مقامة (( أم المؤمنين عائشة )).

[محمد البلالي]

حكى خالد بن عبد الله:
في صباح يوم جمعة وأنا جالس بداري كعادتي ، إذ بلغَ بي من الهمِّ ما غلبَ وقلبَ سعادتي.
فقلت: النظرُ في الكتاب يطردُ الاكتئاب.
دخلتُ مكتبتي أخلو لعلي أسلو ، أخذتُ ورقةً وقلما ، أكتبُ ما أكتمُ علَّ ذا يُزيلُ أو يُزيحُ ألما .
فزال بحمد الله ما أصابني ،وإلى فرحٍ وسرورٍ اللهُ أصارني.
ثمَّ قلتُ : فلْأغتنمِ الساعةَ في الطاعة ، فضياع الأوقات أشدُّ من ضياع الأقوات.
غسلتُ واغتسلت ، وبكَّرتُ وابتكرت ، ومشيتُ ولم أركب.
أتيتُ الجامعَ الكبير وقد سبقني بعضهم بالتبكير ،فمِن قارئٍ للقرآن وقارنٍ التهليلَ بالتكبير.
بعد تحية المسجد جلستُ في الأمامِ قريباً من الإمام.
صَعِدَ الخطيبُ على المِنبَر واستقبل الحاضرين ، بعد تسليمه والأذان ، لحظَتْ إليه العيونُ وأصغَتِ الآذان.
بدأ كدأب محمد عليه الصلاة والسلام بخطبة الحاجة مقتفياً مقتديا ثمَّ قال:
أيها الناسُ إني أُكَلِّمُكُم عن امرأةٍ عالمةٍ عامله ،ذكيةٍ زكيه ، عاليةٍ غاليه ، نبيهةٍ نبيله ، دُرَّةٍ مكنونه ، وجوهرةٍ مصونه ، ذاتِ نَسَبٍ سامِق ، وخيرٍ سابِق ، وحَسَبٍ عابِق.
بدينها عارِفه ، وعن دنياها عازفه ، امتثلت أمر الله ورسوله وأطاعت ، وما فرطت فيه وأضاعت.
إنها أمُّ المؤمنين ( عائشة) .
هي زوجُ الخليل محمد عليه الصلاة والسلام ، وبنتُ أول رجل دخل في الإسلام ، حُبُّها فَرْض ، وبُغْضُها رَفْض.
رُمِيَتْ بعظيمةٍ بالكذب والبهتان والزُّور ، فما رُئِيَتْ غيرَ صابرةٍ حتى برَّأَها اللهُ في سورة النُّور.
فمَن رماها بما هي بريئةٌ منه براءةَ الشمس من اللمس ، فقد خرج من الإسلام خروجَ اليومِ من الأمس.
قال خالد بن عبد الله: ما أُراهُ إلا أبا محمد العدني فكان ذلك.
ثم قال:
ألا وإنها قد نبتَتْ فرقة خبيثه ، ذاتُ شرِّ خبيئةٍ وبيئه.
نَصَّبوا آلَ البيتِ الأطهارَ آلهه ونَصَبوا العداء للصحب الأخيارِ بالأخبارِ الكاذبه.
رمَوهم بالكفرِ الصريح ، وزعموه الدينَ الصحيح ، إنهم الرافضة الرابضة ، المنافقون باطنا ، الموافقون ظاهرا.
فاحذروهم يرحمكم الله.
قال خالد بن عبد الله: ثم خطب الخُطبةَ الثانية فأحسنَ فيها كالأولى ، فجزاه اللهُ خيراً من معلِّم معلَّم.

[منيب ربيع]

وجزاك خير الجزاء وأوفاه

[محمد البلالي]

وإياك أخي المبارك.