|
|
الانضمام | الوصايا | محظورات الملتقى | المذاكرة | مشاركات اليوم | اجعل الحلَقات كافّة محضورة |
|
أدوات الحديث | طرائق الاستماع إلى الحديث |
#1
|
|||
|
|||
مختارات من كتاب ( مسك الختام في معرفة الوقف والابتداء ) - جمال القرش
ومن الرسائل المقترحة للشيخ جمال القرش
ارتباط التوجيه النحوي بالتفسير وأثره على الوقف والابتداء مثال ذلك الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد لما كان الإعراب هو الإفصاح والبيان وغَايَةُ المُعْرِبِ هو إيضاح المعنى، فكان لزاما على المعرب أن أَنْ يَرْتَكِزَ عَلَى أَسَاس المَعْنى، وهو التَّفْسِيْرُ. ومن يتأمل تَوْجِيْهَاتِ النُّحَاةِ وأَقْوالهم يلاحظ أنها تَرْجَمَةٌ لأَقْوَالِ المفسرين، بل إن تَعَدُّدَ الآرَاءِ النَّحْوِيّة مُرْتَبِطٌ ارتباط وثيق بِتَعَدُّدِ آرَاءِ أَهْلِ التَّفْسِيْرِ بِالمَأثُورِ، مثال ذلك : 1- قوله : ] وَإِذْ قَالَ مُوسَىَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَآءَ وَجَعَلَكُمْ مّلُوكاً وَآتَاكُمْ مّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مّن الْعَالَمِينَ [ المائدة: 30]. أقوال النحاة: اختلف النحاة في جملة (وَآتَاكُمْ) على قولين: الأول: أنها مستأنفة باعتبار انفصال المعنى عما سبق. الثاني: أنها في محلّ جرّ معطوفة على جملة جعل فيكم باعتبار اتصال المعنى بما سبق[1]. أقول أهل التفسير: إذا تأملنا الأقوال السابقة وربطنها بأقول أهل التفسير سنعرف أن ذلك الاختلاف ناتج عن اختلاف المفسرين في توجيه المقصود بقوله: (وَآتَاكُمْ مّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مّن الْعَالَمِينَ) على قولين: الأول: أن الكلام موجه لأمة محمد r وهو قول سعيد بن جبير[2] الثاني: أن الكلام موجه لأمة موسى، وهو قول مجاهد .. يعنى: المن والسلوى. [3] واستدل اصحاب الرأي الأول بما روي عن أبي مالك وسعيد بن جبير: "وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين"، قالا أمة محمد [4] واستدل أصحاب الرأي الثاني بما روي عن قال مجاهد فِي قَوْلِهِ: وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ [المائدة: 20] قَالَ: «يَعْنِي الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَالْحَجَرَ وَالْغَمَامَ»[5] أقوال أهل الوقف والابتداء: وبناء على اختلاف أهل اللغة والتفسير في التوجيه اختلف أهل الوقف والابتداء على قولين: الأول: أن الوقف تام: إن كان ما بعده لأمة محمد r، وهو قول الداني عن نافع . الثاني: لا وقف إن كان ما بعده لأمة موسى يعنى: المن والسلوى، وهو قول السجاوندي. الثالث: الوقف صالح، أي كاف وهو قول الأنصاري. الرابع: التفصيل بين التمام وعدم الوقف، وهو قول النحاس، والأنصاري والأشموني. قال الداني: « قال نافع: وجعلكم ملوكاً تام. وهذا إذا جعل [ما] بعده لأمة محمد ، وهو قول أبي مالك وسعيد بن جبير» [6] قال النحاس: « قال نافع: ( وجعلكم ملوكا) تم، وقال غيره: ليس بتمام ولكنه قطع صالح وما بعده معطوف عليه» [7]. وقال السجاوندي: « ق: قد قيل ولا يصح إلا ضرورة للعطف »[8]. وقال الأنصاري: « وَجَعَلَكُمْ مُلُوكا)ً صالح. وقال أبو عمرو: تام » ([9]) وقال الأشموني: « مُلُوكًا [20]: حسن، إن جعل ما بعد لأمة محمد - -، وهو قول سعيد بن جبير، وليس بوقف لمن قال: إنَّه لقوم موسى، وهو قول مجاهد، يعني بذلك: المنِّ، والسلوى، وانفلاق البحر، وانفجار الحجر، والتظليل بالغمام، وعليه فلا يوقف على ملوكًا؛ لأنَّ ما بعده معطوف على ما قبله » ([10]) ترجيح الأقوال: بعد عرض أقوال النحاة والتفسير والوقف والابتداء يتضح أن ترجيح الخلاف يكون من خلال التفسير، والذي عليه جمهور المفسرين كالطبري وابن كثير، والشوكاني وغيرهم أن قوله : (وَآتَاكُمْ مّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مّن الْعَالَمِينَ) لأمة موسى ، وأن المقصود بقوله: ( وأتاكم) هو تفضيلهم على أهل زمانهم، وعللوا ذلك بأنه لا ينبغي العدول عن الظاهر لغير مُوجِبٍ، وبدون دليل، فالظاهر أن سياق الكلام كله عن بني إسرائيل فلا يعدل عنه إلا بدليل. قال أبو جعفر: « وأولى التأويلين في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: (وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين)، في سياق قوله: "اذكروا نعمة الله عليكم"، ومعطوفٌ عليه. ولا دلالة في الكلام تدلّ على أن قوله: " وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ " مصروف عن خطاب الذين ابتدئَ بخطابهم في أوّل الآية. فإذ كان ذلك كذلك، فأنْ يكون خطابًا لهم، أولى من أن يقال: هو مصروف عنهم إلى غيرهم»[11] وقال ابن كثير: « وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ خِطَابٌ مَنَّ مُوسَى لِقَوْمِهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَالَمِي زَمَانِهِمْ كَمَا قَدَّمْنَا، وَقِيلَ: الْمُرَادُ: وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ يَعْنِي بِذَلِكَ: مَا كَانَ تَعَالَى نَزَّلَهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى، وتَظلَّلهم مِنَ الْغَمَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، مِمَّا كَانَ تَعَالَى يَخُصُّهُمْ بِهِ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ »[12] وقال الشوكاني: « وَالصَّوَابُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ مِنْ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ مُوسَى لِقَوْمِهِ، وَخَاطَبَهُمْ بِهَذَا الْخِطَابِ تَوْطِئَةً وَتَمْهِيدًا لِمَا بَعْدَهُ مِنْ أَمَرِهِ لَهُمْ بِدُخُولِ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ » [13]. وخلاصة القول: أن الراجح في المسألة هو أن الكلام يعود على أمة موسى ، لعدم العدول عن الظاهر بغير موجب، وبناء عليه تكون جملة ( وأتاكم..) في محلّ جرّ معطوفة على جملة جعل فيكم باعتبار اتصال المعنى بما سبق، ويترتب على ذلك في الوقف والابتداء: أن الأولى هو عدم الوقف على ( ملوكا) للتعلق اللفظي بينها وبين ما بعدها ، والله أعلى وأعلم. [1] انظر البحر المحيط: 216 [2] تفسير الطبري: 10/ 166 [3] انظر: البحر المحيط: 216 [4] تفسير الطبري: 10/ 166 [5] تفسير مجاهد: 305، ومعاني القرآن للزجاج: 2/162 [6] المكتفى: 58. [7] القطع: 199 [8] علل الوقوف: 449 ([9]) المنار مع المقصد/ 244 ([10]) المنار مع المقصد/ 244 [11] تفسير الطبري: 10/ 166 [12]ابن كثير: 3 / 74 [13] فتح القدير / 2/32 أعد هذا المبحث / من كتاب / (مسك الختام في معرفة الوقف والابتداء) لـ جمال القرش تحت الإعداد أصل المقال : ارتِبَاطُ التَّوْجِيْهِ النَّحْوِيّ بِالمَعْنى وأثره على الوقف والابتداء http://vb.tafsir.net/tafsir45416/#.VknaZ9KrRko |
#2
|
|||
|
|||
حكم الوقف على ( ابن مريم) والابتداء بما بعده للشيخ جمال القرش
قوله : ïپوَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْïپ› النساء: 157. التوجيه النحوي : معرفة الوقف يكون بالنظر إلى توجيه (رَسُولَ اللَّهِ): فيها قولان : الأول : صِفَةً لِعِيسَى ، أو بدَلٌ، أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ مِنَ الْمَسِيحِ الثاني : منصوب بفعل محذوف، عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي أو أمدح رسول الله قال النحاس: « رَسُولَ اللَّهِ: بدل، وإن شئت على معنى أعني». وقال العكبري: وَ« (رَسُولَ اللَّهِ) : بدَلٌ، أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ مِنَ الْمَسِيحِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (رَسُولَ اللَّهِ) صِفَةً لِعِيسَى، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي». توجيه علماء الوقف : اختلف أهل الوقف والابتداء على أقوال: الأول: لا وقف، وهو أحد وجهي الداني. الثاني: تام: وهو قول أبو جعفر النحاس الثالث: وقف بيان، وهو قول الأشموني. الرابع: أولوية الوصل، وهو قول الأشموني في أحد وجهيه. الخامس: لم يذكر وقفا كلا من ابن الأنباري، والسجاوندي، والأنصاري أقوال علماء الوقف : قال أبو جعفر النحاس: (ممن قرأنا عليه يقول التمام وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريمقال : لأنهم لم يقروا بأنه رسول الله فيكون متصلا. قال الإمام الداني : قال: وقال قائل: الوقف على قوله وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم ثم يبتدئ: رسول الله قال: لأنهم لم يقروا أنه رسول الله، فينتصب رسول الله من الوجه الأول بـ أعني، والوقف عندي على رسول الله وهو كاف. وينتصب على البدل من عيسى عليه السلام قال الأشموني : الوقف على «ابن مريم» وقف بيان، ويبتدئ «رسول الله»؛ على أنه منصوب بإضمار أعني؛ لأنهم لم يقروا بأنَّ عيسى ابن مريم رسول الله، فلو وصلنا «عيسى ابن مريم» بقوله: «رسول الله» -لذهب فهم السامع إلى أنَّه من تتمة كلام اليهود الذين حكى الله عنهم، وليس الأمر كذلك، وهذا التعليل يرقيه إلى التمام؛ لأنَّه أدل على المراد، وهو من باب صرف الكلام لما يصلح له، ووصله بما بعده أولى؛ فإنَّ رسول الله عطف بيان، أو بدل، أو صفة لعيسى كما أنَّ عيسى بدل من المسيح، وأيضًا فإنَّ قولهم: «رسول الله» هو على سبيل الاستهزاء منهم به كقول فرعون: إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) [الشعراء: 27] الموازنة والمناقشة: بعد عرض أراء علماء النحو والوقف يظهر لنا الوقف كما يلي 1. من رأى عدم الوقف على (ابن مريم) فباعتبار أن ïپرَسُولَ اللَّهِ ïپ› منصوبة على البدل من عيسى عليه السلام، أو عطف بيان، أو صفة فلا يفصل بينهما، و اختيار الداني في أحد أقواله 2. ومن رأى التام فاعتبار استئناف ما بعده ما انفصال المعنى، وهو وهو قول أبو جعفر النحاس 3. ومن اختار وقف البيان وهو يقابل اللازم ، لئلا يوهم الوصل معنى غير مراد، وهو اعتراف اليهود بالرسالة، وهم لم يعترفوا إنما قالوها على سبيل التهكم، وهو قول الأشموني في أحد أقواله. 4. ومن رأى أولوية الوصل فهو يجوز الاستئناف على تقدير أعنى ، والوصل على اعتبار البدل، أو النعت لما قبله، لكن الوصل هو الأولى عنده وهو قول الأشموني في أحد أقواله. أقوال علماء التفسير: اختلف المفسرين في توجيه قوله: ( رسول الله ) كما يلي: القول الأول: أنها من كلام الله ، وهو قول : مقاتل، والسمرقندي، والكرماني، وابن عطية. قال مقاتل بن سليمان (ت 150هـ): وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم ( ، ولم يقولوا : رسول الله ، ولكن الله قال : ( رسول الله) اهـ قال السمرقندي (ت375 هـ): وقولهم " يعني وبقولهم " إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله " هذا قول الله لا قول اليهود وقول اليهود إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم ثم قال الله " رسول الله " قال الكرماني(ت505هـ): « (رَسُولَ اللَّهِ) من كلام الله يريد أعني رسول الله » . قال ابن عطية (541 هـ " رسول الله " إنما هو إخبار من الله بصفة لعيسى وهي الرسالة على جهة إظهار ذنب هؤلاء المقرين بالقتل ولزمهم الذنب اهـ القول الثاني: جواز الوجهين مع أولوية الاستنئاف على أنها من كلام الله ، وهو قول الثعالبي. قال الثعالبي ( ت : 875 هـ) : « ( رَسُولَ اللَّهِ، إنما هو إخبارٌ من اللَّه بصفةٍ لعيسى، وهي الرسالةُ، على جهة إظهار ذَنْب هؤلاء المُقِرِّين بالقَتْل، ولزمهم الذنْبُ، وهم لم يقتلوا عيسى لأنهم صَلَبُوا ذلك الشخْصَ على أنه عيسى، وعلى أنَّ عيسى كَذَّابٌ ليس برَسُولِ اللَّه، فلزمهم الذنْبُ مِنْ حيث اعتقدوا أنَّ قتلهم وَقَعَ في عيسى، قال ص[محمد الصفاقسيّ]: وعِيسَى: بدل أو عطف بيان من الْمَسِيحَ، ورَسُولَ اللَّهِ كذلك، ويجوزُ أنْ يكون صفةً ل عِيسَى، وأنْ يكون نصباً على إضمار أعني، قُلْتُ: وهذا الأخير أحسنها مِنْ جهة المعنى» . القول الثالث : أنه من تتمة الحكاية من قول اليهود وهو قول ابن كثير. قال ابن كثير (ت:774هـ) : « رَسُولَ اللَّهِ أَيْ (2) هَذَا الَّذِي يَدَّعِي لِنَفْسِهِ هَذَا (3) الْمَنْصِبَ قَتَلْنَاهُ. وَهَذَا مِنْهُمْ مَنْ بَابِ التَّهَكُّمِ وَالِاسْتِهْزَاءِ، كَقَوْلِ الْمُشْرِكِينَ: يَا أَيُّهَا الَّذِي نزلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ [الْحِجْرِ: 6] » . القول الرابع: جوز الوجهين مع ترجيح أنه من تتمة حكاية اليهود، وهو قول ابن حيان قال ابي حيان (754: ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ الظَّاهِرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مِنْ قَوْلِهِمْ قَالُوا ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ، كَقَوْلِ فِرْعَوْنَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ وَقَوْلِهِ: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ «3» وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَضَعَ الذِّكْرَ الْحَسَنَ مَكَانَ ذِكْرِهِمُ الْقَبِيحِ فِي الْحِكَايَةِ عَنْهُ رَفْعًا لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَمَا كَانُوا يُذَكِّرُونَهُ بِهِ. ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ الزَّمَخْشَرِيُّ، 4/ 125 البحر المحيط القول الخامس: جوز الوجهين بدون ترجيح أحدهما، وهو قول عامة المفسرين، كالأصفهاني، والزمخشري، وابن الجوزي، والرازي، والقرطبي، والبيضاوي، والنسفي، والخازن، والنيسابوري، و محمد الحسني الشافعي، وأبو السعود ، والألوسي، ومحمد رشيد، وابن عاشور قال الراغب الأصفهاني ت:502هـ): « إن قيل: كيف حكى عنهم أنهم قالوا قتلنا رسول الله، ولم يقروا بكونه رسولا؟ ، قيل: هو أن يكون ذلك من جملة الحكاية وذكروه على سبيل التهكم زعما منهم أنه لو كان رسولا لما قدرنا على قتله، ويجوز أن يكون ذلك من قول الله تشريفا له لا حكاية عنهم، كأنه قال أعني رسول الله ونفى قتله وذكر أن ذلك شُبِّه لهم » . قال الزمخشري (ت: 538هـ): « فكيف قالوا (إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ) ؟ قلت: قالوه على وجه الاستهزاء، كقول فرعون (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) ويجوز أن يضع اللَّه الذكر الحسن مكان ذكرهم القبيح في الحكاية عنهم رفعاً لعيسى عما كانوا يذكرونه به وتعظيما لما أرادوا بمثله كقوله: (لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) » . قال ابن الجوزي (ت:597هـ): « وفي قوله : رَسُولَ اللَّهِ قولان: أحدهما: أنه من قول اليهود، فيكون المعنى: أنه رسول الله على زعمه. والثاني: أنه من قول الله، لا على وجه الحكاية عنهم» . قال عز الدين عبد السلام (ت:660هـ: « رَسُولَ اللَّهِ في زعمه، من قول اليهود، أو هو من قول الله - - لا على جهة الحكاية» . قال فخر الدين الرازي (ت: 606هـ): فكيف قالوا إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله والجواب عنه من وجهين: الأول أنهم قالوه على وجه الاستهزاء كقول فرعون إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ( الشعراء 27 ) وكقول كفار قريش لمحمد وَقَالُواْ يأَيُّهَا الَّذِى نُزّلَ عَلَيْهِ الذّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ( الحجز 6 والثاني أنه يجوز أن يضع الله الذكر الحسن مكان ذكرهم القبيح في الحكاية عنهم رفعاً لعيسى عليه السلام عما كانوا يذكرونه به اهـ قال القرطبي 671هـ): « (رَسُولَ اللَّهِ) بَدَلٌ، وَإِنْ شِئْتَ عَلَى مَعْنَى أَعْنِي » . قال البيضاوي (ت685هـ) : « رَسُولَ اللَّهِ أي بزعمه ويحتمل أنهم قالوه استهزاء، ونظيره إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون وأن يكون استئنافاً مِن الله سبحانه و بمدحه، أو وضعاً للذكر الحسن مكان ذكرهم القبيح» . قال النسفي (ت 710هـ) : « (رسول الله هم لم يعتقدة هـ رسول الله لكنهم قالوا استهزاء كقول الكفار لرسولنا يَا أَيُّهَا الذى نُزّلَ عَلَيْهِ الذكر إِنَّكَ لمجنون ويحتمل أن الله وصفه بالرسول وإن لم يقولوا ذلك» . قال الخازن (ت:741هـ): « وفي قول رسول الله قولان: أحدهما أنه من قول اليهود فيكون المعنى أنه رسول الله على زعمه. والقول الثاني أن من قول الله لا على وجه الحكاية عنهم وذلك أن الله أبدل ذكرهم في عيسى عليه السلام القول القبيح بالقول الحسن رفعا لدرجته عما كانوا يذكرونه من القول القبيح» . قال ابن الجوزي (ت597: ( في قوله رسول الله قولان: أحدهما أنه من قول اليهود فيكون المعنى أنه رسول الله على زعمه والثاني أنه من قول الله لا على وجه الحكاية عنهم هـ زاد المسير / ج2/ 244. قال النيسابوري (ت: 850هـ ): « (رَسُولَ اللَّهِ قالوه على وجه الاستهزاء كقول فرعون إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ [الشعراء: 27] أو أنه جعل الذكر الحسن مكان القبيح الذي كانوا يطلقونه عليه من الساحر ابن الساحرة والفاعل ابن الفاعلة» . قال محمد الحسني الشافعي ( ت: 905هـ): « (رَسُولَ اللهِ) أي: من يزعم أنه رسول الله أو سموه رسولاً استهزاء، فالذم بسبب جرأتهم على الله وتبجحهم بقتله بعد ما أظهر المعجزات». قال أبو السعود (ت:982هـ): « (رَسُولَ الله: نظمُ قولِهم هذا في سلك سائر جناياتِهم التي نُعيت عليهم ليس لمجرد كونِه كذباً بل لتضمُّنه لابتهاجهم بقتل النبيِّ عليه السلام والاستهزاءِ به فإن وصفَهم له بعنوان الرسالةِ إنما هو بطريق التهكّم به عليهِ السَّلامُ كَما في قوله يا أيها الذى نُزّلَ عَلَيْهِ الذكر الخ ولإنبائه عن ذكرهم له عليه السلام بالوجه القبيحِ على ما قيلَ من أن ذلك وُضِع للذكر جميل من جهته مكان ذكرهم القبيح ، وقيل نعت له عليه السلام من جهته مدحاً له ورفعاً لمحله عليه السلام وإظهاراً لغاية جَراءتِهم في تصدِّيهم لقتله ونهايةِ وقاحتِهم في افتخارهم بذلك » . قال الألوسي (ت 1270 هـ: ( وَقَوْلِهِمْ على سبيل التبجح . إِنَّا قَتَلْنَا المسيح عِيسَى ابن مَرْيَمَ رَسُولَ الله ذكروه بعنوان الرسالة تهكماً واستهزاءاً كما في قوله حكاية عن الكفار : يأَيُّهَا الذى نُزّلَ عَلَيْهِ الذكر [ الحجر : 6 ] الخ ، ويحتمل أن يكون ذلك منهم بناءاً على قوله عليه الصلاة والسلام وإن لم يعتقدوه ، وقيل : إنهم وصفوه بغير ذلك من صفات الذم فغير في الحكاية ، فيكون من الحكاية لا من المحكي ،وقيل : هو استئناف منه مدحاً له عليه الصلاة والسلام ورفعاً لمحله وإظهاراً لغاية جراءتهم في تصديهم لقتله ونهاية وقاحتهم في تبجحهم» . قال العلامة محمد رشيد رضا ( ت/ 1354هـ : ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ أَيْ : وَبِسَبَبِ قَوْلِهِمْ هَذَا فَإِنَّهُ قَوْلٌ يُؤْذِنُ بِمُنْتَهَى الْجَرْأَةِ عَلَى الْبَاطِلِ ، وَالضَّرَاوَةِ بِارْتِكَابِ الْجَرَائِمِ ، وَالِاسْتِهْزَاءِ بِآيَاتِ اللهِ وَرُسُلِهِ . وَوَصْفُهُ هُنَا بِصِفَةِ الرِّسَالَةِ لِلْإِيذَانِ بِتَهَكُّمِهِمْ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَاسْتِهْزَائِهِمْ بِدَعْوَتِهِ ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَالرِّسَالَةَ فِيهِمْ ، لَا الْأُلُوهِيَّةَ كَمَا تَزْعُمُ النَّصَارَى، عَلَى أَنَّ أَنَاجِيلَهُمْ نَاطِقَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ مُوَحِّدًا لِلَّهِ - تَعَالَى - مُدَّعِيًا لِلرِّسَالَةِ ; كَقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ إِنْجِيلِ يُوحَنَّا (3:17 وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الْأَبَدِيَّةُ : أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الْإِلَهُ الْحَقِيقِيُّ وَحْدَكَ ، وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ) .وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ : رَسُولَ اللهِ مَنْصُوبًا عَلَى الْمَدْحِ ، أَوْ الِاخْتِصَاصِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى فَظَاعَةِ عَمَلِهِمْ ، وَدَرَجَةِ جَهْلِهِمْ ، وَشَنَاعَةِ زَعْمِهِمْ اهـ تفسير القرآن الحكيم» . قال ابن عاشور (1393 هـ: ( رسول الله] : إن كان من الحكاية : فالمقصود منه الثناء عليه والإيمان إلى أنّ الذين يتبجّحون بقتله أحرياء بما رتّب لهم على قولهم ذلك ، فيكون نصبُ ) رسول الله ( على المدح ، وإن كان من المحكي : فوصفهم إيّاه مقصود منه التهكّم ، كقول المشركين للنبي : يَأيّها الذي نُزّل عَلَيْهِ الذكر إنَّكَ لمجْنون ( ( الحجر : 6 ) وقول أهل مدين لشعيب ) أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنَّك لأنْتَ الحليمُ الرشيد ( ( هود : 87 ) فيكون نصب ( رسول الله ) على النعت للمسيح» . وبعد عرض أراء أقوال علماء التفسير يظهر أن الوجهين جائزان كما يلي: الوجه الأول: أنها من تتمة كلام اليهود: على تقدير: هَذَا الَّذِي يزعم أنه رسول ويَدَّعِي لِنَفْسِهِ هَذَا الْمَنْصِبَ قَتَلْنَاهُ منْ بَابِ (التَّهَكُّمِ وَالِاسْتِهْزَاءِ) وتفاخرا بما فعلوه، كَقَوْلِ الْمُشْرِكِينَ: يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ، وعليه هذا التقدير لا وقف حتى يصل الكلام الواحد لئلا يفصل بين النعت والمنعوت، والبدل والمبدل منه. والوجه الثاني: احتمال أن تكون من كلام الله مدحا لعيسى عليه السلام وتقريرا لرسالته واستدل أصحاب هذا الرأي بأنه جعل الذكر الحسن مكان القبيح الذي كانوا يطلقونه عليه، وهوالموافق لرأي عامة المفسرين الأصفهاني، والزمخشري، وابن الجوزي، والرازي، والقرطبي، والبيضاوي، والنسفي، والخازن، والنيسابوري، و محمد الحسني الشافعي، وأبو السعود، والألوسي، ومحمد رشيد، وابن عاشور، وعليه فيجوز الوقف على ( ابن مريم ) والابتداء بما بعده على تقدير أمدح ، أو أعنى عيسى بن مريم. والله أعلى وأعلم . منه كتاب مسك الختام في معرفة الوقف والابتداء لـ جمال القرش تحت الإعداد |
#3
|
|||
|
|||
تحرير الوقفات اللازمة المتفق عليها
تحرير الوقفات اللازمة المتفق عليها في أكثر المصاحف للشيخ جمال القرش
يقول وفقه الله : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد . سبق أن ذكرت في لوقفات اللازمة المتفق عليها مع تبرير يسير على الرابط التالي :http://vb.tafsir.net/tafsir12199/#.VlQ0xNKrRko وسأقوم بعون الله بتحرير تلك الوقفات من حيث التوجيه النحوي والتفسيري، وأراء أهل الوقف والابتداء مع بيان الوجه الذي ترجح لدي من كتابي ( مسك الختام في معرفة الوقف والابتداء)، وهو جهد المقل، إن إريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله ، فإن أحسنت فمن الله وحده، وإن أسأت فمن نفسي المقصرة والشيطان، سائلا الله الكريم الم أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه، وأن يجمعنا وإياكم في مستقر رحمته. الموضع الأول - الوقف على: مَثَلاً [ البقرة: 26 ]. قال : وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا مـ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا رموز المصاحف: توافقت المصاحف المختارة وهي ( الشمرلي، المدينة، دمشق، باكتسان) على وضع علامة الوقف اللازم على هذا الموضع. التوجيه النحوي: معرفة الوقف يكون بالنظر إلى توجيه إعراب جملة (يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا)، وفيها ثلاثة أقوال: القول الأول : لا محل لها استئنافية[1] القول الثاني: في محلِّ نصب صفة لمَثَلاً[2] القول الثالث: أن تكونَ حالاً من اسمِ الله[3] واختار القول الأول: الزجاج، وأبو حيان، والسمين الحلبي، باعتبار أنه مستأنف من كلام الله،جارية مجرى التفسير والبيان للجملتين المصدرتين بأمّا . [4] قال الزجاج: (ت: 311هـ): فقال اللَّه عزَّ وجلَّ: (يُضِل بِهِ كَثِيراً). أي يَدعو إلى التصْدِيقِ بِه الخَلْق جميعاً فيكذبُ به الكفارُ – فيُضَلون [5] واختار الرأي الثاني : الفراء(ت: 207هـ ) قال : ماذا أراد الله بمثل لا يعرفه كل أحد يضل به هذا ويهدي به هذا، قال الله: وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ. [6] وجوزه ابن عطية، على تقدير: مَثَلاً يُفَرِّقُ الناسَ به، إلى ضُلاَّلٍ ومُهْتدِين، وتكون بذلك جملة ( يضل به .. ) من الكفار، وقوله: وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً من كلام الباري ، وأنكر السمين الحلبي هذا وقال ( وهذا ليس بظاهرٍ، لأنه إلباسٌ في التركيب[7]. ورد أبو على هذا التوجيه وقال : هذا خبر مبتدأ وليس بصفة لمثلٍ، بدلالة قوله كذلك يضل الله في الأخرى [8] ورد أبي حيان: (ت: 754 هـ) هذا التوجيه بقوله: (وَهَذَا الْوَجْهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، لِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْهُ هُوَ ضَرْبُ مَثَلٍ مَا، أَيُّ مَثَلٍ: كَانَ بَعُوضَةً، أَوْ مَا فَوْقَهَا، وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّمَا سَأَلُوا سُؤَالَ اسْتِهْزَاءٍ وَلَيْسُوا مُعْتَرِفِينَ بِأَنَّ هَذَا الْمَثَلَ يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً، إِلَّا إِنْ ضُمِّنَ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ اعْتِقَادِكُمْ وَزَعْمِكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ فَيُمْكُنُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ كَوْنُهُ إِخْبَارًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ الظَّاهِرُ[9] وجوز القول الثالث: أبو البقاء العكبري، وهي أن تكونَ حالاً من اسمِ الله أي: مُضِلاً به كثيراً وهادياً به كثيراً. قال: (يُضِلُّ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ صِفَةٌ لِلْمَثَلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ اسْمِ اللَّهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا[10] وخلاصة القول: هو ترجيح النحاة للاستئناف، مع احتمال أن تكون من تتمة على النعت أو الحالية ولكنه ليس بالقوى. توجيه علماء الوقف: اختلف علماء الوقف في الحكم على هذا الموضع: القول الأول: هذا الوقف، وهو قول أبي حاتم والنحاس[11] القول الثاني : لازم، وهو اختيار السجاوندي [12] القول الثالث: التفصيل بين الكفاية والجواز، وهو قول الأنصاري، والأشموني[13] القول الرابع: لا وقف وهو اختيار الفراء [14] وتوجيه الوقف التام باعتبار أن جملة ( يضل به ..9 مستأنفة وانتهاء كلام الكفار ، وهو الظاهر من قول النحاس قال : قال أبو حاتم : هذا الوقف، وأما الفراء فليس هذا عنده تمام ، والتمام عنده (ويهدي به كثيرا) ، وقال أبو جعفر النحاس والأولى في هذا ما قاله أبو حاتم : والدليل على ذلك قوله في سورة المدثر : (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا [الْمُدَّثِّرِ: 31]. ثم قال الله (كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [الْمُدَّثِّرِ: 31] [15]. وتوجيه الوقف اللازم بيَّنها السجاوندي بقوله: لأنه لو وصل صار ما بعده صفة له ، ليس صفة ، وإنما هو ابتداء إخبار من الله جوابا لهم [16] وعلى ذلك يكون دفعا لتوهم معنى غير مراد وهو توهم أن قوله : ( يضل به كثيرا .. ) من كلام الكفار. وقال النسفي: (ت: هـ): يوقف عليه إذ لو وصل لصار ما بعده صفة له وليس كذلك [17]. وقال ابن عثيمين: (ت: 1421 هـ): ينبغي الوقوف على قوله : ماذا أراد الله بهذا مثلاً؛ و يضل به أي بالمثل؛ كثيراً أي من الناس[18] وتوجيه الوقف الكاف علله الأنصاري باعتبار استئناف ما بعده جوابا من الله للكفار والجواز باعتبار احتالية الوصل على تمام الحكاية[19] وتوجيه عدم الوقف باعتباره أن جملة ( يضل به كثيرا) صفة لمثلا، أو حالاً من اسمِ الله، وبذلك يكون الكلام متصلا لفظا ، ومعنى عن حكاية ما سق، وهو قول الفراء قال : ماذا أراد الله بمثل لا يعرفه كل أحد يضل به هذا ويهدي به هذا، قال الله: وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ. [20] ولم يذكر ابن الأنباري والداني وقفًا هنا [21] وبعد عرض أقوال علماء الوقف يظهر أن ترجيح الاستئناف هو الأكثر، مما يؤيد لزوم الوقف لدفع التوهم المتوقع، مع احتمال أن يكون الوقف كافيا باعتبار اتصال االرد عن الكفار فيما قالوه. أقوال علماء التفسير: القول الأول : أنها من كلام الله ردا على الكافرين، والمعنى يُضلّ الله بهذا المثل كثيرًا من أهل النفاق والكفر الذين يكذبونه، وينكرونه، فيزيدهم ضلالا إلى ضلالهم، ويهدي به كثيرا من المؤمنين ، بأن يوفقهم لمعرفة هذا المثل، فيزيدهم هدى إلى هداهم،. وهو قول مقاتل، والسدي، و الطبري، والزجاج، والسمرقندي، والثعالبي، والبغوي ، وابن كثير، وغيرهم. واستدلوا على ذلك بما يلي: 1. أن هذا التوجيه يظهر جليا في سورة المدثر في قوله : (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا [الْمُدَّثِّرِ: 31]. هذا من كلام الكفار، ثم قال الله ردا عليهم (كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [الْمُدَّثِّرِ: 31]. [22] 2. الاعتراض بأن الكافرين لا يقرون بان القرآن فيه هداية، كما قال الشوكاني : وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ، فَإِنَّ الْكَافِرِينَ لَا يُقِرُّونَ بِأَنَّ فِي الْقُرْآنِ شَيْئًا مِنَ الْهِدَايَةِ، وَلَا يَعْتَرِفُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِشَيْءٍ مِنَ الضَّلَالَةِ[23] 3. أن المعنى فيه رَدٌّ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْلُقُ الضَّلَالَ وَلَا الْهُدَى، ودفعا لرائحة الاعتزال[24]. قال أبو جعفر الطبري ( ت:310هـ) :"يضلّ به كثيرًا"، هذا خبر من الله جل ثناؤه مبتدَأٌ، ومعنى الكلام: أن الله يُضلّ بالمثل الذي يضربه كثيرًا من أهل النفاق والكفر:- فيزيد هؤلاء ضلالا إلى ضلالهم، لتكذيبهم بما قد علموه حقًّا يقينًا من المثل الذي ضربه الله لما ضرَبه له[25] وقال الزجاج: (ت:311هـ): : أي يَدعو إلى التصْدِيقِ بِه الخَلْق جميعاً فيكذبُ به الكفارُ – فيُضَلون [26] قال السمرقندي: (ت:375 هـ):: قال الله : يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً، أي إنما ضرب المثل ليضل به كثيراً من الناس، يعني يخذلهم ولا يوفقهم وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً، يعني يوفق به على معرفة ذلك المثل كثيراً من الناس وهم المؤمنون. [27] قال البغوي: (ت: 510 هـ): : ثُمَّ أَجَابَهُمْ فقال: يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً من الكفار، وذلك أنهم يكذبون فَيَزْدَادُونَ ضَلَالًا، وَيَهْدِي بِهِ، أَيْ: بهذا المثل كَثِيراً من الْمُؤْمِنِينَ فَيُصَدِّقُونَهُ، وَالْإِضْلَالُ هُوَ الصَّرْفُ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ[28] قال الثعالبي: (ت : 875 هـ): : أجابهم الله فقال: أراد الله بهذا المثل يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً من الكافرين ذلك أنهم ينكرونه ويكذّبونه وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً من المؤمنين يعرفونه ويصدّقون[29]. قال الشوكاني : (ت: 1250هـ):: يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً هُوَ كَالتَّفْسِيرِ لِلْجُمْلَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ الْمُصَدَّرَتَيْنِ بِأَمَّا، فَهُوَ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَقِيلَ: هُوَ حِكَايَةٌ لِقَوْلِ الْكَافِرِينَ كَأَنَّهُمْ قَالُوا: مَا مُرَادُ اللَّهِ بِهَذَا الْمَثَلِ الَّذِي يُفَرِّقُ بِهِ النَّاسَ إِلَى ضَلَالَةٍ وَإِلَى هُدًى؟ وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ، فَإِنَّ الْكَافِرِينَ لَا يُقِرُّونَ بِأَنَّ فِي الْقُرْآنِ شَيْئًا مِنَ الْهِدَايَةِ، وَلَا يَعْتَرِفُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِشَيْءٍ مِنَ الضَّلَالَةِ [30] القول الثاني: أن ( يضل به كثيرا ..) من تتمة الحكاية: وهو قول الكافرين والمعنى : ما مراد الله بهذا المثل الذي يفرق به الناس إلى ضلالة وإلى هدى؟ ، وهو أحد اختيار الإمام مكي، وابن عطية ، والقرطبي. قال الإمام مكي المتوفى: : (ت: 437هـ):: أي يضل بهذا المثل خلقاً كثيراً، وهذا من قول المنافقين، وقيل: هو من قول الله جَلَّ ذكره، ودَلَّ عليه قوله: وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً، وهذا لا يكون من قول المنافقين لأنهم لا يقرون أن هذا المثل / يهدى به أحد، فهو من قول الله بلا اختلاف. [31] قال ابن عطية: (ت: 541 هـ): : واختلف المتأولون في قوله : يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً فقيل :هو من قول الكافرين، أي ما مراد الله بهذا المثل الذي يفرق به الناس إلى ضلالة وإلى هدى؟ وقيل بل هو خبر من الله أنه يضل بالمثل الكفار الذين يعمون به، ويهدي به المؤمنين الذين يعلمون أنه الحق. [32] قال ابن الجوزي (ت:597هـ) ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا، أو هو مبتدأ من كلام الله عزّ وجلّ؟ على قولين: أحدهما: أنه تمام الكلام الذي قبله، قاله الفراء، وابن قتيبة. قال الفراء: كأنهم قالوا: ماذا اراد الله بمثل لا يعرفه كل أحد، يضل به هذا، ويهدي به هذا؟! ثم استؤنف الكلام والخبر عن الله. فقال الله: وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ. والثاني: أنه مبتدأ من قول الله ، قاله السّدّيّ ومقاتل[33] قال القرطبي: (ت: 671هـ):: قِيلَ هُوَ مِنْ قَوْلِ الْكَافِرِينَ، أَيْ مَا مُرَادُ اللَّهِ بِهَذَا الْمَثَلِ الَّذِي يُفَرِّقُ بِهِ النَّاسَ إِلَى ضَلَالَةٍ وَإِلَى هُدًى. وَقِيلَ: بَلْ هُوَ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ أَشْبَهُ، لِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ بِالْهُدَى أَنَّهُ مِنْ عِنْدِهِ، فَالْمَعْنَى: قُلْ يُضِلُّ اللَّهُ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا، أَيْ يُوَفِّقُ وَيَخْذِلُ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْلُقُ الضَّلَالَ وَلَا الْهُدَى.[34] ترجيح الأقوال: بعد النظر في الأقوال السابقة يظهر أن الراجح والأقوى أن يكون ( يضل به) من كلام الله ردا على الكافرين، فالله يُضلّ الله بهذا المثل كثيرًا من أهل النفاق والكفر الذين يكذبونه، وينكرونه، فيزيدهم ضلالا إلى ضلالهم، ويهدي به كثيرا من المؤمنين ، بأن يوفقهم لمعرفة هذا المثل، فيزيدهم هدى إلى هداهم، وبذل يكون محتمل بين التام باعتبار أن كلام الله عام يشمل من سبق وغيرهم، وباعتبار الرد خاصة على من سبق يكون كافيا لارتباط المعنى، ، وباعتبار دفع التوهم يكون الوقف لازما ، ويوضح ذلك ما يلي: 4. أن هذا التوجيه يظهر جليا في سورة المدثر في قوله : (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا [الْمُدَّثِّرِ: 31]. هذا من كلام الكفار، ثم قال الله ردا عليهم (كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [الْمُدَّثِّرِ: 31]. [35] 5. الاعتراض عليه كما قال الشوكاني : وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ، فَإِنَّ الْكَافِرِينَ لَا يُقِرُّونَ بِأَنَّ فِي الْقُرْآنِ شَيْئًا مِنَ الْهِدَايَةِ، وَلَا يَعْتَرِفُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِشَيْءٍ مِنَ الضَّلَالَةِ[36] 6. أن المعنى فيه رَدٌّ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْلُقُ الضَّلَالَ وَلَا الْهُدَى، ودفعا لرائحة الاعتزال. 7. أنه اختيار عامة النحاة وعلماء الوقف والتفسير، كالزجاج وأبي حيان، وأبو حاتم، والنحاس، والأنصاري، ومقاتل، والسدي، و الطبري، والزجاج، والسمرقندي، والثعالبي، والبغوي، وابن كثير، والدكتور مساعد الطيار في كتابه وقوف القرآن [37] وغيرهم 8. أن لزوم الوقف ذكره أكثر من عالم كالسجاوندي، والنسفي، وابن عثيمين، وتوافق المصاحف المختارة (الشمري، والمدينة ، والشام، والباكستاني) على لزوم الوقف دفعا للتوهم أنه من قول الكفار، والله أعلى وأعلم. [1] الدر المصون: 232، و إعراب القرآن وبيانه ، درويش : 69 [2] البحر المحيط: 203 ، والجدول : 1/ 86 ، إعراب القرآن وبيانه ، درويش : 69 [3] المجتبى من مشكل إعراب القرآن 1: 13 [4] إعراب القرآن وبيانه ، درويش : 69 [5] معاني القرآن وإعرابه للزجاج : 105 [6] معاني القرآن للفراء : 23 [7] الدر المصون: 232 [8] معاني القرآن وإعرابه للزجاج : 105 [9] البحر المحيط: 203 [10] التبيان في إعراب القرآن : 44 [11] انظر: القطع : 47 [12] علل الوقوف : 193- 194. [13] التبيان في إعراب القرآن : 44 [14] التبيان في إعراب القرآن : 44 [15] القطع : 47 ، ومعاني القرآن للفراء : 23 [16] علل الوقوف : 193- 194. [17] تفسير النسفي: 72 [18] تفسير ابن عثيمين : 97 [19] منار الهدى مع المقصد: 90 [20] معاني القرآن للفراء : 23 [21] الإيضاح: 105 ،والمكتفى: 20 [22] القطع : 47 ، ومعاني القرآن للفراء : 23 [23] فتح القدير: 68 [24] القرطبي: 244 [25] تفسير الطبري : 408 [26] معاني القرآن للزجاج : 105 [27] بحر العلوم: 37 [28] معالم التنزيل : 100 [29] لجواهر الحسان في تفسير القرآن: 173 [30] فتح القدير: 68 [31] الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره : 202 [32] ابن عطية : 112 [33] زاد المسير : 47 [34] القرطبي: 244 [35] القطع : 47 ، ومعاني القرآن للفراء : 23 [36] فتح القدير: 68 [37] وقوف القرآن وأثرها على التفسير : 287. من كتاب مسك الختام في معرفة الوقف والابتداء لـ جمال القرش |
#4
|
|||
|
|||
تحرير الوقف على: { من خيرٍ مُّحْضَرًا }
حكم الوقف على الوقف على: من خيرٍ مُّحْضَراً [ آل عمران: 30 ]. للشيخ جمال القرش وفقه الله
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد ققد كان يسألني كثيرا بعض إخواني الكرام من حملة القرآن - خاصة من الأئمة- وهو حكم الوقف على الوقف على: مُّحْضَراً [ البقرة: 26 ]، فرغبت في ذكر هذه المسألة وتحليل أبعادها بعد النظرفي أقوال علماء النحو، والتفسير، والوقف والابتداء، وقد ذكرتها في كتابي ( مسك الختام في معرفة الوقف والابتداء) تحت الإعداد، وهي من المسائل التي أخذت جهدا كبيرا في تحريرها لتشعب العلاقات اللفظية فيها وكثرة الأوجه الإعرابية. سأئلا الله التوفيق والسداد وهو نعم المولى ونعم النصير.وما توفيقي إلا بالله عليك توكلت وإليه أنيب. قوله : يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ آل عمران30 التوجيه النحوي: توجيه الوقف يكون بالنظر إلى ما يلي: 1- توجيه (ما) من قوله (وما عملت من سوء تود لو أن بينها ..) 2- عامل (يوم) من قوله ( يوم تجد كل نفس..) أولا: توجيه ( وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ ) على ثلاثة أقوال: الأول: معطوفة على جملة الصلة (مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ) [1] الثاني: (ما) مرفوعةً بالابتداء، وخبرُها «تود»[2] الثالث: جواز العطف، والاستئناف. الدراسة والمناقشة: اختار القول الأول: الفراء، والسمرقندي، وابن كثير، والألوسي، ورجحه الزجاج. والواحدي، وأبو السعود، وابن عاشور وغيرهم. جميعا [3] والتقدير: يوم تَجِدُ كل نفس مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ محضرا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ كذلك. وعلى هذا فلا وقف على ( محضرا) لئلا يفصل بين العطف والمعطوف. وتكون ( تود) إما أن تكون حالا للضمير في ( علمت) ، أو صفة للسوء[4] فتقدير الحال: يَوْمَ تَجِدُ مَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ مُحْضَرًا حَالَ مَا تَوَدُّ بُعْدَهُ عَنْهَا وتقدير الصفة: وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ الَّذِي تَوَدُّ أَنْ يَبْعُدَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، وَالضَّمِيرُ فِي (وَبَيْنَهُ) يَعُودُ إِلَى اليوم، تود لو أن بينها وبين ذلك اليوم أمدا بعيدا[5] واختار القول الثاني: الحسن ، ومقاتل، والسعدي رحمهم الله جميعا. [6]. وتقدير الكلام: يوم تَجِدُ كل نفس مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ محضرا، أي تجد تواب عملهم، أو صحائف أعمالهم، كقوله : ووجدوا ما عملوا حاضرا. قال الحسن: (110 هـ): «وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا قَالَ: يَسُرُّ أَحَدَهُمْ أَنْ لَا يَلْقَى عَمَلَهُ ذَلِكَ أَبَدًا يَكُونُ ذَلِكَ مُنَاهُ، وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَقَدْ كَانَتْ خَطِيئَتُهُ يَسْتَلِذُّهَا »[7]. قال مقاتل (ت:150هـ): «يوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً يعجل لها كُلّ خير عملته، وَلا يغادر منه شيء، وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً يعني أجلا بعيدا بين المشرق والمغرب» [8] وعلى هذا فيجوز الوقف على ( محضرا) لاستئناف ما بعده ويؤيده قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ وَدَّتْ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا» وجوز القول الثالث: مكي، والثعلبي، والبغوي، والزمخشري، والفخر الرازي، والعكبري، والنسفي، وأبو حيان، والسمين الحلبي، والشوكاني رحمهم الله جميعا.[9]. ثانيا: توجيه الْعَامِلِ فِي: (يَوْمَ) اختلف فيه على خمسة أقوال: 1. وَيُحَذِّرُكُمْ، وَرَجَّحَه الزَّجَّاجُ. 2. وإليه الْمَصِيرُ. جوزه الزجاج 3. تودُّ، قاله الزمخشري. 4. شيء قَدِيرٌ،[29] جوزه مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. 5. فِيهِ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ اذْكُرْ، أو اذكروا َقَالَه: ابن جرير، وابن جزي، والعكبري[10]. فعلى التوجيه الأول يكون المعنى: ويحذركم الله نفسه يوم تجد كل نفس ما عملت وعليه فلا وقف على (محضرا) للتعلق اللفظي بين العامل والمعمول، وضعف من وجهين: الأول: من جهة اللفظ: طول الفصل بين العامل والمعمول، قاله بن جرير. الثاني: من جهة المعنى: أن تحذير الله للعباد إنما يكون في الدنيا دون الآخرة قال ابن عاشور: وَهُوَ بَعِيدٌ، لِأَنَّ التَّحْذِيرَ حَاصِلٌ مِنْ وَقْتِ نُزُولِ الْآيَةِ[11] وعلى التوجيه الثاني يكون المعنى: وإليه المصير يوم تجد كل نفس ما عملت ...وعليه فلا وقف على ( محضرا) للتعلق اللفظي بين العامل والمعمول. وضعف أبو حيان تعلق (يوم) بـ (وإليه المصير): قال: وَيَضْعُفُ انْتِصَابُهُ: بِالْمَصِيرِ، لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَمَعْمُولِهِ،[12] وعلى التوجيه الثالث يكون المعنى: تَوَدّ كل نفس لَوْ أنّ بينهَا وَبيْن ما عملت من سوء أمداً بعيداً يومَ تَجِدُ كل نفس مَا عملت من خير مُحْضراً، وعليه فلا وقف على ( محضرا) للتعلق اللفظي بين العامل والمعمول، وضُعِّف لأنه َيَلْزَمُ مِنْ هَذَا التَّقْدِيرِ تَقَدُّمُ الْمُضْمَرِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ. [13] وعلى التوجيه الرابع يكون المعنى: والله على كل شيء قدير يوم تجد كل نفس .. وهذا التقدير لا علاقة له بالوقف على ( محضرا) لأن التعلق هنا بما قبله. وضعفه أبو حيان: قال: وَيَضْعُفُ نَصْبُهُ: بِقَدِيرٍ، لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لَا تَخْتَصُّ بِيَوْمٍ دُونَ يَوْمٍ، بَلْ هُوَ تَعَالَى مُتَّصِفٌ بِالْقُدْرَةِ دَائِمًا [14] وقال ابن عاشور: وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُجْعَلَ عَامِلَ الظَّرْفِ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ لِعَدَمِ الْتِئَامِ الْكَلَامِ حَقَّ الِالْتِئَامِ[15] وعلى التوجيه الخامس يكون المعنى: واذكروا ، واتقوا، واحذروا .. يوم تجد .. [16] وبعد هذا العرض يتضح أن القول الراجح في ذلك هو القول الأخير، وهو أن يكون العامل فِيهِ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ اذْكُرْ: واذكروا يوم تجد، أو واتقوا يوم تجد، أو واحذروا يوم تجد كل ، لأنه الأكثر استعمالا في القرآن الكريم ، وحمل الأية على الأسلوب الكثير هو الأولى،[17]. قال الطبري: لِأَنَّ الْقُرْآنَ إِنَّمَا نَزَلَ لِلْأَمْرِ وَالذِّكْرِ، كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمُ: اذْكُرُوا كَذَا وَكَذَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَاتَّقُوا يَوْمَ كَذَا وَحِينَ كَذَا[18] وقال ابن جزي: منصوب على الظرفية والعامل فيه مضمر تقديره: اذكروا أو خافوا[19] أقوال علماء الوقف والابتداء: اختلف علماء الوقف والابتداء في الوقف على ( محضرا) على أقوال: القول الأول: تام، وهو قول نافع[20]. القول الثاني: التفصيل بين (التام، وعدم الوقف) وهو قول النحاس، والأنصاري والأشموني[21]. القول الثالث: التفصيل بين (الكافي، وعدم الوقف)، وهو قول الداني، ورجح الوصل[22]. القول الرابع: التفصيل بين( الحسن، وعدم الوقف) وهو قول.ابن الأنباري[23] القول الخامس: جائز، وهو قول السجاوندي، والأجوز الوصل[24]. القول السادس: لا وقف: وهو قول الأخفش [25]. وتوجيه التام: على استئناف ما بعد ( محضرا) واختلاف المعنى فالأول عن الخير والثاني عن السوء، وهو قول نافع وجوزه النحاس، والأنصاري والأشموني. وتوجيه الكافي: إن كان ما بعده مستأنف مبتدأ وخبر، والمعنى متصل عن حال النفس يوم القيامة عندما تجد عملها من خير ، ومن شر وهو قول الداني. وتوجيه الجائز: باعتبار جواز الاستنئاف والعطف وهو قول السجاوندي. وتوجيه عدم الوقف باعتبار عطف (ما) الثانية على ( ما عملت) الأولى، ولا يفصل بين العطف والمعطوف، وهو قول الأخفش، ورجح الوصل: الداني، والسجاوندي. ترجيح الأقوال: وبعد استعراض أقوال النحاة والمفسرين والوقف والابتداء ، يظهر أن الراجح هو العطف، على تقدير واذكروا يوم تَجِدُ كل نفس مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ لما يلي: 1. أن الوقف على (محضرا) يعني حضور الخير، وعدم حضور الشر، ولا معنى لحضورالخير دون الشر. 2.أن إحضار الشر من مقتضيات الحكمة التشريعية[26] 3. أنه تقرر فيما سبق أن الأرجح عدم تعلق (يوم تجد) بـ ( ويحذركم الله نفسه) أو ( وإلى الله المصير) ، أو (تود) . 4.أنه قول أكثر النحاة والمفسرين وأهل الوقف والابتداء. 5.موافقته لأكثر المصاحف فلم تشر بعلامة وقف دليل على ترجيح العطف. سوى مصحف التهجد أشار بالرمز (ج) 6.الذي أره أن يكون علامة الوقف هي (صلى) والتي تعني أولوية الوصل. 7. قال الفراء207هـ: « (وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ) فإنك تردّه أيضا على (ما) فتجعل (عملت) صلة لها فِي مذهب رفع لقوله (تودّ لو أنّ بينها)، ولو استأنفتها فلم توقع عليها (تجد) جاز الجزاء.[27] 8. قال الزجاج(ت:311هـ): (ونصب: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ) بقوله: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)[أية: 30]: كأنه قال ويحذركم اللَّه نفسه في ذلك اليوم، ويجوز أن يكون نصب على قوله: (وِإلى اللَّهِ الْمَصِيْر)(أية:28) يَوْمَ تَجِدُ كُل نَفْسٍ، والقول الأول أجود». [28] 9. قال الإمام الداني (ت: 444هـ) « (من خير محضرا) كاف إذا رفعت ( وما عملت ) بالابتداء ، والخبر (تود) والأجود أن تكون (ما) في موضع نصب عطفا على قوله: (ما عملت من خير) فعلى هذا لا يكفي الوقف على ( محضرا )».[29] 10. قال الواحدي (ت:468هـ): « الأظهر: أن تجعل مَا ههنا بمنزلة (الذي)، فيكون معطوفاً على مَا الأولى، ويكون عَمِلَتْ صلةً لها، ويصلح أن تكون بمعنى: الجزاء فتكون مُسْتَأنَفَةً»[30] 11. قال السجاوندي (ت: 560 هـ ): «محضرا: جائز والأجوز أن يوقف على (سوء) تقديره وما عملت من سوء كذلك، لأن السوء يوجد محضرا كالخير.، وتود مستأنف لأن صاحب الخير يود لو لم يره من خجل الحياء، كما أن صاحب السوء من وجل الجزاء، والضمير المتحد عائد إلى (ما) أو إلى جنس العمل».[31] 12. قال ابن كثير(ت:774هـ): «يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْضُرُ لِلْعَبْدِ جَمِيعُ أَعْمَالِهِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ».[32] 13. قال أبن عاشور (ت:1393): « أَصْلُ الْكَلَامِ: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ وَمِنْ شَرٍّ مُحْضَرًا، تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَمَدًا بَعِيدًا لِيَكُونَ ضَمِيرُ بَيْنَهُ عَائِدًا إِلَى يَوْمَ أَيْ تَوَدُّ أَنَّهُ تَأَخَّرَ وَلَمْ يَحْضُرْ ، وَهَذَا أَحْسَنُ الْوُجُوهِ فِي نَظْمِ هَذِهِ الْآيَةِ وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ فِي «الْكَشَّافِ» » [33] [1] انظر: فتح القدير 1/ 381 ، الجدول: 3/154، [2] وقد تكونَ وما عملت من سوء شرطا، منقطعة، على قراءة ابن مسعود «من سوء ودت» وكذلك قرأ ابن أبي عبلة، وهي قراءة شاذة، قال ابن عطية: ولا يجوز ذلك على قراءة «تود» لأن الفعل مستقبل مرفوع والشرط يقتضي جزمه اللهم إلا أن يقدر في الكلام محذوف «فهي تود» وفي ذلك ضعف، انظر: المحرر الوجيز: 1 / 421. والبحر المحيط: 3/ 99 [3] انظر: معاني للفراء: فراء: 1/206. معاني القرآن وإعرابه للزجاج: 397 التَّفْسِيرُ البَسِيْط: 5/ 178 وابن كثير: 2/ 31 اتفسير أبو السعود:2/ 24، تفسير ابن عاشور:3 / 223 [4] انظر: مفاتح الغيب: 8/ 196 [5] انظر: تفسير ابن عاشور:3 / 223 [6] انظر: تفسير الطبري: 6/321 تفسير مقاتل: 270 السعدي: 128 [7] تفسير الطبري: 6/321 [8] تفسير مقاتل: 270 [9] [1] انظر: مشكل إعراب القرآن: 155 ، الكشف والبيان: 2/ 50 ، معالم التنزيل : 429، والدر المصون: 3 /117، مفاتح الغيب : 8/ 196، العكبري :1/ 252، فتح القدير 1/ 381 [10] انظر: تفسر الطبري: 5/322، والعكبري:1/ 252 [11] اتفسير ابن عاشور:3 / 223 [12] البحر المحيط: 3/ 97- 99 [13] انظر: البحر المحيط: 3/ 97- 99 [14] البحر المحيط:: 3/ 101، والدر المصون: 3/ 122 [15] تفسير ابن عاشور: 3 / 223 [16] انظر: ما لم ينشر من الأمالي الشجرية: 1/ 51 [17] انظر: ترجيحات ابن جزي د. عبد العزيز اليحى: 127. [18] الطبري: 5/322 [19] التسهيل لعلوم التنزيل: 1/149. [20] انظر: القطع والإتناف: 131: 132 [21] انظر: القطع والإتناف: 131: 132 المنار مع المقصد: 163 [22] انظر: المكتفى: 199 [23] انظر: إيضاح الوقف والابتداء:2/ 574 [24] انظر: علل الوقوف: 368. [25] انظر: القطع والإتناف: 131: 132 [26] انظر: روح المعاني: 4/ 301 . [27] معاني القراء: فراء: 1/206. [28] معاني القرآن وإعرابه للزجاج: 397 [29] المكتفى: 199 [30] التَّفْسِيرُ البَسِيْط: 5/ 178 [31] علل الوقوف: 368. [32] ابن كثير: 2/ 31 [33] اتفسير ابن عاشور:3 / 223 البحث : من كتاب: مسك الختام في معرفة الوقف والابتداء) لـ جمال القرش |
#5
|
|||
|
|||
اقتباس:
|
#6
|
|||
|
|||
حكم الوقف على قوله تعالى : ( يضرب مثلا )
حكم الوقف على قوله : (أن يضرب مثلا) للشيخ جمال القرش
من قوله :إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا البقرة26 التوجيه النحوي: توجيه الوقف يكون بالنظر إلى إعراب ( ما بعوضة ..) وفيها أقوال: 1. أن تكون ما [زائدة] للتوكيد. [1] أي: مَثلاً بَعوضَةً 2. صفةٌ لما قبلَها.[2] 3. نكرةٌ موصوفةٌ. [3] أي: شَيئاً مَثَلاً " أو يذكر شيئًا ما, قلَّ أوكثر 4. أن تكون بمعنى الذي. [4] مناقشة التوجيهات: الأول: وهو اختيار الأخفش والزجاج.[5] وأنكر المبرد هذا القول، وقال: أَبُو مُسْلِمٍ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُرْآنِ زِيَادَةٌ وَلَغْوٌ. قال الفخر الرازي(ت: 606هـ): وَالْأَصَحُّ قَوْلُ أَبِي مُسْلِمٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ الْقُرْآنِ بِكَوْنِهِ هُدًى وَبَيَانًا وَكَوْنُهُ لَغْوًا يُنَافِي ذَلِكَ[6] ومن جوزه اعتبره زيادة في الإعراب وليس المعنى فهي مبهمة تزيد الاسم الذي دخلت عليه شيوعا وعموما نحو قوله: (فَبِمَا رَحْمَةٍ من اللَّهِ لِنْتَ لَهم) المعنى فَبرحمة من الله [7]. الثاني: وهو قول الأنصاري وجوز السمين الحلبي، قال : (ما) صفة لمثلا زادت النكرة شياعا وبعوضة بدل من ما ».[8] الثالث: قاله الفراء والزجاج وثعلب، وأبو البقاء، ومعنى (ما) شيء قليل، وتكون مفعول ثان، أو بدل من مثلا، وبعوضة نعت لـ (ما)[9] الرابع: وهو اختيار ابن جرير، وعقب ابن كثير بقوله: وهو مرجوح، فليست بموصولة، والصواب أنها نكرة، فلو قلت: إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً الذي بعوضة، فلا يستقيم الكلام.[10] القول الراجح: والراجح هو القول الثاني: وهو أن تكون ما صفة للنكرة، لأن المراد -والله أعلم- إظهار القلة والصغر للبعوضة، وليس البعوضة ذاتها، وقد رجحه ابن عطية والسمين الحلبي[11]. قال الفراء. والغرض ههنا الصغر والتقليل[12] قال ابن عطية (ت:541 هـ ": والذي يترجح أن (ما) صلة مخصصة كما تقول جئتك في أمر ما فتفيد النكرة تخصيصا وتقريبا، وبعوضة على هذا مفعول ثان. [13] قال السمين الحلبي (ت:756 هـ: « والصوابُ من ذلك أن تكونَ « «ما» صفةٌ للنكرة، و «بعوضةً» بدلٌ لا عطفُ بيان، ».[14] قال ابن كثير (ت:774هـ): إن الله لا يستحي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا، أَيْ: أَيَّ مَثَلٍ كَانَ، بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا[15]. أقوال علماء الوقف : الأول : تام، وهو قول أحمد بن موسى[16] الثاني : كاف، وهو قول الأشموني[17] الثالث: التفصيل بين الوقف وعدم الوقف، وهو قول ابن الأنباري [18] الرابع: جائز، أحمد بن جعفر، وهو قول ابن الأنباري ، والنحاس والأنصاري [19] الخامس : لا وقف : وهو قول ابن الأنباري[20] مناقشة الاختيارات: واختيار التام باعتبار استئناف ما بعده مع انقطاع المعنى ولا أرى له مبررا. واختيار الكافي باعتبار استئناف ما بعده، ولا أري له مبررا أيضا. واختيار لا وقف لئلا يفصل بين العطف البيان ومتبوعه، وبين الفعل والمفعول. القول الراجح: الذي يظهر أن الراجح عدم الوقف على (ما) لأنها في جميع التوجيهات تتعلق بما قبلها. قال النحاس: (ت::338هـ) : « القطع على (مثلا) خطأ لأن ما إن كانت زائدة للتوكيد فلا يبتدأ بها»[21] وقال الداني (ت:444هـ): وليس كما قالوا[يقصد حسن، أو تام] لأن ما زائدة مؤكدة، فلا يبتدأ بها، ولأن بعوضة بدل من قوله: مثلاً فلا يقطع منه[22] [1] معاني القرآن للزجاج: 1/ 103 [2] المنار بتخليص المرشد: 14 [3] تفسير ابن عطية: 110 ، والقرطبي: 1/243 [4] تفسير ابن عطية: 110 [5] معاني القرآن للزجاج: 1/ 103 [6] مفاتيح الغيب: 2/363 [7] معاني القرآن للزجاج: 1/ 103 ، و فتح القدير: 1/81 [8] المنار بتخليص المرشد: 14 [9] تفسير ابن عطية: 110 ، والقرطبي: 1/243 [10] تفسير ابن كثير: 24/6، أو يكون التقدير الذي هو بعوضَةٌ لقوله: «تماما على الذي أحسن»، أي على الذي هو أحسن. [11] اثر اختلاف الإعراب في تفسير القرآن: 53 [12] معاني القرآن للفراء: 1/ 103 [13] تفسير ابن عطية: 110 [14] الدر المصون: 1/ 223- 226 [15] تفسير ابن كثير: 1/ 207. [16] المكتفى: 20 [17] المنار بتخليص المرشد: 14 [18]إيضاح الوقف والابتداء: 353 [19] القطع والإتناف: 47، و المنار بتخليص المرشد: 14 [20]إيضاح الوقف والابتداء: 353 [21] انظر: القطع والإتناف: 47 [22] المكتفى: 20 البحث من كتاب مسك الختام في الوقف والابتداء لللشيخ / جمال القرش |
#7
|
|||
|
|||
ثانيا : حكم الوقف على ( مثلا ما)
من قوله :إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا البقرة26 التوجيه النحوي: توجيه الوقف على ما يكون بالنظر إلى إعراب ( بعوضة) بالنصب. وفيها أقوال: أن تكون (بعوضة) [1] : 1. صفة لـ «ما» 2. بدلا من «مثلًا»، أو عطف بيان منه. 3. مفعولا لـ «يضرب». 4. مفعولا ثانيًا لـ «يضرب». 5. منصوبة على إسقاط «بين» 6. منصوبة بفعل محذوف، أعنى بعوضة. مناقشة التوجيهات: الأول: يضرب مثلًا شيئاً من الأشياءِ، بعوضة فما فوقها. الثاني: يضرب مثلا بعوضة. الثالث: يمثل مثلا، كما يقال: إِنَّ مَعْنَى ضَرَبْتُ لَهُ مَثَلًا، مَثَّلْتُ لَهُ مَثَلا[2]، وتكون «مثلًا» حال تقدمت عليها. الرابع: تكون ما نكرة موصوفة في تقدير شيء. ويضرب بمعنى يجعل: أي: يجعل مثلا شيئا من الأشياء [3] الخامس: ويُعْزى هذا للكسائي والفراء وغيرِهم من الكوفيين، أي: أي : ما بين بعوضة، وتكون َفيه الْفَاءُ بِمَعْنَى إِلَى، أَيْ إِلَى مَا فَوْقَهَا، وأنكر أبو العباس وابن أبي الربيع هذا الوجه[4] السادس: أي: أعني بعوضة. قال القاضي أبو محمد عبد الحق: والذي يترجح أن ما صلة مخصصة كما تقول جئتك في أمر ما فتفيد النكرة تخصيصا وتقريبا، وبعوضة على هذا مفعول ثان[5] قال أبو حيان (745هـهـ) « وَالْأَصَحُّ أَنَّ ضَرَبَ لَا يَكُونُ مِنْ بَابِ ظَنَّ وَأَخَوَاتِهَا، فَيَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ، وَبُطْلَانُ هَذَا الْمَذْهَبِ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ النَّحْوِ . [6] قال ابن كثير (ت:774هـ) : « فقوله: (مثلاً ما بعوضة) الصحيح فيه أن بعوضة بدل من (ما) أو وصف لـ (ما). 24 /6 وتوجيه ( يضرب ) لها توجيهان أن تتعدي: الأول: أن تتعدى لمفعول واحد على معنى: يُبَيِّنُ، أو يَذْكُرُ، أو يَضَعُ كقوله: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّة الثاني: أن تتعدى لمفعولين: على معنى يجعل أو يصيركقوله: ضَرَبْتُ الطِّينَ لَبِنًا. قال السمين الحلبي (756 هـ: « والصوابُ من ذلك كلّهِ أن يكونَ «ضَرَبَ» متعدياً لواحدٍ بمعنى بَيَّن، و «مثَلاً» مفعولٌ به، بدليلِ قولِه: ضُرِبَ مَثَلٌ [الحج: 73] ، و «ما» صفةٌ للنكرة، و «بعوضةً» بدلٌ لا عطفُ بيان، لأن عطفَ البَيان ممنوعٌ عند جمهور البصريين في النكراتِ».[7] أقوال علماء الوقف: الأول : كاف، وهو قول الأشموني[8] الثاني: حسن، وهو قول أحمد بن جعفر الدينوري، وأحمد بن محمد النحاس. [9] الثالث: جائز ، وهو قول الأنصاري [10] الرابع: لا وقف، وهو قول الداني[11]. مناقشة الاختيارات: يمكن أن نقسم الاختيارات السابقة إلى من جوز ومن منع،على التفصيل التالي: من اختار الوقف الكافي. نظر إلى التقدير الأخير، على تقدير أعنى بعوضة. ومن اختار الوقف الحسن الذي هو في مرتبة الكافي، فيكون على نفس التقدير السابق|. وضعفه الداني قال: وليس كما قالوا لأن ما زائدة مؤكدة، فلا يبتدأ بها، ولأن بعوضة بدل من قوله: مثلاً فلا يقطع منه [12]. وضعفه الأنصاري، قال: وليس بحسن فمثلا مفعول يضرب وما صفة لمثلا زادت النكرة شياعا وبعوضة بدل من ما »[13]. وقال أبو جعفر النحاس: ، والقطع على ما : لعمري حسن ، كما قال : لشيء ما يود ما يود ، ولكن الائتناف بما بعدها قبيح لأنه منصوب مردود على ما قبله أو بمعنى ما بين بعوضة » [14] ومن اختار عدم الوقف: نظر إلى التعلق اللفظي لـ ( بعوضة) بما قبلها، وهذا يظهر في الأوجه الإعرابية الخمسة الأولى فكلها ترتبط بما قبلها من جهة الإعراب فلا يفصل بين الصفة والموصوف والبدل والمبدل منه ، والفعل ، ومفعوله، ولا بين الجار المسقط ومعموله ترجيح الاقوال: بعد استعراض الأقوال يظهر أن الأولى والأحسن هو عدم الوقف لما يلي : 1. أن التوجيهات الخمسة الأولى في الإعراب كلها تحتاج إلى ما سبق، لشدة تعلق ما بعدها بما قبلها، فلا يفصل بنها وبين ما قبلها. 2. ترجيح السمين الحلبي لوجه الإعراب وهو أن تكون «ما» صفةٌ للنكرة، و «بعوضةً» بدلٌ» وعليه فلا يفصل بينها وبين ما قبلها لأنه لا يفصل بين البدل والمبدل منه[15] 3. جوز الأشموني الوقف على ( مثلا ما) والابتداء بـ (بعوضة)، على تقدير: أعني بعوضة، ولم يصرح بهذا التوجيه أكثر علماء الوقف كابن الأنباري والنحاس، والداني، والسجاوندي، والأنصاري، ما يظهر ذلك أن ذلك الوجه مرجوحا. 4. قال الأخفش : إن شئت وقفت مثلا ما بعوضة ، وقال أبو حاتم : فما فوقها ، قال أبو جعفر النحاس: وهذا أصح الأقوال [16] 5. أكثر المصاحف الممختارة لم ترمز لعلامة وقف على ( مثلا ما) مما يؤيد ترجيح ارتباط العلاقة اللفظية. [1] انظر الأوجه في البحر المحيط: 1/ 197-199، و تفسير ابن عطية: 110، المنار بتخليص المرشد: 14 [2] تفسير القرطبي: 1/243 [3] تفسير القرطبي: 1/243 [4] تفسير ابن عطية: 110، وتفسير الكتاب العزيز وإعرابه للإشبيلي: 347 [5] تفسير ابن عطية: 110 [6] البحر المحيط: 1/ 197 [7] الدر المصون: 1/ 223- 226 [8] المنار بتخليص المرشد: 14 [9] القطع والإتناف: 47 [10] المنار بتخليص المرشد: 14 [11] المكتفى: 20 [12] المكتفى: 20 [13] المنار بتخليص المرشد: 14 [14] القطع والإتناف: 47 [15] الدر المصون: 1/ 223- 226 [16] القطع والإتناف: 47 البحث من كتاب مسك الختام في معرفة الوقف والابتداء لـ جمال القرش |
#8
|
|||
|
|||
حكم الوقف على قوله تعالى : ( على حياة )
حكم الوقف على قوله: (أحرص الناس على حياة) والابتداء بـ ( ومن الذين أشركوا..) للشيخ جمال القرش من قوله : وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ البقرة96 التوجيه النحوي: توجيه الوقف يكون بالنظر إلى إعراب (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ..) والمشهور فيها قولان: 1. أن تكون الواو عاطفة 2. أَنَّ الواو مستأنفة. مناقشة التوجيهات: القول الأول: وهو قَوْلُ مقاتل150هـ، والْفَرَّاءِ 207هـ والطبري310هـ، والزجاج311هـ ، وابن الأنباري328هـ، والنحاس 338هـ والداني444هـ ، والواحدي468هـ والأشموني1100هـ ، وابن عثيمين1421هـ[1] والجار «من الذين» متعلق بـ «أحرص» مقدرا ، أي وأحرص من الذين. ومَعْطُوفَةٌ عَلَى النَّاسِ فِي الْمَعْنَى، ويكون َالْمَعْنَى أَنَّ الْيَهُودَ أَحْرَصُ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَأَحْرَصُ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا.كَقَوْلِكَ: هُوَ أَسْخَى النَّاسِ وَمِنْ حَاتِمٍ. والتخصيص بعد العموم ، مبالغة في توبيخ اليهودِ لأن المشركين لا يؤمنون بعاقبة، واليهود معترفون بالجزاء والحساب، ولذلك كانوا أشد الناس حرصا على الدنيا، لأنهم علموا أنهم صائرون إلى النار إذا ماتوا[2] القول الثاني: وهو قول أَبُو الْعَالِيَةِ 93 هـ وَالرَّبِيعُ 140 هـ ، ونافع169 هـ ، وجوزه البغوي 510 هـ، والزمخشري538هـ، وابن عطية 541 هـ، وأبو البقاء 616هـ ، والأشموني 1100 هـ والشوكاني1250هـ [3] ويكون وَمِنَ الذين أَشْرَكُواْ خبراً مقدَّماً.، و «يَوَدُّ أحدُهم» صفةً لمبتدأ محذوفٍ تقديرُه: ومن الذين أَشْركوا قومٌ أو فريقٌ يَوَدُّ أحدُهم الدر المصون: 2/13 ويكون المعنى : وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أُنَاسٌ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ عَلَى حَذْفِ الْمَوْصُوفِ كَقَوْلِهِ: وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ [الصَّافَّاتِ: 164] ، وسُمُّوا مُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِالنُّورِ وَالظُّلْمَةِ. يَوَدُّ: يُرِيدُ وَيَتَمَنَّى، أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ، يَعْنِي: تَعْمِيرَ أَلْفِ سَنَةٍ، وَهِي تَحِيَّةُ الْمَجُوسِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، يَقُولُونَ: عِشْ أَلْفَ سَنَةٍ وَكُلُّ أَلْفٍ نَيْرُوزٌ ومهرجان[4] وضعفه الواحدي 468هـ من جهتين: إحداهما: أن المراد بالآية بيان حرص اليهود على الحياة، فلا يحسن قطع الكلام عند قوله: عَلَى حَيَاةٍ ثم الإخبار عن غيرهم بحب التعمير. أنه لا يجوز حذف الموصول وترك صلته، واستقصاء هذا مذكور عند قوله: مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ في سورة [النساء: 46] [5]، وعقب الكرماني 505هـ بقوله : ومن جعله مستانفا، أي ومن الذين أشركوا من يود، أو قوم يود، ففي قوله بعد، لأنه لا يجوز حذف الموصول، وإقامة الصلة مقامه أصلاً، ولا يجوز حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، إذا كانت جملة، وإنما يجوز إذا كانت اسماً مثله. [6] قال النحاس338هـ : يجوز في العربية مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ بمعنى من الذين أشركوا قوم يودّ أحدهم إلا أنّ المعنى في الآية لا يحتمل هذا [7]. وقال ابن عثيمين1421هـ: وهذا وإن كان محتملاً لفظاً، لكنه في المعنى بعيد جداً[8] أقوال علماء الوقف: اختلف علماء الوقف في حكم الوقف على ( على حياة) على أقوال: الأول: لا وقف. الثاني: تام . الثالث: التفصيل بين الوقف وعدم الوقف. مناقشة الأقوال : الأول : لا وقف : باعتبار العطف وهو قول أبو حاتم ، وابن الأنباري، والنحاس، والداني. ورجحه الأشموني[9] الثاني: تام ، باعتبار أن الواو مستأنفة، على أن يكون (ومن الذين أشركوا) في موضع رفع خبرا مقدّما تقديره ومن الذين أشركوا قوم يودّ أحدهم لو يعمر ألف سنة. أو لأن قوله: يودّ أحدهم عنده جملة في موضع الحال من قوله: ومن الذين أشركوا، وهو قول نافع. الثالث: التفصيل بين جواز الوقف وعدم الوقف، وهو قول السجاوندي ، والأشموني، والأنصاري. [10] القول الراجح: الراجح هو أن تكون الواو عاطفة على الناس، وعليه فلا وقف على حياة ، ويكون المعنى: أَنَّ الْيَهُودَ أَحْرَصُ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَأَحْرَصُ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا، لما يلي: 1. أن المراد بالآية بيان حرص اليهود على الحياة، فلا يحسن قطع الكلام عند قوله: عَلَى حَيَاةٍ ثم الإخبار عن غيرهم بحب التعمير[11]، 2. أنه لا يجوز حذف الموصول وترك صلته، واستقصاء هذا مذكور عند قوله: مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ في سورة [النساء: 46] [12]، 3. أن العطف أَبْلَغَ فِي إِبْطَالِ دعوى اليهود وَفِي إِظْهَارِ كَذِبِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةُ لَنَا لَا لِغَيْرِنَا [13] 4. أنه قول عموم أهل اللغة والتفسير والوقف، قال النحاس: ...وهذا قول أهل التأويل ، وأهل القراءة ، واللغة إلا نافعا.[14] 5. قال الزجاج: 311هـ (وَمِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا) أي وَلَتَجِدَنَهُمْ أحْرَصَ من الذين أشركوا، وهذا نهاية في التمثيل.والذين أشركوا هم المجوس ومن لا يُؤمن بالبعث[15]. 6. قال ابن الأنباري328هـ: أي ولتجدن اليهود أحرص الناس على حياة وأحرص من الذين أشركوا، يعني المجوس » [16] 7. قال الداني444هـ: وأحرص من الذين أشركوا، ثم استأنف الخبر عن جميعهم بقوله يود أحدهم[17] 8. قال فخر الدين الرازي 606هـ: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ إِذَا كَانَتِ الْقِصَّةُ فِي شَأْنِ الْيَهُودِ خَاصَّةً فَالْأَلْيَقُ بِالظَّاهِرِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: وَلَتَجِدَنَّ الْيَهُودَ أَحْرَصَ عَلَى الْحَيَاةِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لِيَكُونَ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي إِبْطَالِ دَعْوَاهُمْ وَفِي إِظْهَارِ كَذِبِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ. إِنَّ الدار الآخرة لنا لِغَيْرِنَا[18]. 9. قال الأشموني1100هـ: والأكثر على أن الوقف على أشركوا وهم المجوس [19] 10. قال ابن عثيمين1421هـ:وهذا القول هو الصواب.. [20] 11. عموم المصاحف لم تشر بعلامة وقف على (حياة ) دليل على ترجيح وجه العطف. [1] تفسير مقاتل بن سليمان: 125 ، معاني القرآن للفراء: 1/ 62 ، تفسير الطبري: 2 /370 ، معاني القرآن للزجاج: 1/ 103 ، إيضاح الوقف والابتداء: 525 ، إعراب القرآن للنحاس: 1/ 69، ، التَّفْسِيرُ البَسِيْط: 3 /167، ، المكتفى: 1/ 24، المنار بتخليص المرشد: 105، ، تفسير ابن عثيمين الفاتحة والبقرة : 1/309 [2] الوجيز للواحدي : 119 [3] معالم التنزيل: 1/ 144.، الكشاف :1/ 168 والمحرر الوجيز: 1/ 182، التبيان في إعراب القرآن : 1/96، المنار بتخليص المرشد: 105، فتح القدير : 125. [4] معالم التنزيل: 1/ 144 [5] التَّفْسِيرُ البَسِيْط: 3 /167- 168 [6] غرائب التفسير:1/ 160 [7] إعراب القرآن للنحاس: 1/ 69 [8] تفسير ابن عثيمين الفاتحة والبقرة : 1/309 [9]إيضاح الوقف والابتداء: 525 ، و القطع والإتناف: 71 ، و المكتفى: 1/ 24، و المنار بتخليص المرشد: 105 [10] علل الوقوف : 218 و المنار بتخليص المرشد: 105 [11] التَّفْسِيرُ البَسِيْط: 3 /167- 168 [12] التَّفْسِيرُ البَسِيْط: 3 /167- 168 [13] معالم التنزيل: 1/ 144 [14] القطع والإتناف: 71 [15] معاني القرآن للزجاج : 1/ 178 [16]إيضاح الوقف والابتداء: 525 [17] المكتفى: 1/ 24 [18] اثر اختلاف الإعراب في تفسير القرآن: 53 [19] المنار بتخليص المرشد: 105 [20] تفسير ابن عثيمين الفاتحة والبقرة : 1/309 البحث من كتاب ( مسك الختام في معرفة الوقف والابتداء لـ جمال القرش) |
#9
|
|||
|
|||
تحرير الوقف على (فإن الله هو مولاه)
الوقف على قوله: (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ) التحريم:4 للشيخ جمال القرش من قوله : إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ التحريم4 التوجيه النحوي: يوجه الوقف بالنظر إلى إعراب (َجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ.) والمشهور فيها قولان: 1. أن تكون معطوفة[1] 2. أن تكون جملة مستأنفة [2] مناقشة التوجيهات: الأول : ويكون (جبريل) معطوف على محلّ إنّ واسمها، ومحلّه الرفع، وعلى ذلك تكون (مولاه) بمعنى ولي وناصر فلا يوقف على (مولاه) [3] الثاني : تكون فيه جملة: «وجبريل ... ظهير» لا محلّ لها معطوفة على التعليليّة الأخيرة، وعلى ذلك تكون (مولاه) بمعنى السيد الأعطم، والخالق فيوقف على (مولاه)[4]. أو يَكُونَ (جبريل) مَعْطُوفًا عَلَى مَوْلاهُ وَالْمَعْنَى: اللَّهُ وَلِيُّهُ وَجِبْرِيلُ وَلِيُّهُ، فَلَا يُوقَفُ عَلَى مَوْلاهُ وَيُوقَفُ عَلَى جِبْرِيلُ وَيَكُونُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ مستأنف مُبْتَدَأٌ وَالْمَلائِكَةُ مَعْطُوفًا عليه وظَهِيرٌ خبرا[5] أقوال المفسرين: وفيها قولان: القول الأول: أن مولاه بمعنى الولي الناصر، ويترتب على ذلك عطف (جبريل) على لفظ الجلالة، لأنه ناصر له ، وبذلك لا وقف على (مولاه). القول الثاني: أن مولاه بمعنى السيد والخالق، ويترتب على استئناف (جبريل) باعتباره مبتدأ والخبر ظهير، أي: ظهراء وَأَعْوَان، وبذلك يوقف على (مولاه). مناقشة الأقوال: القول الأول : وهو قول الطبري 310هـ، مكي أبو طالب 437هـ:، الواحدي: 468هـ، السمعاني: 489هـ، البغوي: 510 هـ، ابن الجوزي: 597هـ، فخر الرازي 606هـ، ابن جزي: 741هـ، أبو السعود 982هـ، الشوكاني: 1250هـ، والسعدي: 1376هـ[6] قال الطبري310هـ: (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) يقول: فإن الله هو وليه وناصره، وصالح المؤمنين، وخيار المؤمنين أيضًا مولاه وناصره، وقيل: عني بصالح المؤمنين في هذا الموضع: أَبو بكر، وعمر ما[7]. قال ابن جزي741هـ: وهذا أظهر وأرجح الوجهين: أحدهما: أن معنى الناصر أليق بهذا الموضع، فإن ذلك كرامة للنبي وتشريفا له، وأما إذا كان بمعنى السيد فذلك يشترك فيه النبي مع غيره، لأن الله مولى جميع خلقه بهذا المعنى، فليس في ذلك إظهار مزية له، الثاني أنه ورد في الحديث الصحيح أنه لما وقع ذلك جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله ما يشق عليك من شأن النساء فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل معك وأبو بكر معك وأنا معك، فنزلت الآية موافقة لقول عمر، فقوله يقتضي معك النصرة [8] القول الثاني: وهو قول أبي حيان 754، وجوزه الأصبهاني535، ابن عطية541، وأبو البقاء616، القرطبي: 671هـ، الشننقيطي1393هـ [9] واعتبار أن مولاه بمعنى السيد والخالق تكون بذلك الولاية خاصة بالله، والمظاهرة تكون لمن أتى بعده. ويكون جبريل مبتدأً وما بعده معطوف عليه. فيقف القارئ على قوله: فإن الله هو مولاه ثم يستأنف وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير. قَالَ أَبُو حَيَّانَ 754 هـ : وَالْأَحْسَنُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ: مَوْلاهُ. وَيَكُونُ وَجِبْرِيلُ مُبْتَدَأً، وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَالْخَبَرُ ظَهِيرٌ. فَيَكُونُ ابْتِدَاءُ الْجُمْلَةِ بِجِبْرِيلَ، وَهُوَ أَمِينُ وَحْيِ الله واختتامه بالملائكة. وبدى بِجِبْرِيلَ، وَأُفْرِدَ بِالذِّكْرِ تَعْظِيمًا لَهُ وَإِظْهَارًا لِمَكَانَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ. وَيَكُونُ قَدْ ذُكِرَ مَرَّتَيْنِ، مَرَّةً بِالنَّصِّ [يقصد بذكر اسمه ] وَمَرَّةً فِي الْعُمُومِ [يقصد لأنه من الملائكة][10] أقوال أهل الوقف والابتداء: اختلف علماء الوقف على (مولاه) على أقوال: الأول: لا وقف. الثاني: كاف. مناقشة الأقوال: القول الأول: وهو قول الفراء، وظاهر كلام ابن الأنباري، والنحاس، والداني، والسجاوندي، والأنصاري والأشموني، فلم يذكروا وقفا على (مولاه)، واختاروا الوقف على وصالح المؤمنين، والابتداء بـ والملائكة[11] . القول الثاني: وهو قول: يعقوب، وأبو العلاء الهمداني، ونافع، وذكره النحاس، وجوزه الفراء، الأشموني. والخلاصة أن هناك احتمالات ثلاثة: الأول: الوقف على (مولاه)، ثم الاستئناف (وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير) الثاني: الوقف على (جبريل) ثم الاستئناف، (وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير) الثالث: الوقف على (صالح المومنين) ثم الاستئناف (والملائكة بعد ذلك ظهير) وبذلك تكون ( وصالح المؤمنين) جملة تعانق. فإما أن تدخل (وصالح المؤمنين) في الولاية مع ما قبلها، فيكون قوله: (وصالح المؤمنين) معطوفًا على قوله : (فإن الله هو مولاه وجبريل). وإما أن تدخل (وصالح المؤمنين) في الظهارة مع ما بعدها وهم الملائكة، فيكون: (وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير) مستأنفة والخبر ظهير. وقد اختار أكثر علماء الوقف على (وصالح المؤمنين) كما يلي: الأول : حسن: وهو قول ابن الأنباري [12]. الثاني : كاف: وهو اختيار الداني والأنصاري [13] . الثالث: تام: قاله: الفراء، ذكر ذلك النحاس، وقال : وهذا القول أحب إليه. [14] مطلق عند السجاوندي، لتناهي الشرط إلى الإخبار[15]. وقال الأشموني: والأكثر الوقف على وصالح المؤمنين ثم يبتدئ والملائكة[16]. القول الراجح: وبعد استعراض أقوال النحاة والمفسرين وعلماء الوقف يظهر أن الراجح في معنى مولاه هو (الناصر، والمعين) وبذلك يكون العطف هو الأولى، ويترتب على ذلك عدم الوقف على (مولاه) ويوقف على وصالح المؤمنين لما يلي: 1. إذا كان (مولاه) بمعنى السيد فذلك يشترك فيه النبي مع غيره، لأن الله مولى جميع خلقه بهذا المعنى، فليس في ذلك إظهار مزية له، وعلى معنى (النصرة والموالاة) ففي ذلك كرامة للنبي وتشريفا له [17] 2. أنه قد ورد في الحديث الصحيح أنه لما وقع ذلك جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا يَشُقُّ عَلَيْكَ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ؟ فَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهُنَّ، فَإِنَّ اللهَ مَعَكَ، وَمَلَائِكَتَهُ، وَجِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَأَنَا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَالْمُؤْمِنُونَ مَعَكَ، صحيح مسلم : رقم/ 1479، فنزلت الآية موافقة لقول عمر، وقوله معك يقتصي النصرة ،وبذلك يكون الحديث نصا في تفسير الآية، وإذا ثبت الحديث، وكان في معنى أحد الأقـوال فهو مرجح له على ما خالفه[18]. 3. أكثر علماء الوقف والابتداء لم يذكروا وقفا على (مولاه)، واختاروا الوقف على (وصالح المؤمنين) دليل على ترجيح هذا الوجه. 4. أكثر المصاحف لم تشر بالوقف على ( مولاه)، وأشاروا بالوقف على(وصالح المؤمنين) برمز (صلى) مما يؤيد ترجيح ذلك. [1] انظر: التبيان في إعراب القرآن 2/ 1230، الجدول: 28/ 296. [2] انظر: البحر المحيط: 10/ 211، التبيان في إعراب القرآن 2/ 1230، الجدول: 28/ 296. [3] انظر : إعراب القرآن للأصبهاني: 452. [4] انظر: الجدول: 28/ 296، إعراب القرآن للأصبهاني: 452، المحرر الوجيز: 5/ 332. [5] انظر: تفسير القرطبي: 18/ 192، و القطع والائتناف: 748- 749. [6] انظر: تفسير الطبري: 23 / 486، الهداية إلى بلوغ النهاية: 12/ 7572، الوجيز: 1/ 1112، تفسير البغوي: 8/ 168، زاد المسير: 4/ 309، مفاتح الغيب: 30 / 571، التسهيل: 2/ 391، تفسير أبي السعود: 8/ 267. فتح القدير: 5/ 299، تفسير السعدي: 1/ 872. [7] تفسير الطبري: 23 / 486. [8] التسهيل: 2/ 391. [9] انظر: البحر المحيط: 10/ 211، إعراب القرآن للأصبهاني: 452، المحرر الوجيز: 5/ 332 التبيان في إعراب القرآن 2/ 1230، تفسير القرطبي: 18/ 192، أضواء البيان: 8/ 220. [10] البحر المحيط: 10/ 211. [11] انظر: الإيضاح: 2/ 941، القطع والائتناف: 748- 749، المكتفى: 1/ 219، علل الوقوف: 1027، ومنار الهدى بتلخيص ما في اتلمرشد: 792 . [12] الإيضاح: 2/ 941. [13] انظر: المكتفى: 1/ 219، منار الهدى بتلخيص ما في اتلمرشد: 792. [14] القطع والائتناف: 748- 749. [15] علل الوقوف: 1027 . [16] منار الهدى بتلخيص ما في اتلمرشد: 792 . [17] التسهيل: 2/ 391 [18] _ ينظر : قواعد الترجيح عند المفسرين : ( 1 / 206 ) . البحث من كتاب ( مسك الختام في معرفة الوقف والابتداء) للشيخ جمال القرش |
#10
|
|||
|
|||
حكم الوقف على (والأنعام خلقها) االنحل: 5
الوقف على قوله: (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا) النحل: 5 للشيخ جمال القرش
قوله : وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ النحل5 التوجيه النحوي: توجيه الوقف يكون بالنظر إلى إعراب (لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ) والمشهور فيها ثلاثة اقوال: الأول : حالية . الثاني : مستأنفة. الثالث: جواز الوجهين. فعلى القول الأول : جُمْلَة (لكم فيها ..) فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ وهو الهاء في «خلقها، والجار «فيها» متعلق بحال من «دفء» [1]. وعلى القول الثاني : فالجملة: لا محلّ لها استئناف بيانيّ، باعتبار أن دفء مبتدأ والخبر لكم. [2] أقوال المفسرين: القول الأول: باعتبار أن الجملة حالية، يكون المعنى ما خلقها إلا لكم ولمصالحكم، ولمنافعِكم.كقوله: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) وعلى ذلك يوقف على ( لكم)[3]. وهو قول: البيضاوي ت685هـ، وابن عاشور1393 هـ، والسعدي1376هـ [4] قال البيضاوي ت685هـ: (خلقها لكم) بيان ما خلقت لأجله وما بعده تفصيل له. (فِيها دِفْءٌ) ما يدفأ به فيقي البرد. وَمَنافِعُ نسلها ودرها وظهورها، وإنما عبر عنها بالمنافع ليتناول عوضها[5] قال السعدي 1376هـ: وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ أي: لأجلكم، ولأجل منافعكم ومصالحكم، من جملة منافعها العظيمة أن لكم فِيهَا دِفْءٌ مما تتخذون من أصوافها وأوبارها، وأشعارها..[6]. .القول الثاني: باعتبار الاستئناف يكون المعنى : هو خلقها، ثم أخبر أنه خلق لنا فيها منافع يذكر أنواع المنافع والنعم التي أنعم علينا، وعلى ذلك يكون الوقف على (خلقها) [7]. وهو قول الخازن:741هـ وأبو حيان754، والشنقيطي1393هـ. [8] قال أبو حيان (754« وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ اسْتِئْنَافٌ لِذَكَرِ مَا يُنْتَفَعُ بِهَا مِنْ جِهَتِهَا، وَدِفْءٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ لَكُمْ، وَيَتَعَلَّقُ فِيهَا بِمَا فِي لَكُمْ مِنْ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ ». 4/ 125[9] وقال الشنقيطي (ت: 1393هـ) : وَأَظْهَرُ أَوْجُهِ الْإِعْرَابِ فِي قَوْلِهِ: لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ أَنَّ قَوْلَهُ: دِفْءٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ لَكُمْ فِيهَا، وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِالنَّكِرَةِ ; اعْتِمَادُهَا عَلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَبْلَهَا وَهُوَ الْخَبَرُ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ [10] القول الثالث: وهو قول : الزمخشري، وابن عطية، والواحدي[11] َقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ، وَابْنُ عَطِيَّةَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عُطِفَ عَلَى الْبَيَانِ، وعلى هذا يكون لَكُمْ اسْتِئْنَافٌ، أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِخَلَقَهَا». ».[12] قال الواجدي468هـ : والأنعام خلقها يعني الإبل والبقر والغنم، ثم ابتدأ فقال: لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ [النحل: 5] ويجوز أن يكون تمام الكلام عند قوله: لكم ثم يبتدئ فيقول: فيها دفء[13] توجيه الوقف والابتداء : الأول: تام. الثاني: كاف. الثالث: جائز. مناقشة الأقوال: الأول : هو قول : عند نافع، والقتبي، وابي عبد الله. [14] وذلك باعتبار أن جملة ( لكم فيها دفء ) جملة مستأنفة وانقطع المعنى، حيث انتقل من الكلام عن الامتنان بخلق الأنعام، ثم الامتنان بذكر منافعها لكم. الثاني: وهو قول : يعقوب، والداني، و الأنصاري[15] وذلك باعتبار أن جملة ( لكم فيها دفء ) جملة مستأنفة والمعنى مازال متصلا عن الأنعام. الثالث: جائز، وهو قول : السجاوندي[16] وذلك باعتبار جواز الوقف والاستئناف. ولم يذكر ابن الأنباري وقفا . القول الراجح : بعد استعراض الأقوال يظهر أن الوجهين جائزان مع أولوية القول الثاني، وهو اعتبار أن جملة ( لكم فيها دفء) جملة مستأنفة. فالوجه الأول: يؤيده قوله : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) والقول الثاني: يؤيده مُقَابَلَة قوله ( لكم فيها دفء) بِقَوْلِهِ: وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ، فَقَابَلَ الْمَنْفَعَةَ الضَّرُورِيَّةَ بِالْمَنْفَعَةِ غَيْرِ الضَّرُورِيَّةِ [17] ويكون التفاضل بينهما لما يلي: 1. أكثر العلماء على ترجيح الاستئناف كالخازن، وأبو حيان، والشنقيطي. 2. أكثر علماء الوقف على ترجيح الاستئناف كنافع، والقتبي، والنحاس، والداني، و الأنصاري[18] واختلفوا في التفصيل بين الكاف والتام، وأولى الأقوال عندي أن يكون الوقف كاف، لاستمرار الحديث عن الأنعام وامتنان الله على عباده، ودل على ذلك عودة الضمير في ( لكم فيها) فالهاء تعود على الأنعام، وهو قول : يعقوب، والداني، و الأنصاري. 3. أكثر المصاحف أشارت في المصحف بعلامة ( صلى) والمقترح أن يوضع علامة (قلى) دليل على جواز الوقف على ( خلقها) مع أولوية الوقف، وأقد أشار إذا ذلك مصحف التهجد. 4. قال الخازن (ت:741هـ): « قال صَاحِبُ النَّظم أحسَن الوجهَينِ أنْ يكون الوقف عندَ قولِه خَلَقها ثُم يبتدأ بقوله لكُم فيها دِفء، والدَّليل عليه أنَّه عطف عليه قوله، ولكُم فيها جمال والتقدير لكم فيها دفء ولكم فيها جمال. ». [19] 5. وقال أبو حيان (754« وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ اسْتِئْنَافٌ لِذَكَرِ مَا يُنْتَفَعُ بِهَا مِنْ جِهَتِهَا، وَدِفْءٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ لَكُمْ، وَيَتَعَلَّقُ فِيهَا بِمَا فِي لَكُمْ مِنْ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ ». 4/ 125[20] 6. قال الشيخ إبراهيم الأخضر: فحين تقف على (لَكُمْ) يصير المعنى وكأنها ]خَلَقَهَا لَكُمْ[، والصواب: أن الأنعام خلقها لكم ولغيركم، فيبتدأ ، لكم منها >>كذا وكذا، فهذا هو الوقف الصحيح [21] [1] وَجَوَّزَ أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَكُونَ لَكُمْ حَالا مِنْ دِفْءٍ وَفِيهَا الْخَبَرُ، وتعقبه أبو حيان، بأن َهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْحَالَ إِذَا كَانَ الْعَامِلُ فِيهَا مَعْنًى فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمهَا عَلَى الْجُمْلَةِ بِأَسْرِهَا، لَا يَجُوزُ: قَائِمًا فِي الدَّارِ زَيْدٌ، فَإِنْ تَأَخَّرَتِ الْحَالُ عَنِ الْجُمْلَةِ جَازَتْ بِلَا خِلَافٍ، أَوْ تَوَسَّطتْ فَأَجَازَ ذَلِكَ الأَخْفَشُ، وَمَنَعَهُ الْجُمهورُ . وجوز أبو البقاء أيضا أن يرتفع دِفْءٌ- بلكم- أو- بفيها- والجملة كلها حال من الضمير المنصوب، وتعقبه أبو حيان أيضا بأن ذلك لا يعد من قبيل الجملة بل هو من قبيل المفرد ». البحر المحيط: 4/125. المجتبى من مشكل القرآن : 2/ 570، [2] الجدول: 14/284، و التبيان في إعراب القرآن : 2 /790، [3] تفسير الماتريدي: 6/ 475 [4] تفسير البيضاوي: 3/ 220 و التحرير والتنوير: 14/104، و تفسير السعدي : 1/435. [5] تفسير البيضاوي: 3/ 220 [6] تفسير السعدي : 1/435. [7] تفسير الماتريدي: 6/ 475 [8] لباب التأويل في معاني التنزيل: 3 / 67، و البحر المحيط: 4/125، و أضواء البيان: 2 /333. [9] البحر المحيط: 6 / 507 [10] أضواء البيان: 2 /333 [11] البحر المحيط: 4/ 125، والتفسير الوسيط: 3 / 56 . [12] البحر المحيط: 4/ 125 [13] التفسير الوسيط: 3 / 56 ». البحر المحيط: 4/125. [14] القطع والائتناف: 360، و المكتفى: 1/115 [15] القطع والإتناف، المكتفى: 1/115، والمنار بتخليص المرشد: 429 [16] علل الوقوف: 635 [17] البحر المحيط: 6 / 507 [18] القطع والإتناف، المكتفى: 1/115، والمنار بتخليص المرشد: 429 [19] لباب التأويل في معاني التنزيل: 3 / 67 [20] البحر المحيط: 6 / 507 [21] اسلسلة زاد المقرئين ، رسالة أضواء البيان في معرفة الوقف والابتداء ص : 136. البحث : من كتاب (مسلك الختام في معرفة الوقف والابتداء، ومشكل الوقف والابتداء) لـ جمال القرش |
#11
|
|||
|
|||
حمل كتب في الوقف والابتداء للشيخ جمال القرش
الوقف الاختياري http://up.tafsir.net/do.php?id=817 الوقف اللازم http://up.tafsir.net/do.php?id=818 الوقف على كلا وبلى ونعم http://up.tafsir.net/do.php?id=819 الاثر العقدي في الوقف والابتداء http://up.tafsir.net/do.php?id=820 الوقف والابتداء من سورة مريم http://up.tafsir.net/do.php?id=744 |
#12
|
|||
|
|||
الوقف والابتداء من جزء عم كاملا للشيخ جمال القرش
http://vb.tafsir.net/tafsir34958/#.Vv_ywjG8rUI |
#13
|
|||
|
|||
الوقف على قوله:وَالَّذِينَ آَمَنُوا [9]
من قوله : يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ البقرة: 9. التوجيه النحوي: اختلف النحويون في توجيه إعراب جملة « وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم » على أقوال. الأول: مستأنفة، قاله النحاس: (وما يَخْدَعُونَ ولا موضع لها من الإعراب ) الثاني: «ما يخدعون ... » في محلّ نصب حال من فاعل يخادعون الثالث: معطوفة على الجملة المستأنفة « يُخَادِعُونَ اللّهَ » لا محل لها توجيه علماء الوقف: اختلف علماء الوقف في الوقف على (آمنوا) على أقوال: الأول: جائز عند السجاوندي، قال: «لعطف الجملتين المتفقتين مع ابتداء النفي» الثاني: كاف عند النحاس، والداني . الثالث: حسن عند ابن الأنباري والأشموني، قال: نفس تعليل السجاوندي . الرابع: تام ، وهو قول الأنصاري ، قال: (والذين آمنوا تام ) . توجيه المصاحف: لم يشر مصحف المدينة برمز لهذا الموضع. المناقشة والموازنة: اختلاف التوجيه النحوي ترتب عليه اختلاف أوجه الوقف على قوله ( والذين أمنوا) كما يلي: 1. من يرى أن جملة «وما يخدعون ... » معطوفة على الجملة المستأنفة « يُخَادِعُونَ اللّهَ » فالوقف جائز وهو اختيار السجاوندي، أو حسن وهو اختيار ابن الأنباري، والأشموني، والحسن عندهما ملحق بالكافي. 2. ومن يرى أن الجملة مستأنفة مع اتصال المعنى فالوقف كاف وهو اختيار النحاس والداني، باعتبار استقلال كل جملة عن الأخرى، فالأولى: (يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا) عن حقيقتهم وهو خداعهم للمؤمنين، والثانية: (وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم) حكم عليهم. 3. ومن يرى أنها في محلّ نصب حال من فاعل يخادعون على تقدير: حال كونهم مخادعين لله وللؤمنين، فلا وقف عنده للتعلق اللفظي بين الحال وصاحبه. القول الراجح: والراجح أن يكون الوقف كافيا مع أولوية الوصل، للأسباب التالية: 1. استقلال كل جملة عن الأخرى مع اتصال المعنى عن المنافقين. 2. الابتداء بعده بالنفي في قوله (وما يخدعون) بعد الأخبار. 3. أنه اختيار أكثر علماء الوقف والابتداء وبناء عليه أرى أن الأولى وضع علامة ( صلى) على ( آمنوا) والتي تعنى جواز الوقف والوصل، مع أولوية الوصل. الأول: جائز عند السجاوندي، قال: «لعطف الجملتين المتفقتين مع ابتداء النفي» الثاني: كاف عند النحاس، والداني . الثالث: حسن عند ابن الأنباري والأشموني، قال: نفس تعليل السجاوندي . الرابع: تام ، وهو قول الأنصاري ، قال: (والذين آمنوا تام ) . 1 إعراب القرآن للنحاس: 1/29 2 الجدول 1/ 48.والمجتبى في مشكل القرآن 1/7، وإعراب القرآن للدعاس: 1/11 3 الجدول : 1/ 48. 4 علل الوقوف: 182 5 القطع والإتناف: (37)، و المكتفى: 1/ 19 6 الإيضاح: 1/ 497 و المنار مع المقصد: 83 7 المنار مع المقصد: 83 8 علل الوقوف: 182 9 القطع والإتناف: (37)، و المكتفى: 1/ 19 10 الإيضاح: 1/ 497 و المنار مع المقصد: 83 11 المنار مع المقصد: 83 البحث : من كتاب (مسلك الختام في معرفة الوقف والابتداء، ومشكل الوقف والابتداء) لـ جمال القرش |
#14
|
|||
|
|||
حكم الوقف على قوله : ( وما يعلم تأويله إلا الله )
الوقف على: لفظ الجلالة: [إلا اللَّهُ] للشيخ جمال القرش
قال : [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ [قلي] وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ][آل عمران: 7]. التوجيه النحوي: توجيه الوقف يكون بالنظر إلى إعراب الواو في (وَالرَّاسِخُونَ فِي وَالرَّاسِخُونَ فِي) والمشهور فيها قولان: 1. أن تكون الواو مستأنفة. 2. أن تكون الواو عاطفة القول الأول: وهو مذهب الكسائي والفراء والزجاج والأخفش [1] والقول الثاني: قول أبي جعفر النحاس، ومكي بن أبي طالب، والزمخشري. وأبو السعود، وابن عاشور[2]. فالاستئناف باعتبار أن (الراسخون) مبتدأ خبره جملة يقولون آمنّا[3] والعطف يكون على لفظ الجلالة مرفوع وعلامة رفعه الواو، وجملة يقولون: حال من الراسخون، أي قائلين. [4] مناقشة التوجيهات: والمسألة تدور حول (التأويل) فهو نوعان: النوع الأول: نوع انفرد الله بعلمه: بمعنى: حقيقة الشيء وما يؤول إليه. النوع الثاني: نوع يمكن وصول الخلق إليه. بمعنى التفسير والبيان. فيكون الراسخون ابتداء بالنظر إلى الأول، وعطفا بالنظر إلى الثاني [5] وكلا القولين مروي عن ابن عباس. فعلى التأويل الأول يكون الوقف على ( إلا الله) وعلى التأويل الثاني فلا وقف على ( إلا الله) [6] أقوال المفسرين: القول الأول: الاستئناف، وهو قَوْلُ ابن عمر وابْنِ مَسْعُودٍ، وَأُبَيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، وَالْحَسَنِ، وَعُرْوَةَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبِي نَهِيكٍ الْأَسَدِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، والكسائي، والفراء، والجلبائي، وَالْأَخْفَشِ، وَأَبِي عُبَيْدٍ. وَاخْتَارَهُ: والطبري، والواحدي، والسمعاني، وابن جزي ، والْخَطَّابِيُّ وَالْفَخْرُ الرَّازِيُّ، والشوكاني، والشنقيطي، وهو قول الجمهور.[7] واستدل أصحاب هذا القول بأدلة منها: 1-أن التأويل في كلام العرب وأكثر استعمال القرآن ما يؤول إليه معنى الكلام ويرجع، ويراد به حقيقة الشيء .كقَوْلهُ تَعَالَى: وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا [يُوسُفَ: 100] وَقَوْلُهُ (9) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ [الْأَعْرَافِ: 53] أَيْ: حَقِيقَةُ مَا أُخْبَرُوا بِهِ مِنَ أَمْرِ الْمَعَادِ، وهو مما انفرد الله به ولا يعلم حقيقته إلا الله [8] 2-قراءة عَبَّاسٍ ما: "وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَيَقُولُ الرَّاسِخُونَ: آمَنَّا بِهِ" [9] 3-قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود لمذهب العامة: إِنْ تَأْوِيلُهُ إِلَّا عِنْدَ اللَّهِ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ [10] 4-أن لفظ ( أما ) في قوله : ( فأما الذين في قلوبهم زيغ) تدل على قسم آخر يخالف الراسخون في العلم في الإيمان بأن حقائق الأمور مرجعها إلى الله . 5-أنه وَلَوْ كَانَتِ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَالرَّاسِخُونَ لِلنَّسَقِ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ: كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا فَائِدَةٌ [11] 6-أنه لو كان المراد عطف (الراسخون) لقال بعدها : (ويقولون) [12] 7-أن القول بأنها حال غير صحيح, لأنه لا يجوز إضمار الفعل والمفعول معاً, ولا يجوز ذكر حال إلا مع ظهور الفعل، فإن لم يظهر الفعل لا تأتي الحال, و إلا لجاز أن يقال: عبد الله راكباً [13] 8-دلالة الاستقراء في القرآن الكريم أنه إذا نفى عن الخلق شيئا وأثبته لنفسه لا يكون له في ذلك الإثبات شريك كقوله:( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ) [14] 9-أن قوله:(ءامنا به) يدل على تسليمهم لأمر لم يفقهوا معناه. ويؤكد ذلك قوله : ( كل من عند ربنا) وإلا لما كان لقولهم الأخير فائدة [15] 10- أن الحروف المقطعة في أوائل السور لا يعلم المراد بها إلا الله إذ لم يقم دليل على شيء معين أنه هو المراد بها من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا من لغة العرب. فالجزم بأن معناها كذا على التعيين تحكم بلا دليل" [16] 11- ما رواه البخاري من حديث عائشة ا، قالت: تلا رسول هذه الآية: فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله (آل عمران:7) قالت: قال رسول الله : ( فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمَّى الله، فاحذرهم .[17] القول الثاني: وهو قول ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، والربيع ، وأنس، وابن قتيبة، وأبي جعفر النحاس ، ومكي بن أبي طالب، والزمخشري. وأبو السعود، وابن عاشور. [18] واستدل أصحاب هذا القول بأدلة منها: 1- دَعَاء النبي لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ"[19] قال ابن كثير: وَأَمَّا إِنْ أُرِيدَ بِالتَّأْوِيلِ الْمَعْنَى الْآخَرُ وَهُوَ التَّفْسِيرُ وَالتَّعْبِيرُ وَالْبَيَانُ عَنِ الشَّيْءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ [يُوسُفَ: 36] أَيْ: بِتَفْسِيرِهِ، فَالْوَقْفُ عَلَى: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ [20] 2- عن ابن عباس ما أنه قال: أنا من الراسخين الذين يعلمون تأويله[21] ، 3-أنه لا يوجد في القرآن أمرا مبهما غير معلوم المعنى ، فما من أية إلا وتكلم فيها الصحابة والتابعون، وهذا مقتضى قوله : كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا أياته ) 4-أنه لم يذكر أحد المفسرين أنه توقف عند معنى أية وقال إنها من المتشابه فلا أعلم معناها. أقوال علماء الوقف: الأول: تام ، وهو اختيار ابن الأنباري، والداني[22] الثاني: لازم ، وهو قول السجاوندي[23]. الثالث: التفصيل بين التام وعدم الوقف، وهو قول النحاس، و الأشموني[24]. الرابع: لا وقف ، وهو قول الأنصاري[25]. 1-قال الزجاج: فالوقْفُ التام قوله: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) أي لا يعلم أحد متى البعث. (غير اللَّه). [26] 2-قال ابن الأنباري: « ( إلا الله) تام: لمن زعم أن الراسخين فى العلم لم يعلموا تأويله، وهو قول أكثر أهل العلم. [27] 3-قال أبو جعفر النحاس : الوقف تام: وما بعده منقطع منه نيف وعشرون رجلا من الصحابة والتابعين والقراء والفقهاء وأهل اللغة[28].. 4-قال أبو عمرو الداني : الوقف تام: على قول من زعم أن الراسخين فى العلم لم يعلموا تأويله، وهو قول أكثر أهل العلم من المفسرين والقراء والنَّحويين[29]. 5-قال السجاوندي: وقف لازم في مذهب أهل السنة والجماعة، لأنه لو وصل فهم أن الراسخين يعلمون تأويل المتشابه- كما يعمله الله- [ وهذا ليس بصحيح ]، بل المذهب أن شرط الإيمان بالقرآن العمل بمحكمه، والتسليم لمتشابهه[30]. 6-قال الأنصاري: [إلاَّ الله]: تام: على قول الأكثر أن الراسخين لم يعلموا تأويل المتشابه[31]. قال الأشموني: تامّ إن كان والراسخون مبتدأ خبره يقولون على أن الراسخين لم يعلموا تأويل المتشابه، غير تام إن كان معطوفا على الجلالة، وأن الراسخين يعلمون تأويل المتشابه[32] حدثني الدكتور عبد العزيز القارئ، قال: عندما كانت لجنة مصحف المدينة النبوية تراجع وقوف المصحف، جرى بحثٌ علميٌّ نفيسٌ طويلٌ، استغرقَ أيامًا، في هذه الآية، فسائر المصاحف تضع هنا رمز الوقف اللازم. ورأينا أنَّ هذا الرمز يترتب عليه إبطالُ أحدِ القولين في التفسير، أو في المعنى، بينما هما وجهان صحيحان معتبران: القول الأول: أن التأويل لا يعلمه إلا الله. القول الثاني: أنهم يعلمون التأويل. فعلى القول الأول يختلف معنى التأويل عنه في القول الثاني. فالتأويل الذي يعلمُه [الرَّاسِخُونَ]هو ما خفي من معاني القرآن، وكان يحتاج إلى استنباط لا يقدر عليه إلا خواصُّ العلماء. ولذلك كان ابنُ عباسٍ- ما- وهو من أخصِّ خواصِّ العلماء، وأعلم الناس بالتفسير؛ كان يصل هذه الآية ويقول: أنا من الراسخين الذين يعلمون تأويله. أمَّا التأويل الذي لا يعلمه أحدٌ ولا يعلمُه إلا الله فله معنى آخر، وهو معرفة كلِّ الأشياء وحقائقها المغيبة عن الإنسان مثل: حقائق ما أخبر عنه في القرآن من أحوال يوم القيامة، ومن أشياء يوم القيامة، وحقائق الصفات ونحو ذلك، هذا لا يعلمه إلا الله. فإذا وصل فعلى المعنى الأول، أو على القول الأول. وإذا وقف فعلى القول الثاني، فوجدنا أن رمز الوقف اللازم يصير فيه تحكم وإبطال لأحد القولين وكلا القولين صحيحان. لذلك اختارت اللجنة ألا تجعل الوقف هنا أو لا ترمز هنا إلى الوقف اللازم، بل وضعت (قلي) » [33] . القول الراجح: بعد عرض أقوال النحاة والمفسرين وأهل الوقف يظهر أن الرأي الراجح هو الرأي الأول بمعنى: حقيقة الشيء وما يؤول إليه.مع احتمالية القول الثاني بمعنى التفسير والبيان، فالآية لا تدل على أن في القرآن شيئاً لا يُعلم تفسيره وبيانه, لأن الآية الكريمة ذمت مبتغى تأويل المتشابه، وهو معرفة حقيقته وما يؤول إليه، وفرق بين طلب التأويل وبين طلب التفسير، فطلب التفسير غير مذموم لأنه طلب لفهم الآية ، وهذا هو فصل الخطاب بين المتنازعين في هذا الموضع[34] . 1-قال شيخ الإسلام ابن تيمية: « وجمهور سلف الأمة وخلفها على أن الوقف على قوله [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ]وهذا هو المأثور عن أبيِّ بن كعب وابن مسعود وابن عباس وغيرهم[35]. 2-قال الشوكاني: « الذي عليه الأكثر أنه مقطوع عما قبله، وأن الكلام تم عند قوله: [إِلاَّ اللَّهُ]هذا قول ابن عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وأبي الشعثاء وأبي نهيك وغيرهم، وهو مذهب الكسائي والفراء والأخفش وأبي عبيد وحكاه ابن جرير الطبري عن مالك واختاره وحكاه الخطابي عن ابن مسعود وأبي بن كعب» [36] 3-قال أبو جعفر النحاس : الوقف تام على ( إلا الله ) وما بعده منقطع منه نيف وعشرون رجلا من الصحابة والتابعين والقراء والفقهاء وأهل اللغة[37].. رموز المصاحف: اختلفت المصاحف في الوقف على ( إلا الله ) كما يلي الأول: وضع علامة الوقف اللازم (مـ) أشار إليه مصحف الشمرلي بـ(الديار المصرية)، والباكستاني الثاني: وضع علامة (قلى) أشار إليه مصحف المدينة، ودمشق فمن وضع (مـ) لم يجنح إلى معنى التفسير . ومن وضع (قلى) جنح إلى معنى التفسير مع تغليب الأول وهو المتشابه، وهو الذي أميل إليه لأن فيه سعة حيث يقبل الوصل على معنى التفسير، مع تغليب الأول، الذي هو بمعنى حقائق الأشياء والله أعلى وأعلم. [1] معاني القرآن للفراء: 1/137، ومعاني القرآن لزجاج: 1/ 378، ومعاني القرآن للأخفش: 1/208 [2] معاني القرآن للنحاس: 1/123 ، ومشكل إعراب القرآن 1/ 149، والزمخشري: 1/337 ، والتحرير والتنوير: 3/24. [3] المجتبى من مشكل إعراب القرآن: 1/109. [4] الجدول في إعراب القرآن الكريم: 3/ 112، والتبيان للعكبري: 1/ 239 [5] التسهيل لعلوم التنزيل: 1/ 145 . [6] انظر: تفسير القرآن العظيم/2/6: 12، وفيض القدير/1/ 473، ومجموع فتاوى1/29. [7] تفسير الطبري: 6/176، وابن أبي حاتم ، 2/ 599، ومعالم التنزيل: 1/ 324، والقرطبي: 4/12، التسهيل: 1/ 145، وبحر العلوم: 1/138 ، والبحر المحيط 3/ 28، وفيض القدير/1/473، وأضواء البيان: 1/189. [8] تفسير ابن كثير: 2/11 [9] تفسير عبد الرزاق رقم (377) . [10] تفسير ابن كثير: 2/11. [11] فتح القدير: 1/ 362 [12] أضواء البيان : (1/317) [13] الجامع لأحكام القرآن،(5/26) [14] أضواء البيان: 1/318 [15] أضواء البيان: 1/381 [16] أضواء البيان: 1/319 [17] رواه البخاري، باب منه آيات محكمات: رقم / 4547 [18] تفسير الطبري: 6/176، وابن أبي حاتم ، 2/ 599، ومعاني القرآن للنحاس: 1/123 ، ومعالم التنزيل: 1/ 324، ، ومشكل إعراب القرآن 1/ 149، والزمخشري: 1/337 ، وإرشاد العقل السليم: 2/8 ، والتحرير والتنوير: 3/24. [19] أخرجه أحمد: 1/266، وصححه الألباني، قال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه. [20] تفسير ابن كثير: 2/11 [21] الرسالة التدمرية/1/39، وتفسير القرآن العظيم/2/ 12 [22] انظر: إيضاح الوقف والابتداء ص: 292، 293 ، المكتفى: ص/195- 196. [23] انظر: علل الوقوف: 1/361 [24] انظر: القطع والائتناف: 124-125، ومنار الهدى: 30 [25] انظر: المقصد، 155 [26] معاني القرآن للزجاج: 1/ 378 [27] إيضاح الوقف والابتداء ص: 292، 293 . [28] انظر: القطع والائتناف: 124-125 [29] المكتفى: ص/195- 196. [30] المقصد، 155 [31] علل الوقوف: 1/361 [32] منار الهدى: 30 [33] لقاء خاص مع فضيلته، وانظر: التقرير العلمي لمصحف المدينة المنورة: 50- 51، وللاستماع إلى اللقاء يراجع السلسلة الصوتية لكتاب زاد المقرئين. [34] مجموع الفتاوى:13/275 [35] مجموع فتاوى ابن تيمية 1/29. [36] فيض القدير/1/473 [37] انظر: القطع والائتناف: 124-125 أصل البحث من كتاب مسك الختام في معرفة الوقف والابتداء لـ جمال القرش |
#15
|
|||
|
|||
حكم الوقف على قوله : « فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ »
حكم الوقف على قوله : « سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ» للشيخ جمال القرش
من قوله : « إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا..»« التوبة: 40» التوجيه النحوي: توجيه الوقف يكون بالنظر إلى إعراب الواو في قوله : (وَأَيّدَهُ بِجُنُودٍ) والمشهور فيها قولان: 1. الواو عاطفة [1] 2. الواو مستأنفة[2] والاختلاف راجع إلى توجيه الهاء في قوله: (سكينته عَلَيْهِ) إلى ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه يعود للنبي ، وبذلك تكون الواو عاطفة لأن ما بعده وهو (وَأَيّدَهُ بِجُنُودٍ) للنبي القول الثاني: أنها ترجع إلى أبي بكر ، وبذلك تكون الواو مستأنفة لأن ما بعده ليس لأبي بكر ، إنما للنبي ×. القول الثالث: أن الهاء هاهنا عائد عَلَيْهِمَا، وَأَفْرَدَهُ لِتَلَازُمِهِمَا، في معنى تثنية والتقدير: فأنزل الله سكينته عليهما[3] فعلى القول الأول والثالث: لا يوقف على (عَلَيْهِ) لتعلقه بما بعده، فالكلام مازال متصلا بشأن النبي . وعلى القول الثاني: يوقف على(عَلَيْهِ) لعدم تعلقه بما بعده، حيث الانتقال من كلام أبي بكر، ثم انتقل إلى النبي . قال الزجاج (المتوفى: 311هـ) : وقوله: (سَكِينَتهُ عَلَيْهِ). يجوز أن تكون الهاءَ التي في عليه لأبي بكر، وجائز أن تكون ترجع على النبي - - لأن اللَّه جل ثناؤُه ألقى في قلبه ما سَكَن بِه وعلم أنهمْ غيرُ وَاصِلين إليه. فأعلم الله أنهم إنْ تَركوا نصْرَه، نَصَرَه كما نصره في هذه الحال. وَثَانِيَ اثنين مَنصُوبٌ على الحال. المعنى فقد نَصَرَهُ الله أحدَ اثنين. أي نصرَهُ منفرداً إلا مِنْ أبِي بكر - -.[4] أقوال المفسرين: اختلف المفسرون إلى ثلاثة أقوال: القول الأول : أن الضمير يعود للنبي × وهو اختيار مقاتل(ت 150هـ)، والطبري (ت 310 هـ) ، والسمرقندي (ت375 هـ)، وابن عطية ت541 هـ وابن جزي (ت:741هـ) ، وابن كثير (ت:774هـ) والسعدي1376هـ ، وابن عاشور(1393هـ، والميسر [5] واستدل أصحاب هذا القول بأدلة منها: 1. ما رواه مقاتل فِي قَوْلِهِ: « فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ» أَيْ: عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ[6]. 2. أن قوله: (وَأَيَّدَهُ) عطف على قوله : (فَأَنْزَلَ) فواجب أن يتحد الضميران في حكم العود، بدلا من تَشْتِيت الضَّمَائِرِ، وَانْفِكَاك الْأُسْلُوبِ بِذِكْرِ حَالَةِ أَبِي بَكْرٍ، مَعَ أَنَّ الْمَقَامَ لِذِكْرِ ثَبَاتِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَأْيِيدِ اللَّهِ إِيَّاهُ[7] 3. أنه َمَا جَاءَ ذِكْرُ أَبِي بَكْرٍ إِلَّا تَبَعًا لِذِكْرِ ثبات النبيء عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام [8] 4. أنَّ قَوْلَهُ: (لاتحزن إن الله معنا) هُوَ مِنْ آثَارِ سَكِينَةِ اللَّهِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ، وَتِلْكَ السَّكِينَةُ هِيَ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ نَصْرِ اللَّهِ إِيَّاهُ، فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ حِينَ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَحِينَ كَانَ فِي الْغَارِ، وَحِينَ قَالَ لِصَاحِبِهِ: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا[9]. 5. قال السمرقندي المتوفى: 373هـ): « فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ» يعني: على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حتى سكن واطمأن» [10]. 6. قال ابن عطية ت 541 : الضمير عائد على النبي وهذا أقوى، و «السكينة» عندي إنما هي ما ينزله الله على أنبيائه من الحياطة لهم والخصائص التي لا تصلح إلا لهم[11] 7. قال ابن جزي (ت:741هـ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ الضمير للرسول صلّى الله عليه وسلّم، وقيل: لأبي بكر، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نزل معه السكينة، ويضعف ذلك لأن الضمائر بعدها للرسول عليه السلام[12] 8. قال ابن كثير: ت:774هـ « قال : « فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْه»أي: تأييده ونصره عليه، أي: على الرسول في أشهر القولين، وقيل: على أبي بكر، وروي عن ابن عباس وغيره، قالوا: لأن الرسول لم تزل معه سكينة، وهذا لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال؛ ولهذا قال: « وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا»أي: الملائكة[13] 9. قال السعدي1376هـ: فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ أي: الثبات والطمأنينة، والسكون المثبتة للفؤاد، ولهذا لما قلق صاحبه سكنه[14] 10 في التفسير المسير (فأنزل الله الطمأنينة في قلب رسول الله , وأعانه بجنود لم يرها أحد من البشر) [15] القول الثاني: أنها ترجع إلى أبي بكر. وهو قول ابن عباس(ت:68هـ)، وسعيد بن جبير (ت 98 هـ)، وحبيب بن أبي ثابت، وأبو جعفر النَّحَّاس(ت:338هـ) ، والواحدي ( ت : 468هـ ، ومكي بن أبي طالب(437 هـ) ، والسمعاني (ت:489هـ) ، والقرطبي (ت 671هـ)، والبيضاوي (ت685هـ) ، وأبو حيان (ت:754 ( ([16]) واستدل أصحاب هذا القول بأدلة منها: 1. ما رواه الحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله : فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ قال: على أبي بكر.[17] 2. ما روي عَنْ حَبِيبِ ابْنِ أَبِي ثَابِتٍ فِي قَوْلِهِ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ قَالَ: نَزَلَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَأَمَّا النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَتْ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ [18] . 3. أن الخوف والحزن كان حاصلا لأبي بكر، لا إلى الرسول صَلَّى الله عليه وسلّم فإنه كان آمنا مطمئنا ثَابِتَ الْجَأْشِ.ساكن القلب بما وعده الله من النصر على قريش، وَلِذَلِكَ قَالَ: [لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ] فصار آمناً [19]. 4. أن الأولى في الضمير أن يعود على أقرب المذكورين، وأقرب المذكورات المتقدمة في هذه الآية هو أبو بكر ، والتقدير: إذ يقول محمد لصاحبه أبي بكر، فأنزل الله سكينته على أبي بكر[20]. 5. ِأَنَّ تَفَكُّكَ الضَّمَائِرِ لَا يَضُرُّ إِذَا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا ظَاهِرًا لَا اشْتِبَاهَ فِيهِ كما في الضمير بعده[21]. 6. أن النبي صَلَّى الله عليه وسلّم لو كان خائفا لم يمكنه إزالة الخوف عن غيره بقوله لا تَحْزَنْ ولناسب أن يقال: فأنزل الله سكينته عليه فقال لصاحبه لا تحزن[22]. 7. قال أبو جعفر النَّحَّاس ت 338هـ: القول عند أكثر أهل التفسير وأهل اللغة أن المعنى فأنزل الله سكينته على أبي بكر لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد علم أنه معصوم والله جلّ وعزّ أمره بالخروج وأنه ينجيه [23] 8. قال مكي بن أبي طالب 437 هـ : والأول أحسن؛ [أي على أبي بكر] لأن النبي عليه السلام، معصوم من ذلك[24].. 9. قال السمعاني (ت:489هـ): على أبي بكر، وَهُوَ قَول الْأَكْثَرين؛ لِأَن السكينَة هَاهُنَا مَا يسكن بِهِ [25] 10. قال القرطبي (ت 671هـ: وَالثَّانِي: عَلَى أَبِي بَكْرٍ. قال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا وَهُوَ الْأَقْوَى لأن الصِّدِّيق خاف على النبي من القوم ، فأنزل الله سكينته ليأمن على النبي ، فسكن جأشه ، وذهب روعه ، وحصل له الأمن " [26] 11. قال البيضاوي (ت685هـ) : [سكينته عَلَيْهِ] على النبي صلّى الله عليه وسلّم، أو على صاحبه وهو الأظهر لأنه كان منزعجاً. [27] 12. قال أبو حيان 745هـ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ عَلَيْهِ عَائِدٌ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كَانَ ثَابِتَ الْجَأْشِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا[28]. القول الثالث: أن الهاء هاهنا في معنى تثنية والتقدير: فأنزل الله سكينته عليهما ، قد ذكره ابن الانباري واستدل أصحاب هذا القول بأدلة منها: 1. أَنَّ فِي مُصْحَفِ حَفْصَةَ: (فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِمَا وَأَيَّدَهُمَا) [29] 2. أن رواية الإفراد لِتَلَازُمِهِمَا 3. ، أن المقصود بالجنود: الملائكة يوم بدر، والأحزاب [30] 4. اكتفى بإعادة الذكر على أحدهما من إعادته عليهما كقوله: « وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ»« التوبة: 62» أي: يرضوهما[31]. أقوال علماء الوقف: الأول: كاف ، وهو اختيار الداني ، والأنصاري ، والأشموني[32] ولم يذكر ابن الأنباري وقفا، وكذلك النحاس، و السجاوندي [33] قال الداني: كاف، إذا جعلت الهاء في عليه للصديق، ، وهو الاختيار[34] قال الأنصاري: كاف إن جعل الضمير في عليه للصديق رضي الله وهو المختار[35] قال الأشموني: كاف، إن جعل الضمير في «عليه» للصديق - - وهو المختار،[36] الراجح في المسألة: بعد استعراض أقوال النحاة والمفسرين وعلماء الوقف يظهر أن القول الراجح: هو القول الأول وهو عود الضمير على النبي ، ولا يمنع أن تشمل السكينة أبا بكر الصديق كما ذكر شيخ الإسلام: فَإِذَا حَصَلَ لِلْمَتْبُوعِ فِي هَذِهِ الْحَالِ سَكِينَةٌ وَتَأْيِيدٌ كَانَ ذَلِكَ لِلتَّابِعِ أَيْضًا بِحُكْمِ الْحَالِ فَإِنَّهُ صَاحِبٌ تَابِعٌ لَازِمٌ، وَلَمْ يَحْتَجْ أَنْ يُذْكَرَ هَنَا أَبُو بَكْرٍ لِكَمَالِ الْمُلَازِمَةِ وَالْمُصَاحِبَةِ الَّتِي تُوجِبُ مُشَارَكَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّأْيِيدِ[37] . ولما يلي: 1. أن الآية من أولها في الحديث عن النبي ، لبيان نصر الله له، وقد رجع الضمير إليه في (عليه وأيده)، كما رجع إليه في قوله: (تنصروه ونصره وأخرجه)، فلا سبيل إلى رجوع ضمير »عليه« من بينها وحده إلى غيره من غير قرينة قاطعة تدل عليه. ومن المعلوم أن إعادة الضمير إلى المحدث عنه أولى من إعادته إلى غيره [38] . 2. ثبوت نزول السكينة عليه صراحة في ظاهر القرآن في قوله في سورة الفتح : ( فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين (التوبة : 26 . 3. نزول السكينة على النبي صَلَّى الله عليه وسلّم لا يلزم منه أن يكون لدفع الفزع والخوف، بل يصح أن يكون لزيادة الاطمئنان، وللدلالة على علو شأنه [39] 4. أنَّ قَوْل النبي لأبي بكر : (لاتحزن إن الله معنا) هُوَ مِنْ آثَارِ سَكِينَةِ اللَّهِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ . 5. قال أبو جعفر الطبري310: « فأنزل الله طمأنينته وسكونه على رسوله، وقد قيل: على أبي بكر « وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا»، وقوّاه بجنودٍ من عنده من الملائكة، لم تروها اهـ [40]. 6. قال السمرقندي المتوفى: 373هـ): « فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ» يعني: على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حتى سكن واطمأن» [41]. 7. قال ابن عطية ت 541 هـ : الضمير عائد على النبي وهذا أقوى، و «السكينة» عندي إنما هي ما ينزله الله على أنبيائه من الحياطة لهم والخصائص التي لا تصلح إلا لهم[42] 8. قال ابن جزي ت:741هـ : [فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ] الضمير للرسول صلّى الله عليه وسلّم، وقيل: لأبي بكر، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نزل معه السكينة، ويضعف ذلك بأن الضمائر بعدها للرسول عليه السلام[43] 9. قال ابن كثير ت:774هـ: « قال : « فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْه»أي: تأييده ونصره عليه، أي: على الرسول في أشهر القولين، وقيل: على أبي بكر، وروي عن ابن عباس وغيره، قالوا: لأن الرسول لم تزل معه سكينة، وهذا لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال؛ ولهذا قال: « وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا»أي: الملائكة[44] رموز المصاحف: عموم المصاحف لم تشر بعلامة وقف على (سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ) إشارة إلى ترجيح الرأي الأول، وهو الذي أميل إليه، والله أعلى وأعلم. مع احتمال الوقف باعتبار شمولية السكينة لأبي بكر ، ويناسب ذلك علامة (صلى) على قوله (سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ)، ويكون بذلك الوقف كافيا. [1] معاني القرآن وإعرابه للزجاج: 2/ 449، والتبيان في إعراب القرآن : 2/ 645 2] إعراب القرآن للنحاس : 2/119، والهداية الى بلوغ النهاية (4/ 3002)، 261،و البحر المحيط : 5/422 [3] البحر المحيط : 5/ 422، و الجدول : 10/342 [4] معاني القرآن وإعرابه للزجاج: 2/ 449 [5] انظر: تفسير ابن أبي حاتم رقم / 10046 ص: (6/ 1801)، و تفسير مقاتل بن سليمان (2/ 171)و جامع البيان (14/ 261) ، وبحر العلوم (2/ 60)، و المحرر الوجيز (3/ 36) والتسهيل لعلوم التنزيل (1/ 338) وتفسير القرآن العظيم: ( 4/155). وتيسير الكريم الرحمن (ص: 338) و التحرير والتنوير (10/ 204). [6] تفسير ابن أبي حاتم (6/ 1801) رقم / 10048 [7] تفسير النيسابوري : 3/ 472 ، و التحرير والتنوير (10/ 204) [8] التحرير والتنوير (10/ 204) [9] التحرير والتنوير: 10/ 204 [10] تفسير بحر العلوم (2/ 60) [11] المحرر الوجيز (3/ 36) [12] التسهيل لعلوم التنزيل (1/ 338) [13] تفسير القرآن العظيم: ( 4/155). [14] تيسير الكريم الرحمن (ص: 338) [15] التفسير الميسر إعداد لجنة من العلماء: سورة التوبة : أية 40 [16] تفسير ابن أبي حاتم (6/ 1801) ، التفسير الوسيط للواحدي (2/ 499)، إعراب القرآن: للباقولي 1/ 33. والهداية الى بلوغ النهاية (4/ 3002)، وزاد المسير :2/ 261،و البحر المحيط : 5/422، تفسير القرطبي (8/ 148)، و أنوار التنزيل وأسرار التأويل (3/ 81). [17] أخرجه ابن أبي حاتم سورة التوبة، رقم1096، والبيهقي في الدلائل 2/482 كلاهما من طريق علي بن مجاهد، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به، وهذا إسناد ضعيف، فإن علي بن مجاهد هو ابن مسلم القاضي، الكابلي، قال عنه ابن حجر في التقريب 2/43 متروك. [18] تفسير ابن أبي حاتم (6/ 1801) رقم / 10046 [19] انظر : البحر المحيط: ( 5/45)، [20] تفسير النيسابوري (3/ 472) [21] تفسير المنار (10/ 371) [22] تفسير النيسابوري : 3/ 472 ، [23] إعراب القرآن للنحاس : 2/119. [24] الهداية الى بلوغ النهاية (4/ 3002) [25] تفسير السمعاني (2/ 311) [26] تفسير القرطبي (8/ 148)، والثمام: نبت معروف في البادية، وأحكام القرآن (2/436) [27] أنوار التنزيل وأسرار التأويل (3/ 81). [28] البحر المحيط: ( 5/45). [29] البحر المحيط: ( 5/45). [30] البحر المحيط: ( 5/45). [31] زاد المسير في علم التفسير: ( 3/429). [32] المكتفى : 1/86 ، و المقصد: 41 ، و منار الهدى: 1/307 [33] الإيضاح: 612، والقطع والائتناف: 287، وعلل الوقوف: 250، [34] المكتفى : 1/86 ، [35] المقصد: 41 [36] منار الهدى: 1/307 [37] منهاج السنة النبوية (8/ 490) [38] قواعد الترجيح 2/603 [39] التفسير الوسيط لطنطاوي (6/ 293) [40] تفسير جامع البيان ( 14/261). [41] تفسير بحر العلوم (2/ 60) [42] المحرر الوجيز (3/ 36) [43] التسهيل لعلوم التنزيل (1/ 338) [44] تفسير القرآن العظيم: ( 4/155). أصل البحث من كتاب مسك الختام في معرفة مشكل الوقف والابتداء لـ جمال القرش |
الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1) | |
أدوات الحديث | |
طرائق الاستماع إلى الحديث | |
|
|
الأحاديث المشابهة | ||||
الحديث | مرسل الحديث | الملتقى | مشاركات | آخر مشاركة |
المعين على إتقان الوقف والابتداء | عائشة | حلقة العلوم الشرعية | 3 | 21-02-2017 07:43 PM |