|
|
الانضمام | الوصايا | محظورات الملتقى | المذاكرة | مشاركات اليوم | اجعل الحلَقات كافّة محضورة |
|
أدوات الحديث | طرائق الاستماع إلى الحديث |
#1
|
|||
|
|||
شرح منظومة مئة المعاني، لشيخنا الفاضل: جلال بن علي السلمي
(الدرس الأول)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد: فهذا شرح لطيف على منظومة مئة المعاني لابن الشحنة الحنفي ، يوضح مبانيها ويحل معانيها، وأصل هذا الشرح تعليقة عند تدريسي لهذا النظم، فأعدت النظر فيه وزدت عليه، فأقول وبالله التوفيق: التعريف بالمنظومة: هي أرجوزة وجيزة يبلغ عدد أبياتها مئة بيت، نظمها العلامة ابن الشحنة ، وقد ضمنها علوم البلاغة الثلاثة (المعاني، والبيان، والبديع) وقد شرحت بعدة شروح، والمطبوع منها شرح العلامة محمد المحفوظ الشنقيطي، المسمى بـ«نور الأفنان»، وقد أُخذ عليه أنه لم يعن بتوضيح ألفاظها وحل مبانيها. التعريف بالناظم: هو أبو الوليد محب الدين محمد بن محمد ابن الشّحنةِ الحلبي المولود سنة ( 749 هـ) من فقهاء الحنفية، له اشتغال بالأدب، والتاريخ، ولي قضاء حلب عدة مرات، واستقضي بدمشق والقاهرة، وتوفي سنة (815هـ). شرح المنظومة: .................................................. 1- الحمد لله وصلى الله على رسوله الذي اصطفاه .................................................. . قال -- «الحمد لله» : الحمد مبتدأ مرفوع، ولله جار ومجرور متعلق بخبر محذوف تقديره: كائن. والحمد لغة: نقيض الذم، وقال بعضهم: هو الثناء، وقيل بين الحمد والثناء فرق، فالثناء تكرار الحمد، وشاهد ذلك ما جاء عند مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة مرفوعا: « فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَىَّ عَبْدِي...» الحديث، قيل: ومما يؤيد ذلك أن الثناء في الأصل مأخوذ من ثنى الشيء أي رد بعضه إلى بعض. والألف واللام في قوله: «الحمد» للعهد، أي الحمد اللائق به سبحانه، واللام في قوله «لله» للاستحقاق؛ لأنها وقعت بين معنى وذات، و«الله» علم على المعبود بحق سبحانه و. وابتدأ الناظم -- بالحمد تأسيا بالنبي ، فقد كان يفتتح خطبه بذلك، والرسالة المكتوبة تقاس على الخطبة. وقوله: «وصلى الله»: الواو عاطفة، و«صلى» فعل ماض، واسم الجلالة «الله» فاعل. والصلاة في اللغة الدعاء بخير، وصلاةُ الله على رسوله: رحمته له وحسن ثنائه عليه، وهي جملة خبرية لفظًا إنشائية معنًى، أي: اللهم صل عليه. وقوله: «على رسوله»، جار ومجرور متعلق بالفعل «صلى»، ورسول مضاف، والهاء ضمير مبني على الكسر في محل جر بالإضافة، وهو يرجع إلى اسم الجلالة «الله». والرسول من حيث الصياغة الصرفية فَعُول بمعنى مُفْعَل أي مرسل، والإرسال في اللغة البعث. والرسول من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه. قوله: «الذي اصطفاه»: «الذي» اسم موصول نعت لرسول، واصطفى فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يرجع إلى اسم الجلالة «الله»، والهاء ضمير مبنيٌّ على الضم في محل نصب مفعول به، وهو يرجع إلى الرسول، وجملة «اصطفاه»، صلة الموصول لا محل لها من الإعراب، والموصول مع صلته في قوة المشتق: أي رسوله المصطفى. والاصطفاء في اللغة الاختيار، وهذا إشارة منه لحديث: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» أخرجه مسلم مرفوعا من حديث واثلة بن الأسقع . ................................................. 2- محمد وآله وسلما وبعد قد أحببت أنْ أنظّما ................................................ قوله: «محمد»: بدل من رسول، أو عطف بيان، و«محمد»: علم منقول من اسم المفعول المضعف، أي المحمود لكثرة خصاله المرضية، «وآله»: الواو عاطفة، و«آله» معطوف على رسول، والآل في اللغة: الأهل، أي القرابة، ويطلق على الأتباع أيضا. قيل: وهو المراد هنا، وفي كل دعاء. وإضافة الآل إلى المضمر مذهب جمهور أهل العربية خلافا للكسائي وجماعة، ومن شواهد الجمهور قول عبد المطلب [مجزوء الكامل]: لاهُمَّ إن المرء يمـنع رحله فامـنع رحـالكْ وانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلكْ قوله: «وسلما»: الواو عاطفة، وسلم: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره هو، يعود إلى اسم الجلالة «الله»، والألف للإطلاق، وحذف متعلقه لدلالة ما سبق عليه، أي: وسلم على رسوله وآله. والسلام في اللغة التحية، وهي جملة خبرية لفظًا إنشائية معنًى، أي: اللهم سلم عليه. قوله: «وبعد»: الواو نائبة مناب أما الشرطية، و«بعد» ظرف زمان مبني على الضم، وذلك لقطعه عن الإضافة ونية المضاف إليه. وهي عند أرباب التصنيف كلمة يؤتى به للانتقال من المقدمة إلى المقصود. وقوله: «قد» للتحقيق، و«أحببت» فعل ماض مبني على السكون، والتاء تاء الفاعل، والفاء الرابطة للجواب محذوفة لضرورة النظم. والحب في اللغة: نقيض البغض. قوله: «أن أنظما»: أن حرف مصدرية ونصب، و«أنظما»: فعل مضارع منصوب بـ«أن»، والألف للإطلاق، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا. والنظم في اللغة: نقيض النثر، وهو في الاصطلاح: (كلام مقفى موزون قصدا). وإنما اختار النظم لأنه أسهل في الحفظ، وأبقى في الذهن، قال ابن عاصم الأندلسي (ت:829) في «مرتقى الوصول» [الرجز]: والنظم مدنٍ منه كل ما قصى مذلل من ممتطاه ما اعتصى فهو مـن النثــر لفهم أسبقُ ومقتضاه بالنفوس أعلقُ .................................................. 3- في علمي البيان والمعاني أرجوزة لطيفة المعاني .................................................. قوله: «في علمي»: جار ومجرور متعلق بقوله «أرجوزة»، والتقدير: أنظم أرجوزة في علمي البيان والمعاني. وقوله: «علمي» مثنى عِلْم، حذفت النون للإضافة. وقدم البيان على المعاني مع كونه متأخرا عنه رتبة -على ما سوف يأتي- لأجل الوزن. وسيأتي تعريف علم المعاني والبيان في موطنهما إن شاء الله . ولم يذكر الناظم -- علم البديع مع أنه ضمن شيئا منه في هذا النظم لأن اسم علم البيان صادق عليه، بل هو صادق على المعاني أيضا. وقيل: لم يذكره لأنه ليس مقصودا للمعنى بالأصالة بخلاف المعاني والبيان. وقوله: «أرجوزة»: مفعول به للفعل «أنظما»، و«أرجوزة» أفعولة من الرجز، والرجز: بحر من بحور الشِّعْر معروف، وزنه مستفعلن ست مرات، والأصل في الرجز ارْتعادٌ يصيب البعير والناقة في أَفخاذهما عند القيام، وسمي هذا البحر بهذا الاسم، لأن قائله يأخذه شيء من الرعدة عند إنشاده. قوله: «لطيفة المعاني»: «لطيفة» نعت لأرجوزة، وهو مضاف، و«المعاني» مضاف إليه، و«لطيفة» فعيلة من اللطف، وهو الدقة. والإضافة هنا: من باب إضافة الصفة إلى الموصوف أي المعاني الدقيقة. و«المعاني» جمع معنى: وهو ما يقصد من اللفظ. وفي قوله: «المعاني» في مصراعي البيت ضرب من البديع، وهو الجناس التام، فالمراد باللفظ المعاني الأول: العِلْمُ المعروف، وباللفظ الثاني: جَمْعُ معنى. .................................................. . 4- أبياتها عن مائة لم تزد فقلت غير آمن من حسد .................................................. . قوله: «أبياتها»: أبيات مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والضمير الهاء مضاف إليه، وهو يرجع إلى أرجوزة. والبيت: كلام تام يتألف من أجزاء وينتهي بقافية منه. وقوله: «عن مائة»: جار ومجرور متعلق بقوله تزد. و«لم» حرف نفي وقلب وجزم، و«تزد» فعل مضارع مجزوم بـلم، وحرك بالكسر لأجل الوزن، والفاعل ضمير مستتر تقديره هي يرجع إلى الأبيات، والجملة الفعلية المكونة من الفعل وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ «أبياتها»، وهذا منه بيانٌ لعدد أبيات المنظومة. قوله: «فقلت»: الفاء فاء الفصيحة، حيث أفصحت عن شرط مقدر، وهو إذا تقرر أنني أحببت نظم أرجوزة فقلت...، و«قلت»: فعل وفاعل، وقوله : «غير آمن»: «غير» حالٌ منصوب، وهو مضاف، و«آمن» مضاف إليه، والأمن نقيض الخوف. «من حسد»: جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «آمن»، و«من» بيانية، المراد منها بيان ما خيف منه. والحسد: تمني زوال النعمة عن الغير، وما بعده من الأبيات هو مقول القول. .................................................. ... 5- فصاحة المفرد في سلامته من نفرة فيه ومن غرابته .................................................. .... الفصاحة لغة: الظهور والبيان، يقال أفصح الصبي في منطقه، إذا بان وظهر كلامه، والفصاحة في الاصطلاح تختلف باختلاف موصوفها، فيوصف بها المفرد، ويوصف بها الكلام، ويوصف بها المتكلم، وفي هذا البيت شرع الناظم -- في بيان حد فصاحة المفرد، قال --: «فصاحة المفرد»: «فصاحة» مبتدأ مرفوع وهو مضاف و«المفرد» مضاف إليه، وتقدم بيان معنى الفصاحة لغة، والمراد بالمفرد: الكلمة المفردة، وقوله: «في سلامته»: جار ومجرور متعلق بخبر محذوف تقديره كائنة، والسلامة البراءة والخلوص، والضمير في قوله «سلامته» يرجع إلى المفرد، وقوله «من نفرة فيه»: «من نفرة» جار ومجرور متعلق بقوله «سلامته»، و«من» بيانية، المراد منها: بيان ما يجب سلامة المفرد منه ليصدق عليه حد الفصاحة، «نفرة فيه» : أي في المفرد، وهذا هو الأمر الأول الذي يجب سلامة المفرد منه ليصدق عليه حد الفصاحة عند البلاغيين، وهذه النفرة نفرة حروف، والنفرة لغة: التفرق، وفي اصطلاح البلاغيين: «وصفٌ في الكلمة يوجب ثقلَها على السمع، وصعوبةَ أدائها باللسان»، وسببه في الغالب: أن تكون حروف الكلمة متقاربة في المخرج. والتنافر نوعان: 1- شديد الثقل: مثاله: الظش: اسم للموضع الخشن، والهعخع:اسم لنبات ترعاه الإبل. 2- خفيف الثقل: مثاله: النقاخ:اسم للماء العذب الصافي، ومن ذلك قول امرئ القيس يصف شعر ابنة عمه [الطويل]: غدائره مستشزرات إلى العلا تضل العقاص في مثنى ومرسل والمراد بالغدائر خصل الشعر، ومستشزرات أي مرتفعات (وهنا محل الثقل)، وإلى العلا أي إلى فوق، تضل أي تغيب من الضلالة، والعقاص الخصل المجموعة من الشعر، في مثنى ومرسل أي شعر مثني ومرسل، وأراد بهذا الوصف بيان وفور شعرها، وهو مستحسن في النساء. وضابط معرفة الثقل والصعوبة في هذا الباب يرجع إلى الذوق الصحيح كما صرح بذلك ابن الأثير في «المثل السائر»، والذوق الصحيح إنما يحصل بالنظر في كلام البلغاء وممارسة أساليبهم. وقوله: «ومن غرابة»: الواو عاطفة، و«من غرابة»: جار ومجرور متعلق بقوله «سلامته»، وهذا هو الأمر الثاني الذي يجب سلامة المفرد منه ليصدق عليه حد الفصاحة عند البلاغيين. والغرابة لغة: البعد، وفي الاصطلاح: «كون الكلمة وحشية غير ظاهرة المعنى، ولا مأنوسة الاستعمال». والغرابة نوعان: 1- ما يرجع إلى تردد اللفظ بين معنيين ولا قرينة، ومثاله قول رؤبة بن العجاج [الرجز]: ومقلة وحاجبا مزججا وفاحما ومرسنا مسرجا والمراد بالمقلة العين، والحاجب معلوم، ومزججا أي مدققا مطولا، وفاحما أي شعرا أسودا كالفحم، ومرسنا أي أنفا، ومسرجا هنا محل الغرابة، فيحتمل إرادة كونه كالسيف السريجي في الاستواء والدقة، ويحتمل إرادة كونه كالسراج في البريق واللمعان لكثرة مائه ورونقه، ولا قرينة. أما إذا وجدت القرينة فلا غرابة،مثال ذلك: قوله : ﴿فالذين ءامنوا به وعزروه ونصروه﴾، فالتعزير لفظ مشترك بين التعظيم والإهانة، لكن ذكره للنصر في السياق قرينة على إرادة التعظيم. 2- ما يرجع إلى حاجة كثرة التفتيش عن معناه، وهو لا يخلو من أمرين: أ- أن يوجد معناه بعد عناء وتعب، ومثاله قول بشر بن عوانة يصف أسدا [الوافر]: فخر مضرجا بدم كأني هدمت به بناءً مشمخرا والمراد بقوله فخر أي سقط من علو، مضرجا أي ملطخا بالدم، وقوله بدم تأكيد، به أي الأسد، مشمخرا هنا محل الغرابة والمراد به العالي. ب-أن لا يوجد معناه، مثاله قول أبي الهَمَيْسَع(قيل رجل من أعراب مدين) [الرجز]: من طمحة صبيرها جَحْلَنْجَعِ لم يحْضُها الجدول بالتنوع والطمحة المكان المرتفع، والصبير السحاب ، وقوله جَحْلَنجعِ هذا محل الغرابة، قال صاحب القاموس: ذكروا جَحْلَنجعِ ولم يفسروه. .................................................. .... 6- وكونه مخالف القياسِ ثم الفصيح من كلام الناسِ .................................................. .... قوله: «وكونه مخالف القياس» معطوف على قوله «سلامته من نفرة». وهذا هو الأمر الثالث الذي يجب سلامة المفرد منه ليصدق عليه حد الفصاحة عند البلاغيين. والمخالفة لغة: عدم الموافقة، وفي الاصطلاح عند البلاغيين: «عدم موافقة الكلمة للقانون الصرفي»، ومثال مخالفة القياس: قول أبي النجم [الرجز]: الحمد لله العلي الأجلل الواحد الفرد القديم الأول فإن القياس أن يقول: (الأجلِّ) بالإدغام، ولا مسوغ لفكه. قوله: «ثم الفصيح»: ثم للترتيب الذكري فقط. وقوله:«من كلام الناس»: من بيانية، وهذا شروع منه في بيان حد فصاحة الكلام، والمراد بالكلام في الاصطلاح: «اللفظ المركب المفيد». ................................................ 7- ما كان من تنافر سليما ولم يكن تأليفه عقيما ................................................ قوله:«ما» اسم موصول بمعنى الذي، صادق على «كلام»، و«كان» فعل ناسخ يرفع المبتدأ وينصب الخبر، واسمه ضمير مستتر تقديره هو يرجع إلى الكلام، وخبره «سليما»، وتقدم أن السلامة بمعنى البراءة والخلوص، و«من تنافر» جار ومجرور متعلق بقوله «سليما»، فترتيب الكلام «كان سليما من تنافر»، وهذا هو الأمر الأول الذي يجب سلامة الكلام منه ليصدق عليه حد الفصاحة عند البلاغيين، وهذا التنافر تنافر كلمات، والتنافر لغة: التفرق، وفي الاصطلاح عند البلاغيين: «أن تكون الكلمات ثقيلة على اللسان، وإن كان كل منها فصيحا»، مثاله: قول الشاعر [الرجز]: وقبر حرب بمكان قفر وليس قرب قبر حرب قبر والمراد بحرب حرب بن أمية، قيل: قتله قائل هذا البيت، وهو هاتف من الجن صاح عليه فمات ثم أنشد هذا البيت . (هكذا قيل!!!) فكل كلمة من هذا البيت فصيحة على انفرادها لكن التركيب الحاصل منها متنافر، ولهذا يصعب تكرارها مرات عديدة من غير خطأ. وقوله: «ولم يكن تأليفه» معطوف على قوله ما كان من تنافر سليما، والضمير المتصل في قوله «تأليفه» يرجع إلى الكلام، وهذا هو الأمر الثاني الذي يجب سلامة الكلام منه ليصدق عليه حد الفصاحة عند البلاغيين، والتأليف لغة: التركيب، والسقيم: الضعيف، وفي الاصطلاح عند البلاغيين: «أن يكون التركيب على خلاف القانون النحوي المشهور عند الجمهور»، ومثاله: قول حسان بن ثابت [الطويل]: ولو أن مجدا أخلد الدهر واحدا من الناس أبقى مجده الدهر مطعما فالضمير في (مجده) راجع إلى (مطعما)، وهو متأخر في اللفظ وهذا واضح، ومتأخر في الرتبة لأنه مفعول به، ومعنى البيت:لو كان مجد الإنسان سببا لخلوده في هذه الدنيا لكان المطعم بن عدي أولى بذلك لأنه حاز المجد الرفيع، ألا وهو الدفاع عن الرسول . .................................................. ...... 8- وهو من التعقيد أيضا خالي وإن يكن مطابقا للحال .................................................. ...... قوله: «وهو»: الواو عاطفة، و«هو» مبتدأ مرفوع عائد إلى الكلام في قوله: «من كلام الناس»، و«خالي» خبر هو مرفوع به، والجملة الاسمية هو خالي معطوفة على قوله: «ما كان من تنافر سليما»، وقوله: «من التعقيد» جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «خالي»، و«من» بيانية لما يجب خلو الكلام منه، وقوله «أيضا» منصوب على أنه مفعول مطلق من الفعل آض يئيض، وهو بمعنى رجوعا، أي ويجب لصدق حد الفصاحة عليه أمر أخر. وهذا هو الأمر الثالث الذي يجب سلامة الكلام منه ليصدق عليه حد الفصاحة عند البلاغيين. والتعقيد لغة: التعمية والتغميض، يقال: كلام معقد أي معمى ومُغَمَّض، والتعقيد عند البلاغيين في الاصطلاح: «أن يكون الكلام غير ظاهر الدلالة على المراد». والتعقيد نوعان: 1- لفظي: وهو ما كان اللفظ سببا في عدم فهم المراد منه. مثاله: قول الفرزدق يمدح خال هشام بن عبد الملك [الطويل]: وما مثله في الناس إلا مملكا أبو أمه حي أبوه يقاربه فالكلام هنا غير ظاهر الدلالة على المراد بسب اللفظ(التقديم والتأخير والفصل)، وترتيب البيت:ما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملكا أبو أمه أبوه، ما مثله في الناس:أي ليس شبهه في الناس باعتبار الفضائل. مملكا: أي رجلا أعطي الملك يعني هشاما، أبو أمه: أي أبو أم هشام. أبوه: أي أبو الممدوح، إذاً هو خال هشام. 2- معنوي: وهو ما كان سبب عدم فهم المراد منه لا يرجع إلى اللفظ، مثاله: قول عباس بن الأحنف اليمامي (قال البحتري عنه:أغزل الناس ) [الطويل]: سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا وتسكب عيناي الدموع لتجمدا فالكلام هنا غير ظاهر الدلالة على المراد بسببٍ لا يرجع إلى اللفظ، وهو الانتقال من المعنى الأصلي إلى معنا بعيد يفتقر إلى وسائط عدة، فمعنى البيت: أنني أطيب نفسا بالفراق والبعد، وأتحمل الحزن الذي يفيض الدموع من عيني، لأتسبب في وصل يوم ومسرة لا تنقطع، فجعل سكب الدموع كنايةً عما يلزم عن فراق الأحبة من الحزن،وهذا صواب، وجعل جمود العين كناية عما يقتضيه التلاقي من الفرح، وهذا خطأ، لأنه لا يعرف عند العرب استعمال جمود العين في الفرح، بل هم يستعملونه في الحزن حال إرادة البكاء وعدم حصوله. وقوله: «إن يكن» أي الكلام الفصيح، «مطابقا»: خبر يكن منصوب بها، والمراد بالمطابقة الموافقة، «للحال»:جار ومجرور متعلق باسم الفاعل مطابق، والمراد بالحال عند البلاغيين: «الأمر الداعي للمتكلم إلى أن يعتبر مع الكلام الذي يؤدى به أصل لمراد خصوصية ما، وهي مقتضى الحال». مثاله: كون المخاطب منكرا للحكم حالٌ يقتضى تأكيدَ الحكم، والتأكيد هو مقتضى الحال، وقولك له إنّ زيدا في الدار مؤكداً بإنّ كلامٌ مطابقٌ لمقتضى الحال. ومقتضى الحال يسمى عندهم بالاعتبار المناسب، ومقتضى الحال سيتبين من خلال أبواب علم المعاني التي هي: <<أحوال الإسناد الخبري، أحوال المسند إليه، أحوال المسند، أحوال متعلقات الفعل، والقصر والإنشاء، والوصل والفصل، والإيجاز والإطناب والمساواة>>. .................................................. ..... 9- فهو البليغ والذي يؤلفه وبالفصيح من يعبر تصفه .................................................. .... قوله: «فهو» أي الكلام الفصيح المطابق لمقتضى الحال، «البليغ»: أي الكلام البليغ. والبلاغة في اللغة: الوصول والانتهاء، يقال بلغ فلان قصده إذا وصله وانتهى إليه، والبلاغة في الاصطلاح تختلف باختلاف موصوفها، فيوصف بها الكلام والمتكلم فقط، ولا توصف الكلمة بالبلاغة لقصورها عن الوصول بالمتكلم إلى قصده. وقد حد الناظم الكلام البليغ: «بأنه الكلام الفصيح المطابق لمقتضى الحال»، وتقدم شرحه في البيت السابق. وقوله: «والذي يؤلفه»: الضمير في قوله «يؤلفه» يعود إلى الكلام البليغ، والتأليف بمعنى التركيب. ومراده أن الذي يركب الكلام البليغ يسمى بليغا. فيقال في حد بلاغة المتكلم: «هي ملكة يقتدر بها على تأليف كلامٍ بليغ». وقوله: «بالفصيح»:جار ومجرور متعلق بالفعل تصف، والضمير في قوله: «تصفه» يعود إلى قارئ النظم، وهو مفهوم من السياق، و«من يعبر»:أي الذي يعبر بلفظ فصيح، والتقدير تصف يا أيها القارئ للنظم بالفصيح الذي يعبر بلفظ فصيح، فهذا بيان منه لفصاحة المتكلم، ويقال في حدها: «ملكة يقتدر بها على التعبير عن المقصود بلفظ فصيح». ........................................ |
#2
|
|||
|
|||
مالي أرى ملتقاكم يا أهل اللغة قد حذفت منه لوحة التحكم في تنسيق الموضوع؟
قد اجتهدت في تنسيق النص على "الوورد" ثم زال كل ذلك عندما نسخت النص هنا! فما الحل بوركتم وسددتم؟ |
#3
|
|||
|
|||
__________________
. " ومن تفكّر في المُرتفعين في الهِمم علِمَ أنهم كهو من حيث الأهليّة ، والآدميّة ؛ غير أنّ حُب البَطالةِ ، والراحة جَنَيا عليه فأوثقاه ، فساروا وهو قاعد ، ولو حرّك قَدَم العزم لوصل ! . " ابن الجوزي الطب الروحاني (ص/55)
|
#4
|
|||
|
|||
اخي أبا المقداد طابت أناملك ونُوّر قلبُك على هذا الشذرات الطيبة..
عزيزي هلا أمددتنا بالمتن مفردا، آخذنا بيده نسخة آخرى محضونة بالشروح، لعلّنا نَدرسه ونُدرسه، ونتدارسه معكم. دمتم في توفيق الله. |
#5
|
|||
|
|||
الدرس الثاني: قال الناظم : .................................................. ............. والصدق أن يطابق الواقع ما يقوله والكذب إذ ذا عُدما .................................................. ..... وكان الأولى بالناظم--أن يؤخر الكلام عن حدهما إلى ما بعد حد علم المعاني، إذ ذاك محل مناسبته، وعلى هذا سار صاحب التلخيص. وقوله: «والصدق»: الواو استئنافية، و«الصدق» مبتدأ مرفوع، و«أن» حرف مصدرية ونصب: تنصب الفعل وتأول وما بعدها بمصدر. وقوله: «يطابق»: فعل مضارع منصوب بأن، و«الواقع»: مفعول به مقدم للفعل يطابق، و الفاعل الاسم الموصول في قوله: «ما يقوله»،والضمير في قوله: «يقوله» يعود إلى المتكلم، وليس له في الكلام ذكر إلا أنه مفهوم بالسياق، و«أن» وما بعدها في تأويل مصدر خبر للمبتدأ (الصدق). وعلى ذلك فحد الصدق:<<مطابقة ما يقوله المتكلم للواقع>>. وقوله: «والكذب»: الواو عاطفة، و«الكذب» مبتدأ مرفوع. وقوله «الكذب» بإسكان الذال لغة فصيحة لكنها غير مشهورة، استعملها الناظم لأجل الوزن. وقوله: «إذ»: ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون، متعلق بمحذوف خبر تقديره كائن، وهو مضاف، وجملة «ذا عدما» في محل جر بالإضافة. وقوله: «ذا» اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، وهو يعود إلى مطابقة ما يقوله المتكلم للواقع. وقوله: «عدما»: عدم فعل ماض مبني على الفتح، والألف للإطلاق، وهو مأخوذ من العدم بمعنى فقدان الشيء، وفاعله ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى اسم الإشارة ذا. والجملة الفعلية المكونة من الفعل وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ «ذا». وعلى ذلك فحد الكذب:<<مخالفة ما يقوله المتكلم للواقع>>. وما ذهب إليه الناظم -- في حد الصدق والكذب هو القول الأول في المسألة، وهو مذهب جمهور العلماء. والقول الثاني:أن الصدق مطابقة الكلام للاعتقاد ولو خالف الواقع، والكذب مخالفة الكلام للاعتقاد ولو وافق الواقع، وبهذا قال النَّظَّام. واستدل على ذلك: بقوله : إن المنافقين لكاذبون، ووجه ذلك: أن الله سماهم كاذبين مع أنهم قالوا نشهد إنك لرسول الله ، وهذا الكلام مطابق للواقع، لكنه مخالف لاعتقادهم. ورد: بأن الله كذبهم في الشهادة لا في إخبارهم بأنه رسول الله، ومن المعلوم أن الشهادة لا تكون إلا على وفق اعتقاد. والقول الثالث:أن الصدق مطابقة الكلام للاعتقاد والواقع معا، والكذب مخالفة الكلام للاعتقاد والواقع معا، وأما ما وافق أحدهما دون الأخر فلا يسمى صدقا ولا كذبا، وبهذا قال الجاحظ. واستدل على ذلك: بقوله حكاية عن المشركين: أفترى على الله كذبا أم به جنة، ووجه ذلك: أنهم قابلوا الجنون بالكذب فدل على أنه غيره، وهو غير الصدق، لأنهم لا يعتقدون صدق النبي صلى الله عليه وسلم، النتيجة: أن القسمة ثلاثية صدق وكذب وما ليس صدقا ولا كذبا. ورد: بأن المعنى: أفترى على الله كذبا أم لم يفتر؟ وعبر بالجنة لأن المجنون لا افتراء له، إذ الافتراء لا يقع إلا عن عمد. والذي يظهر لي أن الخلاف في هذه المسألة لا ينبني عليه أي فائدة بيانية، وإنما حصل إيضاحه مجاراة للكتب الأصول في هذا الفن، وذلك ليكون الطالب على دراية به إذا قرأ فيها. قال عبد المتعال الصعيدي بعد ذكره لهذا الخلاف: "ورأيي في هذه الخلافات بعد الانتهاء منها أنها خلافات لا طائل تحتها ". .............................................. وعربي اللفظ ذو أحوال يأتي بها مطابقا للحال .............................................. واللفظ في اللغة: الطرح والرمي، يقال: أكلت التمرة ولفظت النواة، أي طرحتها ورميتها. وفي الاصطلاح: الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء. والعربي: المنسوب للعرب، والعرب كل من كان من ولد إسماعيل سواء سكن البادية أم الحاضرة. وقوله: «ذو أحوال»: «ذو» خبر للمبتدأ «عربي» مرفوع به، وهو مضاف و«أحوال» مضاف إليه. و«ذو» بمعنى صاحب، و«أحوال» جمع حال، والحال لغة: الهيئة والصفة، والتقدير: اللفظ العربي صاحب هيئات وصفات. «يأتي بها»: «يأتي» فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره "هو" يعود إلى«عربي اللفظ»، وقوله: «بها» جار ومجرور متعلق بالفعل «يأتي»، والضمير المتصل يعود إلى(أحوال). وقوله:«مطابقا»: حال مبين لهيئة الفاعل (الضمير المستتر العائد إلى عربي اللفظ)، وقوله: «للحال» جار ومجرور متعلق باسم الفاعل«مطابقا»، والمطابقة في اللغة: مفاعلة من طابق الشيء إذا وافقه. ومطابقة الحال عند البلاغيين: <الخصوصية التي يعتبرها المتكلم مع الكلام الذي يؤدي به أصل المراد>. وقوله «يأتي بها مطابقا للحال»: قيد احترز به عن الأحوال التي ليست على هذه الصفة، مثل:الإعلال والإدغام والرفع والنصب وما أشبه ذلك. ............................................... عرفانها علم هو المعاني منحصر الأبواب في ثمان ................................................ والعرفان لغة: العلم، وقوله: «علم» خبر المبتدأ «عرفان» مرفوع به، وقوله: «هو» مبتدأ مرفوع يعود إلى «علم»، و«المعاني» خبر للمبتدأ «هو» مرفوع به. وأراد الناظم-- في ما سبق حدَ علم المعاني، وأنه في الاصطلاح عند البلاغيين: "علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي يأتي بها مطابقا للحال". وقدم -- البحث في علم المعاني على البحث في علم البيان، لكونه منه بمنزلة المفرد من المركب، لأن رعاية المطابقة لمقتضى الحال وهو مرجع علم المعاني، معتبرة في علم البيان مع زيادة شئ آخر وهو إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة كالتعبير عن اتصاف زيد بالكرم بأنه كثير الرماد، جبان الكلب، مهزول الفصيل. وقوله: «منحصر الأبواب»: منحصر صفة لـ«علم»، وصفة المرفوع مرفوعة، وهو مضاف و«الأبواب» مضاف إليه، «ومنحصر» اسم مفعول من الفعل انحصر، والحصر لغة: الجمع، و«الأبواب» جمع باب، والباب لغة: المدخل إلى الشيء، وقيل: فرجة في ساتر يتوصل بها من داخل إلى خارج والعكس، وهو حقيقة في الأجسام، مجاز في المعاني كما هنا، وفي الاصطلاح: اسم لجملة من العلم ذاتِ علاقةٍ واحدة، وقوله: «في ثمان»: جار ومجرور متعلق باسم المفعول (منحصر)، وقوله: «ثمان» أصله ثمانية لأن المعدود الذي هو الباب مذكر، وقد حذف آخره من أجل النظم، أو يقال بأن هذا نظرا لأن الباب في اللغة الفرجة وهي مؤنثة. وأراد الناظم -- أن يبين أن علم المعاني مجموع في ثمانية أبوب، وهي: <<أحوال الإسناد الخبري، أحوال المسند إليه، أحوال المسند، أحوال متعلقات الفعل، والقصر، الإنشاء، والوصل والفصل، والإيجاز والإطناب والمساواة>>. ............................ باب:أحوال الإسناد الخبري ............................ و«الإسناد» لغة: مصدر من الفعل أسند، وهو في الأصل ما ارتَفَعَ من الأَرض في قُبُل الجبل أَو الوادي، ثم تجوز به في انضمام الشيء إلى الشيء، و«الخبري» المنسوب إلى الخبر، والخبر ما يدخله الصدق والكذب لذاته، وحُد الإسناد الخبري في الاصطلاح بأنه: "ضم كلمة أو ما يجرى مجراها إلى أخرى بحيث يفيد الحكم بأن مفهوم أحدهما ثابت لمفهوم الأخرى أو منفى عنه". وشرحه: ضم: أي جمع، والكلمة في اللغة: الجمل المفيدة، وفي الاصطلاح: "قول مفرد". وما يجري مجراها: هذا قيد لإدخال نحو: زيد قام أبوه، فقولنا قام أبوه ليست كلمة بل جملة مفيدة، ولكنها جارية مجرى الكلمة، وقولنا: بحيث يفيد الحكم... إلخ، قيد يراد به إخراج الإسناد الإنشائي، نحو: قم، أي أنت، والمراد بالمفهوم ما تفهمه الكلمة من معنى، ولا يشكل على هذا ما يقرره المنطقيون من أن المعتبر من جانب الموضوع الذات ومن جانب المحمول المفهوم، وذلك لأن الذات أيضا مما يفهم من اللفظ، ويتضح هذا بالمثال، فهم يقولون أن قولنا مثلا الشجرة مثمرة، المعتبر في الموضوع الذي هو الشجرة الذات لا مفهومها أي معناها، والمعتبر في المحمول الذي هو مثمرة المفهوم لا الذات، فيقال لهم هنا بأن الذات بالنسبة للشجرة مما يفهم أيضا. وقدم الناظم -- البحث في الخبر لعظم شأنه وكثرة مباحثه، ثم قدم أحوال الإسناد على أحوال المسند إليه والمسند مع تأخر النسبة-أي تعلق الطرفين ببعض- عن الطرفين لأن البحث في علم المعاني إنما هو عن أحوال اللفظ الموصوف بكونه مسندا إليه أو مسندا وهذا الوصف إنما يتحقق بعد تحقق الإسناد، والمتقدم على النسبة إنما هو ذات الطرفين، ولا بحث لنا عنهما في هذا المقام. ................................................. إن قصد المخبر نفس الحكم فسم ذا فائدة وسم ................................................ وتقدم معنا بيان حد الخبر، وأنه ما احتمل الصدق والكذب لذاته، وشرحه: ما موصولة بمعنى الذي صادقة على كلام، وقوله: احتمل: أي قَبِل الوجه وضده، والصدق والكذب تقدم حدهما. وهو -أي قوله احتمل- قيد يخرج الإنشاء، وقوله:«لذاته» قيد يدخل ما إذا احتفت به قرينة تمنع الكذب أو الصدق، نحو قوله (الله الصمد) فهذا خبر لكنه لا يحتمل الكذب لأنه كلام الله، ونحو قوله : (الكلمة الطيبة صدقة) فهذا خبر لكنه لا يحتمل الكذب لأنه كلام الرسول وما هو إلا وحي، ونحو قول مسيلمة أنه رسول الله فهذا خبر لكنه لا يحتمل الصدق لدلالة القطعي على ذلك، فعدم احتمال الكذب في المثالين الأولين وعدم احتمال الصدق في الأخير لا يرجع إلى ذات الخبر بل إلى قائله. وقوله «نفس الحكم»: «نفس» مفعول به للفعل «قصد»، وهو مضاف و«الحكم» مضاف إليه، والمراد بالنفس لغة الذات. والحكم في اللغة: المنع، وفي الاصطلاح: إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه. وقوله: «فسم»: هذا جواب الشرط، وهو أمر بالتسمية، والأمر موجه لقارئ النظم، والاسم في اللغة ما يعرف به الشيء وفيه قولان من جهة اشتقاقه، قيل هو مشتق من الوسم أي العلامة وقيل من السمو وهو العلو، قال الكوفيون بالأول وقال البصريون بالثاني. وقوله «ذا»: إشارة إلى ما سبق وهو قصد المخبر نفس الحكم، وقوله «فائدة»: أي فائدة الخبر. والفائدة في اللغة: اسم لكل ما استحدث من خير. وأراد الناظم-- بهذا أن يبين المقصد الأول من مقاصد الإسناد الخبري وهو فائدة الخبر، وبناء على ذلك فحد فائدة الخبر عند البلاغيين:"إفادة المخاطب نفس الحكم". ومثال هذا المقصد:قول زيد لعمرو: الشجرة مثمرة، وهو يقصد إخباره بحصول الإثمار من الشجرة. وقوله: «وسم» معطوف على قوله سم السابق ويقال فيه مثل ما تقدم. ................................................ إن قصد الإعلام بالعلم به لازمها وللمقام انتبه ................................................ وتقدم أن القصد بمعنى الإرادة. وقوله: «الإعلام» مفعول به للفعل قصد، والإعلام مصدر من الفعل أعلم الرباعي. وهو بمعنى التمكين من العلم، إذ إن أفعل في اللغة تأتي للتمكين. وقوله: «بالعلم» جار ومجرور متعلقان بالمصدر(الإعلام). والعلم في اللغة نقيض الجهل، وقوله «به»: الضمير يعود إلى الحكم في قوله (نفس الحكم). وتقدم معنا بيان المراد بالحكم وأنه إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه. وقوله لازمها مفعول به لفعل الأمر(سم)، الوارد في البيت السابق، والضمير في لازمها يعود إلى الفائدة، واللازم مالا ينفك عن الشيء، وأراد الناظم-- بهذا أن يبين المقصد الثاني من مقاصد الإسناد الخبري وهو لازم الفائدة، وبناء على ذلك فحد لازم الفائدة عند البلاغيين: "إفادة المخاطب كون المخبر عالما بالحكم"، ومثال هذا المقصد: قول زيد لعمرو وقد أخفى عنه إتقانه للعربية: أنت متقنٌ للعربية. فهو هنا أخبره بما يعلمه، ولكنه يريد أن يفهمه بأنه على علم بذلك، فكأنه قال له: أنا عالم ٌ بإتقانك للعربية، وقد طوى هذا المعنى لدلالة القرينة عليه. والأصل في الخبر أن يلقى لأحد المقصدين السابقين، ولهذا اقتصر عليهما كثير من علماء البلاغة. وقد يقصد به أغراضٌ أخرى يصعب حصرها تعلم بالقرائن، و منها: 1- الاستعطاف، ومنه قوله حكاية عن موسى -عليه السلام-: ﴿فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير﴾. 2- إظهار التحسر على شيء محبوب، ومنه قوله حكاية عن أم مريم: ﴿رب إني وضعتها أنثى﴾. ومن ذلك أيضا قول لبيد بن ربيعة العامري (ت:41) [الكامل]: ذهب الذين يعاش في أكنافهم وبقيت في خَلْف كجلد الأجربِ سَلِي إِنْ جَهِلْت النَّاسَ عَنَّا وعَنْهُمُ فلَيــْسَ سَـــواءً عـــالِمٌ وجَـــهُولُ 5- الوعظ، ومنه قوله : ﴿كل نفس ذائقة الموت ﴾. ومنه أيضا قول أبي العتاهية (ت: 211) [الرجز]: إن الشباب والفراغ والجده مفسدة للمرء أي مفسده وربما أجري مجرى الجاهل مخاطبٌ إن كان غير عامل. وقوله:«وللمقام»:جار ومجرور متعلق بالفعل «انتبه». والمقام في اللغة محل الإقامة، والمراد هنا -على سبيل التجوز- حال المخاطب. «انتبه»: فعل أمر من النبه الذي هو الفطنة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت،والمراد به المخبر. وقوله «وللمقام انتبه» من حيث المعنى متعلق بالبيتين اللاحقين. ........................................... إن ابتدائيا فلا يؤكد أو طلبيا فهو فيه يحمد ........................................... فالمقرر في علم النحو جواز حذف كان واسمها بعد إن ولو الشرطيتين، قال ابن مالك-- [الرجز]: ويحذفونها ويبقون الخبر وبعد إن ولو كثيرا ذا اشتهر والمراد بالحكم الإسناد،والضمير في قولنا فيه يرجع إلى الحكم. وقوله: «فلا يؤكد»: الفاء واقعة في جواب الشرط، ولا نافية مبنية على السكون لا محل لها من الإعراب، و«يؤكد» فعل مغير الصيغة، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه تقدير هو يراد به الحكم، والجملة الفعلية المكونة من الفعل ونائب الفاعل في محل جزم جواب الشرط، <واقتران الفاء بالجواب هنا وجوبا لعدم صلاحيته لمباشرة الأداة>. والنفي هنا بمعنى النهي، والتوكيد في اللغة التقوية، والمعنى لا يجوز توكيد الحكم لخالي الذهن، فإذا أردت أن تخبر خالي الذهن بقيام زيد فيجب عليك أن تورد الخبر من غير توكيد، فتقول زيد قائم، والمأخذ أن التوكيد لمن هذه حاله من باب العبث،إذ هو قدر زائد عن الحاجة، وما كان كذلك فيجب تركه. وقوله: «أو طلبيا»: «أو» عطف على قوله (إن ابتدائيا)، و «أو» هنا للتقسيم، وقوله: «طلبيا» يقال فيه من حيث الإعراب مثل ما قيل في قوله «إن ابتدائيا»، وقوله: «طلبيا» مصدر منسوبٌ فعله طلب بمعنى حاول في تحصيل الشيء، فالطلبي: المنسوب لمحاولة تحصيل الشيء، والمقام الطلبي عند البلاغيين: "أن يكون المخاطب مترددا في الحكم طالبا له". وقوله: «فهو فيه يحمد»: «فهو» الفاء واقعة في جواب الشرط، والضمير (هو) مبتدأ مرفوع يرجع إلى التوكيد. وقوله: «فيه» جار ومجرور متعلق بالفعل «يحمد»، والضمير في قوله «فيه» يرجع إلى المقام الطلبي، و«يحمد» فعل مضارع فاعله ضمير مستتر فيه تقديره هو يرجع إلى التوكيد، والجملة الفعلية المكونة من الفعل وفاعله في محل رفع خبر للمبتدأ (هو)، والجملة الاسمية «هو يحمد» في محل جزم جواب الشرط. والحمد لغة نقيض الذم. والمعنى: يحسن (ولا يجب) توكيد الحكم للمخاطب المتردد الطالب للحكم، فإذا أردت أن تخبر المتردد الطالب للحكم بقيام زيد فيحسن عليك أن تورد الخبر مؤكدا،فتقول إن زيدا قائم. وقيد بعض البلاغيين هذا الحكم-أي حسن التوكيد في المقام الطلبي- بما إذا كان المخاطب ظاناً خلاف الحكم. والأول أقرب فالتردد معنى مناسب للتوكيد في هذه الحال وبهذا تخرج زيادته-أي التوكيد- عن حد العبث. والذي يظهر لي أنه يؤكد الحكم في الطلبي بمؤكد واحد فقط،لأن الزيادة عن واحد ضرب من العبث وهو ممنوع. .................................................. وواجب بحسب الإنكار ويحسن التبديل بالأغيار .................................................. والحسب في اللغة قدر الشيء، والإنكار مصدر أنكر بمعنى جحد، فالإنكار الجحود، والمعنى يجب التوكيد في المقام الإنكاري بقدر إنكار المخاطب. وحد المقام الإنكاري عندهم: "أن يكون المخاطب منكرا للحكم". وقولنا: بقدر الإنكار، أي يجب زيادة التأكيد بحسب زيادة الإنكار إزالة له. والمثال المشهور هنا ما جاء في الكتاب حكاية عن أصحاب القرية أنهم قالوا إذ كذبوا في المرة الأولى: ﴿إنا إليكم مرسلون﴾ مؤكدا بإن، واسمية الجملة، وقالوا في المرة الثانية:﴿ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون﴾ مؤكدا بإن،واللام،واسمية الجملة لمبالغة المخاطبين في الإنكار حيث قالوا: ﴿ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنت إلا تكذبون﴾. وقد ذهب بعض البلاغيين إلى أن الآية تضمنت مؤكدا رابعا وهو القسم في قوله ربنا يعلم، وأن هذا قسم استعملته العرب في أحيان قليلة وذكروا لذلك شاهدا، وأيدوا مذهبهم بأن جمعا من الفقهاء اعتبره كذلك وأوجب فيه الكفارة عند الحنث، والصحيح أنه مؤكد لكنه ليس بقسم، وكون العرب استعملته لا يلزم أن يكون قسما، وبناء على ذلك فلا كفارة على من حنث فيه. <<فائدتان>>: 1- يسمي البلاغيون إخراج الكلام على الوجوه السابقة وهي: الخلو عن التأكيد في الأول، والتقوية بمؤكد استحسانا في الثاني، ووجوب التأكيد بقدر الإنكار في الثالث إخراجا على مقتضى الظاهرأي ظاهر الحال. 2- العلاقة بين مقتضى ظاهر الحال ومقتضى الحال: العلاقة بينهما العموم والخصوص المطلق، فكل مقتضى الظاهر-أي ظاهر الحال-مقتضى الحال من غير عكس، كما هو الحال في صورة إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر فإنه يكون على مقتضى الحال، ولا يكون على مقتضى الظاهر، وسيأتي بيانه لاحقاً إن شاء الله . قوله: «ويحسن التبديل»: الواو عاطفة على ما سبق، و«يحسن» فعل مرفوع، و«التبديل» فاعله، و«يحسن» فعل مضارع من الحسن، والحسن نقيض القبح، و«التبديل» مصدر للفعل بدل بمعنى غير الشيء، فالتبديل تغيير الشيء، وقوله: «بالأغيار» جار ومجرور متعلق بالمصدر (التبديل)، والأغيار جمع غير على زنة أفعال، والغير الاسم من قولك غيرت الشيء، والمعنى أنه يحسن(ولا يجب) تنزيل المقام -أي حال المخاطب- منزلة غيره، وتبديله به، وهذا هو مبحث إخراج الكلام عن مقتضى الظاهر، وكلامه ليس على إطلاقه بل إذا اقتضى ذلك الحال، لكن لما كان هذا قيدا معلوما من حد علم المعاني لم يذكره. وبناء على ماتقدم: - فينزل خالي الذهن منزلة المتردد إذ قدم له في الكلام ما يلوح بالخبر الذي سيلقيه عليه، لأنه إذا فعل ذلك معه استشرف للخبر استشراف المتردد. ومثاله: قوله : ﴿ولا تخاطبني في الذين ظلموا﴾ فينهى الله في هذه الآية نوحا -عليه السلام - عن الشفاعة لقومه وهذا يشعر بأنهم سيعذبون، فصار المقام مقام تردد هل سيعذبون؟!، فقال:﴿إنهم مغرقون﴾ بالتأكيد. - وينزل المنكر منزلة غير المنكر إذا ظهر عليه شيء من علامات الإنكار،ومنه قول حجل بن نضلة القيسي [السريع]: جاء شقيق عارضا رمحه إن بني عمك فيهم رماح - وينزل المنكر منزلة خالي الذهن إذ كان لديه دلائل واضحة وبراهين جلية،ومنه قوله : ﴿وإلهكم إله واحد﴾ والخطاب للمشركين. - وينزل المتردد منزلة خالي الذهن فيما إذا كان الخبر مشهورا،ومثاله:قَدِمَ الأمير. وما تقدم معنا كله في الإسناد الخبري الموجب، والإسناد المنفي مثله تماما في التجريد عن المؤكدات في الابتدائي، وتقويته بمؤكد استحسانا في الطلبي، ووجوب التأكيد بحسب الإنكار في الإنكاري، فتقول لخالي الذهن: ما زيد قائما، أو ليس زيد قائما، وللطالب: ما زيد بقائم، وللمنكر: والله ما زيد بقائم. قال الأخضري--في الجوهر المكنون [الرجز]: والنفي والإثبات في ذا الباب يجري على ثلاثة الألقاب. ................................................ والفعل أو معناه إن أسنده لما له في ظاهر ذا عنده ................................................ وقوله: «أو معناه»: «أو» عاطفة على قوله(الفعل)، وهي بمعنى التنويع، وقوله (معناه) معطوف عليه، والضمير يرجع إلى الفعل، ومعنى الفعل عندهم: [ المصدر، واسم الفاعل، واسم المفعول،والصفة المشبهة، واسم التفضيل]. وقوله: «إن أسنده»: «إن» شرطية، وأسند:فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر فيه تقديره هو والمراد المتكلم، والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به للفعل أسند، وهو يرجع إلى الفعل أو معناه، وأسند فعل ماض من السند،وهو في الأصل ما ارتَفَعَ من الأَرض في قُبُل الجبل أَو الوادي، ثم تجوز به في انضمام الشيء إلى الشيء، وحده في الاصطلاح كما سبق :"ضم كلمة أو ما يجرى مجراها إلى أخرى بحيث يفيد الحكم بأن مفهوم احدهما ثابت لمفهوم الأخرى أو منفى عنه". قال الأخضري –- في الجوهر المكنون [الرجز]: [والحكم بالسلب والإيجاب إسنادهم] وقصد ذي الخطاب. والظاهر في اللغة اسم فاعل من الفعل ظهر بمعنى وضح وبان، فهو بمعنى الواضح والبين، والمراد -هنا-: ظاهر حال المتكلم، وذلك بأن لا ينصب قرينةً دالةً على أنه غير ما هو له في اعتقاده. «ذا عنده»: «ذا» اسم إشارة، أشار به إلى قوله: «لما له»، وقوله: «عنده» الضمير يعود إلى المتكلم. ............................................ حقيقة عقلية وإن إلى غير ملابس مجازاً أولا ............................................ وأراد الناظم-- بهذا أن يبين القسم الأول من أقسام الإسناد المطلق وهو الحقيقة العقلية، وبناء على ذلك فحد الحقيقة العقلية عند البلاغيين: "إسناد الفعل أو معناه لما هو له عند المتكلم فيما يفهم من ظاهر حاله". تنبيه: المراد بالإسناد المطلق: ما يصدق على الخبري والإنشائي. ويظهر مما سبق أن الحقيقة العقلية أربعة أقسام: 1- ما يطابق الواقع والاعتقاد،ومثاله:قول المؤمن: شفى الله المريض. 2- ما يطابق الاعتقاد فقط، ومثالها:قول الكافر: شفى الطبيب المريض. 3-ما يطابق الواقع فقط، ومثاله: قول المعتزلي لمن لا يعرف حاله وهو يخفيها منه: خلق الله أفعال العباد كلها. 4- مالا يطابق الواقع والاعتقاد، ومثاله: قولك لآخر: جاء زيد، وأنت تعلم أنه لم يجيء. وقوله: «وإن إلى غير ملابس»: الواو عاطفة على ما سبق، وهي للتقسيم، و«إن» شرطية وفعل الشرط محذوف مقدر تقديره أسنده أي الفعل أو معناه، وقوله: «إلى غير» جار ومجرور متعلق بالفعل المحذوف أسند، وغير على قطع الإضافة، والتقدير غيرٍ، و«ملابس» على القطع صفة لذلك الغير، وهو قيد لإخراج الغير غير الملابس، وفي بعض النسخ: إلى عين ملابس، وقدمها بعض الشراح من جهة أن غير الملابس لا بحث له هنا، وتقدم الجواب عن الإضافة وأنها على القطع. وملابس اسم فاعل من لابس الرباعي، وهو بمعنى المخالط، والفعل أو معناه له ملابسات شتى: [الفاعل، والمفعول به، والمصدر، والزمان، والمكان، والسبب]. مثال المسند إلى الفاعل: سيل مفعم من أفعمت الإناء أي ملأته. مثال المسند إلى المفعول : فهو في عيشة راضية أي مرضية. مثال المسند إلى المصدر: جن جنونه . مثال المسند إلى الزمان: نهاره صائم. مثال المسند إلى المكان: نهر جارٍ. مثال المسند إلى السبب: بنى الأمير المدينة. ولابد من تقييد الملابس بقيد فيقال: إلى غيرٍ ملابسٍ [غير ما هو له]، وذلك لإخراج الملابس الذي هو له [الفاعل فيما بني للفاعل، والمفعول فيما بني للمفعول]، فقد تقدم بأنه حقيقة عقلية، ولعل الناظم -- لم يذكر هذا القيد اكتفاءً بما سبق في حد الحقيقة. وقوله: «مجازاً»: مفعول به ثان لفعل محذوف تقديره يدعى مجازا. والمجاز: من حيث الصياغة الصرفية (مفعل) من جاز الشيء إذا تعداه، والمراد العقلي. وقوله: «أولا»: أول: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى المتكلم، والألف للإطلاق، وهو قيد في حد المجاز العقلي لإخراج قول الكافر: شفى الطبيب المريض؛ فهذا الإسناد وإن كان إلى غير ما هو له في الواقع إلا أنه لا تأول فيه، لأنه مراده. ولهذا القيد لم يحمل قول الصلَتَان العَبْدي [المتقارب]: أشاب الصغير وأفنى الكبير كر الغداة ومر العشي ومن المجاز العقلي إسناد مَيَّزَ في قول أبي النجم [الرجز]: قد أصبحت أم الخيار تــــــدّعي علي ذنـــــبا كــــله لم أصـنـع من أن رأت رأسي كرأس الأصلع مَيَّزَ عـــــنه قنــــزعا عن قنزع جذب الليالي أبطئي أو أسرعي... والقرينة الدالة على عدم إرادة الظاهر قوله عقب ذلك: أفناه قيل الله للشمس اطلعي حتى إذا واراك أفق فارجعي وهذا يدل على أن التمييز فعل الله فيكون الإسناد إلى جذب الليالي من باب التأويل بناء على أنه زمان الفعل. وأراد الناظم-- فيما سبق أن يبين القسم الثاني من أقسام الإسناد المطلق وهو المجاز العقلي، وبناء على ذلك فحد المجاز العقلي عند البلاغيين: "إسناد الفعل أو ما في معناه إلى ملابسٍ غير ما هو له بتأول ". وقد تقدم شرحه. .................................................. ........................ |
#6
|
|||
|
|||
أحسن الله اليكم كما احسنتم الى عباده بانتظار المزيد وفقكم الله |
#7
|
|||
|
|||
بارك الله بكم
هذا رابط المتن مفردا |
#8
|
|||
|
|||
الدرس الثالث: قال الناظم : .............................. الباب الثاني:أحوال المسند إليه .............................. وقَدَّمَهُ لأنه كالموصوف، والمسند كالصفة، والموصوف أجدر بالتقديم لأنه موضوع، والصفة محمول، والأول أشرف من الثاني، ولأنه الركن الأعظم في الكلام. ............................................... الحذف للصون وللإنكارِ والاحتراز وللاختبار ................................................ والحذف على خلاف الأصل، وبناءً على ذلك فلابد من وجد قرينة تدل عليه، وهو قسمان: القسم الأول: ما يظهر عند الإعراب، مثاله: أهلا وسهلا، فإن نصبهما يدل على ناصب محذوف، والتقدير:جئت أهلا، ونزلت مكانا سهلا، وليس هذا القسم من البلاغة في شيء. والقسم الثاني:ما ليس كذلك، بل يظهر بتأمل المعنى، وفي هذا تظهر أسرار البلاغة ودقائقها، وله أغراض ذكر الناظم -- منها أربعة: أحدها: الصون، والصون في اللغة: الحماية، والمراد بالصون هنا: صونه -أي المسند إليه- عن لسانك لأنه في نظرك عظيم، أو صون لسانك عنه لأنه حقير، ومثال الأول قول الشاعر [الطويل]: نجوم سماء كلما انقضَّ كوكب بدا كوكب تأوي إليه كواكبه ومثال الثاني قول الشاعر [البسيط]: قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهمُ واستوثقوا من رتاج الباب والدار وقوله: «وللإنكار»:الواو عاطفة على ما سبق، والإنكار في اللغة الجحد، والمراد هنا أن الحذف يكون بقصد تيسير الإنكار عند الحاجة إليه، وهذا هو الغرض الثاني من أغراض حذف المسند إليه، ومثاله:أن يقول قائلٌ: سارق، أي زيد لقيام القرينة على أنه المراد، وذلك ليتأتى له أن يقول ما أردت زيدا بل غيره. وقوله: «وللاحتراز»: الواو عاطفة على ما سبق، والاحتراز لغة: التحفظ، والمراد هنا أن الحذف يكون بقصد الاحتراز عن العبث بذكر ما يمكن أن يستغنى عنه، وهذا هو الغرض الثالث من أغراض حذف المسند إليه، و مثاله: قول من رأى الهلال: الهلال، والتقدير: هذا الهلال. وقوله: «وللاختبار»: الواو عاطفة على ما سبق، والاختبار في اللغة: الامتحان، والمراد هنا أن الحذف يكون بقصد الامتحان للمخاطب، وهذا هو الغرض الرابع من أغراض حذف المسند إليه ومثاله:نورٌ مستفاد من نور الشمس، والتقدير: القمر نور مستفاد من نور الشمس. وللحذف أغراض أخرى لم يذكرها الناظم ، ومنها: -ستره -أي المسند إليه- عن غير المخاطب من الحاضرين، مثاله: قولك: جاء، تريد زيدا لمن عرفه معك. - ضيق المقام عن ذكره بسبب توجع وضجر، ومثاله قول الشاعر [الخفيف]: قال لي:كيف أنت؟ قلت: عليلٌ سهرٌ دائمٌ وحزنٌ طويلُ - خوف فوات فرصة سانحة إذا ذُكر، ومثاله:قول منبهٍ على صيدٍ:غزال!، إذ لو قال له هذا غزال لفات صيده. - المحافظة على السجع: ومثاله:من طابت سريرته، حمدت سيرته، إذ لو قال حمد الناس سيرته لم يستقم السجع. - المحافظة على القافية:ومثاله: قول الشاعر [الطويل]: وما المال والأهلون إلا وديعة ولابد يوما أن ترد الودائع - المحافظة على الوزن:ومثاله:قول الشاعر [الطويل]: على أنني راضٍ بأن أحملَ الهوى وأخلص منه لا علي ولا وليا - اتباع العرب في استعمالهم: ومثاله: رمية من غير رامي، والأصل: هذه رمية، ولكن حذف المسند إليه إتباعا للعرب، فإنما استعملته هكذا. - تعجيل المسرة والبشرى: ومثاله: قولك لصديق تبشره حين عثرت على اسمه في الناجحين: ناجحٌ، فتعجيل المسرة لا يناسب معه أن تقول: أنت ناجح. .................................................. . والذكر للتعظيم والإهانةِ والبسط والتنبيه والقرينةِ .................................................. . وله أغراض ذكر الناظم منها خمسة، وقوله: التعظيم: التعظيم في اللغة الإجلال، والمراد هنا أن الذكر يقصد به تعظيمه -أي المسند إليه-، وهذا هو الغرض الأول من أغراض ذكر المسند إليه، ومثاله:أمير المؤمنين حاضر. وقوله: «والإهانة»: الواو عاطفة على ما سبق، والإهانة في اللغة: الاحتقار، والمراد هنا أن الذكر يأتي بقصد إهانته -أي المسند إليه-، وهذا هو الغرض الثاني من أغرض ذكر المسند إليه، ومثاله:السارق اللئيم حاضر. وقوله: «والبسط»:الواو عاطفة على ما سبق، والبسط: نقيض القبض، والمراد هنا أن الذكر يأتي بقصد بسط الكلام مع من تحب طول مكالمته، وهذا هو الغرض الثالث من أغراض ذكر المسند إليه ومثاله: قوله حكاية عن موسى عليه السلام: ﴿هي عصاي﴾. وقوله: «والتنبيه»:الواو عاطفة على ما سبق، والتنبيه في اللغة: الإيقاظ، والمراد هنا أن الذكر يأتي بقصد التنبيه على جهل وغباوة المخاطب، وهذا هو الغرض الرابع من أغراض ذكر المسند إليه، ومثاله: قولك للمستغيث بالمقبور: المقبور لا ينفع ولا يضر. وقوله: «والقرينة»: الواو عاطفة على ما سبق، والقرينة في اللغة: فعيلة بمعنى مفعولة أي مقرونة أي متصلة، والمراد أن الذكر يأتي لضعف الاعتماد على القرينة في إفهام المخاطب، وهذا هو الغرض الخامس من أغراض ذكر المسند إليه. ومثاله: قولك: عمر نعم الزعيم، تقول ذلك إذا سبق لك ذكر عمر وطال عهد السامع به. وللذكر أغراض أخرى لم يذكرها الناظم --، ومنها: - كونه الأصل ولا مقتضي للعدول عنه، ومثاله: زيد قائم، ولا مقتضي للحذف. -زيادة الإيضاح، ومثاله:قوله :﴿ أولئك على هدىً من ربهم وأولئك هم المفلحون﴾، كرر اسم الإشارة لزيادة الإيضاح فكما أنه ثبت لهم الهدى فإن الفلاح ثابت لهم أيضا. - التسجيل على السامع (أي: كتابة الحكم عليه عند القاضي) حتى لا يتمكن من الإنكار، ومثاله: أن يقول القاضي هل أقر زيد هذا على أن عليه كذا من المال؟فيقول الشاهد: نعم زيد هذا أقر بأن عليه من المال كذا. - التلذذ بذكره، ومثاله:قول الشاعر [البسيط]: بالله يا ظبيات القاع قلن لنا ليلايَ منكن أم ليلى من البشر. .................................................. . وإن بإضمار تكن معرفا فللمقامات الثلاث فاعرفا .................................................. قوله: «وإن بإضمار تكن معرفا»: الواو استئنافية، و«إن» شرطية، و«تكن» فعل الشرط، واسمها محذوف مقدر تقديره أنت، والمراد المتكلم، ومعرفا خبرها، وبإضمار جار ومجرور متعلق باسم الفاعل معرفا، فترتيب الشطر: إن تكن معرفا بإضمار، وقوله بإضمار مصدر من الفعل أضمر بمعنى أخفى وستر، والإضمار في الاصطلاح: التعبير بالضمير، والضمير: "ما دل على متكلم كأنا، أو مخاطب كأنت، أو غائب كهو"، وتسميته بالضمير مذهب البصريين، وعند الكوفيين يسمى بالكناية، والتعريف في اللغة مصدر عرَّف بالتشديد بمعنى علّم، والتعريف في الاصطلاح:التعبير بالمعرفة، والمعرفة:"اسم دل على معين". وقوله: «فللمقامات الثلاث فاعرفا»: الفاء واقعة في جواب الشرط، وللمقامات جار ومجرور متعلق بخبر محذوف تقديره كائن، ومبتدأ الخبر محذوف تقديره: التعريف بالإضمار للمقامات الثلاث (يكثر حذف المبتدأ بعد فاء الجزاء)، و«الثلاث» صفة للمقامات، وقوله: «فاعرفا»: الفاء عاطفة واعرفا فعل أمر والألف بدل من نون التوكيد الخفيفة؛ فالأصل فاعرفن، وهذه الجملة تكملة، والمراد بالمقامات الثلاث: التكلم، نحو: أنا كتبتُ، والخطاب، نحو: أنت كتبتَ، والغيبة، نحو: هو كتبَ، ولابد في الأخير من تقدم ذكره لفظا أو تقديرا أو معنى، بأن يدل عليه لفظٌ أو قرينةُ حالٍ، وسيأتي التمثيل له إن شاء الله . وأغراض كون المسند إليه ضميرا ما يلي: - أن يكون الكلام في مقام التكلم، ومثاله: قول الرسول : «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب». - أن يكون الكلام في مقام الخطاب، ومثاله: قول الشاعرة (أميمة امرأة ابن الدمينة) [الطويل]: وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني وأشمتّ بي من كان فيك يلومُ إما لفظا، كقوله : ﴿فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحكمين﴾. وإما معنى، كقوله : ﴿وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم﴾، أي: الرجوع. وإما بقرينة حالٍ، كقوله : ﴿فلهن ثلثا ما ترك﴾، والتقدير: ترك هو، أي الميت. .................................................. .... والأصل في الخطاب للمعين والترك فيه للعموم البين .................................................. .... والأصل في اللغة: ما يبنى عليه غيره، والمراد به هنا: القاعدة المستمرة في العربية، والخطاب توجيه الكلام إلى الغير بقصد الإفهام، والمراد بالمعين المشخص سواء كان واحدا أو أكثر، والمعنى أن القاعدة المستمرة في العربية أن يكون الخطاب للمعين، ومثاله:أنت كتبت العلم، وأنتما كتبتما العلم، وأنتم كتبتم العلم، ومأخذ ذلك من وجهين: الوجه الأول: أن هذا يتفق مع الوضع اللغوي؛ فالمعارف إنما وضعت لتستعمل في معين. والوجه الثاني:أن الأصل في الخطاب توجيه الكلام لحاضر. وقوله: «والترك فيه»: الواو عاطفة، و«الترك» مبتدأ مرفوع، و«فيه»:جار ومجرور متعلق بالمصدر(الترك)، والضمير في قوله: «فيه» يعود إلى الخطاب، وقوله: «للعموم» جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ (الترك) محذوف تقديره كائن، والبين صفة للعموم. والمراد بالترك: ترك الخطاب لمعين، والمراد بالعموم: العموم البدلي لا الاستغراقي، والمراد بالبين الواضح، والمعنى: أن الخطاب لمعين الذي هو الأصل قد يترك وذلك بأن يوجه على غير معين بقصد إفادة العموم البدلي، ومثاله:قوله :﴿ ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤسهم عند ربهم﴾، فقوله : ﴿ولو ترى﴾ ليس المقصود به مخاطبا معينا، بل كل أحد على سبيل البدل، وفي هذا تفظيع لحالهم، وأنها تناهت في الظهور حتى أصبحت ظاهرة لأي أحد. ومن ذلك أيضا قول المتنبي [الطويل]: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإذا أنت أكرمت اللئيم تمردا <<فائدتان في هذا الباب>>: 1- الأصل في الخطاب أن يكون لمشاهد معين، وقد يعدل عنه فيخاطب غير المشاهد لكونه مستحضرا في القلب، ومثاله: قوله : ﴿لا إله إلا أنت﴾ ومن ذلك قول الشاعر [البسيط]: جودي بقربك أبلُغْ كلَّ أمنيتي أنتِ الحياةُ وأنتِ الكونُ أجمعهُ. - تمكين ما بعد الضمير في نفس السامع، ومثاله: ﴿هو الله أحد﴾. - ادعاء أن مرجع الضمير دائمُ الحضور في الذهن، ومثاله قول الشاعر [الكامل]: أبتِ الوصالَ مخافةَ الرقباءِ وأتتك تحت مدارع الظلماءِ .............................................. وعلمية فللإحضار أو قصد تعظيم أو احتقارِ .............................................. وقوله: «أو قصد تعظيم»: «أو» عاطفة بمعنى التنويع، و«قصد» معطوف على قوله للإحضار، وهو مضاف، وقوله: «تعظيم» مضاف إليه، والقصد في اللغة الإرادة، والتعظيم الإجلال، وهذا هو الغرض الثاني من أغراض علمية المسند إليه، والمعنى أن المسند إليه يكون علما بقصد تعظيمه، ومثال ذلك: قال عمر –-. وقوله: «أو احتقار»: «أو» عاطفة بمعنى التنويع، و«احتقار» معطوف على قوله: «للإحضار»، والاحتقار في اللغة الإذلال. وهذا هو الغرض الثالث من أغراض علمية المسند إليه، والمعنى أن المسند إليه يكون علما بقصد احتقاره، ومثال ذلك: ذهب تأبط شرا. ولعلمية المسند إليه أغراض أخرى لم يذكرها الناظم، ومنها: - التلذذ: ومثاله قول الشاعر [البسيط]: بالله يا ظبيات القاع قلن لنا ليلايَ منكن أم ليلى من البشر. - الكناية عن معنى يصلح العلم له: ومثاله: أن تخبر عن رجل اسمه حاتم وموصف بالكرم فتقول: قام حاتم. - التطير: ومثاله: أن تخبر عن رجل اسمه حرب فتقول: حرب في البلد. <<تنبيه:التطير في الشريعة محرم، ودليل ذلك ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي قال:"ولا طيرة" أي لا تتطيروا والنهي المطلق للتحريم>>. .................................................. وصلة للجهل والتعظيمِ للشأن والإيماء والتفخيمِ .................................................. وفي اصطلاح أهل العربية: الجملة التي تُذكر بعد الاسم الموصول لِتُتَمِّمَ معناه، ومراد الناظم بالصلة في البيت الموصولية على جهة التجوز، والموصولية المنسوبة للموصول، والموصول في اللغة ضد المفصول، وفي اصطلاح أهل العربية: "اسم يعين مسماه بقيد الصلة المشتملة على العائد"، والجهل في اللغة: نقيض العلم، وهذا هو الغرض الأول من أغراض جعل المسند إليه موصولا، ومعنى الشطر أن المسند إليه يكون موصولا إذا كان المتكلم يجهل تعريفه بغير الصلة، أو كان السامع لا يعرفه إلا بها، ومثاله:الذي كان معنا بالأمس رجل عالم. وقوله: «والتعظيم»: الواو عاطفة على ما سبق: و«التعظيم» معطوف عليه، و«للشأن» جار ومجرور متعلق بالمصدر التعظيم، والتعظيم في اللغة الإجلال، وهذا هو الغرض الثاني من أغراض موصولية المسند إليه، والمعنى أن المسند إليه يكون موصولا بقصد تعظيم شأنه، ومثال ذلك: قول الشاعر [الكامل]: إن الذي سمكَ السماءَ بنى لنا بيتا دعائمه أعزُ وأطولُ وقوله: «والتفخيم»: الواو عاطفة، و«التفخيم» معطوف عليه، والتفخيم لغة: تعظيم القدر، وهذا هو الغرض الرابع من أغراض موصولية المسند إليه، والمعنى أن المسند إليه يكون موصولا بقصد تعظيم قدر الأمر، ومثال ذلك: قوله : ﴿فغشيهم من اليم ما غشيهم﴾. ولموصولية المسند إليه أغراض أخرى لم يذكرها الناظم --، و منها: -التشويق: ومثاله: قول الشاعر [الخفيف]: والذي حارت البريةُ فيهِ حيوانٌ مستحدثٌ من جمادِ - إخفاء الأمر على غير المخاطب: ومثاله: قول الشاعر [الكامل]: وأخذت ما جاد الأميرُ بهِ وقضيتُ حاجتي كما أهوى. التنبيه على خطأ المخاطب: ومثاله: ﴿إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم﴾، ومنه قول عبدة بن الطيب يعظ بنيه [الكامل]: إن الذين ترونهم إخوانكم يشفي غليل صدورهم أن تصرعوا إن التي زعمتْ فؤادك ملّها خلقت هواك كما خلقتَ هوىً لها. .................................................. .. وبإشارة لذي فهم بطي في القرب والبعد أو التوسط .................................................. .. أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا ياجرير المجامعُ وقوله: «في القرب»: الأصل وفي القرب، حذفت واو العطف وهذا جائز في النظم اتفاقا، و«القرب» معطوف عليه، والتقدير:التعريف بإشارة كائن في القرب، وقوله: «والبعد» الواو عاطفة على ما سبق، وهي بمعنى أو، و«البعد» معطوف عليه، وقوله: «أو التوسط» يقال فيه مثل الذي قبله. ومعنى الشطر أن المسند إليه يكون إشارة بقصد بيان حاله في القرب أو البعد أو التوسط. - مثال بيان حالته في القرب: هذه كتبنا. - مثال بيان حالته في البعد: قوله : ﴿ذلك يوم الوعيد﴾. - مثال بيان حالته في التوسط: ذاك أبي. ويؤتى بالمسند إليه اسم الإشارة لأغراض أخرى لم يذكر ها الناظم ، ومنها: - تميز المسند إليه أكمل تمييز: ومثاله قول الفرزدق [البسيط]: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحِلُ والحرَمُ - تحقيره بالقرب: ومثاله: قوله : ﴿أهذا الذي يذكر آلهتكم﴾. - تعظيمه بالبعد: ومثاله: قوله : ﴿ذلك الكتاب لا ريب فيه﴾. - تحقيره بالبعد:ومثاله قول : ﴿فذلك الذي يدع اليتيم﴾. - تنزيل الغائب منزلة الحاضر: ومثاله قوله : ﴿تلك عقبى الذين اتقوا﴾. - تنزيل المعقول منزلة المحسوس: ومثاله قوله : ﴿ذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أ رداكم﴾. - التنبيه على أن المشار إليه المُعقَّب بأوصاف جدير لأجل تلك الأوصاف بما يرد بعد اسم الإشارة، ومثاله: قوله : ﴿أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون﴾، عقب المشار إليه وهو ﴿الذين يؤمنون﴾ بأوصاف متعددة من الإيمان بالغيب وإقامة الصلاة وغير ذلك، ثم عرف المسند إليه بالإشارة تنبيها على أن المشار إليهم أحقاء بما يرد بعد أولئك، وهو كونهم على الهدى عاجلا، والفوز بالفلاح آجلا، من أجل اتصافهم بالأوصاف المذكورة. .................................................. ..... وأل لعهد أو حقيقة وقد تفيد الاستغراق أو لما انفرد .................................................. ..... القول الأول: الحرفان جميعا: وهذا مذهب الخليل وسيبويه، ثم اختلفا؛ فقال الخليل الهمزة همزة قطع أصلية بدليل فتحها، حذفت في الدرج تخفيفا؛ لكثرة الاستعمال، وقال سيبويه: إنها همزة وصل، والراجح القول الأول لسلامته من دعوى الزيادة. والقول الثاني: أن المعرف اللام فقط، والهمزة زيدت للنطق بالساكن، فلا مدخل لها في التعريف، وبهذا قال الأخفش. والمراد بقوله: «لعهد» أن "أل" تأتي للعهد، والعهد في اللغة الشيء المعهود أي السابق، والمراد به هنا: سبق فرد أو أكثر من الحقيقة معلوم بين المخاطبين، فالمعنى: أن المسند إليه يعرف بأل إشارة إلى معهود بين المخاطبين، وعهده إما بتقدم ذكره صريحا، أو بتقديمه تلويحا، أو بحضوره ذاتاً. ومثال الأول:قوله : ﴿كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول﴾، ويسمى هذا صريحياً. ومثال الثاني: قوله : ﴿وليس الذكر كالأنثى﴾، فالذكر لم يتقدم ذكره إلا أنه إشارة إلى قولها: ﴿رب إني نذرت لك ما في بطني محررا﴾، وكانوا لا يحررون للخدمة إلا الذكور، ويسمى هذا كنائياً. ومثال الثالث: قوله : ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾، ويسمى هذا حضوريا. والمراد بقوله: «أو حقيقة» أن "أل" تأتي للحقيقة، والحقيقة في اللغة فعيلة من الحق بمعنى الثابت، والمراد بها هنا: "مفهوم المسمى من غير اعتبار لما صدق عليه من الأفراد"، فالمعنى: أن المسند إليه يعرف بأل إشارة إلى الحقيقة، ومثاله:الرجل خير من المرأة، وتسمى أل الجنسية؛ وذلك لأن الإشارة فيها إلى الجنس بقطع النظر عن الأفراد. وقوله: «وقد يفيد الاستغراق»: الواو استئنافية، و«قد» حرف تجويز، و«يفيد» فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر فيه تقديره هو، أي التعريف بأل التي للحقيقة، و«الاستغراق» مفعول به للفعل يفيد، والاستغراق في اللغة مأخوذ من الغرق، وهو الرسوب في الماء، والمراد به هنا: "الشمول لجميع الأفراد بحيث لا يخرج عنه شيء"، فالمعنى: أن المسند إليه قد يعرف بأل التي للحقيقة بقصد إفادة الاستغراق، والاستغراق ينقسم إلى قسمين: استغراق حقيقي: وضابطه: أن يراد كل فرد مما يتناوله اللفظ بحسب اللغة، ومثاله قوله : ﴿عالم الغيب والشهادة﴾. استغراق عرفي: وضابطه: أن يراد كل فرد مما يتناوله اللفظ بحسب العرف، ومثاله: جمع الأمير التجار، أي تجار مملكته. وقوله: «أو لما انفرد»: «أو» عاطفة على ما سبق، و«لما» جار ومجرور متعلق بالفعل يفيد، وما موصولة بمعنى الذي، و«انفرد» فعل ماضٍ والفاعل مستتر فيه تقديره هو يرجع إلى الذي، والجملة من الفعل والفاعل صلة الموصول لا محل لها من الإعراب، والمعنى أن المسند إليه قد يعرف بأل التي للحقيقة بقصد إفادة واحد من الأفراد عهديته حاصلة في الذهن، وهذا حيث لا عهد في الخارج، وهو في معنى النكرة، ومثاله: اشتر اللحم. ............................................. وبإضافة فللاختصارِ نعم، وللذم أو احتقارِ ............................................. فلما دخلناه أضفنا ظهورنا إلى كل حاريٍ جديدٍ مُشطّبِ هواي مع الركب اليَمانِينَ مصعدٌ جنيبٌ وجثماني بمكة موثقُ وقوله: «نعم»: حرف جواب لا محل له من الإعراب، ذكره تتميما للبيت، وقوله: «وللذم»: الواو عاطفة، و«للذم» الذم في اللغة:اللوم في الإساءة، والمعنى أن المسند إليه يعرف بالإضافة لأجل تضمنها ذما للمضاف أو المضاف إليه أو غيرهما. ومثال الأول:ولد الظالم حاضر. ومثال الثاني:صديق زيد ظالم. ومثال الثالث:ولد الظالم جليس زيد. قوله: «أو احتقار»: «أو» عاطفة على ما سبق، وهي للتنويع، و«الاحتقار» في اللغة:الاستصغار. والمعنى أن المسند إليه يعرف بالإضافة لأجل تضمنها تحقيرا للمضاف، أو المضاف إليه، أو غيرهما. ومثال الأول:ولد الحجام حاضر. ومثال الثاني:ضارب زيد حاضر. ومثال الثالث:ولد الحجام جليس زيد. وقد يعرف المسند إليه بالإضافة لأغراض أخرى لم يذكرها الناظم ، ومنها: - تعذر التعدد: ومثاله: أهل بريدة كِرام. ومن ذلك قول حسان بن ثابت [الكامل]: أولاد جَفْنَةَ حول قبر أبيهمُ قبر ابن مارية الكريم المفضلُ - الخروج من تبعة تقديم بعضهم على بعض، ومثاله: حضر علماء بريدة. - تضمنها تعظيم المضاف أو المضاف إليه أو غيرهما. ومثال الأول: كتاب السلطان حاضر. ومثال الثاني: تلميذي أمير. ومثال الثالث: أخو الأمير عند زيد. - تضمنها لطفا مجازيا: ومن ذلك قول الشاعر [الطويل]: إذا كوكبُ الخرقاء لاح بسحرهِ سهيل أذاعت غزلها في الأقاربِ ................................ |
#9
|
|||
|
|||
وللشيخ الفاضل,, بانتظار المزيد |
#10
|
|||
|
|||
الدرس الرابع: قال المصنف : .............................................. وإن منكراً فللتحقيرِ والضد والإفراد والتكثيرِ .............................................. وقوله: «فللتحقير»، الفاء واقعة في جواب الشرط، و«للتحقير» جار ومجرور متعلق بخبر محذوف تقديره كائن، ومبتدأه محذوف ، والتقدير : فالتنكير للتحقير . وقوله: «والضد»: الواو عاطفة على ما سبق، والمراد بالضد التعظيم، والمنكر في اللغة: المجهول، و النكرة في الاصطلاح:"اسم شائع في جنسه"، والتحقير في اللغة:تصغير الشأن، والمعنى أن المسند إليه يكون نكرة بقصد التحقير، أو التعظيم، ومثاله قول الشاعر : ابن أبي السمط [الطويل] : له حاجبٌ عن كل أمر يشينهُ وليس له عن طالب العرف حاجبُ ومن تنكيره للتعظيم : قوله : " فإن مع العسر يسرا "، فنكر المسند إليه الذي هو يسرا بقصد تعظيمه ، أي يسرا عظيماً . ومن تنكيره للتحقير : قوله : ( إن نظن إلا ظنا ) ، أي : ظناً حقيراً ضعيفاً . وقوله: «والإفراد»: الواو عاطفة على ما سبق، والإفراد في اللغة : التوحيد، والمعنى أن المسند إليه ينكر بقصد فرد مما يقع عليه اسم الجنس، ومثاله : قوله :"وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى" ، أي : رجل واحد . وقوله:«والتكثير»: الواو عاطفة على مما سبق، و«التكثير» معطوف عليه، والتكثير في اللغة:ضد التقليل، والمعنى أن المسند إليه ينكر بقصد تكثيره، ومثاله قولك:إن له لإبلاً، وإن له لغنماً ، أي : إبلاً كثيرة ، وغنماً كثيرة . ومن ذلك : قوله حكاية عن سحرة فرعون: " أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين "، أي : أجراً كثيرا، ومع ذلك أجاب طلبتهم وزيادة، قال الله حكاية عنه : " قال نعم وإنكم إذاً لمن المقربين " ، ومن ذلك أيضا قوله : ( وإن يكذبوك فقد كذبت رسل ) ، أي : رسل ذوو عدد كثير . .................................................. ....... وضده والوصف للتبيينِوالمدح والتخصيصِ والتعيينِ .................................................. ........ ولتنكير المسند إليه أغراض أخرى لم يذكرها الناظم --، ومنها: - قصد النوعية: ومثاله: قوله : "وعلى أبصارهم غشاوة"، أي: نوع من الغشاوة خاص ، وهي غشاوة عن آيات الله. -إخفاء الأمر: ومثاله قولك: قال رجل: إنك كاذب في مودتك، تخفي اسمه حتى لا يلحقه أذى. - كراهة الإسناد إليه معرفا، ويكثر في مقام المدح، والمبالغة فيه، ومن ذلك قول الشاعر [الوافر]: إذا سئمت مهنده يمنٌ لطول الحمل بدله شمالا وقوله:والوصف:الواو استئنافية، و«الوصف» مبتدأ مرفوع، وقوله : «للتبيين» جار ومجرور متعلق بخبر محذوف تقديره : كائن، والوصف لغة : التحلية، يقال وصفه أي: حلاه، والمراد بالوصف هنا وصف المسند إليه، وهذا شروع منه-- في أغراض إتباع المسند إليه، وقد بدأ من التوابع بالوصف، والوصف يطلق ويراد به : نفس التابع المخصوص، ويطلق ويراد به : المصدر، وهو الأنسب هنا. وقوله للتبيين: التبيين في اللغة : الإيضاح، وهذا هو الغرض الأول من أغراض وصف المسند إليه، فالمسند إليه يوصف بقصد تبيينه وكشف معناه، وهذا إذا كان معرفة، ومثاله: زيد الكاتب خير من عرفت. وقوله: «والمدح»: الواو عاطفة على ما سبق، والمدح معطوف عليه، والمدح في اللغة: حسن الثناء، والمعنى أن المسند إليه يوصف بقصد مدحه، ومثاله:حضر زيد العالم. وقوله: «والتخصيص»: الواو عاطفة على ما سبق، والتخصيص معطوف عليه، والتخصيص في اللغة : الإفراد، والمعنى أن المسند إليه يوصف بقصد تخصيصه ، وهذا إذا كان نكرة، ومثاله: جاءني رجل عالمٌ. وقوله: «والتعيين»: الواو عاطفة على ما سبق، والتعيين معطوف عليه، والتعيين في اللغة : ضد الإبهام، وعبر بعضهم بالتنصيص كما في الجوهر المكنون، والمعنى أن المسند إليه يوصف بقصد تعيينه، ومثاله: جاءني رجل واحد. ولوصف المسند إليه له أغراض أخرى لم يذكرها الناظم –-، ومنها: - الترحم:ومثاله : قولك: حضر زيد الفقير. - التأكيد:ومثاله: قولك: أمسِ الدابرُ كان يوماً عظيماً ، ومنه قوله : ( تلك عشرة كاملة). - الذم : مثاله: قولك: زيد الظالم في الدار ، ومنه قوله : ( وامرأته حمالة الحطب) . .................................................. وكونه مؤكدا فيحصل لدفع وهم كونه لا يشمل ................................................. وقوله: «لدفع وهم كونه لا يشمل»: «لدفع» جار ومجرور متعلق بالفعل يحصل، ودفع مضاف ، ووهم مضاف إليه، وهو مضاف وكون مضاف إليه، وهو مضاف، والضمير المتصل الهاء مضاف إليه، والضمير يرجع إلى المسند إليه،ولا يشمل:لا حرف نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب، ويشمل فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر فيه تقديره هو يعود إلى المسند إليه، وهو فعل متعدي مفعوله محذوف تقديره : الجميع ، حذف للعلم به . والمؤكد في اللغة : اسم فاعل من التأكيد، بمعنى التقوية، وفي اصطلاح أهل العربية: "هو التابع المقوِّي لمتبوعه"، والدفع في اللغة : الإزالة بقوة، والوهم : تخيل الشيء وتمثله، ومعنى البيت : أن المسند إليه يؤكد بقصد دفع وهم كونه لا يشمل الجميع، ومثاله: قوله : "فسجد الملائكة كلهم أجمعون" . ........................................... والسهو والتجوز المباح ثم بيانه فللإيضاح .......................................... وقوله: «والتجوز المباح»: الواو عاطفة على ما سبق، والتجوز معطوف عليه، والمباح صفة للتجوز، والتجوز : التكلم بالمجاز، والمجاز لغة:مكان التجوز، وفي الاصطلاح:"المعنى الذي يفيده اللفظ بالقرينة"، والمباح : اسم فاعل من أباح بمعنى أذن، فالمباح المأذون فيه، وهو ما تحقق فيه شروط المجاز، وهذا قيد لإخراج التجوز غير المأذون فيه، والمعنى أن المسند إليه يؤكد بقصد دفع وهم التجوز، ومثاله:جاءني الأمير نفسه. ولتوكيد المسند إليه أغراض أخرى لم يذكرها الناظم –- ، ومنها: - تقريره في الذهن إذا ظن غفلة السامع : ومثاله:جاء العالم العالم. - تأكيد معناه في ذهن السامع : ومثاله: قوله :"اسكن أنت وزوجك الجنة". وقوله: «ثم بيانه فللإيضاح»: «ثم» عاطفة، وهي للترتيب الذهني، و«بيانه»: بيان مبتدأ مرفوع وهو مضاف، والضمير المتصل الهاء مضاف إليه، وهو يرجع إلى المسند إليه، وقوله: «فللإيضاح»: الفاء زائدة، و«للإيضاح» جار ومجرور متعلق بخبر محذوف تقديره كائن. والمراد بقوله : «بيانه» أي : عطف البيان، والعطف في اللغة: الرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه، والبيان:الإيضاح، وعطف البيان في الاصطلاح: "تابع غير صفة يوضح متبوعه". .............................................. باسم به يختص والإبدال يزيد تقريرا لما يقال ................................................ وهذا الغرض معلوم في علم النحو ، وقد يؤتى به لقصد المدح أو الذم، ومثال الأول:قوله : "جعل الله الكعبة البيت الحرام"، ومثال الثاني: قوله :"ويسقى من ماء صديد". وقوله: «والإبدال»: الواو استئنافية، و«الإبدال»: مبتدأ مرفوع، وقوله: «يزيد» فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يرجع الإبدال، والجملة الفعلية خبر المبتدأ، وقوله: «تقريرا»: مفعول به منصوب، وقوله: «لما» جار ومجرور متعلق بقوله تقريرا، وما موصولة بمعنى الذي صادقة على شيء، وقوله: «يقال» فعل مضارع مرفوع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى «ما»، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. والبدل في اللغة : المعوض: وفي الاصطلاح: "التابع المقصود بالحكم بلا واسطة"، والمعنى أن المسند إليه يتبع بالبدل والغرض من ذلك زيادة تقرير الإيضاح للسامع، ومثاله: - في بدل الكل: جاء شيخك زيد. - في بدل البعض: جاء علماء بريدة أكثرهم. - في بدل الاشتمال: نفعني الشيخ علمه. ولا يقال ذلك في بدل الغلط لأنه لا يقع في فصيح الكلام. .................................................. .... والعطف تفصيل مع اقتراب أو رد سامع إلى الصوب .................................................. .... والمراد بالعطف عطف النسق، وتقدم أن العطف الرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه، والنسق في اللغة: نظم الشيء على السواء، وعطف النسق في اصطلاح أهل العربية: "التابع المتوسط بينه وبين متبوعه أحد حروف العطف التسعة"، وهي:"الواو والفاء وثم و أو وبل و لكن و حتى و لا و أم"، ومعنى الشطر: أن المسند إليه يتبع بعطف النسق بقصد تفصيله مع التقريب أي الاختصار، ومثاله: جاء أحمد ومحمد، فهنا حصل التفصيل في ذكر من حضر بخلاف ما لو قال : جاء رجلان، وحصل اختصار بخلاف ما لو قال جاء أحمد وجاء محمد . وقوله: «أو رد سامع»: أو عاطفة على تفصيل المرفوع، ورد معطوف عليه، وهو مضاف وسامع مضاف إليه، وقوله:إلى الصواب جار ومجرور متعلق بالمصدر رد، ومعنى الشطر أن المسند إليه يتبع بعطف النسق بقصد رد السامع إلى الصواب، ومثاله:جاءني زيد لا عمرو . ولإتباع المسند إليه بعطف النسق أغراض أخرى لم يذكرها الناظم –- ، ومنها: - صرف الحكم إلى آخر، ومثاله: جاءني زيد بل عمرو. - الشك من المتكلم: ومثاله: سكن مكة أو بريدة . - التشكيك للسامع: ومثاله: جاءني زيد أو عمرو. - الإبهام: ومثاله: قوله :"وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلل مبين". -الإباحة: ومثاله: تعلم أصولاً أو بلاغةً. -التخيير: ومثاله: تزوج هنداً أو أختها. .................................................. ...... والفصل للتخصيص والتقديم فلاهتمام يحصل التقسيم .................................................. ........ ومنه قوله : "ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده"، فقبول التوبة خاص به سبحانه و. ولتعقيب المسند إليه بضمير الفصل أغراض أخرى لم يذكرها الناظم--، ومنها: - تأكيد التخصيص وهذا إذا كان في التركيب مخصص آخر ومثاله: قوله :"وأن الله هو التواب الرحيم". - تمييز الخبر عن الصفة، ومثاله:العالم هو المجتهد. وقوله: «والتقديم»: الواو استئنافية، والتقديم مبتدأ مرفوع، و«قوله»: فلاهتمام الفاء زائدة، ولاهتمام جار ومجرور متعلق بخبر محذوف تقديره كائن، وقوله: «يحصل التقسيم»: يحصل فعل مضارع مرفوع، و«التقسيم» فاعل مرفوع، و«التقديم» الألف واللام للعهد أي تقديم المسند إليه، والمراد بتقديمه: ( ذكره أولاً )، والاهتمام في اللغة : تحريك الهمة، والتقسيم في اللغة : التفصيل، والمعنى: أن المسند إليه يقدم لكون ذكره أهم، ولا يكفي في التقديم مجرد ذكر الاهتمام بل لابد أن يبين سببه، ولهذا قال:يحصل التقسيم، وقد ذكر الناظم –- أسباب التقديم في البيت التالي. .................................................. .......... كالأصل والتمكين والتعجل وقد يفيد الاختصاص إن ولي .................................................. ......... وقوله: «والتمكين»: الواو عاطفة على ما سبق، والتمكين معطوف عليه، والتمكين في اللغة: التكلف في إحداث الشيء في المكان، والمعنى أن المسند إليه يقدم بقصد التكلف في إحداث الخبر في ذهن السامع، إذ في البدء بالشيء تشويق له، ومثاله قوله : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )، وهذا التكلف إنما هو لنفي اعتقادهم بأن معنى الكريم شريف النسب . ومنه قول أبي العلاء المعري [ الخفيف ] : والذي حارت البرية فيه حيوان مستحدث من جمادِ وقوله : «وقد يفيد الاختصاص»: الواو استئنافية ، و«قد» : حرف تقليل لا عمل له، ويفيد فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه تقديره هو،يرجع إلى التقديم، والاختصاص: مفعول به منصوب، وقوله: «إن ولي»: «إن» شرطية، و«ولي»: فعل ماض مبني على الفتح ...، وفاعله ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى المسند إليه، ولم يتقدم له ذكر إلا أنه مفهوم بالسياق، ومفعوله نفيا المذكور في البيت اللاحق. والمعنى أن المسند إليه يقدم بقصد اختصاصه بالحكم ، وشرط ذلك أن يكون مسبوقا بنفي ، وشرطَ الأكثرُ شرطاً آخر وهو : أن يكون المسند فعلا ، ومثال ذلك : ما أنا قلت هذا ، أي : لم أقله ، وهو مقولٌ لغيري ، ولهذا لا يصح عندهم أن تقول : ما أنا قلت هذا ولا غيري . وذهب الزمخشري إلى عدم اشتراط كونه فعلا ، فألحق بالفعل ما في معناه: اسم الفاعل ، واسم المفعول ، واستدل على ذلك بقوله عن قوم شعيب : ( ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز ) ، فإنهم لم يريدوا نفي العزة عنه فحسب ، بل إثباتها لرهطه أيضاً ، وهذا هو الذي فهمه شعيب قال الله عنه : ( قال يقوم أرهطي أعز عليكم من الله ) . والذي يظهر لي أن هذا الأسلوب لا يفيد الاختصاص بالحكم بل تقويته ، وما ذكره الزمخشري لا يصلح أن يكون دليلا ، لأنهم قالوا : ( ولولا رهطك لرجمناك ) ، وهذا يشعر بعزتهم على القائل ، فلعل شعيب عليه السلام فهم العزة من هذا . ولتقديم المسند إليه أغراض أخرى لم يذكرها الناظم-- ، ومنها : -التلذذ بذكره :ومن ذلك قول الشاعر [البسيط] : بالله يا ظبيات القاع قلن لنا ليلايَ منكن أم ليلى من البشر. - كونه محل الغرابة والإنكار: ومن ذلك قول الشاعر [الطويل] : أبعد المشيب المنقضي في الذوائبِ تحاول وصل الغانيات الكواعبِ - النص على سلب العموم: ( تقديم أداة النفي على أداة العموم ) ومثاله : لم يكن كل ذلك ، أي لم يقع المجموع ، فيحتمل ثبوت البعض ، ويحتمل نفي كل فرد . تنبيه !! : الغالب في سلب العموم أنه لنفي المجموع لا الجميع ، ومن ذلك قول المتنبي [ البسيط] : ما كلُّ رأيِ الفَتَى يَدْعُو إلى رَشَدٍ إذَا بَدَا لكَ رأْيٌ مشكِلٌ فقفِ مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْرِكُهُ تَجْرِي الرِّيَاحُ بِمَا لاَ تَشْتَهِي السُّفُنُ .................................................. ...... نفيا وقد على خلاف الظاهرِ يأتي كالأولى والتفات دائرِ .................................................. ..... وقوله: «وقد» : الواو استئنافية، وقد حرف تقليل لا محل له من الإعراب، وقوله: على خلاف الظاهر يأتي: «على خلاف»: جار ومجرور متعلق بالفعل يأتي ، و«خلاف» مضاف، والظاهر مضاف إليه ، و«يأتي»: فعل مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر تقديره هو، يعود إلى الكلام وليس له ذكر إلا أنه معلوم بالسياق، فترتيب الكلام: قد يأتي الكلام على خلاف الظاهر، وقوله: «كالأولى»: جار ومجرور متعلق بقوله: «الظاهر»، والأولى في اللغة: الأحق، والمعنى أن ما سبق من الكلام في هذا الباب من حذف وذكر وتعريف وتنكير ...إلخ جار على مقتضى الظاهر ، وقد يخرج الكلام عن مقتضى الظاهر لنكات منها ما ذكره بقوله :الأولى : وهو ما يسمى عندهم بأسلوب الحكيم : وضابطه : " أن تلقى المخاطب بغير ما يترقبه ، أو السائل بغير ما يتطلبه بحمل كلام كل منهما على خلاف المراد لكونه الأولى تنبيهاً على أنه الأولى بحاله " ، ومثاله : في المخاطب : قول ابن القعبثرى للحجاج وقد قال له متوعدا : لأحملنك على الأدهم ، أي لأضعنّ الحديد في رجليك ، : " مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشيب " ، فحمل قوله الأدهم على الفرس الأدهم ، وهو الذي غلب سواده على بياضه ، وضم إليه الأشهب الذي غلب عليه البياض تأكيداً لمراده ، وهذا تنبيهٌ إلى أن الأولى بالأمير أن يعطي لا أن يقيد . ومثال السائل : قوله : ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج)، فهم سألوا عن القمر زيادته ونقصانه ، فأجيبوا ببيان الغرض من هذا الاختلاف، وهذا هو الأولى بالسؤال لأنه يتعلق به عمل بخلاف الأول . وقوله : «والتفات دائر»: الواو عاطفة، والتفات معطوف عليه، ودائر نعت لقوله: التفات ، والالتفات لغة : صرف الوجه إلى الشيء ، ودائر اسم فاعل من دار بمعنى عاد إلى الموضع الذي ابتدأ منه، والمراد المتكرر على الألسن، وقيل ذكر هذا اللفظ حشواً لتتميم البيت، والمعنى أن من النكات المقصودة في إخراج الكلام على خلاف الظاهر: الالتفات : وضابطه عند الجمهور : "التعبير عن معنى بطريق من الطرق الثلاثة : التكلم ، أو الخطاب ، أو الغيبة ، بعد التعبير عنه بأخر منها بشرط أن يكون التعبير الثاني على خلاف ما يترقبه السامع " . - ومثاله من التكلم إلى الخطاب قوله : ( وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون )، والقياس أن يقول: وإليه أرجع . - ومثاله من التكلم إلى الغيبة قوله : ( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ) ، والقياس أن يقول : فصل لنا . -ومثاله من الخطاب إلى التكلم : قول الشاعر : [ الطويل ] : طحا بك قلبٌ في الحسان طروب بعيد الشباب عصر حان مشيبُ تكلفني ليلى وقد شطَّ وليها وعادت عوادٍ بيننا وخطوبُ - ومثاله من الغيبة إلى التكلم: قوله : ( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه )، والقياس أن يقول: فساقه. - ومثاله من الغيبة إلى الخطاب: قوله : ( مالك يوم الدين إياك نعبد ) ، والقياس أن يقول: إياه نعبد . ووجه حسن الالتفات: أن الكلام إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب كان أحسن تطرية لنشاط السامع، وأكثر إيقاظاً للإصغاء إليه ، هكذا قال الزمخشري ، وتعقبه صاحب المثل السائر بأن هذا قدح في الكلامِ لا وصف له لأنه لو كان حسناً لما ملِ، ثم إنه يلزم على ذلك أن لا يوجد إلا في الكلام المطول والأمر بخلاف ذلك ، ويلزم على هذا أيضا أن الكلام الواقع في موقعه من غير انتقال في الأسلوب ليس بحسن، والأمر بخلافه ، واختار -- أن الانتقال لفائدة اقتضتهِ ، وتلك الفائدة أمر وراء الانتقال من أسلوب إلى أسلوبِ غير أنها لا تُحدُّ بحدٍّ ، ولا تُضبَط بضابطِ ، وضرب لذلك أمثلة . |
#11
|
|||
|
|||
حبذا لوجعلت في ملف وورد لتتيسرطباعتها والاستفادة منها
|
#12
|
|||
|
|||
فبارك الله فيكم وسدد خطاكم
|
#13
|
|||
|
|||
نريد تعريفا بالشارح ؟؟
|
#14
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا
|
#15
|
|||
|
|||
بقية شرح منظومة مئة المعاني
جزاك الله خيرا |
الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1) | |
أدوات الحديث | |
طرائق الاستماع إلى الحديث | |
|
|
الأحاديث المشابهة | ||||
الحديث | مرسل الحديث | الملتقى | مشاركات | آخر مشاركة |
منظومة درة القاري للفرق بين الضاد والظاء - الرسعني | أم محمد | حلقة العلوم الشرعية | 3 | 20-09-2015 05:40 PM |
دراسة أصولية تطبيقية لقوله تعالى: [ويسألونك عن المحيض..] لفضيلة الشيخ: جلال بن علي السلمي، حفظه الله | أبو المقداد | حلقة العلوم الشرعية | 6 | 20-06-2010 04:34 PM |
استفسار عن الشيخ الفاضل : حسن العثمان حفظه الله | عبدالله التهامي | حلقة النحو والتصريف وأصولهما | 1 | 18-12-2009 10:30 AM |
منظومة جَعَل | محمد سعد | حلقة فقه اللغة ومعانيها | 0 | 30-05-2008 12:03 PM |