|
|
الانضمام | الوصايا | محظورات الملتقى | المذاكرة | مشاركات اليوم | اجعل الحلَقات كافّة محضورة |
|
أدوات الحديث | طرائق الاستماع إلى الحديث |
#1
|
|||
|
|||
الحرف المشدد .. والروي المقيد
اسْتَقَرَّ عَمَلُ كَثِيرٍ من المُحَقِّقينَ علَى وَضْعِ الشَّدَّةِ -وفَوْقَها سُكُونٌ- علَى الحَرْفِ المُشدَّدِ إذا وَقَعَ رَوِيًّا في الشِّعْرِ المقيَّدِ؛ علَى هذا النَّحْوِ: فَيَوْمٌ عَلَيْنَا ويَوْمٌ لَنَا وَيَوْمٌ نُسَاءُ ويَوْمٌ نُسَرّْ وكانَ مِمَّا لَفَتَ انتباهي: ما وجدتُّهُ في كتاباتِ أُستاذِنا الفاضلِ/ فَيْصَلٍ المنصور -زادَهُ اللهُ تَوْفيقًا-؛ حيثُ رأيتُهُ يَتْرُكُ التَّشديدَ في هذا المَوْضِعِ، ويكتَفي بالسُّكُونِ. وقَدْ لَحَظْتُ هذا -أوَّلَ ما لَحَظْتُهُ- في قصيدتِهِ «مَتَى نَلتقي؟!»؛ إذْ يقولُ: وأسقيتَه كلَّ سرٍّ خفيٍّ ولفظٍ رقيقٍ ، ومعنًى أغرْ ويقولُ: أو الحبِّ كفَّاهُ مغلولتانِ كما مُنِعَ الفعلُ من أن يُجَرْ ويلقاكَ مِثْلُ ذلكَ في رسالتِهِ النَّافعةِ في مسألةِ «كلّ عامٍ وأنتم بخيرٍ». وقد كنتُ أميلُ إلَى أن يُكتَبَ نَحْوُ ذلك بشدَّةٍ، وسُكونٍ فوقَها؛ ذلكَ أنَّا إذا وَقَفْنَا علَى الحَرْفِ المُشدَّدِ؛ فإنَّ الشَّدَّةَ تبقَى، ولا تَذْهَبُ. فحينَ نقفُ -مثلاً- علَى كلمةِ (جانٌّ) -في القرآنِ الكريمِ-؛ فإنَّا نأتي بالغُنَّةِ، وهي غُنَّةُ النُّونِ المشدَّدةِ؛ فدلَّ ذلك علَى أنَّ التَّشديدَ لَمْ يَذْهَبْ عند الوَقْفِ. وكذلكَ: فإنَّا نجدُ أنَّ الأداءَ الصَّوتيَّ للقلقلةِ عند الوقف علَى كلمة (وَتَبَّ) يختلِفُ عن الأداء الصَّوتيِّ لها عند الوقف علَى كلمةٍ لَم تنتهِ بحرفٍ مشدَّدٍ؛ نحو: (كَسَبَ). ويُقالُ مثلُ ذلك في كُلِّ كلمةٍ خُتِمَتْ بحرْفٍ مشدَّدٍ؛ فإنَّ نُطْقَها يختلِفُ عن نطقِ الكلماتِ الَّتي لَمْ تُخْتَم بحَرفٍ مشدَّد؛ وذلك نحو: (أَمَرُّ)، و(مُسْتَمِرٍّ)، و(مُسْتَقِرٌّ)؛ لبقاء التَّشديدِ فيها. فَرَسْمُ الشَّدَّةِ فَوْقَ الحَرْفِ في القافيةِ المُقيَّدةِ: يُحَقِّقُ هذا الأداء الصَّوتيَّ، ويُفيدُنا أنَّ الكلمةَ مُشدَّدةٌ، لا مُخفَّفةٌ. غيرَ أنَّ استمساكَ أُستاذِنا -حفظه اللهُ- بِمَذْهَبِهِ: دَفَعني إلى زيادةِ التَّأمُّلِ في المسألةِ؛ فبدَا لي أنَّ وَجْهَ هذا المَسْلَكِ: هُوَ ما يظهَرُ لدَى تقطيعِ الشِّعْرِ؛ إذ الشِّعْرُ ليسَ كباقي الكلامِ؛ وإنَّما هو مَحْكُومٌ بوَزْنٍ. والحَرْفُ المشدَّد الَّذي وُضِعُ فوقَهُ سُكونٌ؛ صورتُهُ عند التَّقطيعِ: ساكِنانِ (55)؛ لأنَّ المُشدَّدَ حَرْفَانِ: ساكِنٌ، فمتحرِّكٌ؛ فلمَّا وُقِفَ عليه: التقَى ساكِنانِ؛ لِمَا عَلِمْنَا أنَّ المُتحرِّكَ يُوقَفُ عليه بالسُّكونِ. أمَّا الحَرْفُ الَّذي وُضِعَ عليه سُكونٌ -بلا تشديدٍ-؛ فصورتُهُ عند التَّقطيعِ: ساكنٌ واحِدٌ (5). وهذا مِثالٌ -ليتَّضِحَ المقالُ-: البيتُ الَّذي أوردتُّهُ -في بدايةِ حديثِنا- هُوَ من قصيدةٍ للنَّمر بن تولب، يقولُ في أوَّلِها: تَصَابَى وأَمْسَى عَلاهُ الكِبَرْ وأَمْسَى لِجَمْرَةَ حَبْلٌ غَرَرْ وأبياتُها من المتقاربِ، والضَّرْبُ محذوفٌ؛ علَى (فَعُو)= (//5). ومعلومٌ أنَّ الضَّرْبَ يلزَمُ حالةً واحِدةً في القصيدةِ. ونحنُ إذا ما قطَّعْنَا الضَّرْبَ في قولِهِ: فَيَوْمٌ عَلَيْنَا ويَوْمٌ لَنَا وَيَوْمٌ نُسَاءُ ويَوْمٌ نُسَرّْ بالتَّشديدِ: لكانَ علَى (فعوْلْ)= (//55) -لوجودِ السَّاكنين؛ كما تقدَّمَ-، و(فَعُوْلْ) مقصورٌ، ولَيْس محذوفًا؛ فلا يتوافقُ مع سائرِ أبياتِ القصيدةِ. وإذا اكتفَيْنَا بالسُّكونِ؛ كانَ علَى (فَعُو)؛ فهو محذوفٌ. ثُمَّ وجدتُّ -بفضلِ الله- من كلامِ العُلماءِ ما يُؤيِّدُ هذا المذهب؛ فهذا ابنُ جنِّيْ يقولُ في «خصائصه 2/322»: ( كما أنَّ الحَرفَ المُشدَّدَ إذا وقعَ رَوِيًّا في الشِّعْرِ المقيَّدِ؛ خُفِّفَ )، يقولُ: ( نحو قولِهِ: أصَحوتَ اليومَ أمْ شاقَتْكَ هِرْ فَحَذَفَ إحْدَى الرَّاءَيْن... ) انتهى. [ وقد وَضَعَ مُحقِّقُ الكتاب -محمَّد علي النَّجار- الشَّدَّة علَى الرَّاءِ -مع السُّكونِ-، ووضعُها غيرُ مُتلائمٍ مع الكلامِ؛ ولذا: حذفتُها ]. ويقولُ أبو العلاء المعريُّ في «رسالة الملائكة 153»: ( وقد كَثُرَ اجتراؤُهم علَى تخفيفِ المشدَّدِ في قوافي الشِّعْرِ؛ فيقولون: «مَعَدْ» في «مَعَدّ»، و«أضَلْ» يُريدونَ «أَضَلّ»؛ قال أبو دُوَاد: وشبابٍ حَسَنٍ أوجههم مِن إياد بن نزار بن مَعَدْ فلا يجوزُ أن تكونَ الدالُ ههنا إلاَّ مخفَّفةً. ومثلُهُ كثيرٌ ) انتهى. ويقولُ -أيضًا- في «رسالة الصَّاهل والشَّاحج 444»: ( وإنَّما حَذَّرْتُ مَن يكونُ في الأواخِرِ من الحوادثِ الطَّارئةِ كثيرًا عندَ الأطرافِ؛ مثل: حذف اللاَّمِ من سَنةٍ وابنٍ، ومثل ما يحدُثُ في القوافي من تَرْكِ الإعرابِ، وتخفيفِ المشدَّدِ، وذلكَ كثيرٌ موجودٌ؛ قال لبيدٌ: مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الخيرِ اهتدَى ناعِمَ البالِ ومَن شاءَ أَضَلْ فلامُ «أضَلَّ» مُشدَّدةٌ، وخفَّفها في القافيةِ تخفيفًا لا بُدَّ مِنْهُ، ومَن شدَّدَها؛ فهو عندهم مُخطِئٌ. وكذلك من شَدَّد الرَّاء في قولِ امرئِ القيسِ: واليومُ قُرْ ، و أنِّي أَفِرْ . وقد عِيبَ علَى بعضِ العُلماءِ أنَّ لام «الْمُصَلْ» وُجِدَتْ بخطِّهِ مُشدَّدةً في قولِ لبيدٍ: يَلْمسُ الأَحْلاسَ في مَنزِلِهِ بيديه كاليهوديِّ الْمُصَلْ يُريد: المصلِّي، فحذف الياء، وخفَّف. وأشدُّ منه قولُه: وقَبيلٌ من لُكَيْزٍ حاضِرٌ رَهْطُ مَرْجومٍ وَرَهْطُ ابنِ الْمُعَلْ يُريدُ: المعَلَّى، فحذف الألفَ، وهي أوجبُ ثباتًا من الياءِ ) انتهى. والله تعالَى أعلمُ. |
الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1) | |
أدوات الحديث | |
طرائق الاستماع إلى الحديث | |
|
|
الأحاديث المشابهة | ||||
الحديث | مرسل الحديث | الملتقى | مشاركات | آخر مشاركة |
أبيات لـ الكميت بن زيد الأسدي | أم عبد السميع | حلقة الأدب والأخبار | 0 | 22-02-2009 10:20 PM |
ما سر تسمية المسيح بالمسيح ؟! | العرابلي | حلقة فقه اللغة ومعانيها | 4 | 01-01-2009 12:25 PM |
.. من أساسيات العروض [ قاعدة الحرف المتحرك والساكن ] .. حصري ! | منصور اللغوي | حلقة العروض والإملاء | 3 | 08-07-2008 01:12 PM |