المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دعوة لمناقشة نفي المجاز عند ابن تيمية رحمه الله


عبد الرؤوف أبو شقرة
11-04-2010, 10:09 PM
السلام عليكم
موضوع المجاز من المواضيع التي أشغلتني في فترة من الفترات، خاصة المجاز بين نفيه وإثباته، ولا أخفيكم أنني في بادئ الأمر كنت قد تبنيت موقف ابن تيمية رحمه الله ومن تبعه كشمس الدين ابن القيم والشنقيطي رحمهم الله، ولكن بعد فترة عدلت عن موقفي من نفي المجاز وعدت إلى القول بإثباته سواء أكان في القرآن أم في اللغة..
وبما أنني وجدت هذا الملتقى الطيب، الذي يشترك به أهل العلم والفضل، أحببت طرح هذا الموضوع لنقاش هادئ علنا نصل لشيء ما، أو أعود إلى ما كنت عليه.
فهل أجد فيكم من يؤيد رأي شيخ الإسلام رحمه الله في نفي المجاز فيبدأ مستعينا بالله بهذه المحاورة، حيث يعرض لنا مقصود ابن تيمية رحمه الله من نفي المجاز لننتقل بعدها إلى مناقشة حجج الفريقين ؟
أحسن الله إليكم

فهد الخلف
13-04-2010, 08:22 AM
من أفضل ما كتب حول هذه القضية - بحسب اطلاعي - من المنظور اللغوي كتاب ( إنكار المجاز عند ابن تيمية بين الدرس اللغوي و الدرس البلاغي ) لأستاذي الدكتور إبراهيم بن منصور التركي .
و الله أعلم .

بتـول
13-04-2010, 05:11 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

من المؤلفاتِ الَّتي أعطتِ الموضوعَ حقَّه ولا أخالكَ تجهلها: "المجازُ في اللغةِ والقرآن الكريم بين الإجازةِ والمنع ..عرضٌ وتحليلٌ ونقد " للدكتور عبد العظيم المطعني.

وأذكرُ أنَّ تقديرَ المحذوفِ أخذه أهل البدعِ والأهواءِ ذريعة لتثبيتِ عقائدهم، مما جعلَ ابن تيميّة وابن القيم -رحمةُ اللهِ عليهم- يُنكرونَ وقوعَ المجازِ في القرآن الكريم إغلاقًا لهذا البابِ على المؤولين.

كما أذكرُ كلامًا موجزًا للشيخِ صالح آل الشيخ في كتابهِ (هذهِ مفاهيمنا) يقولُ فيه: "ولا يحسن في مثل هذا المختصر الإطالة بتفصيل الإجمال، ولكن ينبغي أن يعلم أن النافي للمجاز وهم طائفة من أئمة الأصول والعربية والعقائد يعنون منع إطراده في كل ماشاء من يجيزه، فالتوقف عند ما استعملته العرب في مجاري كلامها هو التحقيق، فما استعملته العرب جاز استعماله مما يفيد بسياقه غير ما يفيده بأفراده، أعني: أن تركيب الكلام يفيد مالا يفيده أفراد الكلام، فإن استعملت العرب هذا المعنى التركيبي صح استعماله، وهو حقيقة في المعنى المركب، لافي المعنى الإفرادي ومن أراد أن لا يفرق بين ما استعملوه مركبا وما استعملوه في وضعه الأول، فسيعكر عليه ذلك نصوص كثيرة).

ثم يقرر أن البلاغيين عمَّموا المجازَ خلاف الفريق الآخر، وأن التراكيبَ تفيدُ ما لا يُفيدُ الكلامُ بمفردهِ قائلا: ( فما يُسميهِ المجيزون مجازًا هو عند النافين أسلوب من أساليب اللغةِ العربية، واللغة العربية كلها حقيقة، والحقيقة تكون لفظية أي: يدل اللفظ على معناه بمفرده، وتكون تركيبية أي: تدل الألفاظ على معناها بتركيبها، والفرق بين هذا وبين القول بالمجاز: أن المجاز أعم وقول المحققين أخص).

ثم يمضي قائلا: ( فالمدعون للمجاز يجوزون عبارات وأساليب لم تعهدها العرب في كلامها، بتقدير محذوفات في الكلام وتقدير نسب لا ضابط لها والعقل ليس أصل اللغة جزما، بل أصل صحة الاستعمال السماع، فما جاء عنهم مستعملا في موارده قبل، وسمي حقيقة، وما لم يستعملوه فلا يستعمل في دلالات الألفاظ ومفرداتها، ولا في قواعدها وأبنيتها، والمسألة معروفة مشهورة، ولا تحتمل أكثر من هذا في مثل هذه الردود المختصرة ).

وفي كلامهِ ربطٌ بين الفريقينِ، فالمجازُ بركنيهِ موجودٌ في القرآن الكريمِ وكلامِ العربِ، وإن قلنا بوجودِ المجازِ في القرآن الكريمِ، فإننا نستثني آيات الصفات.

والله تعالى أعلى وأعلم .

عبد الرؤوف أبو شقرة
14-04-2010, 07:03 PM
اطلعت على كتاب المطعني فلم يشف لي غليلا.. بل عندي بعض المؤاخذات المنهجية عليه، فهو لم يحدد لنا ما مقصود ابن تيمية رحمه الله من نفي المجاز، بل باشر بالاعتراض عليه قبل أن يبينها حق التبيين، وأخال أن أكثر من أنكر على ابن تيمية رحمه الله لم يفهم مراده من نفي المجاز، والمطعني سردا نقولا عن ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله يذكرون بها لفظة المجاز، وهذا ليس بدليل لأنه يتنزلون أحيانا مع اصطلاح القوم.
وما نقلته عن الشيخ صالح آل الشيخ رحمه الله، جيد ..لكن هناك اعتراض..
فالقائل بالمجاز يشترط فيه القرينة المانعة لترك الحقيقة والانتقال إلى المعنى المجازي، فإذا كان الأمر كذلك يكاد يكون الخلاف لفظيا.
مثال ذلك
1- رأيت أسدا في حديقة الحيوان.
2- رأيت أسدا في الحمام.
فالأسد في الجملة الأولى على مذهب ابن تيمية رحمه الله حقيقة في الحيوان المفترس في مثل هذا السياق.
والأسد في الجملة الثانية على مذهبه حقيقة أيضا في الرجل الشجاع في مثل هذا السياق.
والأسد على مذهب الجمهور حقيقة في الجملة الأولى مجاز في الثانية، وما قيل بالمجاز إلى لوجود القرينة المانعة وهي "في الحمام".
إذا الطرفان اتفقا على أن الأسد في الجملة الأولى هو الحيوان المفترس وفي الثانية هو الرجل الشجاع، إنما الخلاف في اللفظ.
وأما ما قيل بأن أقواما توسعوا في المجاز فيمكن الرد عليهم بعدم وجود القرينة ودلالة السياق على المعنى المقصود.
فهل الخلاف بين الطرفين لفظي ؟
هذا ما بدا لي في البداية، لكنني لمحت شيئا في مذهب ابن تيمية رحمه الله جعلني أتردد فيه.
وهو إن قلنا أن لفظة الأسد تعني الرجل الشجاع مباشرة في الجملة الثانية فهذا يعني أنه لا يوجد انتقال من لازم إلى ملزوم، أي لا يخطر في الذهن صورة الحيوان المفترس في الذهن، بل تدل على الرجل الشجاع مباشرة كما نصف أحدا بالشجاعة.
وعلى مذهب القائلين في المجاز فهناك استعارة تصريحية أي شبه الرجل الذي في الحمام بالأسد بجامع الشجاعة..إلخ
ولا شك في أن مذهب الجمهور أقوى وأثبت فنحن لا نطلق لفظة الأسد على الشجاع إلا بقصد تشبيهه به.
ثم هنا سؤال مهم:
هل ينفي ابن تيمية رحمه الله ومن تبعه المجاز المرسل فقط، أم يدخل في ذلك الاستعارات والمجاز العقلي والكناية؟
يظهر لي من كلام الشنقيطي رحمه هو الثاني، ولكنني لا زلت مترددا أهذا مذهب القوم فعلا أم أرادوا شيئا آخر ؟
أرجو ممن توصل لشيء آخر إفادتنا..
وشكرا لكم

أبو الفضل
19-04-2010, 12:22 PM
نتمنى لشيخنا الفاضل فيصل المنصور أن يدلي بدلوه

محسن الأثري
04-09-2010, 08:18 PM
http://www.ahlalloghah.com/images/up/
db1531df03.jpg
أخي الكريم لقد كان لي في هذه المسألة بحث تعرضت فيه لتعريف المجاز و لنشأته و تطوره و أدلة كل من القائلين به و المعترضين على وقوعه (مع التفريق في ذلك بين القرآن و اللغة)
و نظرا لضيق الوقت و كثرة المشاغل و لأن بعض مباحثه قد لا تعنيك كثيرا فسأجتزئ خاتمته و أعرضها بين يديك و إن عن لك سؤال بعدها تفصيلا لمجمل أو بيانا لمبهم فسأعمل جهدي للإجابة عنه و الله الموفق للصواب.
(بعد هذا الرصد الموجز و العرض المقتضب لقضية المجاز و ما حصل فيه من خلاف من جهة وقوعه أو عدمه، أستطيع ختاما أن أقرر ما يلي :
أولا : ينبغي التمييز في المجاز بين اللفظة اللغوية و المصطلح البلاغي، ذلك أن النزاع إنما وقع في هذا الأخير دون الأول.
ثانيا: المجاز كمفهوم، مصطلح حادث تبلور على يد الجاحظ في القرن الهجري الثالث، ثم اشتهر بعد ذلك.
ثالثا : إن جل الذين أسهموا في المجاز من المتقدمين كانوا من المعتزلة أو ممن يرتبطون فكريا بالمنهج الاعتزالي و خاصة في مبحث الأسماء و الصفات.
رابعا: المقرر في منهج أهل السنة و الجماعة إبقاء دلالة نصوص الكـتاب و السنة على ظاهرها دون تحريف و لاسيما نصوص الأسماء و الصفات.
خامسا : لقد عمد بعض العلماء إلى تأويل نصوص الشرع التي توهم مشابهة الخالق بالمخلوق، أو تناقض في ظاهرها معطيات و متغيرات الواقع، أو تبايـن -برأيـهم- مقتضى العقل؛ متخذيـن في ذلك المجاز جنة يترسون بها ضد سهام الراشقين من المخالفين الناعتين إياهم بالـتحريف و التعطيل.
سادسا : القول بالمجاز مذهب جمهور العلماء من السلف و الخلف و أدلـتهم في إثباته أقوى من أن تدفـع .
سابعا : أكثر الذين نسب إليهم القول بإنكار المجاز قد أقروا به في مسلكهم العملي و مارسوه في كـتبهم و مصنفاتهم . و إنكارهم له كان بدافع الوقوف ضد فوضى التأويل و نزعة الـتحريف لنصوص الدين الحنيف.
و تأسيسا على ما سبق أقول: إن تردد المجاز بين النفي و الإثبات، أو بين الإنكار و الإقرار،
أمر سهل و هين؛ إذ هو من باب الاختلاف الذي قد يسع أطرافه ما ارتضوه لأنـفسهم من مذهب، لاسيما إذا حققوا القول فيه و بذلوا الوسع في ذلك. لكن الخطر يكمن في أن يؤخذ المجاز وسيلة إلى العبث بحرمة النصوص الشرعية، و مناقضة الأدلة العقلية، و التجاوز به من حدود المعقول المقبول، إلى المدخول المنحول، الذي يكاد يذهب بكل ما جاء به الإسلام،إذ يفقد الناس الثقة بالألفاظ فلا يثبت منها شيء .
فالواجب إذن عـدم الاسترسال في القول بالمجـــاز دون ضوابـط و بخاصة حين يتعلق الأمــــر بالعقائد، وإلا كان فيه تحريف للكلم عن مواضعه، و إلحاد في أسماء الله و صفاته، و جناية على كلامه و آياته.
و الله أعلى و أعلم و صلى الله على نبينا محمد و آله و صحبه و سلم .

أبومـعاذ
30-04-2011, 10:26 PM
بوركتم جميعاً .