِـذَيْهِ لَـهُـمْ ..... طَارُوا إِليهِ زَرَافَـاتٍ ووِحْـدَانَا
لا يَسْأَلُـونَ أَخَـاهُمْ حِـينَ يَنْدُبُـهُمْ ..... فِي النّائِبَاتِ عَلى مَا قَالَ بُرهَـانَا
لكِنَّ قَومِي وإن كـانُوا ذَوِيْ عَــدَدٍ ..... لَيْسُوا مِنَ الشَّرِّ في شَيءٍ وإِنْ هَانَا
يَجزُونَ مِن ظَـُلمِ أهْلِ الظَـُلمِ مَغْفِرَةً ..... ومِـن إسَاءَةِ أَهْلِ السُّوءِ إِحْسَانَا
كأنَّ رَبَّــكَ لَمْ يَـخْــلُـقْ لِخَـشْـيَـتِـهِ ..... سِوَاهُمُ فِي جَمِيـعِ الـنَّاسِ إِنْسَانَـا
يا لَيْتَ لِـي بِهِـمُ قَـومـًا إذَا رَكِـبُـوا ..... شَنُّوا الإغَـارَةَ فُرْسَـانًا ورُكْبَـانَا


أبو العباس 13-10-2010 08:45 PM

"

قال رجل من بلعنبر وقد سُلبتْ إبله :
سِيقتْ الإبِلُ ، واستُبِيحَ الحِمَى . استلَبَهَا بنو اللقِيطَةِ ؛ لمَّا هانَ عليهم أمرِي ، وأمِنُوا من نُصْرةِ قَومِي . أَمَا لو كُنتُ من مازِنٍ ما سُلبتْ ، وعن حِمَاهُم ما ذِيدَتْ . كيف وهم النَّاصِرون لِقَومِهم ، الذابُّون عنهم . إن خار الضعيف ، وجَبُن ، فهُم خُشُنٌ عند اللقاء ، صُبُرٌ في الحرب ؛ ما سمعوا هَيْعَةً إلا طَارُوا إليها ، ولا استُنجِدُوا إلاّ أنْجَدُوا . لا يَستَفصِلُونَ استِفصَالَ الجَبَان ، ولا يَعتَذِرُون اعتِذَارَ الخَاذِل .
أمّا قَومِي فذَوِي عَدَدٍ ، وعُدّة ؛ غير أنّهُم أهلُ سِلْمٍ ، وإحسان ؛ يكافِئون الظالمَ بالعفو ، والمسيءَ بالمغفرةِ ، حتى كأنّ اللهَ لم يخلُقْ لخشيتِه سِوَاهُم ، ولم يُنـزِلْ الرّحمةَ إلا على قُلوبِهِم .
فياليتَ لي بَدلاً منُهم قومًا شديدًا بأسُهم ، عظيمًا خطرُهم . إنْ غَضبُوا أَغْضَبُوا ، وإن استُنصِروا ملَئُوا الأرضَ والسَّمَاء .

أبو العباس


،،، لا تتأخروا علينا بنقدكم ، ومشاركاتكم .

منصور مهران 13-10-2010 11:49 PM

مراجعة
 
قال أبو العباس - لا فُضَّ فُوه - :
( أَمَا لو كُنتُ من مازِنٍ ما سُلبتْ ، وعن حِمَاهُم ما ذِيدَتْ )
والمأمول منه مراجعة هذا القول ؛ فإن الفعل ( ذاد ، يذود عن الشيء معناه :
دَفَعَ عنه وحماه وصانه وحفظه وطرد الباغي . ونحو ذلك .
والأشبه أن يكون نثر المعنى :

( أَمَا لو كُنتُ من مازِنٍ ما سُلبتْ إبلي ، ولَذِيدَ عنها وعن حِمَانا ؛ فإنهم قومٌ غُيُر وأشداء ....)

فقوله - حفظه الله - : ( وعن حِمَاهُم ما ذِيدَتْ ) وفيه ما النافية ، وأيضا ضمير العقلاء لو كان يعود على الإبل يحتاج إلى تحرير .
أو
توجيه المعنى لمثلي حتى أفهمه كما فهمتَه ولك الشكر سلفا .

عائشة 14-10-2010 09:52 AM

ما شاء الله! بوركتَ!

تصحيح:
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل أبو العباس (المشاركة 14815)
أمّا قَومِي فذَوِي عَدَدٍ ، وعُدّة

فذوو عددٍ.
والله أعلمُ.

الأديب النجدي 14-10-2010 11:26 AM

أنا لو كنتُ من بني عمِّي مازن، لما استبيحَ ماليْ، وأُخِذَتْ إبِلي، من قِبَلِ قومٍ من ذُهْلِ بن شيبانَ، إذْ - واللهِ - لو كانَ ذلِكَ، لقامَ بنو مازن -الأشِدَّاءُ عندَ الغضبِ الذابِّينَ عن الحقيقةِ-، بالانتصارِ لي والدَّفعِ عنِّي، إنَ أخذَ بالضعيفِ من غيرِهِم الضَّعفُ والخورُ، فإنَّهُم قومٌ إذا كَشَرتِ الشدائدُ عن أنيابِها، أسرعوا إليها كلٌّ يُسابقُ لنصرةِ أخيهِ، لا يسألهُ فيمَ دعاهُ ولأيِّ شيءٍ طلبَ نُصرتَهُ.
أمَّا قومي فدعهم عنكَ، فإنَّك وإن رأيتَ كثرتَهُم، وسوادَ جمعِهِم، فليسوا إلا إلى الدَّعةِ والسلامةِ، والبعدِ عن كلِّ شرٍّ، فما يُعتدى عليهِم في شيءٍ ويُنال منهُم إلا ويُسرِعونَ إلى العفوِ، ويسبقونَ إلى المغفِرةِ، ويُحسِنونَ إلى الجاني عليهِمِ، مدَّعينَ الخشيةَ والمسابقةَ إلى سبُلِها، وكأنَّ هؤلاءِ النَّاسَ من غيرِهِم ممَّن يذبُّ عنْ حريمِهِ، لا يخشونَ اللهَ - تعالى -، ولم يُخلقوا لذلِكَ !.
فلو أنَّ لي قوماً غيرَهم، ومعشراً على خِلافِ نهجهِم، قوماً يتواثبونَ لمن استنصرهم، تنثالُ غضبَتُهم للإغارةِ، فرساناً ورُكباناً .


____

1. كلُّ ملاحظةٍ وأنتم بخير :) ، وكلّ بيانِ غَلَطٍ، مهما قسا عليَّ، أو سخر منِّي!، فإنَّه راجِعٌ إلى الإحسانِ إليَّ، ألا ترونَ أنّي إن عرفتُ ما وقعتُ فيهِ من غلطٍ، تجنَّبته في قابِلِ الأيَّامِ، حتَّى يكونَ كلامي فصيحَ اللفظِ جزلَ المعاني، مُلتَحِمَ التَّركيب .

2. أحسستُ أنَّ ما كتبتُهُ إنَّما هوَ توضيح وشرحٌ موجزٌ للأبياتِ !

فيصل المنصور 14-10-2010 01:04 PM

أجادَ الأخوان الكريمان/ أبو العباس، والأديب النجديُّ الحَلَّ. وليس هذا بمستغربٍ منهم، فهم أهلُ الحلِّ، والعَقدِ!
ولولا تزاحمُ الشُّغولِ، لسرَّني أن أكونَ أوَّل المشاركينَ.
غيرَ أنِّي أحببتُ أن أنبِّه على موضعٍ في قصيدةِ قُريطٍ كثيرًا ما تَزِلُّ فيه الألسُنُ. وهو قولُه:
*طارُوا إليه زَرافاتٍ، ووُحدانا*
فإنَّ واو (وُحدان) فيه مضمومةٌ. ولا يصِحُّ كسرُها. ومن العربِ مَن يُبدِلها همزةً على المطَّرِد من القياسِ، فيقولُ: (وأُحدانا).

عائشة 14-10-2010 08:44 PM

الأُستاذ/ الأديب الأثري
بارك اللهُ فيكَ، ووفَّقكَ.
لَوْ لجأْتَ إلى شَيءٍ من المُحسِّناتِ -كالازدواجِ، والسَّجْعِ، وغيرهما-؛ لكانَ ألطَفَ، وأبعدَ عَنْ أُسلوبِ الشَّرْحِ. ولْيَكُنْ هَمُّكَ أن تجعلَ نَثْرَكَ قِطْعةً أدبيَّةً خالِصةً.
شَكَرَ اللهُ لكَ.

عبد الرؤوف أبو شقرة 15-10-2010 11:07 AM

واها لهذا الحال، وآها لهذا الزمان، تستباح إبلي وتستهان كرامتي، ولا يحرك أبناء قومي ساكنا، ولو أن عدوهم أهل منعة لالتمسنا لهم الأعذار، ولكن عدوهم بنو القيطة من ذهل بن شيبان..
ليت الزمان يدور بي فيجعلني من مازن، إذاً لنادى بحقي رضيعهم، ولثار لحالي وضيعهم، فهم معشر لا تطيق الأرض عند الهيعة خشونتهم، وتخشى السماء عند العز سموهم، فإن أبدى الموت ناجذيه تبسما طاروا إليه حربا وتمردا..وإذا طرقت آذانهم صرخت الندب، أبت "فيم كان الندب؟"، فتتمرد عقولهم على الحجة والبرهان، ,وتلجأ أكفهم إلى حد الصمصام، وتعانق أرواحهم لهيب النيران، يتطايرون إلى ساحات الوغى زرافات ووحدانا ..
أما قومي فلا يغرنك كثرة سوادهم، فهم مهلكة الأمم عند الخطابة، فإن دارت للحرب دائرة فهم عباد زهاد، كأن خشية الله إليهم انتهت، وبهم اختصت، يتورعون في قتل ذبابة، سلاحهم عند الضيم المغفرة، وضربهم عند الإساءة إحسان..ليت لي عوضا عنهم قوما يتقاذفون إلى حضن المنايا فرسانا وركبانا..

1- أشكر الأخوة القائمين على هذا المشروع، وأسأل الله عز وجل أن يؤتي أكله وأن يجعله في ميزان حسناتهم.
2- أرجو أن تكثروا من النقد، ولو لم يكن متيقنا، فبه تحك القريحة وتزداد البصيرة، وليت الأستاذ فيصل منصور أن لا يحرمنا من مروره وتعليقاته.
بارك الله فيكم

منصور مهران 15-10-2010 02:36 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل الأديب الأثري (المشاركة 14846)
أنا لو كنتُ من بني عمِّي مازن، لما استبيحَ ماليْ، وأُخِذَتْ إبِلي، من قِبَلِ قومٍ من ذُهْلِ بن شيبانَ، إذْ - واللهِ - لو كانَ ذلِكَ، لقامَ بنو مازن -الأشِدَّاءُ عندَ الغضبِ الذابِّينَ عن الحقيقةِ-، بالانتصارِ لي والدَّفعِ عنِّي، إنَ أخذَ بالضعيفِ من غيرِهِم الضَّعفُ والخورُ، فإنَّهُم قومٌ إذا كَشَرتِ الشدائدُ عن أنيابِها، أسرعوا إليها كلٌّ يُسابقُ لنصرةِ أخيهِ، لا يسألهُ فيمَ دعاهُ ولأيِّ شيءٍ طلبَ نُصرتَهُ.
أمَّا قومي فدعهم عنكَ، فإنَّك وإن رأيتَ كثرتَهُم، وسوادَ جمعِهِم، فليسوا إلا إلى الدَّعةِ والسلامةِ، والبعدِ عن كلِّ شرٍّ، فما يُعتدى عليهِم في شيءٍ ويُنال منهُم إلا ويُسرِعونَ إلى العفوِ، ويسبقونَ إلى المغفِرةِ، ويُحسِنونَ إلى الجاني عليهِمِ، مدَّعينَ الخشيةَ والمسابقةَ إلى سبُلِها، وكأنَّ هؤلاءِ النَّاسَ من غيرِهِم ممَّن يذبُّ عنْ حريمِهِ، لا يخشونَ اللهَ - تعالى -، ولم يُخلقوا لذلِكَ !.
فلو أنَّ لي قوماً غيرَهم، ومعشراً على خِلافِ نهجهِم، قوماً يتواثبونَ لمن استنصرهم، تنثالُ غضبَتُهم للإغارةِ، فرساناً ورُكباناً .


____

1. كلُّ ملاحظةٍ وأنتم بخير :) ، وكلّ بيانِ غَلَطٍ، مهما قسا عليَّ، أو سخر منِّي!، فإنَّه راجِعٌ إلى الإحسانِ إليَّ، ألا ترونَ أنّي إن عرفتُ ما وقعتُ فيهِ من غلطٍ، تجنَّبته في قابِلِ الأيَّامِ، حتَّى يكونَ كلامي فصيحَ اللفظِ جزلَ المعاني، مُلتَحِمَ التَّركيب .

2. أحسستُ أنَّ ما كتبتُهُ إنَّما هوَ توضيح وشرحٌ موجزٌ للأبياتِ !

قلت :
1- ( لو كانَ ذلِكَ، لقامَ بنو مازن -الأشِدَّاءُ عندَ الغضبِ الذابِّينَ عن الحقيقةِ )
( الذابِّينَ ) جاء منصوبا على تقدير فعل : أمدح الذابين
ولو جاء مرفوعا على الإتباع التزاما بالأصل لجاز أيضا .
2- ( أمَّا قومي فدعهم عنكَ )
لا نزال نقرأ في كلام أسلافنا ما يؤدي ذلك المعنى بأن نقول : ( أمَّا قومي فدعك عنهم ) .
وبالله التوفيق

أبو العباس 18-10-2010 04:21 AM

2
وقال الفِنْدُ الزِّمَّانيُّ :
عَفَونَا عَن بَنِي ذُهْـلٍ..... وَقُلْنَا القَـومُ إخْوَانُ
عَسَـى الأَيَّـامُ أن يَّـرْجِعْنَ قَـومًا كَالَّذِي كَانُوا
فلـمَّـا صَـرَّحَ الشَّـرُّ..... فَأَمْسَى وهـوَ عُرْيَانُ
ولـَمْ يَبْـقَ سِـوَى العُــدْوَانِ دِنَّـاهُـمْ كَمَا دَانُوا
مَشَيْنَا مِشْـيَةَ اللَّيـثِ..... غَدَا واللَّيثُ غَضْبَانُ
بِضَـرْبٍ فِيهِ تَفْجِيـعٌ..... وَتَـخْضِيعٌ وإقْـرَانُ
وَطَعْـنٍ كَفَـمِ الـزِّقِّ ..... غَـذَا والـزِّقُّ مَـلْآنُ
وَبَعْضُ الحِلْمِ عِنْدَ الجَـهْــلِ لِلــذِّلَّــةِ إذْعَـانُ
وفـي الشَّــرِّ نَجَاةٌ حِيْـــنَ لا يُنْجِيكَ إحْسَانُ






================
أشكر لكل من ردّ ، وتعقّب ، وانتقد ، وشكر . وأُفردُ منهم للشكر : منصور مهران ، وعائشة ، وفيصل المنصور ؛ لتعقبهم قولي ، وتقويمهم عِوَجِي ، وتنبيههم على زللي .

وإنما تُصقل الموهبة ، ويستقيم سبيل البيان بالتحري لموضع الكلام عند القول ، ومحاسبةِ النفس عند الزلل ، ورياضتها على الدوام .


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل منصور مهران (المشاركة 14818)
( أَمَا لو كُنتُ من مازِنٍ ما سُلبتْ ، وعن حِمَاهُم ما ذِيدَتْ )
والمأمول منه مراجعة هذا القول ؛ فإن الفعل ( ذاد ، يذود عن الشيء معناه :
دَفَعَ عنه وحماه وصانه وحفظه وطرد الباغي . ونحو ذلك .
.

بارك الله فيك .
في القاموس : (الذَّوْدُ : السَّوْقُ والطَّرْدُ والدَّفْعُ) فيكون المعنى (استلَبَهَا بنو اللقِيطَةِ ؛ لمَّا هانَ عليهم أمرِي ، وأمِنُوا من نُصْرةِقَومِي . أَمَا لو كُنتُ من مازِنٍ ما سُلبتْ ، وعن حِمَاهُم [ مازن ] ما ذِيدَتْ [ سيقت وطردت ] )
فإن صحّ هذا فلا خطأ في كلامي من جهة اللغة ، غير أنّه ساقِط من جهة البلاغة ، ودليل سقوطه استشكالُك له ؛ لأنّ الكلام البليغ هو "ما لا يقف فيه السامع طالبًا فحواه ، ذاهلاً عن معناه" (1).

،،، الإخوة : الأديب الأثري و عبد الرؤوف أبو شقرة
قاتلكم الله مِن أدباء فصحاء ! ، وإني لأحمد الله أن جعل مجلسنا مجلس تعلُّم لا مجلس مسابقة وإلاّ لكنتُ في حيْص بيص !


،،، تعمّدتُّ التعليق هنا تنفيذا للمادة رقم (7) من مواد الدستور العسكري أعلاه ( ابتسامة )



---------
(1) هذه القاعدة ليست على إطلاقها .

عائشة 18-10-2010 07:54 AM

بِاسْمِ اللَّهِ.

هذه مُحاولةٌ لِحَلِّ أبياتِ الفِنْد الزِّمَّانيِّ:

أساؤوا فَعَفَوْنَا، وأجْرَمُوا فَغَفَرْنا، وأغْضَيْنَا الجُفُونَ علَى القَذَى، وسَحَبْنَا الذُّيولَ علَى الأَذَى؛ حِفْظًا لوَشَائجِ القُربَى، وصيانةً لأواصرِ الأُخُوَّةِ؛ لعلَّ قلوبَهُمْ تؤوبُ إلَى رُشْدِها، وأيَّامَ الصِّفاءِ تعودُ إلَى سابِقِ عَهْدِها.
فَلَمَّا تجاوَزُوا الحَدَّ، وأمْعَنُوا في الإساءةِ، وتَمَادَوْا في الظُّلْمِ، وجاهَرُوا بالشَّرِّ؛ جازَيْنَاهُم بالسُّوءِ سُوءًا، وبالعُدوانِ عُدْوانًا، وسَعَيْنَا إليهم سَعْيَ اللَّيْثِ إلى فريستِهِ، لا يصرِفُهُ عنها صارِفٌ؛ فأذَقْنَاهُم بأسَنَا؛ بِضَرْبٍ يَفْلِقُ الهاماتِ، وطَعْنٍ يُمزِّقُ اللَّبَّاتِ. ذلك بِمَا قدَّمَتْ أيديهم، واقْتَرَفَتْ أنفسُهُم. وإنَّ الحِلْمَ عندَ جَهْلِ الجاهلينَ ذِلَّةٌ، ومهانةٌ، ومن لمْ يُصْلِحْهُ الإكرامُ؛ أصْلَحَتْهُ الإهانةُ.


أرجو ألاَّ تبخَلُوا بنَقَداتِكُم، ومُلاحَظاتِكُم

ابن جني 18-10-2010 10:42 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل عائشة (المشاركة 15022)
بِاسْمِ اللَّهِ.

هذه مُحاولةٌ لِحَلِّ أبياتِ الفِنْد الزِّمَّانيِّ:

أساؤوا فَعَفَوْنَا، وأجْرَمُوا فَغَفَرْنا، وأغْضَيْنَا الجُفُونَ علَى القَذَى، وسَحَبْنَا الذُّيولَ علَى الأَذَى؛ حِفْظًا لوَشَائجِ القُربَى، وصيانةً لأواصرِ الأُخُوَّةِ؛ لعلَّ قلوبَهُمْ تؤوبُ إلَى رُشْدِها، وأيَّامَ الصِّفاءِ تعودُ إلَى سابِقِ عَهْدِها.
فَلَمَّا تجاوَزُوا الحَدَّ، وأمْعَنُوا في الإساءةِ، وتَمَادَوْا في الظُّلْمِ، وجاهَرُوا بالشَّرِّ؛ جازَيْنَاهُم بالسُّوءِ سُوءًا، وبالعُدوانِ عُدْوانًا، وسَعَيْنَا إليهم سَعْيَ اللَّيْثِ إلى فريستِهِ، لا يصرِفُهُ عنها صارِفٌ؛ فأذَقْنَاهُم بأسَنَا؛ بِضَرْبٍ يَفْلِقُ الهاماتِ، وطَعْنٍ يُمزِّقُ اللَّبَّاتِ. ذلك بِمَا قدَّمَتْ أيديهم، واقْتَرَفَتْ أنفسُهُم. وإنَّ الحِلْمَ عندَ جَهْلِ الجاهلينَ ذِلَّةٌ، ومهانةٌ، ومن لمْ يُصْلِحْهُ الإكرامُ؛ أصْلَحَتْهُ الإهانةُ.



أرجو ألاَّ تبخَلُوا بنَقَداتِكُم، ومُلاحَظاتِكُم

ما شاء الله
أعجبني جدا هذا الشرح!
بارك الله فيك أيتها الفاضلة ، استمري على هذا المنوال

أبو العباس 19-10-2010 06:49 AM

2
قال الفند الزماني :
وبعدُ :
بلغني خطابك – عافاك الله – تسأل عن الحادث بيننا وبين بني ذُهل ، وتقول : إنه لم يُدْرِكَّ منه علم شافٍ ، ولا رسول صادق .
فاعلم أن بني ذهل اجترؤوا علينا ، واستهانوا بنا ، وظلمونا حقَّنا ، فبادرناهم بالعفو ، والمغفرة ؛ رجاء صلاحهم ، ودوام أُلفهم ، وأُخوّتهم ، فما زادهم حلمنا إلاّ جهلاً ، ولا عفونا إلا استكبارا ؛ أَبْدَوا لنا البِغْضَةَ والشرّ حتى غدا ظلمهم عاريًا لا سبيل لستره ، وظاهرًا لا حجّة لتأويله ، فعيل الصبر ، وابتدأ الجِدُّ من الأمر ، أقبلنا عليهم - كالليثِ - نضرب أعناقهم ، ونخضِع رقابهم ، ونقرنهم بنحسهم ، فأثخنَّا فيهم الجراح ، وأسلنا الدماء تجري كأفواه القِرَب .
هذا ما كان من أمرنا ، لم نبتدر الظلم ، ولم نقصِّر في حِلم ؛ غير أن بعض الحِلم ذلّة . وإن نجَّاك الخير وإلاّ فالشرّ الشرّ .


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 03:29 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ