بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً (3)].
(1)
(إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) "إذا" ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط متعلق ب"سبّح" الذي هو جوابها، وجملة "جاء" في محل جر بإضافة الظرف إليها. و"نصر الله" فاعل "جاء"، و"الفتح" عطف على "نصر"، والمصدر مضاف لفاعله، ومفعوله محذوف أي إياك والمؤمنين. وقال أبو حيان: ولا يصح إعمال "فسبّح" في "إذا" لأجل الفاء؛ لأن الفاء في جواب الشرط لا يتسلط الفعل الذي بعدها على اسم الشرط، فلا يعمل فيه بل العامل في إذا الفعل الذي بعدها على الصحيح.
(2)
(وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً) الواو عاطفة، و"رأيت الناس" فعل ماض وفاعل ومفعول به، والرؤية يجوز أن تكون بصرية فتكون جملة يدخلون حالية، ويجوز أن تكون علمية فتكون الجملة مفعولا به ثانيا لرأيت. و"في دين الله" متعلقان ب"يدخلون". و"أفواجا" حال من الواو في "يدخلون" وهو جمع فوج بسكون الواو.
(3)
(فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) الفاء رابطة لجواب الشرط، و"سبّح" فعل أمر وفاعله مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، و"بحمد ربك" حال. وقد اختلف في الباء؛ فقيل: للمصاحبة، والحمد مضاف للمفعول أي فسبّحه حامدا له أي نزهه عمّا لا يليق به وأثبت له ما يليق به فهي داخلة في حيّز الأمر. فإن قلت: من أين يلزم بالحمد وهو إنما وقع حالا مقيدة للتسبيح، ولا يلزم من الأمر بالشيء الأمر بحاله المقيد له. وأجيب بأنه إنما يلزم ذلك إذا لم يكن الحال من نوع الفعل المأمور به ولا من فعل الشخص المأمور، نحو اضرب هندا ضاحكة. وإلا لزم نحو ادخل مكة محرما فهي مأمور بها وهنا من هذا القبيل. وقيل: للاستعانة، والحمد مضاف إلى الفاعل أي سبّحه بما حمد به نفسه كقوله الحمد لله. "واستغفره" الواو حرف عطف، و"استغفره" فعل أمر وفاعل مستتر ومفعول به، وجملة إنه كان توّابا تعليلية، وإن واسمها وجملة كان خبرها وتوّابا خبر كان.